تلاقح خبرات بين المخرجين المحترفين والشباب

في الدورة الثامنة والثلاثين لمهرجان روتردام السينمائي الدولي

مايكل أمبريولي
TT

تنطلق فعاليات الدورة الثامنة والثلاثين لمهرجان روتردام السينمائي الدولي في الحادي والعشرين من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي وتستمر حتى الأول من فبراير (شباط) المقبل. وسوف يعرض خلال أيام المهرجان «112» فيلماً جديداً يعرض لأول مرة، من بينها «43» عرضاً دولياً أولياً، و«35» عرضاً عالمياً أولياً، بالإضافة إلى «34» عرضاً أوروبياً أولياً، إضافة إلى عدد كبير من الأفلام التي تغطي محاور المهرجان كلها. ويُفتتح المهرجان بفيلم «الأشباح الجائعة» للمخرج الأميركي المنحدر من أصول إيطالية مايكل أمبريولي. تتوزع فعاليات المهرجان لهذا العام على ثلاثة محاور رئيسة وهي «مستقبل مشرق، طيف، وعلامات فارقة».

* مستقبل مشرق

* يُعَّد المحور الأول «مستقبل مشرق» منبراً حراً لمخرجي المستقبل الواعدين، وحاضنةً حقيقيةً لتجاربهم المغايرة التي تختلف بالضرورة عن الأنماط السينمائية التقليدية التي لا تجرؤ على الخوض في مغامرة التجريب والحداثة البصرية. ويركز القائمون على هذا المهرجان السينمائي الدولي على الأعمال الفنية المميزة التي تنطوي على قدرة استثنائية واضحة على التحريض والمغامرة، ويتبنى المهرجان العمل السينمائي الأول أو الثاني للمخرجين الواعدين من مختلف أنحاء العالم. يقتصر هذا المحور على قسمين أساسيين وهما «مسابقة جوائز النمر» VPRO «للأفلام الروائية الطويلة» وقيمة كل جائزة «15,000» يورو، و«مسابقة جوائز النمر للأفلام القصيرة» وقيمة كل جائزة «3,000» يورو. وتعد هاتان الجائزتان من أبرز جوائز المهرجان على الرغم من أن هناك جوائز أخرى تقارب هاتين الجائزتين من حيث القيمة المادية المسندة لهما. يتنافس على جوائز النمر للأفلام الروائية الطويلة «14» فيلماً نذكر منها «في غربي بلوتو» لهنري برناديت ومريام فيرو، «كُن هادئاً واحسب للسبعة» لرامتين لافافيبور، «الخنزير الأعمى الذي يريد أن يطير» لأدوين، «متقطِّع الأنفاس» ليانغ إيك جون، «المرفأ المظلم» لنياتو تاغاتسوغو، «المطاردة: قصة حب» لسيمون إيلي، «عائم في الذاكرة» لبينغ تاو، «الأشباح الجائعة» لمايكل إمبريولي، «كُن طيباً» لجولييت غارشيا، «قوة الماء» لأرمغان بالانتيان، و«السُيّاح» لأليشيا شيرسون، كما يتنافس 27 فيلماً على جوائز النمر للأفلام القصيرة ومن بين هذه الأفلام نذكر «37» للمخرج الهولندي يوس ريكفيلد. «زمرة B» لكرِس جونغ جان فوي، «مدينة الإنتاج» لأنريك راميريه، «جلطة» لمهاي غريكو «اليأس» غالينا مايزنيكوفا وسيرجي بروفوروف، «فيلم بعيد عن الإله» لوائل نور الدين، «أشباح وطرق حصبائية» لمايك رولو، «رجل وجاذبية» جاكروال نيلثام رونك، «أسطورة المختبرات» لمارثا كولبورن، «الموسيقى الضرورية» لبياتريس جبيسون، «فوق الأرض» ديبورا سترات مان، «الفراغ البصري» لداريوش كواليسكي، «وسيط الوحي» لسيباستيان دياز موراليز، «أصل الأنواع» لبن ريفرز، «رسوم حي الأضوية الحمراء» لكاسومي هيراوكا، «ست شقق» لراينولد راينولدز، و«أبو الهول على ضفة نهر السين» لبول كليبسون».

* الكاميرا البليغة

* يتأسس المحور الثاني على الأعمال الفنية التي أنجزها مخرجون محترفون. ولا غرابة أن ينضوي هذا المحور تحت عنوان «طيف»، فالطيف الشمسي فيه ألوان إبداعية متعددة، وفيه درجات لونية تتسع لمخيلات المخرجين المجنحة. يقدم المهرجان كل عام عدداً من التحف الفنية والروائع البصرية التي تكرس ثقافة الفيلم العالمي، وتعزز المناحي الفنية للتعاطي البصري للفن السابع. يحتفي هذا المحور بالأفلام التي كتب قصصها وحواراتها السينمائية كتاب معروفون برؤاهم الإبداعية، وقدرتهم الفذة في كتابة السيناريو. ولكي تصل الأفلام المتنافسة إلى محور «الطيف» فلابد أن تتوافر على قيم فنية عالية في الشكل والمضمون والتقنيات والمعالجات الفنية الجديدة التي تنسجم مع التقدم العلمي الذي يشهده الحقل السينمائي في الأيام الراهنة. وسيقدم المهرجان عدداً غير قليل من الأفلام المتنوعة من بينها «أخيل والسلَحْفاة» لتاكيشي كيتانو، «الجندي الورقي» لأليكسي جيرمان، «الحياة العصرية» لرايموند ديباردون، «ونْدي ولوسي» لكيلي ريكارت، «سوناتا طوكيو» لكوروساوا كيوشي، «الدلتا» لكونيل كوندروكزو، «دولبان» لسيرجي دفورتسيفوي، و«تشرق الشمس- تغرب الشمس» لفيتالي نامسكي.

* علامات فارقة

* يتضمن المحور الثالث ثمانية أبواب وهي على التوالي أفلام مستعادة لثلاثة مخرجين مهمين وهم «البولوني جيرزي سكوليموفسكي»، «الإيطالي باولو بنفينيوتي» و«السويسري بيتر ليجيتي». أما الأبواب الخمسة الباقية فهي «حجم الأشياء»، «الأشباح الجائعة»، «أول الأشياء»، «السينما التركية الشابة» و«أفلام مُستعادة». كان المهرجان على حق حينما أطلق صفة «العلامة الفارقة» على سكوليموفسكي، بينفينيوتي وبيتر ليجيتي. وفيما يتعلق بسكوليموفسكي فقد ولد في في مدينة وودج البولونية عام 1960. يُعَّد سكوليموفسكي مبدعاً متعدد المواهب. فهو مخرج سينمائي، وكاتب سيناريو، وممثل مسرحي وسينمائي، إضافة إلى كونه شاعرا وقاصا وكاتبا مسرحيا ورساما تشخيصيا وتعبيريا، وقد أصدر عدداً من الكتب في هذا المضمار. تخرج في مدرسة الفيلم في مدينة وودج. أخرج منذ عام 1960 وحتى الآن 23 فيلماً من بينها «إيروتيك»، «العين المتوعدة»، «ملاكمة»، «نقودك أو حياتك»، «العُري»، «العلامات الفارقة: لا توجد»، «جاحز»، «الرحيل»، «الصرخة»، «ضياء القمر»، «المنارة العائمة»، «سيول الربيع»، «أربع ليالٍ مع آنا» و«أميركا». كما مثَّل في خمسة عشر فيلماً أبرزها «نهاية عميقة»، «الليالي البيض»، «لوس أنجليس من دون خريطة»، «قبل أن يهبط الليل» و«وعود شرقية». حصل سكوليموفسكي على عدد كبير من الجوائز المحلية والعالمية من بينها جائزة النقاد لمهرجان برلين السينمائي الدولي عن فيلم «الرحيل» عام 1967. وجائزة التحكيم الخاصة في مهرجان «كان» عن فيلم «الصرخة» عام 1977. وجائزة السعفة الذهبية في مهرجان «كان» عن فيلم «ضياء القمر»، وجائزة أفضل مخرج في مهرجان البندقية عن فيلم «المنارة العائمة» عام 1985. ومن الأشياء اللافتة للنظر في حياة سكوليموفسكي أنه كان يهوى الملاكمة، لذلك فقد أخرج فيلماً يحمل عنوان «ملاكمة». كما كان يخشى الحرب جداً لأنه دُفن ذات مرة تحت الأنقاض وتم إنقاذه. كان والده مناوئاً للحركة النازية التي أعدمته لاحقاً، فيما كانت أمه تخبئ عائلة يهودية في أثناء الاجتياح النازي لبولندا. تمحور الباب الثاني من «العلامات الفارقة» على المخرج الإيطالي باولو بينفينيوتي المولود في مدينة بيزا عام 1946. كرس باولو حياته للسينما بعد أن كان منقطعاً لفن الرسم. بدأ حياته الفنية بإخراج عدد من الأفلام القصيرة التي قوبلت بالاستحسان من قبل الجمهور الايطالي. عمل باولو مع عدد من المخرجين الإيطاليين المشهورين أمثال روبيرتو روسلليني، جان ماري ستروب، ودانييلا هويليه. أسس باولو عام 1982 ناديا سينمائيا سوف يصبح لاحقاً واحداً من أشهر النوادي السينمائية في توسكاني ويضم الآن عشرة آلاف عضو. يعتبر فيلم «قبلة جوداس» عام 1988 باكورة أعماله السينمائية الناجحة، وقد شق بواسطة هذا الفيلم الطريق إلى مهرجان البندقية في السنة ذاتها. ثم تتابعت أفلامه اللاحقة مثل «Confortorio» و«Tibrazi» و«أسرار الدولة». من أفلامه الأخرى التي حققت نجاحاً في صالات السينما الايطالية نذكر فيلم «شظية»، «خارج اللعبة»، و«يوم السباق».

أما المخرج الثالث المُحتفى بأعماله الاستعادية فهو السويسري بيتر ليجيتي. وفضلاً عن مهنته الإخراجية فهو يزاول التصوير السينمائي وكتابة السيناريو والإنتاج. ولد بيتر في سانت غالن في سويسرا عام 1951. درس تاريخ الفن في جامعة زيورخ. حصل على دبلوم في تدريس الرسم من جامعة زيورخ للفن والتصميم. تمزج أفلامه بطريقة تجريبية بين خصائص الفيلم الوثائقي والروائي. صوَّر أغلب أفلامه بكاميرا «16 ملم» ويعتمد كثيراً على السرد وتقنية «الفويس أوفر». أخرج عدداً من الأفلام من بينها «معابر ناميبيا»، «صديقة مارثا»، «ذوبان»، «ثقب في القبعة»، «تخلّص من تلك العادة»، «رحلة إالى الجبال»، «عمودي- أفقي»، «جاك المحظوظ: ثلاث محاولات لترك التدخين»، و«أصوات الحشرات- سجل المومياء». وجدير ذكره أن هذا الفيلم الأخير مستوحى من رواية «حتى أكون أنا مومياء» للروائي الياباني شيمادا ماساهيكو والتي تعتمد أصلاً على يوميات حقيقية لرجل ينتحر بواسطة التجويع الذاتي إلى أن يفارق الحياة.

* حجم الأشياء

* يقتصر باب «حجم الأشياء» على طبيعة العروض السينمائية المتطورة جداً، والشاشات السمعية- البصرية لما بعد عصر السينما التقليدية، فقد اخترقت الشاشات الإليكترونية الفضاءات الخاصة والعامة. سوف يحضر عدد من المبرمجين في هذا المضمار أمثال إدوِن جارلس وروتكر ولفسون.

* «الأشباح الجائعة» و«أول الأشياء»

* ويحتضن المهرجان أيضاً موضوع «الأشباح الجائعة» وهو برنامج سينمائي يتضمن عدداً من الأفلام السينمائية المنتقاة من شرقي قارة آسيا تتمحور حول موضوع الأشباح والقوى الخارقة. من بين هذه الأفلام التي تتعاطى مع هذه الموضوعات «فن الشيطان 3» لفريق رونين، و«تاكوت: أوجه الخوف» لريرا رضا، و«الكفن» لإيكاجاييوكرونغهام. وهناك أفلام أخرى تندرج ضمن هذا المحور من بينها «الأشباح الجائعة» للمخرج الماليزي أمير محمد.

«أول الأشياء» هو الباب السادس الذي يركز على الأعمال الأولى للمخرجين السينمائيين الذين حققوا إنجازاً متميزاً ولا يزالون يواصلون مشوارهم الإبداعي. من الأفلام التي سوف تعرض في هذا الباب «أنشودة عن الوردة» لأوتار إيّوزيلياني، «وحشية الحجر» لأليكساندر كلوغ، «الفتاة البارعة» لهاو هسياو هسيَّن، «واحد وأربعون» لأولريش سَيدل، «التنافر» لبونغ يونغ هو، و«الفيلم وليس القرية» لألبرتو سيرا.

* السينما التركية

* يتناول الباب السابع من محور «العلامات الفارقة» موضوع السينما التركية الشابة التي قفزت قفزة متميزة في السنوات الأخيرة وخصوصاً السينما المستقلة. فهناك مخرجون أمثال نوري بلجي جيلان، سميح كابلان أوغلو، ونسيم أستا أوغلو الذين سبق لهم أن حصلوا على دعم من صندوق هوبيرت بالس التابع لمهرجان روتردام السينمائي الدولي وحققوا نجاحات كبيرة سواء داخل تركيا أو ضمن المشهد السينمائي العالمي. المجلة السينمائية المتخصصة «Altyazi» التي تصدر في استانبول كرست عدداً خاصاً عن ازدهار المشهد السينمائي في تركيا وبقية بلدان العالم. ومن بين الأفلام التي تم انتقاؤها لهذا المهرجان نذكر «المدينة الصغيرة» لنوري بيلجي جيلان، «العاصفة» لكاظم أوز، و«الكلاب السود النابحة» لمحمد بهادير إير وماريانا كورباج. أما الباب الثامن والأخير فقد اشتمل على عدد من «الأفلام المستعادة» أيضاً وأبرزها «ريربيرغ وتاركوفسكي: الوجه الآخر لستولكر» لإيغور ميبورودا، و«بانتظار سانجو» لمارك بيرانسون، و«أنشودة الطير» لألبيرت سيرا.

* لجنة التحكيم وجوائز المهرجان

* يمنح المهرجان إحدى عشرة جائزة وهي على التوالي «جوائز النمر الذهبية» VPRO، وهي ثلاث جوائز وقيمة كل جائزة 15,000 يورو. جائزة جماعة السينما وقيمتها 2,000 يورو، علماً بأن لجنة تحكيمها تتألف من نقاد شباب. جائزة الجمهور الذي يمنح الجائزة لأفضل فيلم سينمائي اعتماداً على ذائقة الجمهور الذي يرتاد صالات السينما في روتردام خلال أيام المهرجان. جائزة «Dioraphte» وقيمتها 10.000 يورو وتمنحها لجنة تحكيم عالمية إلى أحد الأفلام المدعومة من قبل صندوق دعم هيوبيرت بالس. جائزة فيبريسي وهي الجائزة التي تمنحها لجنة عالمية لنقاد السينما إلى أفضل الأفلام. جائزة «KNF» وهي جائزة لترجمة الفيلم مجاناً تمنحها حلقة صحافيي الفيلم الهولندي للفيلم الفائز. جائزة «NETPAC» وهي جائزة تمنح لترويج السينما الآسيوية التي تختار أفضل فيلم آسيوي. جوائز النمر للأفلام القصيرة وهي ثلاث جوائز وقيمة كل جائزة 3,000 يورو. جائزة «Prix UIP Rotterdam» وهي جائزة ترشيح فيلم قصير إلى جوائز الفيلم الأوروبي. أما جوائز الـ «CINEMART» فهما جائزتان، الأولى جائزة الأمير كلاوس وقيمتها 15,000 يورو، والثانية جوائز الـ «Arte» الفرنسية.

* لجان التحكيم

* تتألف لجنة تحكيم الأفلام الروائية الطويلة «VPRO» لهذا العام من خمسة محكّمين وهم الجنوب أفريقية «من أصل هولندي» مارلين دوما، والكاتبة والمخرجة التركية يسيم أوستاو أوغلو، والكوري بارك كي يونغ، رئيس الأكاديمية الكورية للفنون، ومدير مهرجان سيول السينمائي للسينما الرقمية، والمخرج والفنان الهنغاري كورنيل موندروكزو، والأميركي كينت جونز مدير برمجة الفيلم الاجتماعي لمركز لنكولن في نيويورك. أما لجنة تحكيم الأفلام القصيرة فتضم كلاً من الكاتبة والمخرجة الماليزية تان جوي موي، والأسبانية ماريا بالير، إضافة إلى الفنان والصحافي البريطاني جورج كلارك.