بطل من الخيش له قلب ذهبي في عالم غامض وقاس

في فيلم «ناين»

مشهد من فيلم «ناين»
TT

الشخصية الرئيسية في فيلم «ناين» (تسعة) هي شخصية «ناين» وهو في حجم وشكل التماثيل الصغيرة التي توضع على سطح الطاولة والتي يستخدمها طلاب الفنون. لناين جسد من الخيش، وسحاب في منتصف صدره، تومض عيناه الكبيرتان، مثل عدسة الكاميرا، اللتان ترصدان وتسجلان عالما من الرعب والألغاز.

في نسخة تصل مدتها إلى عشر دقائق من فيلم الرسوم المتحركة الذي يحمل اسم «ناين» ـ الذي أعتقد أنه يمكن أن يطلق عليه إنسان آلي بالرغم من أنه أكثر ليونة واستدارة من شكل الروبوت التقليدي ـ يتنقل ناين ورفيقه بدون حوار.

ولكن في الفيلم الطويل، أصبح صمت الشخصية الرئيسية عائقا مؤقتا، يجد بعدها ناين نفسه محاطا بثماني شخصيات أخرى من الشخصيات الآلية المرقمة التي تظهر بدون ترتيب وكأنها صف في لعبة السودوكو. (سوف يلاحظ الذين يؤمنون بعلم الأعداد أن تاريخ افتتاح الفيلم هو 9/9/2009). وتتحدث بعض هذه الشخصيات (الأرقام) بالصوت المعالج لعدد من الممثلين المشاهير من أمثال جون ريلي وجنيفر كونلي وكريسبين غلوفر.

وعندما يمنح «تو» (مارتين لاندو) البطل «ناين» صوتا، فإنه يبدأ في طرح الأسئلة من خلال صوت الممثل إليغاه وود. وتعد إحدى مميزات «ناين» في الفيلم الطويل (كلا الفيلمين من إخراج شين أكر الذي شارك في كتابة الفيلم الطويل مع باميلا بتلر) هي أنه لا يقفز إلى الإجابات؛ حيث تستمر أحداث الفيلم في مكان غريب ومريب يعج بالإشارات إلى تاريخ الفن، والرسوم المتحركة، والأدب الخيالي، وشمولية القرن العشرين. وبالتالي فهناك الكثير من الأحداث التي يتم استعراضها في مدة الفيلم التي تصل إلى 88 دقيقة بالإضافة إلى نشاطات الوحوش، والتتابع السريع للمعارك وسلسلة المشاجرات بين «ناين» و«وان (كريستوفر بلامير) حول أفضل طريقة يواجهان بها المخاطر التي تعترضهما (يريد «وان» أن يبقى آمنا، مختبئا وغير مرئي، بينما يرغب «ناين» في أن يقاتل ويستكشف ويتعلم. ويمكنك أن تخمن من الذي انتصر في النهاية). ولكن بالرغم من أن الفيلم يعج بالأحداث في بعض الأحيان وينتهي بمعركة غير مقنعة لها نهاية حزينة ومحملة بالهراء، يعكس «ناين» خيالا استثنائيا، وتكاملا بصريا.

ومن جهة أخرى، جمع المخرج أكر بين فكرتين مستهلكتين من أفكار الخيال العلمي ـ أحد الكواكب الذي تعرض لكارثة طبيعية وآلة تتسم بالذكاء والحساسية ـ كما صنع نموذجا من الأخطار التكنولوجية المثيرة والملغزة. وبالرغم من أنه يستخدم أحدث تقنيات الكومبيوتر، تحمل شخصياته لمسة فنية يدوية تعطيك إحساسا بأن أدواته لم تكون فأرة الكمبيوتر ولوحة المفاتيح بل كانت إبرة وخيطا.

وتحمل الأجهزة الشريرة التي لا نرى فيها إلا كائنات شيطانية لها عيون براقة وشهية شرهة، غضبا شديدا تجاه الإنسان الآلي ذي الجسد اللين، ويعد سر حماستهم لعمليات القتل هو إحدى الأحجيات التي يجب على «ناين» فك شفرتها خلال صراعه من أجل البقاء.

ويبدو التشابه بين الفيلم وفيلم «وول إي» ـ قصة أخرى من قصص الآلات الحساسة في بيئة فاسدة ومهجورة ـ واضحا للغاية وذلك بالرغم من أن «ناين» لم يصل إلى شاعرية شخصية وال إي. وتستطيع رصد تأثير المخرج أكر بدءا من استعانته بمصممي الرسوم المتحركة التجريبيين مثل جان سفانكماغر و«برازرس كويس» وصولا إلى تيم بارتون منتج فيلم «ناين» لأجواء الفيلم الضبابية والغائمة والتي تحمل إيحاء أوروبيا، كما توحي الآلات بالكوابيس المستقبلية التي وجدت منذ الأبد.

يعدو «ناين» ورفيقه بين المباني المهدمة مثل المغيرين في أرض محتلة يراوغان طائرا جارحا وعدوا آخر يبدو كالعنكبوت، وفي نفس الوقت يتشاجران معا ويحاولان جمع تاريخهما. وتدور بخلد «ناين» ورفيقه أسئلة وجودية مثل، ـ من صنعهما ولماذا؟ ـ وأسئلة عملية من قبيل: مما صنعا وكيف يعملان؟ ويحاولان إجابة تلك التساؤلات في لحظات هدوئهما وخلال اندفاعاتهما الصاخبة.

وتأتي أحداث الفيلم في تتابع متلاحق ومكثف؛ حيث يثير الأشرار الجوعى الرعب في قلب المشاهدين، كما أن الجو العام للفيلم مظلم ومثير خاصة بالنسبة للأطفال الصغار. ويحاول الفيلم الذي يمتاز باستخدام التكنولوجيا المتطورة والشخصيات الخيالية ذات السحر الخاص تخطي حدود العائلات المتحفظة.

فيلم «ناين» يصنف (بي جي 13)، أي أنه فيلم يجب على الأطفال عدم مشاهدته نظرا لاحتوائه على بعض المشاهد المخيفة التي يظهر فيها الكثير من المخاطر والتدمير.

*خدمة «نيويورك تايمز»