جيني أسبر لـ «الشرق الأوسط»: شكلي الأوروبي لا يتناسب مع الأعمال الشامية

الفنانة السورية تشارك محمد هنيدي في ثاني تجربة سينمائية

جيني أسبر («الشرق الأوسط»)
TT

كانت بدايتها مع الأزياء والجمال والرياضة، وهي التي تخرجت في جامعة تشرين في مدينة اللاذقية في اختصاص علم الأغذية والتربية الرياضية، وكانت قبلها قد حققت لقب ملكة جمال أوكرانيا في عام 1996، حيث كانت تقيم مع والدها ووالدتها، وحققت في عام 2001 لقب ملكة جمال الرمال الذهبية في مدينة طرطوس، وفي الأزياء كانت حاضرة كعارضة في العديد من المهرجانات العالمية ولكنها وقبل خمس سنوات قررت التفرغ للفن والتمثيل فشاركت في العديد من الأعمال الدرامية والكوميدية السورية. إنها الفنانة السورية جيني أسبر، التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» من دمشق، فإلى نص الحوار:

* ما آخر الأعمال التلفزيونية التي جسدت فيها شخصيات وأدوارا اجتماعية معاصرة أو تاريخية؟

ـ قمت بتصوير دوري في مسلسل جديد معاصر وهو «على موج البحر» للمخرج أسعد عيد والكاتب إلياس الحاج، ودوري فيه مختلف عما قدمته في السنوات السابقة حيث أجسد فيه شخصية فتاة ريفية «حنة» من الساحل وهي بسيطة وتحب ابن جيرانها الذي لا يوليها اهتمامه فتعمل على مدى حلقات العمل على لفت انتباهه، وفي النهاية تحصل عدة أمور ويحصل ما تتمناه. كما شاركت في المسلسل الاجتماعي الجديد «شتاء ساخن» وهو للمخرج فراس دهني والكاتب فؤاد حميرة، وأجسد فيه شخصية سلوى وهي فتاة من بيئة فقيرة وطالبة جامعية وتقع في غلط أخلاقي من خلال علاقة حب وتُسِرّ بما فعلت لشقيقتها التي تراعيها في البداية ولكن تقوم أختها بإجراء عملية جراحية تتحول فيها إلى ذكر فتتغير معاملتها معها لتصبح علاقة أخ ذكر مع شقيقته المخطئة وتحصل معاناة كثيرة معه. ويُظهِر العمل كيفية سيطرة العلاقة الذكورية على المجتمع خصوصا في البيئات الفقيرة خصوصا وأن الأم هنا تقف مع شقيقها الذكر ضدها. وتحصل بعد ذلك علاقة حب بينها وبين ابن جيرانها المتدين ومن خلال هذه العلاقة تستفيد من التزامه الديني الأخلاقي وهو يستفيد بعلاقته معها بالانفتاح الاجتماعي ويتقبل الأمور المعاصرة ويعيش كحال الشباب اليوم ويسمع الأغاني. كذلك شاركت في عمل اجتماعي آخر وهو «قاع المدينة» للمخرج سمير حسين والمؤلف أحمد ملص وأجسد فيه شخصية «شيرين»، وهي فتاة بسيطة من عائلة متوسطة الحال وتعيش مع والدتها المريضة وتعمل في شركة كبيرة وبدوام طويل حتى تستطيع عيالة والدتها المريضة، ولكن تحصل علاقة غريبة بينها وبين مديرها العام حيث تقع في الخطأ معه بسبب ضعفها أمامه. ومن الأعمال الأخرى والذي أعتبره أهم محطة في رحلتي الفنية للعام الحالي وحتى في مسيرتي الفنية مشاركتي في مسلسل «صبايا» للمخرج ناجي طعمة والمؤلفة رنا الحريري وهو عمل اجتماعي كوميدي وبطلاته خمس فتيات أنا واحدة منهن اسمها «ميديا» قادمة من مدينة اللاذقية ومعها شهادة معه تمثيل ولكن تصطدم بالواقع وبعدم توفر فرصة عمل لها فتتحطم أحلامها، ومن خلال حلقات المسلسل تحاول جاهدة الوصول إلى النجومية ولكنها تذهب في اتجاه آخر بعيد تماما عن طموحها الكبير. أما في ما يتعلق بالأعمال التاريخية فقد شاركت في فيلم تلفزيوني تاريخي هو «الحمزة والعباس» من إخراج قيس شيخ نجيب وتأليف محمود عبد الكريم.

* لماذا لم نشاهدك في أعمال البيئة الشامية أو حتى عمل «ضيعة ضايعة» وهو من بيئة مدينتك اللاذقية؟

ـ المشكلة في نظرة المخرجين إلى شخصيتي، فدائما يعتبرونني أقرب إلى الشكل الأوروبي والبعض منهم يقول لي إنني لكوني من اللاذقية لا أتقن اللهجة الشامية، وهذا الكلام غير صحيح لأن الممثل في رأيي مثل العجينة والمفروض أن يجسد كل الأدوار، وأنا أعتبر شكلي الخارجي يتقبل تجسيد كل الشخصيات، والمشاهد سيتابعني هذا العام بشخصيات متنوعة ومختلفة، وأنا أنتظر من المخرجين تغيير نظرتهم نحوي والاعتماد عليّ في تجسيد شخصية من البيئة الشامية، وأنا أتمنى المشاركة في مسلسل «باب الحارة»، ولكن لم يعرض عليّ المشاركة فيه، وربما في أحد الأجزاء (الجزء 11 مثلا) تتحقق لي فرصة المشاركة فيه. وفي ما يتعلق بمسلسل «ضيعة ضايعة» وهو من بيئة اللاذقية فأنا انزعجت كثيرا لعدم مشاركتي فيه، خصوصا وأنني من أكثر الممثلات اللاتي يُجِدْن لهجة العمل، ولكن لماذا لم أوجد فيه؟ فهذا يعود إلى المخرج والشركة الإنتاجية.

* ما الأسباب في رأيك الكامنة برأيك وراء نجاح مسلسل «باب الحارة» وأعمال البيئة الشامية؟

ـ الأسباب أن المجتمع العربي كان مشتاقا إلى مشاهدة مثل هذه الأعمال خصوصا وأنه عندما ظهر باب الحارة كان هناك انقطاع لمثل هذه العمال من سنوات، وتحديدا منذ عرض مسلسل الخوالي، والسبب الثاني أن الكثيرين يحنون إلى جذورهم، ولتذكر تلك الفترة التي كانت تشتهر بالعادات والتقاليد الأصيلة. والسبب الثالث أنه عمل مفهوم من الجميع ولا يعتمد فلسفة معينة، فمثلا عندما قدم نجدت أنزور مسلسله سقف العالم كان موجها إلى شريحة صغيرة مثقفة يهمها موضوع المسلسل، أما باب الحارة فهو عمل شعبي بسيط وقريب من الناس الذين من الممكن أنهم فهموه جميعهم وليس بحاجة إلى أحد ليحلل الإسقاطات لكي يفهمه، والسبب الرابع هنا أيضا هو الممثلين الذين أدوا أدوارهم فيه ببراعة وجسدوا شخصياته بطريقة جعلت الناس تحبها، والسبب الخامس هو المخرج الذي قدّم العمل بأجمل طريقة إخراجية فمع بساطتها نلاحظ أن فيها الكثير من الفن والإبداع.

* هل شاركت في الأعمال التركية المدبلجة إلى العربية؟

ـ لقد عُرض عليّ المشاركة في أكثر من عمل مدبلَج ولكن ضيق الوقت لديّ منعني من المشاركة، وفي رأيي أن هذه الأعمال تعطي للممثل خبرة في مجال التحكم في صوته وتساعده حتى في التمثيل حيث يصبح لديه سهولة في التحكم بصوته، ولو شاهدنا مثلا الممثلين في البرامج الإذاعية فسنرى أنهم من أفضل الممثلين في الإلقاء ومخارج الحروف، وبشكل عام أنا لست ضد هذه الأعمال ولست معها في نفس الوقت خصوصا مع زيادة عددها على الفضائيات، ففي البداية كان عددها مقبولا، ولكن مؤخرا لم نعد نشاهد على الفضائيات الرئيسية سوى الأعمال التركية وكأننا مشاهدون أتراك، رغم أنه لدينا في العالم العربي الكثير من المسلسلات الهامة والتي تحمل مواضيع جيدة، كذلك ما يزعج هنا أن هذه الأعمال أثرت على الممثل السوري، فلو اعتبرنا أن 50 في المائة من نجاح المسلسل المدبلج سببه الممثل السوري فلماذا لا يعطون نصف النجاح للممثل السوري عند تكريم الممثل التركي بطل المسلسل مثلاً؟ فعندما كُرّم الممثل التركي الذي أخذ دور مهند لماذا لم يكرَّم الممثل السوري مكسيم خليل الذي أدى بشكل رائع وبصوته دور مهند؟! وفي رأيي أن هناك تقصيرا تجاه الممثل السوري بشكل عامّ حيث لا تكريم له باستثناء عدد محدود منهم، وهؤلاء لا يمثلون كل نسيج الدراما السورية التي يقع عاتق نجاحها على الكثير من الكادر الفني من ممثلين مغمورين أحيانا ومخرجين وكتاب سيناريو وفنيين، فلماذا ننسى مثل هؤلاء ولا نكرّمهم؟ وللأسف أحيانا يختصر البعض الدراما السورية في شخص واحد ويكرّمونه.

* هناك من يقول بعودة الشللية إلى الوسط الفني السوري، ما رأيك في هذا القول؟

ـ هي لم تعُد لأنها موجودة طوال الوقت، وهي ظاهرة صحية نوعا ولكن في نفس الوقت يُظلم بعض الممثلين بسبب الشللية، «والزائد أخو الناقص» في رأيي، والشللية يجب أن تكون مبنية على أسس صحيحة لا على مصالح وعلاقات شعبية.

* لماذا لم نشاهدك في الدراما المصرية خصوصا بعد اعتذارك عن العمل في فيلم المخرجة إيناس الدغيدي «الباحثات عن الحرية» قبل سنتين؟

ـ قُدّم لي أكثر من عرض للمشاركة في الدراما المصرية ولكن اعتذرت لأنني لم أجد نفسي في هذه الأعمال، وأنا تعبت كثيرا حتى وصلت إلى ما أنا عليه هنا في الدراما السورية، ولذلك ليس من المعقول أن أبتدئ من الصفر في الدراما المصرية، وعندما سأقرر المشاركة هناك فسأكون بطلة العمل وليس دوري دورا ثانيا أو ثالثا، أما فيلم الدغيدي فاعتذرت عن المشاركة فيه مع أنه دور بطولة لأنه بعيد عن قناعاتي. وقد يكون أساء إليّ في تلك المرحلة أكثر من أن يفيدني مع أن إيناس مخرجة مهمة ولها أفلام جيدة. وحاليا عُرض عليّ بطولة فيلم كوميدي مع الفنان المصري محمد هنيدي يتحدث عن القراصنة في الصومال، واحتمال كبير في أن أكون موجودة فيه. وفي رأيي تجربة الزملاء مع الدراما المصرية تجربة جيدة، وليوفقهم الله، وأنا أتمنى أن أشاهد أعمالا مشتركة سورية مصرية قادمة.

* ما رأيك في مقولة تنافُس الأجيال الفنية في الدراما السورية وأن الجيل الجديد سحب البساط من فنانات الجيل الأقدم؟

ـ لست مع هذا الكلام، فلكل جيل مرحلته وأدواره، فلا يُعقل مثلا أن آخذ أنا دورا للنجمة أمل عرفة أو مرح جبر، فالأدوار تختلف باختلاف العمر، ولكن أرى هنا أن الدراما بشكل عام صارت شبابية أكثر، والسبب أن النصوص المعروضة تطرح مشكلات الشباب أكثر من الأجيال الوسط. ولكن يبقى في رأيي أنه لا ضمان للممثلة السورية، فاليوم قد أكون نجمة وغدا قد لا يتذكرني أحد، وهذه مشكلة الممثلين لدينا، ولذلك عليه أن يبحث عن عمل آخر حتى يتمكن من الاستمرار حتى في التمثيل.

* ماذا عن تقديم الممثل البرامج التلفزيونية وأنت قدمت برنامجا رياضيا؟

ـ صحيح أنا قدمت برنامجا تلفزيونيا لعدة قنوات وعنوانه «أحلى شيء» وهو برنامج رياضي صحّي موجه إلى الصبايا بشكل خاص، ولكن حصلت فيه بعض الهفوات، وكنت أتمنى أن لا تكون قد حصلت، ومع ذلك حقق جماهيرية جيدة لأن له علاقة بالدراما والتجميل والسياحة. وحاليا لدي فكرة برنامج جديد هو «هاو تو واو»، وهذا البرنامج الجديد موجه إلى النساء حتى عمر الخمسين ومن خلاله نقول لهن كيف يمكن أن تكوني وأنت في عمر الخمسين أو الأربعين جميلة ورشيقة وأن تهتمي بنفسك بشكل جيد.

* ما الشخصية التي ترغبين تجسيدها ولم يُتَح لك ذلك حتى الآن؟

ـ هناك العديد من الشخصيات أتمنى تجسيدها، ولكن ما زلت في بداية الطريق، ولي خمس سنوات في الوسط الفني، وبشكل عام كنت أتمنى أن أشارك في «باب الحارة» و«ضيعة ضايعة» وفي المسلسلات التاريخية كنت أرغب في تجسيد شخصية الملكة بلقيس الذي جسدته الفنانة صبا مبارك.

* وماذا عن أدوار الإغراء التي شاركت في تجسيدها؟

ـ أستغرب هنا من يربط بيني وبين أدوار الإغراء، فلم أقدم سوى عمل واحد في هذا المجال وهو حاجز الصمت، وكان الدور يتطلب مني ذلك من خلال كونه يقدم فتاة جميلة. وللدور غاية توعوية هي أن الفتاة عندما تلبس لباسا قصيرا مغريا فماذا يمكن أن يحصل معها؟ وهنا خدم الدور، أما الإغراء فليس لي علاقة به وليس ذنبي إن كنت فتاة جميلة، وأنا أتقيد بالدور بشكل جيد. وفي «حاجز الصمت» في الجزء الثاني قدمت بعض الممثلات أدوار إغراء أكثر مني، ولم أشارك في الجزء الثاني بسبب الهجوم الذي وُجّه ضدي في الإنترنت من أنني قدمت دور إغراء في الجزء الأول، ولو كنت فعلا أبحث عن دور فيه إغراء كنت أغني في فيديو استعراضي، وصوتي ليس جميلا ولكن ليس أسوأ من الأصوات التي تقدم أغاني الفيديو كليب حاليا، وأنا لم أغنِّ في الأعمال التلفزيونية باستثناء عملي الجديد «صبايا» الذي قدمت فيه أغنية بصوتي، وهذا من صلب طبيعة المسلسل.

* وماذا عن ما قيل من أنك تحضّرين للحصول على شهادة الدكتوراه؟

ـ هذا صحيح، ففي هذا العام قد أحصل على شهادة الدكتوراه وفي مجال بعيد نسبيا عن الفن، فرسالتي تتعلق بالتأهيل الطبي بعد الإصابات، وكيف يمكن أن يعود إلى حياته طبيعية، وسبب عودتي إلى الجامعة وتحصيل شهادة الدكتوراه هو إرضاء والدي ووالدتي، وهما أستاذان في الجامعة وألحّا عليّ أن أحصل على الشهادة مع عملي في الفن، ويبقى ـ كما ذكرت قبل قليل ـ أن الفنان ليس له ضمان، ولذلك قد تفيدني هذه الشهادة في المستقبل.