ممثل السينما والحنين للغناء أمام الجماهير

الفخراني ونانسي في «ابن الأرندلي» على طريقة الريحاني وليلى «غزل البنات»

TT

يشارك يحيى الفخراني بالغناء في تترات مسلسل «ابن الأرندلي» مع نانسي عجرم.. وبالطبع يحيى لا يتميز بصوت يؤهله لمجرد التفكير بالغناء، ولكن من الواضح أن الغناء إحدى الرغبات الكامنة داخل نجوم التمثيل وعندما تأتي الفرصة لهم فإنهم يحرصون على ألا تضيع من بين أيديهم.. ويمسكون الميكروفون و«هاتك» يا «غنا»! هل تتذكرون فيلم «بداية ونهاية» إخراج صلاح أبو سيف.. عندما كان فريد شوقي يغني «والله زمان.. زمان والله» والجمهور القليل الذي حضر الفرح يصيح احتجاجا بينما فريد يغني ويغني ويغني!! لا يوجد ممثل سينمائي إلا وقد عاوده الحنين واستبد به الشوق ولم يعد قادرا على أن يكتفي بالغناء في الحمام أو الصالون أو أمام مجموعة محدودة من الأصدقاء.. الكل يريد أن يعلي صوته بالغناء في الأفلام والمسرحيات والمسلسلات والسيت كوم! نجيب الريحاني، زكي رستم، حسين رياض، عباس فارس، فاتن حمامة، ماجدة، هند رستم، عادل إمام، محمود عبد العزيز، أحمد حلمي، يسرا، ليلى علوي، آثار الحكيم، فيفي عبده، لوسي.. حتى أمينة رزق كذلك جربت حظها في الغناء وانتقل الممثلون من مدرسة يوسف وهبي «ياللهول» إلى مدرسة محمد عبد المطلب «يا ليل يا عين»! في الماضي أيام عبد الوهاب وفريد وعبد الحليم كان الممثلون يكتفون بالغناء في الأفلام أو المسرحيات ولكن في هذا الزمن امتدت المنافسة إلى أشرطة الكاسيت وأصدر النجوم ألبومات غنائية!! ولأن الفيلم السينمائي المصري هو امتداد مرئي للاسطوانة المسموعة فإنه لم يخل أي فيلم قديم من وجود مكثف للأغنية حتى لو لم يكن بطلة أو بطل الفيلم مطربا أو مطربة.. ومن أشهر مغنيات البدايات تحية كاريوكا التي غنت «يا خارجة من باب الحمام وكل خد عليه خوخة» وذلك في فيلم «لعبة الست» إخراج ولي الدين سامح، والذي كتب كلمات «يا خارجة من باب الحمام» هو بديع خيري والألحان لمحمود الشريف وقالت لي تحية إنها رفضت تماما فكرة الغناء لولا الإلحاح الشديد من الجميع المخرج وبطل الفيلم نجيب الريحاني وأصدقائها عبد الفتاح القصري وعزيز عثمان وماري منيب، الذين قرروا أن يتحولوا إلى كورس إلا أن كل ذلك لم يكن كافيا لكي توافق على الغناء، الذي حسم ترددها هو الموسيقار محمود الشريف لأن محمود وتحية صديقا رحلة الكفاح منذ العشرينيات في مسرح «بديعة مصابني» ولهذا عندما أمسك الشريف بالعود مصاحبا تحية كاريوكا في الغناء وافقت على اعتبار أن هذه مجرد بروفة ثم اكتشفت أنه قد تم التسجيل النهائي للأغنية!! وبعد نجاح أغنية «يا خارجة من باب الحمام» أراد الموسيقار محمد عبد الوهاب التلحين مرة أخرى لتحية كاريوكا وقدم لها أغنية «قالوا البياض أحلى ولا السمار أحلى».. ولكن المفاجأة هي أن تحية رفضت أن تغني لمحمد عبد الوهاب، وقالت عبد الوهاب ليس صديقا وأنا لا أغني إلا للأصدقاء.. وكانت هذه الأغنية من نصيب المطربة سعاد مكاوي وأصبحت من أشهر أغانيها!! من الواضح أن اشتراك نجيب الريحاني في الغناء ككورس مع تحية كاريوكا في «يا خارجة من باب الحمام» هو الذي منحه الثقة للموافقة لكي يغني لمحمد عبد الوهاب «عيني بترف وراسي بتلف» التي كتبها حسين السيد في فيلم «غزل البنات» وصار هذا الدويتو الغنائي مع ليلى مراد هو الأقرب للناس بما يحمله من خفة ظل!! والغريب أنك لو سألت أي فنان لماذا تغني وأنت صوتك ينبغي أن يصدر بشأنه قرار بحظر التجول خارج حدود المنزل، لقال لك على الفور اشمعنى نجيب الريحاني غنى ولم يعترض عليه أحد.. وإذا قلت له إن هناك ما يسمى بالتوظيف الدرامي والإحساس في الأداء لدى نجيب الريحاني فإنه سوف يقول لك «وأنا أيضا لدي إحساس بالأداء»! أشهر دويتو قدمه محمد عبد الوهاب في فيلم «رصاصة في القلب» لمحمد كريم جمعه مع الفنانة راقية إبراهيم، وراقية هي التي غنى لها عبد الوهاب أيضا من كلمات حسين السيد «علشان تبطلي تاكلي جلاس وتدوبي في قلوب الناس».. وهي التي سألها مستعطفا «والشخص ده موجود هنا» قالت «بالطبع لأ».. وصارت هذه الكلمة منذ ذلك الحين مثلا نردده في الأفلام والمسرحيات وفي وحوارنا اليومي.. ودائما الإجابة: «بالطبع لأ»! ولأنني متحمس لمهنة الصحافة فلا يمكن أنسى أغنية «أهرام أخبار جمهورية» التي غنتها كل من ماجدة الصباحي ونعيمة عاكف وسناء مظهر في فيلم «بياعة الجرائد».. الأغنية من تلحين عبد العظيم محمد ولكن ماجدة سبق لها أن غنت مع فريد الأطرش في فيلم «لحن الخلود» أغنية «جميل جمال» حيث كانت تردد مع فاتن حمامة وسراج منير «ولا الجمال والخفة والابتسام ع الشفة».. والأغنية من تلحين فريد الأطرش وتأليف مأمون الشناوي!! من الواضح أن فاتن حمامة تحب الغناء ولهذا لم تكتف بالرد على فريد الأطرش في «جميل جمال» وأيضا مع محمد فوزي في فيلم «دايما معاك» حيث كانت ترد عليه في أغنية «اللي يهواك اهواه» فكان صوتها يمتزج مع محمد فوزي قائلا «اهواه وانساه».. لم تتوقف فاتن عند حدود الكورس كما فعلت مع فريد وفوزي لكنها غنت دويتو مع شادية في فيلم «موعد مع الحياة» عندما استطاع زوجها المخرج الكبير الراحل عز الدين ذو الفقار إقناعها بالغناء!! كتب فتحي قورة «ألو ألو إحنا هنا ونجحنا أهوه في المدرسة» واستطاع الملحن منير مراد أن يقدم هذا الدويتو الناجح لشادية وفاتن، ولكن فاتن لم تكرره مرة أخرى حتى بعد أن اشتركت مع عبد الحليم حافظ في فيلمي «أيامنا الحلوة» و«موعد غرام» حيث غنى لها عبد الحليم حافظ من كلمات مأمون الشناوي وتلحين محمود الشريف «حلو وكداب.. ليه صدقتك».

أما هند رستم فلقد غنت مع فريد الأطرش في فيلم «الخروج من الجنة» وهي تقول «لقمة صغيورة تشبعنا عش العصفورة يقضينا» وكانت هند تسخر قائلة «معقولة عش العصفورة يستحملنا أنا وفريد»؟! أي حفل يدعى إليه كمال الشناوي أو في أي لقاء تلفزيوني أو إذاعي أو عبر الإنترنت يطلبون منه غناء «سوق على مهلك سوق» و«زي العسل».. وأغنية «سوق على مهلك» كتبها جليل البنداري ولحنها منير مراد وجاءت كتتويج للقاءات الفنية بين شادية وكمال الشناوي التي كان يكتفي فيها بالنظر إلى شادية أثناء غنائها مبتسما أو مندهشا أو بمجرد ترديد كلمة مثل «دور عليه تلقاه دور عليه دور» فيقول لها مع عبد المنعم إبراهيم «دور»!! ثم مع صباح في «زي العسل» تأليف مرسي جميل عزيز وتلحين محمد الموجي وهو يقول «مين اللي قال زي العسل الحب مش زي العسل.. الحب نار.. نار مش عسل».. وكمال الشناوي هو أول ممثل من جيله يتم اعتماده مطربا في الإذاعة في مطلع الخمسينات وكان هناك بالفعل اتجاه لكي يصبح كمال الشناوي مطربا ينافس عبد الحليم حافظ ولكن بعد مشاورات مع نفسه ومع الأصدقاء مثل الموسيقار كمال الطويل وجد أن عبد الحليم يحقق له ما كان يحلم به في الغناء ولهذا لم يواصل مشروعه في الغناء بينما تزوج شقيقه عبد القادر الشناوي من علية شقيقة عبد الحليم ثم تزوج ابنه محمد من ابنة علية.. وهكذا تحول التنافس الذي كان مرتقبا إلى علاقة نسب!! باستثناء كمال الشناوي فإن أبناء جيله مثل أحمد مظهر، رشدي أباظة، شكري سرحان لم تكن لديهم الشجاعة لكي يغنوا.. باستثناء كما أسلفنا من قبل فريد شوقي الذي ردد «والله زمان زمان والله» في فيلم «بداية ونهاية» لصلاح أبو سيف والذي أدى فيه دور مطرب يجبر الجمهور على الاستماع إليه وإلا!! وتجرأ فريد شوقي أكثر من مرة بعد ذلك وغنى في عدد من المسرحيات والأفلام حيث استطاع الموسيقار محمد الموجي إقناعه بالغناء.. وغناء فريد شوقي في هذه الأعمال كان أقرب إلى فكرة أن الجمهور يحب أن يرى نجمه المفضل في حالة إنسانية.. ولهذا فهو كما يراه داخل منزله يتناول إفطاره أو يرد على تليفون فإنه أيضا يسعد بأن يشاهده وهو يغني.. وفريد شوقي كان يحقق له هذه المتعة بغنائه!! ومن الذين مارسوا الغناء بأسلوب خاص حسين رياض حيث غنى في الإذاعة المصرية أغنية «جدو يا جدو يا أحسن جد» تلحين محمد ضياء الدين ولا تزال الإذاعة تحتفظ بهذه الأغنية التي تعد امتدادا طبيعيا للملحن محمد ضياء الدين الذي اشتهر بتلحين أغنيات الأطفال مثل «البالونة» التي غناها مع نسرين وهي طفلة ثم تزوجها بعد أن وصلت إلى سن المراهقة!! وأيضا نذكر أن زكي رستم استطاع المخرج حسين حلمي المهندس والموسيقار محمد الموجي إقناعه بالغناء في فيلم «أنا وبناتي» ككورس لفايزة أحمد مع ناهد شريف في أغنية «بيت العز يا بيتنا» التي كتبها مرسي جميل عزيز وهو يردد «الله الله ع العز الله»!! ويستحق عبد المنعم مدبولي أن نتوقف كثيرا عند تجربته في الغناء في فيلم «مولد يا دنيا» الذي قدمه في السبعينات عندما لحن له كمال الطويل «طيب يا صبر طيب».. كلمات مرسي جميل عزيز وجاء النجاح غير المسبوق للأغنية مؤكدا أن هناك مخرجا وهو حسين كمال يعلم تماما كيف يقدم للجمهور أغنية سينمائية في التوقيت الصحيح دراميا ونفسيا.. إنها أغنية مليئة بالشجن النبيل نافس بها عبد المنعم مدبولي في نجاحه كل الأغنيات الأخرى التي غنتها عفاف راضي في نفس الفيلم الذي يعد الأول والأخير لها في عالم السينما.. أما كمال الطويل فإنه يعد الأستاذ الأول في الأغنية التعبيرية عندما جاء في لحن «طيب يا صبر طيب» بكل هذا الثراء في التعبير!! سعاد حسني تعد حالة خاصة جدا، فقد انضمت إلى الوسط الفني من أجل أن تغني لا أن تمثل كان هدفها في البداية أن تصبح مطربة مثل شقيقتها نجاة التي سبقتها للفن ببضع سنوات.. وسر سعاد الحقيقي في أنها ظلت دائما محتفظة بكونها نغمة مرئية.. كان محمد الموجي هو أول من قدم لها لحنا في فيلم «صغيرة ع الحب» الذي تقول فيه «ع الحب لسه صغيرة صغيرة ويا عم حزمبل».. منير مراد لحن أيضا لسعاد حسني استعراضا مع ثلاثي أضواء المسرح ولكن سعاد مع كمال الطويل تعد حالة خاصة بينهما امتزاج غير مسبوق.. ولعبت الصدفة دورها معها حيث التقت سعاد مع كمال في إشارة مرور وقالت له متى تلحن لي قال لها كمال الطويل «يا ريت».. ولم تكن هذه الكلمة أكثر من مجرد مجاملة إلا أنه فوجئ بتليفون من صديق عمره صلاح جاهين يدعوه فيه لكي يذهب إليه في منزله ليلتقي مع سعاد ويسمعه جاهين كلمات أغنية «يا واد يا تقيل» ليلحنها على البيانو وتغنيها سعاد حسني في نفس الليلة ومنذ ذلك الحين امتدت اللقاءات الفنية بينهما حيث إن هناك لمسة خاصة بين صوت سعاد وموسيقى كمال الطويل.. هذه اللمسة السحرية لا يعرف سرها سوى كمال الطويل لأنه كان يستلهم في ألحانه صوت سعاد فهي المنبع لهذه الألحان وهي أيضا المصب!! كل نجوم جيل سعاد غنوا: محمود يسن، عزت العلايلي، نور الشريف، حسين فهمي، عادل إمام.. وإن كان أشهر نجمين في ساحة الغناء هما محمود عبد العزيز وأحمد زكي.. صدر لمحمود عبد العزيز أكثر من شريط كاسيت مثل «الكيمي كيمي كا» خاصة بعد أن غنى في فيلم «الكيف» حيث كان يؤدي دور مطرب شعبي من فصيلة شعبان عبد الرحيم قبل أن يظهر على الساحة، وفي المقابل لم ينافس محمود عبد العزيز في الغناء سوى أحمد زكي!! ويستمر الحال مع الجيل التالي ويظل حلم الغناء مسيطرا على الجميع وكانت يسرا إحدى الحالمات بالغناء ولهذا عندما قدمها عمر بطيشة قبل 35 عاما في برنامج «على الناصية» ووصفها قائلا «يا ريت كانت معي كاميرا وليس ميكروفون».. هذا الحوار عندما استمع إليه الشاعر الغنائي مأمون الشناوي سأل عمر هل هي حقا فتاة جميلة؟ وكانت الإجابة العملية هي أن يسرا اتصلت بمأمون الشناوي الذي كان يبحث عن بطلة لفيلم كتب له القصة والحوار باسم «قصر في الهوا» وقدمها لعبد الحليم نصر مدير التصوير المعروف الذي كان يعد أو أفلامه الروائية وأسند لها البطولة.. وكان مأمون متحمسا ليسرا أيضا كمغنية ولكن عبد الحليم نصر استعان بمطربة مغمورة لتغني بصوتها.. ولم تنس يسرا حلم الغناء وكانت أكبر فرصة لها للغناء في فيلم طعم الدنيا للمخرج خيري بشارة عندما صورت أغنية «الحرارة» من تلحين حسين الإمام ولكن الفيلم لم يتم تنفيذه ولكنها غنت بعد ذلك في «حرب الفراولة» لخيري بشارة و«دانتيلا» وأصبحت يسرا حريصة على أن تغني وتصدر أيضا شريط كاسيت وغنت في بعض الحفلات وآخرها على مسرح مدينة وهران السينمائي أثناء افتتاح مهرجان وهران في شهر يوليو (تموز) الماضي حيث غنت بالعربية والإنجليزية والفرنسية والبربرية!! نجم الكوميديا محمد هنيدي حقق قفزة في الإيرادات بفيلم إسماعيلية رايح جاي غنى «كامننا» حيث اشترك في غنائها مع محمد فؤاد لتقدم على شريط كاسيت.. «كامننا» لحنها رياض الهمشري وكتبها عنتر هلال حققت رواجا ساهم في نجاح الفيلم الذي تعدت إيراداته الـ 14 مليون جنيه ومن بعدها تم تدشين هنيدي بطلا جماهيريا.. وكل نجوم الكوميديا غنوا؛ أحمد آدم، أشرف عبد الباقي. لأن الناس تريد أن تسمع الفنان وهو يغني لا يهم صوته إن كان جميلا أم قبيحا معبرا أو غير معبر وإذا أردتم أن تتأكدوا استمعوا إلى صوت «يحيى الفخراني» وهو يغني مع «نانسي عجرم» في «ابن الأرندلي»!!