«تلاشي».. مجموعة جديدة تهدف لطرح مغاير للسينما السعودية

الأكثر مشاركة في مهرجان الخليج بـ7 أفلام

TT

يستعد هذه الأيام مجموعة من الشباب في الرياض لتنظيم ملتقى احتفالي بهدف عرض أعمالهم الجديدة التي كانوا يعملون عليها منذ سنة قبل أن يتوجهوا نهاية الأسبوع للمشاركة في مهرجان الخليج السينمائي بدبي في دورته الثانية التي تنطلق في التاسع من أبريل (نيسان) الحالي، كأول الفعاليات السينمائية التي يهدفون للمشاركة فيها. هناك أكثر من أمر يمكن أن يلفت الانتباه لهذه المجموعة التي تتكون من 10 أعضاء جمعت بينهم الصداقة والشغف السينمائي قبل أن يتفقوا على إنشاء المجموعة في مايو (أيار) 2008، كما يشير أحد أعضائها وهو الكاتب السينمائي بجريدة الرياض محمد الخليف، الذي يقدم هذه السنة أولى تجاربه الفيلمية تحت عنوان «حسب التوقيت المحلي» حول شاب يسابق الزمن لعمل اعتيادي قبل الأذان. ويضيف الخليف «بدأت الفكرة في مهرجان الخليج في دورته الماضية حينما كنا نوجد للحضور والمتابعة وهو ما اعتدنا عليه منذ سنوات في مختلف المهرجانات السينمائية وتحديدا في دولة الإمارات الشقيقة لكننا شعرنا حينها بحماس أكبر للقدوم مرة أخرى من أجل المشاركة وليس الحضور فحسب وهو ما يتحقق هذا العام». وبحسب الخليف فقد كان الاجتماع التأسيسي للمجموعة عقب المهرجان مباشرة بصورة واتفاقيات ليست هي تماما ما انتهت إليه المجموعة حيث تتغير آليات العمل حسب الظروف ومتطلبات الإنتاج، لكن الشيء الوحيد الذي لم يتغير هو التكاتف والتعاون الذي يبديه الجميع فيما بينهم من اجل الوصول إلى مستوى أفضل في إخراج الأفلام. وربما ما يلفت الانتباه أيضا هو الاسم الذي أطلقه الشباب على هذه المجموعة. وهنا يوضح عبد المحسن الضبعان وهو كاتب سينمائي أيضا في جريدة الرياض وسبق له أن قدم تجربته الأولى بعنوان «الباص» في مهرجان الخليج السابق ويقدم مع المجموعة تجربته الثانية بعنوان «ثلاثة رجال وامرأة» بطريقة كوميدية خاصة حول تغييب دور المرأة في المجتمع من خلال قصة ثلاثة شباب يبحثون في حل مشكلة إيجاد امرأة للقيام بدور في فيلمهم الجديد. ويقول الضبعان «جاء الاسم بعد مداولات كثيرة؛ فالجميع كانوا يبحثون عن اسم غير تقليدي ولا يحبذون تلك الأسماء التي تعطي معنى ايجابيا مبالغا فيه، لكن في النهاية كان الاتفاق على اسم «تلاشي» وهو الترجمة الحرفية للمصطلح السينمائي FEED OUT، IN ويعني «تلاشي الصورة لدخول صورة أخرى. كما أن المعنى السلبي في الكلمة الذي يدل على الزوال مقصود بذاته من جهة أن المجموعة تهدف لطرح مغاير وغير تقليدي». ولا بد من الإشارة إلى أن العمل ضمن مجموعة هو طريقة تقليدية ناجحة يتم من خلالها تبادل الخبرات والتجارب والاستفادة من قدرة العضو وموهبته بأكبر درجة ممكنة، لكن شيئا في مجموعة تلاشي بدا لافتا للنظر هو الآخر وهو ما يتعلق بالاتجاه الفكري والمضامين الاحتجاجية أو الجريئة التي تحملها غالب هذه الأفلام. وحول هذه النقطة يوضح مدير المجموعة الكاتب السينمائي فهد الاسطاء «في الحقيقة كل فيلم يعبر عن فكر ورؤية مخرجه تماما وحتى في حالة نقاش السيناريو في لجنة السيناريو في المجموعة لا يمكن فرض أي قناعات أو تغييرات على مخرج العمل وهذه الأفلام هي نتاج أفكار المخرجين أنفسهم، حتى لو بدت متشابهة في التوجه، فهم أصدقاء في النهاية». وفي مسألة هذا التشابه الفكري يمكننا، إضافة للفيلمين السابقين، الحديث عن الفيلم الثالث بعنوان «مابي» لحسام الحلوة في تجربته الأولى، وهو ابرز الصور الاحتجاجية على رفض المجتمع للخروج عن التقاليد ومحاولته إقصاء الأشخاص ذوي التوجهات المختلفة في صورة حادة واختزال ذكي وطريف لصراع الحداثة والأصالة التقليدية. ثم هناك فيلم «ظل» لمحمد الحمود الذي كان قد شارك سابقا في مهرجان الخليج في دورته الماضية بفيلم «شيزوفرينيا» ويشارك هذا العام عبر مجموعة تلاشي بفيلم «ظل» الذي صوره بلقطة واحدة في إشارة جميلة إلى قضايا الحجاب وزواج الفتيات الصغيرات كقضايا اجتماعية لطالما أثارت الجدل. ويقول الحمود وهو محامٍ شاب ذهب قريبا إلى أميركا للدراسة «لن أتمكن من الحضور بطبيعة الحال بسبب الدراسة لكني متشوق لردود الأفعال التي ربما تحدثها الأفلام على المستوى الفني والفكري هناك أو حتى حين عرضها في السعودية فقد كنا نهدف منذ إنشاء المجموعة إلى المساهمة في مسيرة الإنتاج السينمائي السعودي بطريقة أكثر احترافية ورؤية فنية جديدة وهو الهدف الذي أعلنا عنه أيضا في التعريف بالمجموعة على موقع الفيس بوك». وخامس هذه الأفلام التي تشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان الخليج ضمن مجموعة تلاشي هو فيلم «شروق/غروب» للكاتب السينمائي محمد الظاهري في تجربته الأولى في قصة درامية منتزعة من الواقع الاجتماعي حول طفل يبيع في الشارع، يتعرض لانتهاك وعنف جسدي، لكنه ومن خلال أحداث يوم واحد سيكون هو الضحية لأكثر من مرة. أما الفيلمان الآخران اللذان سيشاركان في مهرجان الخليج في قسم «أضواء» فهما فيلم «آخر يوم» للممثل الشاب نواف المهنا وهو الذي سبق أن حصل على شهادة تقدير من مسابقة أفلام الإمارات في دورتها السادسة حينما قدم أول أعماله «مجرد يوم» ثم قدم بعدها فيلم «الدرس الرابع» قبل أن يقدم فيلمه الجديد هذا عبر تلاشي حول شاب يقضي يومه الأخير في الحياة. وأخيرا الفيلم السابع للمجموعة وهو للكاتب في جريدة الوطن عبد المحسن المطيري الذي سبق له هو الآخر المشاركة في مهرجان الخليج الماضي بفيلم « لاشيء»، بينما يشارك في هذه الدورة عبر تلاشي بفيلم «مشروع» حول اضطرابات شاب يواجه صعوبة في الالتزام بمشروع ما مع أطراف أخرى. ويعود الاسطاء مرة أخرى ليؤكد «كان من المفترض أن يقوم كل عضو بعمل فيلمه الخاص بمساعدة المجموعة لكن بعض التغيرات وضيق الوقت لم يمكنا سوى من إنجاز 7 أفلام خلال السنة الأولى للمجموعة خاصة مع الجهد الكبير الذي قدمه أعضاء مثل تركي الرويتع المختص بالتصوير وعملية المونتاج والتحرير، وحسام البنا المتخصص بالتصوير والتصميم والغرافيك. مما دفعنا إلى تأجيل بعض الأفلام لما بعد المهرجان والتركيز على إنهاء المجموعة الأولى من إنتاج تلاشي خلال عام واحد وباعتقادي أن 7 أفلام نتيجة مرضية جدا وسيتبقى علينا النظر في مقترحات وملاحظات المشاهدين من أجل تطوير عمل المجموعة في السنوات القادمة».