سحر فوزي: الشللية في سورية غير موجودة ومن حق المخرج أن يختار الممثل الذي يريحه

صاحبة شخصية «أم بشير» قالت إن أخلاقيات رجال «باب الحارة» اختفت في زماننا

الفنانة السورية سحر فوزي («الشرق الأوسط»)
TT

تميزت منذ انطلاقتها الفنية قبل أكثر من عشرين عاما بتجسيدها شخصيات متنوعة وفي أعمال سورية مختلفة، فشاهدها الجمهور تؤدي الشخصيات الاجتماعية المعاصرة وشخصية المرأة القوية في أعمال «الفانتازيا» التاريخية مع المخرج نجدت أنزور، والشخصيات التاريخية المهمة كشخصية «شجر الدر» مع المخرج محمد عزيزية، وجسدت شخصية المرأة المتسلطة في أعمال تلفزيونية كثيرة من أبرزها: «الثريا» و«رمح النار» و«البواسل» و«حرب السنوات الأربع» و«الخيوط الخفية» و«قلوب دافئة» و«الجمل» و«الخطوات الصعبة» و«عش المجانين» و«الزاحفون» و«طرابيش» و«يوميات مدير عام» و«جواد الليل» و«الطير» و«آخر الفرسان» و«أحقاد خفية» وغيرها من المسلسلات التلفزيونية، كما تابعها جمهور المسرح ممثلة على الخشبة مع دريد لحام في «كاسك يا وطن» و«شقائق النعمان» وفي مسرحيات عديدة، فيما تابعها جمهور الفن السابع في أفلام سينمائية متنوعة منها «أحلام المدينة» و«الترحال» و«ثعالب المدينة» وغيرها، إنها الفنانة السورية سحر فوزي، التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» عن شخصية «أم بشير» في «باب الحارة» والجديد في الشخصية من خلال الجزء الرابع للعمل، وعن أعمالها التلفزيونية الجديدة.

قالت سحر فوزي عن شخصية «أم بشير» في «باب الحارة»: هي إحدى الشخصيات النسائية الرئيسية في الحارة، وهي شخصية طيبة ومحبة لأسرتها ولجيرانها، وقد وضحت ملامحها بشكل جيد في الأجزاء الثلاثة من المسلسل، أما في الجزء الرابع، الذي يصور حاليا، فمعظم الشخصيات النسائية في العمل تأخذ المنحى العام وتتجه للهم الوطني، حيث يكون رجالهم موجودين مع الثوار والنساء يسهمن مع الثوار بخدمات بسيطة لكنها مهمة، لدعم الثورة ضد المحتل، حيث تحاصر الحارة من قبل المحتلين وتحفر الأنفاق والسراديب لتهريب الأسلحة والغذاء للثوار. كما يقدم الجزء الرابع تفاصيل كل بيت في الحارة ذهب رجاله وأبناؤه للمشاركة مع الثوار، ويكون هناك همّ واحد وقلق واحد يجمع نساء الحارة حول مصير رجالهن وأبنائهن.

وحول ما قيل عن أن مسلسل «باب الحارة» ظلم المرأة الشامية خاصة في الجزأين الأول والثاني لتظهر المرأة مدللة في الجزء الثالث كحال شخصية «أم حاتم» التي ظهر «أبو حاتم» وهو يحترمها بشكل كبير في العمل، قالت: أنا لست مع هذا الكلام بدقة، فلو تابعنا «باب الحارة» بتمعن من جزئه الأول وحتى الثالث، للاحظنا «أبو عصام» يتعامل مع زوجته وبناته بكثير من الطيبة والشهامة، ولكن المرأة في فترة أحداث المسلسل كانت أمامها حدود وحواجز في العلاقات مع الرجل الزوج أو الأب أو الأخ، ولكن تبقى العلاقة فيها نوع من الاحترام، وقد تستغرب إذا قلت لك إننا في هذا الزمن «ياريت يكون أغلبية رجال اليوم يتمتعون بأخلاقيات رجال باب الحارة»!.. فقد كان الرجال مسؤولين عن الأسرة والبيت والمعيشة، وكانت المرأة متفرغة لتربية أولادها حتى يصبحوا رجالا، حاليا أصبح الواقع عكسيا، فالمرأة قد تصرف على البيت والأولاد وحتى الزوج أحيانا!. وتضيف: أنا مع التوازن في العلاقة بين الرجل والمرأة وأن نمسك العصا من المنتصف، ولكن شهامة الرجال في الفترة التي يجسدها «باب الحارة» تفوقت برأيي على الحضارة والمدنية التي يقال إن الأسرة وصلت إليها حاليا. وهذا من الأسباب الرئيسية لنجاح مسلسل «باب الحارة»، حيث قدم عادات وتقاليد افتقدناها في هذا العصر. تصور أن هناك رجالا يقولون لأهاليهم عندما يريدون أن يتزوجوا إنهم يريدون امرأة غنية حتى تصرف عليهم أو أن لا تحتاج لشيء فلديها المال ومستلزمات العرس والبيت. بينما في ذلك العصر، كما في «باب الحارة»، كان هذا من اللامعقول أن يحصل، حتى ولو كانت هناك مثلا فتاة يتيمة وفقيرة وليس لديها أهل فتقوم نساء الحارة بتزويجها لسترتها، وذلك من تقاليد البيئة الشامية الأصلية.

وعن مدى انسجامها مع مشروع «باب الحارة» كمسلسل في حلقات ومع مسلسلات البيئة الشامية، فتقول: بعد انتهائنا من تصوير الجزء الرابع سنقوم مباشرة بتصوير الجزء الخامس من المسلسل، وأنا أحب مثل هذه الأعمال لأنني أعشق الشام القديمة، حتى في حياتي العادية، إذا شعرت يوما بضيق في نفسي وتعب ذهني فلا أذهب كما يفعل البعض إلى البساتين أو الجبال للترويح عن النفس، بل أذهب لحارات دمشق القديمة أتجول في أزقتها فأرتاح، وأشعر بعدها أن كل شحنات التوتر لديّ فرغت تماما. ولذلك أعشق أعمال البيئة الشامية خاصة وأننا في هذه الأعمال لا ندخل فقط إلى الحارة بل ندخل في تفاصيل الحياة الاجتماعية والاقتصادية.. ندخل إلى البيوت ونشاهد عادات الطعام والشراب والحياة البسيطة داخل البيت الشامي فالمشاهد يتابع حياة البيئة الشامية بدمها ولحمها وليس بشكلها الجامد.

وعن رأيها بتصريح إحدى زميلاتها من الممثلات السوريات عن أمنيتها لو شاركت بمسلسل «باب الحارة» حتى تمنت لو كانت جرسا لباب الحارة. قالت: كلنا نحب النجاح ونتمنى أن نشارك في الأعمال الناجحة، وأنا مثلا عندما قدم نجدت أنزور أول عمل من سلسلته «الفانتازيا» التاريخية وهو «الجوارح» ومن ثم «الكواسر» و«البواسل» استمتعت بهذه الأعمال، وهنأت كل المشاركين فيها، وقلت لهم أنا غيرانة منكم!.. فأي ممثل يتمنى أن يكون موجودا في المسلسلات الناجحة، وبعدها كان لي حظ أن أكون بطلة لمسلسل «البواسل» بدور «بيشة» في الجزء الثالث، وأحببت الشخصية، ولذلك أرى أن الحق مع أي ممثلة وممثل أن يكون موجودا في المسلسل الناجح.

وحول الخوف من أن يحصل لمسلسلات البيئة الشامية كما حصل لـ«الفانتازيا» من تكرار يؤدي إلى ملل الجمهور وعزوفه عن مشاهدتها فتكون ظاهرة وتنتهي، تقول سحر: لا شيء ينتهي، فأعمال البيئة الشامية من مسلسل «أبو كامل» و«أيام شامية» وغيرها تغيب وتعود، وعندما تعود فإنها ترجع بسحرها وألقها، حيث يشتاق لها الناس ولكن ليس بالضرورة أن نركز على موضوع واحد فقط، وأنا أرى أن مسلسلات البيئة الشامية أصبحت إحدى مفردات الطقس الرمضاني السنوي، فالمشاهد يتابع الأعمال التاريخية والعصرية الاجتماعية والكوميدية، ولكن مثل سفرة رمضان لا تكتمل بدون صحن الفول أو التسقية أو الفتوش، فمسلسلات رمضان لا يمكن أن تخلو من مسلسل من البيئة الشامية، حيث يشعر المشاهد بأنه ينقصه شيء ما بدونها في شهر رمضان.

وعن أعمالها الجديدة التي صورتها وأدت أدوارها فيها أخيرا قالت: لديّ مسلسل «تحت المداس» وهو مسلسل عصري، من إخراج محمد شيخ نجيب، وتأليف مروان قاووق، حيث جسدت فيه شخصية ظريفة وجديدة نوعا ما علي، وهي مكتوبة بشكل صحيح جدا، فالشخصية زوجة لرجل يقع في مشكلة صحية فيضطر للذهاب إلى الريف، فتتخلى عنه بأنانية مطلقة، فهي تخاف من أن يعديها كونه مصابا بمرض معد، ولكن الزوج «يجسد الدور الممثل أسعد فضة» يتزوج من قروية بسيطة وطيبة بينما أكون هي جالسة في القصر، لتكتشف فيما بعد وفي فترة نقاهته أنه تزوج من امرأة ريفية، حيث تقدم الزوجة النرجسية والفوقية، هنا النفس البشرية التي يتناوب عليها السواد والبياض وأحيانا تكون مترددة ما بين الخير والشر، وهذه موجودة لدينا جميعا كبشر.

وكذلك صورت شخصيتي بمسلسل «بيت جدي» في جزئه الثاني. وهناك عمل تاريخي أقرأ النص حاليا وسيصور داخل وخارج سورية. وقد أقرر المشاركة فيه رغم أن تعدد الشخصيات وتنوعها التي أقدمها في الموسم الواحد متعب لي جسديا ونفسيا ولكن أشعر بمتعة كبيرة في تقديمها وتجسيد الشخصيات المتنوعة، وأحيانا إغراء الدور يجعلني أقبل المشاركة في أكثر من عمل في الموسم الواحد حتى ولو ينتميان لبيئة واحدة، كما هو الحال في مسلسلي «باب الحارة» و«بيت جدي»، ورغم التعب في تجسيد الشخصيتين ولكن التنوع ممتع بالنسبة لي. وحول مشاركتها في المسلسلات التركية المدبلجة للعربية وباللهجة الشامية وخوف البعض من تأثيرها سلبا على الدراما السورية وعلى الممثل السوري قالت: شاركت بدبلجة مسلسل «ويبقى الحب»، وأقول لك واقعة قديمة حصلت معي، جوابا على سؤالك، فقد سئلت مرة: ألا تخافين من هذا الكم الكبير من الممثلات الجديدات أن يسحبن البساط من تحتكن ويأخذن مكانكن خاصة أن عدد الممثلات من جيلي كان قليلا وحصلنا على فرص كثيرة في التمثيل الدرامي؟.. فأجبتهم: لا أحد يأخذ مكان أحد، فالساحة تتسع للجميع، والعمل الذي يثبت وجوده وحضوره لن يتأثر بأي شيء، ولذلك لا أرى أن الدبلجة ستؤثر علينا ولا حتى لو جاءتنا دراما من كل العالم، برأيي لن تؤثر سلبا على الدراما السورية، والأتراك هنا اعترفوا لنا بأننا قدمنا «دوبلاج» بشكل متقن وجميل ولكن تبقى هذه الأعمال ليست من بيئتنا والمشاهد العربي له خصوصيته ويرغب في أن يشاهد مشاكله الخاصة في الأعمال الدرامية ولذلك هو عندما يتابع الأعمال المدبلجة يشعر وكأنه يقرأ رواية من العالم وتبقى غريبة على عاداتنا.

وحول مشاركتها في أعمال مصرية وخليجية قالت سحر: شاركت سابقا في مسلسلات مشتركة سورية مصرية وسورية خليجية، ولكني قدمت فيها شخصيتي باللهجة السورية، وأنا أحب الأعمال المشتركة بين الفنانين من مختلف البلدان العربية. والممثلون الذين قدمتهم الدراما المصرية والخليجية هم من الممثلين المجتهدين ولم يصلوا إلى النجاح والنجومية إلا بعد جهد مضنٍ وتعب فاستطاعوا أن يقطفوا ثمار تعبهم وجهدهم من كل مكان وأنا أبارك لهم نجاحهم فلو لم يكونوا متميزين وناجحين لما طلبتهم شركات الإنتاج المصرية أو الخليجية. وأنا عرض علي قبل فترة المشاركة في مسلسل مصري ولكني اعتذرت بسبب ظروفي العائلية، حيث أفضل العمل حاليا داخل سورية، فلدي ولدان ما زالا في المدرسة وهما في هذا العام سيقدمان فحص شهادتي الكفاءة والبكالوريا «سومر» ابني الكبير يعشق المسرح وانتسب لمعهد «تياترو» الفني ولكن طموحه بعد حصوله على البكالوريا أن يصبح مخرجا رغم أنني شاهدت لديه موهبة جيدة في التمثيل ولكن لا يريد أن يدخل ميدان التمثيل وكذلك كنت أعتني بوالدتي التي توفيت قبل شهرين ولذلك اعتذرت عن عدم المشاركة، ومنذ سنتين، في أعمال تلفزيونية خارج سورية.

وحول مقولة عودة الشللية للوسط الفني السوري، قالت سحر: أنا لا أسميها شللية ولا أحب هذه الكلمة «شلة»، فأنا مثلا الكثير من المخرجين لم أعمل معهم فلا أقول إن لكل مخرج شلة معينة ولو كنت مكان واحد من هؤلاء المخرجين فسأبحث عن الممثلين الذين يريحونني ويقدمون ما أريد لإنجاح العمل الفني، فإذا كان الممثلون المريحون تحولوا لشلة هذا المخرج أو ذاك فلا أرى في ذلك عيبا أو إساءة لأحد وليست ظاهرة سيئة لأنه لا أحد يأتي بشخص يتعبه.