أفلام أخرى معروضة: نوم في «شهرزاد» ورحلة بعد نهاية العالم

الممثلة المصرية منى زكي أثناء حضورها افتتاح مهرجان البندقية السينمائي (أ.ف.ب)
TT

الإقبال على العرض الأول للفيلم المصري «احكي يا شهرزاد» كان حاشدا في معظمه، وكل شيء بدا مشجعا لاستقبال فيلم من مخرج شق طريقه إلى عدد كبير من المهرجانات العالمية وإن لم ينجز بعد الفيلم الذي يخرج بجائزة رئيسية من تلك المهرجانات. ليس أن «احكي يا شهرزاد» مشترك في المسابقة هنا، لكن منوال المخرج من الأعمال ينزل في منتصف الطريق بين المشاهد العربي والمشاهد الغربي من دون أن يستحوذ كاملا على أي منهما.

فيلمه هذا من كتابة وحيد حامد ويبدأ على نحو تقليدي للغاية: التعريف بالزوجة (منى زكي) التي لديها برنامج تلفزيوني يناقش القضايا السياسية بجرأة وصراحة، مما يؤثر على محاولات زوجها (حسن الرداد) المتزلفة لبلوغ منصب رئيس التحرير، إذ لا يستطيع الوصول إلى ذلك الحلم المقضي عليه بالانتهازية من اللحظة الأولى إلا إذا توقفت زوجته عن طرح مثل تلك المواضيع، وهي لاحقا توافق وتبدأ بانتخاب نماذج نسائية لديها ما تحكيه من وقائع ومشكلات، ولو أنها جميعا تصب في السياسة. هنا ومع النموذج الأول ينتقل الفيلم من ذلك التمهيد إلى مرحلة سرد الحكايات التي تتولى النماذج النسائية الإدلاء بها على الهواء أمام حفنة من الجمهور في الاستوديو وجمهور من المشاهدين، بينهم زوج المقدمة الذي يرتفع ضغط دمه كلما بدا أن البرنامج سيعود إلى الحديث في موضوع شائك.

القصة الأولى تخص امرأة اختارت العيش في المصحة النفسية بعيدا عن المجتمع، كونها لم تجد الشخص الذي تحبه ولم تشأ الكذب على نفسها وتتزوج من أي كان. والثانية تخص السجينة التي، بعد خمسة عشر عاما في السجن، تعيش الآن مع سجانتها في منزل الثانية، والتي كانت قتلت رجلا غرر بها وبشقيقتيها في قصة فضفاضة وممطوطة. ثم يأتي دور الحكاية الثالثة فإذا بها عن طبيبة أسنان يزورها رجل الأعمال والنافذ الحكومي أدهم (محمود حميدة) ويقنعها بالزواج، ثم ينجلي الموقف فإذا به مخادع يمتهن ابتزاز النساء اللواتي يعرفهن.

ليس أن كل الرجال في هذا الفيلم «وِحشين» كما يقولون في مصر، لكن المسألة سينمائيا أسوأ من ذلك. في الحكاية الأولى ينام الفيلم، وفي الثانية يشخر، وفي الثالثة يصحو قليلا (شكرا لوجود محمود حميدة)، ثم يغفو مجددا بعد أن يعود الفيلم لإغلاق نافذته المفتوحة حول العلاقة بين مقدمة البرنامج وزوجها الصحافي، فهو خسر المنصب الذي تراءى له ويلوم زوجته على ذلك ويضربها، ويأتي تصفيق الجمهور الأجنبي موافقا، مفهومة ومُوافق عليها، لموقف الفيلم المؤيد للحقوق المهدورة للنماذج النسائية التي شاهدناها في الفيلم.

لا شيء للإبداع هنا، وكل شيء لسرد حالات تريد أن تنتقد لكنها تكتفي بسرد حكايات ناقدة، والفرق كبير. حين ينتقل الفيلم إلى حكاية ما فإنه يعود إلى الخط الأول الممتد بين الزوج وزوجته ولو في مشاهد صغيرة، نرى فيها الزوجة في الاستوديو ملتقطة من شاشة «المونيتور» بينما ضيفتها المتحدثة بكاميرا حية. ثم العكس أيضا يقع: المقدمة بكاميرا حية والضيفة على المونيتور. ربما مرتين أو ثلاثة من هذا التناوب مقبول، لكن بعد ذلك تريد أن تعرف لماذا. والجواب ليس في الفيلم.