مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يختتم اليوم.. وسوزان سارندون ترد على هجوم العرب

تنظيم ندوات الممثلين الأجانب أبرز نقاط القوة لدورة العام الحالي

الفنانة غادة عادل تتوسط عددا من المشاركين في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وإلى يمينها المخرج محسن أحمد وزوجها المنتج مجدي الهواري
TT

مساء اليوم الجمعة 28 نوفمبر (تشرين الثاني)، يسلم فاروق حسني، وزير الثقافة المصري، جوائز الدورة الثانية والثلاثين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، في دورة لم تكن الأزمات التنظيمية هي بطلها الوحيد، كما توقع المتشائمون من متابعي المهرجان والقلقون على مستقبله كمهرجان دولي وحيد في المنطقة العربية، فرغم ما حدث في حفل الافتتاح من سوء تنظيم، إلا أن الجدل المصاحب للأفلام المعروضة في المهرجان، ساعد على إعطاء الدورة حيوية لم تتوفر للدورتين السابقتين تحت رئاسة عزت أبو عوف أيضاً، وساعد الجدل حول ضيوف المهرجان والأفلام المهمة على صرف نظر الصحافيين عن الأخطاء التي لم تتوقف هذا العام، ويبدو أنها أصبحت مرضا مزمنا يحتاج للكثير من أجل التخلص منه نهائيا وعدم الاكتفاء بنقاط القوة.

أما أبرز نقاط القوة التي ظهرت في الدورة التي يسدل الستار عليها مساء اليوم، فكانت نجاح إدارة المهرجان في تنظيم ندوات الممثلين الأجانب مثل سوزان سارندون، كيرت راسل، وجوليا ارموند، وغيرهم الكثير، وجاءت آراؤهم المتعلقة بسياسة هوليوود في الأزمة الأخيرة، لتضفي على المهرجان «حيوية» كان يحتاج لها بشدة.

وكانت النجمة الأكثر صراحة هي سوزان سارندون، عندما أكدت رفضها الصورة السلبية للعرب في السينما الأميركية، وأكدت أنها تنتمي لجمعيات لمناهضة التفرقة العنصرية، وأنها إحدى أهم مشاكل السينما النمطية أو الأنماط التي ينبغي تكسيرها، لكن الخبر السيئ أن هوليوود ليست سياسية، هوليوود لا تريد أن تكبر في السن، لكن هذا لا يمنع وجود مجموعة من الأفراد الذين يريدون تحدي النمطية وإيجاد صورة مختلفة، مثلما عبروا عن آرائهم، مما أعطاهم الفرصة لانتخاب أول رئيس أميركي بشرته سمراء، وهذا يعبر عن روح التغيير من أسفل إلى أعلى، لأن حكم بوش كان الأكثر كوميدية في العالم. نقطة قوة أخرى تتعلق بفيلم «بلطية العايمة»، لعبلة كامل والمخرج علي رجب، الذي يشارك في المسابقة العربية، القوة هنا لم تكن مرتبطة بمستوى الفيلم نفسه الذي تضمن مشاهد ومواقف مؤثرة وجيدة الصنع، لكن الشريط ككل لم يكن بالمستوى الذي يرضي الجميع، وأن القوة جاءت بسبب التراشق الصحافي بين الناقد سمير فريد، ومؤلف الفيلم بلال فضل، على صفحات صحيفة مصرية وكليهما من كتّابها البارزين، حيث هاجم الأول اختيار الفيلم للعرض في المهرجان، ورد الثاني بعنف جعل الأول يعتذر عن عدم الاستمرار في الكتابة بالجريدة، قبل أن تنشر الجريدة اعتذارا له وتطلب منه «سعة الصدر» تجاه الانتقادات، كل هذا جعل الفيلم مادة جذابة للصحافيين، بشكل تفوق على الفيلم الوحيد الذي يمثل مصر رسميا في المهرجان «يوم ما اتقابلنا»، وجاءت ندوة «بلطية العايمة» ساخنة إلى درجة كبيرة، وأكد صناع الفيلم سعادتهم بعرضه في المهرجان، وأنهم متأكدون أنه صالح لتمثيل مصر في المهرجان، ويدور الفيلم حول محاولات رجال أعمال السيطرة على منطقة شعبية بالإسكندرية وتحويلها لمنتجع سياحي، وتتصدى لهم بطلة الفيلم طوال الوقت حتى تنهار مقاومتها في النهاية لينتصر الشر للمرة الأولى في هذه الأفلام التي تصنف بكونها كوميدية. إصدارات المهرجان أيضا، خصوصا كتابي «التكريمات» و«أجيال شاهين»، تميزا بمستوى يحسب لإدارة المطبوعات بالمهرجان، لكن المفارقة أن «نشرة المهرجان» التي تصدر منذ سنوات طويلة، لو شاهدها أي متابع لن يعرف بسهولة هل تعبر عن الدورة الحالية أو الدورة التي تمت قبل عشر سنوات، حيث تفتقد تماما لكل مظاهر التطوير وكأنها آخر ما تفكر فيه إدارة المهرجان.

الجدل حول الأفلام ظهر أيضا في الفيلم الدانمركي «مع السلامة يا جميل»، حيث هاجم الحضور المخرج عمر الشرقاوي واتهموه بتشويه صورة العرب والمسلمين في أوروبا، رغم أن صناع الفيلم كلهم من العرب والمسلمين. بينما في فيلم «بصرة» قدم المخرج أحمد رشوان، فيلما هو الثاني في مصر الذي يتكلم عن تأثر الشعب المصري باحتلال العراق، وحظي الفيلم باهتمام صناع السينما الرقمية، كونه صور بتلك التقنية قبل أن يحول لاحقا إلى شريط سينما، لكن عاب الفيلم أن تأثير الحرب في الشخصيات الرئيسية لم يظهر إلا في لحظات محددة، بشكل يجعل الأزمات التي مروا بها يمكن أن تكون بسبب مشكلة البطالة أو أي مشكلة أخرى غير احتلال العراق، لكن الفيلم بشكل عام تمتع بمستوى جيد، غير انه وفيلم «خلطة فوزية»، أثار غضب بعض النقاد بسبب عرضهم خارج مصر أولا، الأمر الذي منع تلك الأفلام من المشاركة في المسابقة الدولية لمهرجان القاهرة، وطالبوا إدارة المهرجان بالحزم مع المنتجين في المرحلة المقبلة، فطالما هناك أربعة أفلام مصرية في المسابقة العربية، فلا بد أن يكون من بينها ما هو صالح للمشاركة في المسابقة الدولية، علما بأن هذه المسابقة دون غيرها، هي التي تشترط أن يكون الفيلم المشارك يعرض لأول مرة.

أما الفيلم التونسي «الحادثة»، فأثار الانتباه من زاوية مختلفة، حيث هدد مخرج الفيلم رشيد فرشيو، بالانسحاب بسبب خطأ تقني أدى إلى عدم عرض فصول الفيلم بالترتيب الزمني لها. ويدور الفيلم حول «فارس»، وهو شاب تونسي حاصل على شهادة جامعية لم يجد عملاً يتماشى ومستواه العلمي، فرضي أن يعمل سائق سيارة تاكسي، ويكتشف المتفرج أن «فارس» كان يومها سعيداً بولادة ابنه البكر، وفجأة تصعد في غفلة منه إلى سيارة التاكسي امرأة شابة جميلة وأنيقة ولم يكن وقتها في وقت عمل، لكنه لم يجرؤ على إنزالها، بل قرر أن يأخذها إلى أي مكان تشاء من دون أن يتقاضى أجراً بمناسبة ولادة الصبي، وداخل عالم سيارة التاكسي تبوح المرأة بما تعانيه من زوجها من ظلم واضطهاد، فقد ارتاحت لهذا الشاب الوسيم الخلوق، ولم تجد حرجاً في الكشف له عن أسرار شخصية وخاصة، ويتواصل الحديث بينهما إلى أن جاء الليل وبكل تلقائية ومن دون سوء نية أخذها إلى بيته في غياب زوجته الموجودة في بيت أمه.

ويتذكر الشاب وهو برفقة المرأة الغريبة في بيته أن عليه أن يوصل إلى بيت أمه أغراضاً، وتحرك بالتاكسي في اتجاه بيت والدته، وفي الطريق ارتكب حادث سير خطيرا، وفي مخفر الشرطة، حيث تم استنطاقه لإعداد محضر في انتظار معرفة مصير الرجل الذي داسه إن كان حياً أو ميتاً، شعر بقلق كبير لتركه امرأة غريبة في بيته ولغيابه عن زوجته وأمه خشي من فضيحة محتملة لو عادت زوجته إلى البيت ووجدت به امرأة أخرى، وتتشعب الأحداث عندما قبل قائد الشرطة الذي كان بصدد استنطاقه بشأن حادث السير، مرافقته إلى بيته ليمكنه من تسريح الضيفة.

وهنا تحدث مفاجأة مذهلة مزلزلة في الفيلم، حين يكتشف قائد الشرطة أن المرأة ليست سوى زوجته هو!.

وأخيراً يستبعد المراقبون والنقاد حصول البلد المضيف على جائزة في المسابقة الدولية، لأنه على الرغم من «رومانسية» فيلم «يوم ما اتقابلنا» بطولة لبلبة ومحمود حميدة وتوقيع المخرج إسماعيل مراد، لكن مستوى الفيلم لن يصمد بسهولة أمام 17 فيلماً آخر تشارك في المسابقة.