خالد أبو النجا: أنا مع حرية الصحافة.. لكن الطعن في الشرف جريمة لا تغتفر

سفير النوايا الحسنة لـ «الشرق الأوسط» : فقدت الثقة بالمنتج محمد السبكي.. ولن أتعامل معه نهائيا

خالد ابو النجا («الشرق الأوسط»)
TT

وصف الفنان خالد أبو النجا شائعة تورطه في قضية أخلاقية بـ«السخيفة»، مؤكدا أنه مع حرية الصحافة، لكن هذه الحرية حينما تتحول إلى طعن في الشرف والكرامة، تصبح معولا للهدم، وإشاعة للفوضى.

وتحدث أبو النجا، في حواره مع «الشرق الأوسط» من القاهرة، عن رد فعله فور سماعه الشائعة، ومدى تأثيرها على أعماله التي تعرض في السينما والتلفزيون.

وبعيدا عن هذه الشائعة تطرق الحوار إلى تألقه الفني وصعوده بقوة ـ برغم صغر سنه ـ من مذيع تلفزيوني ناجح، إلى سفير للنوايا الحسنة بالأمم المتحدة، كما تطرق الحوار إلى تنوع تجربته الفنية، في أفلام: «مافيش غير كده» أمام نبيلة عبيد، و«في شقة مصر الجديدة» مع غادة عادل، ثم تألقه اللافت في فيلم المخرج داود عبد السيد «مواطن ومخبر وحرامي». وكذلك عمله الدرامي التلفزيوني «البنات» مع منة شلبي وداليا البحيري، ورفضه تكرار التجربة بعد ذلك، إلى أن عرض عليه مسلسل «مجنون ليلى»، فوافق على تصويره، وتم عرضه في شهر رمضان الماضي، فإلى نص الحوار:

* إلى أي مدى تأثر نجاح مسلسلك «مجنون ليلى» بشائعة تورطك في قضيه أخلاقية؟

- هذه الشائعة كانت منذ أسابيع قليلة وبالرغم من ذلك فإن صدى نجاح المسلسل حتى الآن مدو، بدليل دعوتي للعديد من الندوات، فلم يتأثر العمل بهذه الشائعة السخيفة التي ليس لها أي علاقة بالواقع، لكن لا أنكر أني تأثرت نفسيا بها.. إنها جريمة لا تغتفر.

* كيف واجهت هذه الأزمة؟

- أنا مؤمن بحرية الصحافة، وعدم وضع الحواجز أمامها في انتقاد أعمالنا وتقويمها فنيا، فهذا لا يغضبني، طالما يحكمه منطق نقدي. ومنذ دخولي الوسط الفني وأنا معتاد على الشائعات، لكن الاختلاف في هذه الشائعة، أنها تمس الشرف والكرامة، ولن أسمح بذلك أبدا. فأنا عندما علمت بالخبر من نور الشريف المتواجد معي في نفس القضية أسرعت بالتوجه للنائب العام وقمت برفع دعوى قضائية وتضامن معي دكتور أشرف زكي نقيب الممثلين، وعقدت المحكمة جلسة بالفعل يوم 14 من الشهر الجاري، لنظر القضية، لكن تم تأجيلها ونحن في انتظار كلمه القضاء.

* بعيدا عن أجواء هذا الشائعة.. لماذا كنت ترفض العودة إلى مجال الدراما التلفزيونية؟ - منذ 6 أعوام، وبعد مسلسل «البنات»، وأنا أرفض تكرار التجربة. ففي هذا المسلسل، تعلمت أن العمل التلفزيوني يحتاج إلى وقت كبير جدا للتحضير لكي يظهر في صورة لا تقل عن السينما. فنحن نصور ما لا يقل عن 15 مشهدا في اليوم في حالة الفيديو، أما في السينما، فنصور أربع مشاهد على الأكثر، مما يتيح الوقت لمراجعة المشهد عدة مرات، وصولا إلى أجود ما يمكن. ولكن في الفيديو هذا غير ممكن، والدليل ظهور العديد من النجوم في مستوى أقل في الدراما التلفزيونية عن مستواهم السينمائي. ولهذا ابتعدت عن الفيديو.

* ما الذي استهواك في شخصية عمر في مسلسل «مجنون ليلى»؟

- شخصية عمر، الذي يواجه أزمة نفسية بسبب وفاة ابنه، فيتعرض جزء من عقله للتوقف عند نقطة في الماضي، ويدخل حالة من الاكتئاب، في الوقت نفسه الذي يجهل فيه كل من حوله حقيقة ما يكابده. وفكرة المسلسل، تتعرض للمرض النفسي وكيفية علاجه وكيفية التعامل معه ومحاولة تغيير وجهة نظر المجتمع الذي ينظر للمريض النفسي على أنه «مجنون» فهذه الشخصية تستهوي أي فنان.

* كيف قمت بالتجهيز لأداء مثل هذا الدور؟ - قمت بعمل جلسات عمل مع الكاتب الدكتور محمد رفعت، وقرأت العديد من الكتب التي تتحدث عن المرض النفسي بجميع جوانبه، ومدى تأثيره على المريض وعلى من حوله، وعمل بحث على المواقع الإلكترونية ومشاهدتي للعديد من الأفلام الأجنبية التي تعرضت لهذا المرض. ومن خلال كل ذلك لاحظت أن أغلب الناس المصابين بمرض الاكتئاب من الفنانين، وعلى رأسهم الشاعر الرائع صلاح جاهين الذي تعرض في آخر أيامه لهذا المرض.

* من وجهة نظرك لماذا الفنانون هم الأكثر عرضة للإصابة بهذا المرض؟

- مرض الاكتئاب، الثنائي القطبي، هو حالة من الفرح الشديد يليها حالة من الحزن الشديد. وهذه الحالة يمر بها أغلب الفنانين (اختياريا) فيسهل جدا إصابتهم بالاكتئاب. فهم كثيرا ما يتقمصون أدوارا تتنافى وطبيعتهم، وبعد انتهاء الدور وفي محاولة للعودة لطبيعتهم، تحدث المشاكل النفسية الكثيرة ومن بينها الاكتئاب. وقد اكتشفت أن الكثير من الناس الذين أتعامل معهم مصابون بالاكتئاب من دون أن يعلموا. وبالمصادفة، فكرة العمل كانت فكرتي أنا، وخلال تصوير فيلم «كشف حساب» تحدثت مع الدكتور محمد رفعت عن شخص مصاب بهذا المرض، فتولدت فكرة قيامنا بعمل درامي يناقش هذا المرض.

* إذن هل هناك شخصيات واقعية في هذا العمل؟ - موضوع العمل في الأساس موضوع علمي. ويجب أن يحتوي على العديد من الحقائق، لأنه لابد من التحدث عنه بشكل واقعي وملموس. وشخصية عمر التي أجسدها هي شخصية حقيقية، نستطيع أن نراها في العديد ممن حولنا. ولكننا لا نناقش شخصية بعينها، وإنما نناقش المرض نفسه ولا أنكر أن هناك مشاهد داخل العمل تحاكي الواقع.

*هل مررت شخصيا بهذا المرض؟ - تعرضت لهذا المرض منذ سنوات، عندما كنت حارسا لمرمى منتخب مصر لكرة الماء، وكان من المقرر أن أسافر معهم إلى ألمانيا. ولكن، ومن دون أي أسباب واضحة، تم استبعادي من السفر قبل موعده بيومين، فدخلت في حالة اكتئاب شديدة، وظهرت على وجهي بعض العلامات والاحمرار، وذهبت لطبيب نفسي لعلاجي. ولم أستطع إلا أن أسافر على نفقتي الخاصة، ولحقت بالفريق هناك ولم ألعب معهم ولكني لعبت مع الفريق الألماني.

* عرض مسلسل «خاص جدا» وناقش فكرة المرض النفسي وهي نفس فكرة مجنون ليلى، فما تعليقك؟ - علمت بذلك من صديقي تامر حبيب كاتب العمل. والطريف أن تامر كلمني من أجل دور في هذا المسلسل، ولكنه فوجئ بأني أخبره أني قد وقعت عقد عمل مسلسل «مجنون ليلى». وبعد عرض المسلسل، أجد أنهما مختلفان تماما عن بعضهما ولا يتفقان إلا في كونهما يناقشان الأمراض النفسية.

* لكن المسلسلين يناقشان مرض الاكتئاب؟ - إطلاقا، فمسلسل «خاص جدا» للنجمة يسرا يتحدث عن مشاكل تعرض الأشخاص إلى حالة الاكتئاب ضمن حالات أخرى كثيرة بداخل المسلسل. فهي تقوم بدور طبيبة نفسية ولذلك تتعرض للكثير مشاكل المرضى بصفتها. أما «مجنون ليلى» فيتطرق إلى حالة عمر رجل الأعمال والمسؤول عن مجموعة مصانع ناجحة جدا مع أخيه، ولكنه يواجه صدمة حياتية تصيبه بالاكتئاب. وهذا هو محور المسلسل فهو يناقش قضية نفسية واحدة، ويحاول أن يتطرق إلى الحلول، وكيفية استخدامها بشكل صحيح وإلا تضاعف المرض لو استخدمت بطريقة خاطئة.

* ما أصعب المشاهد خلال التصوير؟ - مبدئيا، مرحلة التحضير كانت صعبة جدا فقراءة السيناريو أدخلتني في حالة من الاكتئاب. في البداية، كنت أرفض العمل في الدراما التلفزيونية. لكن عندما عرض علي الدكتور محمد رفعت السيناريو، ومن الورقة الأولى لم أتوقف عن القراءة حتى انتهيت منه تماما، وعلى الفور قررت القيام بهذا الدور. وخلال قراءتي للسيناريو، تعرضت لمشهد أخذ مني وقتا كبيرا في التفكير في كيفية تنفيذه، وبكيت كثيرا، فالمشهد يحمل الكثير من المشاعر، وهو المشهد الذي يكتشف فيه المحيطون بعمر أنه مصاب بمرض نفسي. وأثناء التصوير، خشيت ليلى علوي عليّ كثيرا من تقمصي الشديد في الأداء، فأنا أعتبره المشهد الأصعب في حياتي. وقد أعيد هذا المشهد سبع مرات.

* فكرة «مجنون ليلى» هي وحدها التي دفعتك إلى قبول العمل؟ - الفكرة لم تكن هي الدافع الوحيد. ولكن هناك عوامل أخرى كثيرة مثل أن العمل مكون من 15 حلقة فقط. بالإضافة أن أغلب فريق العمل «سينمائي» الأصول، بداية من المخرج محمد علي، حتى الكاتب محمد رفعت، والنجمة ليلى علوي ـ التي عملت معها من قبل في السينما ـ وهنا شيحة، وجيهان فاضل. وأنا أعتبر أننا جميعا فريق واحد، وكان هذا مطمئنا جدا.

* إذن سوف تخشى تكرار تجربة الدراما التلفزيونية بعد ذلك؟ - لا.. لكن من الممكن أن أفكر في تكرار التجربة، لكن في حالة واحدة أن يتحسن حال الفيديو. وأعتقد أنه في تحسن واضح أتمنى أن يستمر، في مجالات كالإضاءة والديكورات وغيرهما. وأنا تعلمت شيئا مهما جدا من النجم يحيى الفخراني، الذي أرى أن أداءه لا يقل عن أدائه في السينما، وعرفت أنه ينهي قراءة السيناريو ويعرف كل شيء عن المسلسل قبل إبرام العقد. وسأحاول المرة القادمة أن أنفذ هذا اقتداء به.

* صرحت من قبل بأن عودتك للدراما ستكون بعمل كوميدي ولكن «مجنون ليلى» عمل تراجيدي؟ - أنا بالفعل أحب الكوميديا جدا. ومن خلال برنامج «الليلة الكبيرة» قدمت العديد من الإفيهات التي أمتعتني شخصيا. وقد صرحت بالفعل بأني سأعود للدراما بعمل كوميدي، وعرض علي بالفعل أكثر من سبعة (ست كوم)، ولكنها جميعا موضوعات مكررة ولا تحقق نجاحا داخل وطننا العربي. ولكن لن أرفض أي عمل كوميدي يعرض علي، أرى فيه إضافة جديدة.

* هل كنت قلقا من المنافسة خلال شهر رمضان الماضي؟

- أنا لا أنظر إلى الموضوع على أنه منافسة، فأنا لا أشاهد المسلسلات خلال الشهر الكريم. وأنا أركز في عملي ولا أنظر إلى غيري من الفنانين ولا إلى أعمالهم. ولكني رأيت أحد المشاهد من مسلسل «حرب الجواسيس» لمنة شلبي وشريف سلامة وأعجبت به، فشريف أدى المشهد بشكل جيد جدا.

* عرض عليك مسلسل «حرب الجواسيس» فلماذا رفضت؟ - بالفعل عرض علي العمل أنا وغادة عادل. وأنا رفضت، لرفضي السابق العمل في الفيديو، ولم أرفض من أجل الموضوع أو غيره. ومن الواضح أن العمل ناجح جدا بأبطاله، وهم مجتهدون جدا.

* ماذا عن خلافاتك مع مي عز الدين؟

- لا يوجد خلاف مع مي وعلاقتنا جيدة جدا. ولكن الخلاف كان مع المنتج محمد السبكي أثناء تصوير فيلم «حبيبي نائما» الذي شاركتني فيه مي. بداية من إقحامي بأغنية في الفيلم بعيدة عن السياق تماما، مع كتابة اسمي على التتر بشكل لم يعجبني، وهذا غير ما اتفقنا عليه. وبعد ذلك قررت عدم التعامل مع المنتج محمد السبكي نهائيا لأني فقدت الثقة فيه.

* ماذا عن سفرك إلى مهرجان فينسيا؟ - شارك فيلم «واحد/صفر» في مهرجان فينسيا. واختياره للمشاركة شيء أسعدني جدا لأنه نوعية جديدة على السينما المصرية. بالإضافة إلى أنه يحمل فكرة جديدة ويناقش العديد من المشاكل الشائكة، ويظهر العديد من الطبقات وهذا يرجع إلى عبقرية الكاتبة مريم ناعوم.

* ماذا عن ترشيحك كسفير للأمم المتحدة؟ - تم اختياري لمنصب سفير النوايا الحسنة لدى منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف». وأنا لم أسع لهذا المنصب، وأظن أنهم اختاروا شابا من أجل هذا المنصب كي يعبر عن مشاكل فئة كبيرة في العالم. وقد شاركت في العديد من الحملات الخاصة بأمراض الإيدز، السرطان، ختان الإناث، والعديد من القضايا التي تهم المجتمع. وأرى أن الفنان لابد أن يكون له دور في القضايا التي تمس الإنسان بوجه عام، وهذا هو العام الثاني على التوالي لمنصب سفير النوايا الحسنة في اليونيسيف، وهذا ما جعلني أتوسع أكثر في أنشطته الإنسانية والاجتماعية.

* ماذا عن أعمالك السينمائية القادمة؟ - أقوم بالتحضير لفيلم «بالعكس صحيح»، وهو من تأليف محمد حفظي ويدور في إطار درامي اجتماعي كوميدي. والفكرة حول تبديل الأماكن والأدوار بين البشر. ونقوم بالتجهيز له الآن وسيتم التصوير بعد العيد. ونحاول الآن الاستقرار على باقي فريق العمل.

* لماذا لم تقبل على الزواج حتى الآن؟ - أجاب ضاحكا: والله الزواج أصبح غير مستقر، وحالات الطلاق كثيرة جدا، ويجب التفكير جيدا حتى لا ينتهي بالفشل. ولكنها سنة الحياة وسوف أتزوج عندما يحين الوقت.