دريد لحام: أخاف على الدراما السورية من أعمال البيئة الشامية

الفنان السوري قال لـ «الشرق الأوسط» إن غوار سيعود قريبا بشكل عصري.. وإنه يحضّر لفيلم جديد عن العنف العائلي

الفنان السوري دريد لحام («الشرق الأوسط»)
TT

«غوار الطوشة» عائد قريبا إلى شاشة التلفزيون ولكن بما يتلاءم مع تطورات العصر الحديث وليس كما ظهر قبل أربعين عاما، هذا ما أخبر به الفنان السوري دريد لحام «الشرق الأوسط» خلال الحوار معه في مكتبه بوسط دمشق، والذي حرص أن يقدم وضمن ديكورات مكتبه الخاص تراث «غوار الطوشة» ولباسه التقليدي بطريقة لافتة للانتباه، فهناك طربوشه الشهير تحول إلى ترابيزة دائرية كبيرة وسط المكتب، ونظاراته الشهيرة تحولت إلى طاولة عرض خشبية، وقبقابه الشهير كان حاضرا بنموذج جميل على الطاولة، وجميعها من تصميم ابن الفنان دريد لحام نفسه، والذي طلب من الحرفيين الدمشقيين تنفيذ تصميمه ليكرس من خلاله للشخصية التي جسدها والده في معظم أعماله الكوميدية، خاصة تلك المصورة بالأبيض والأسود. فإلى نص الحوار..

* ماذا عن عودتك بشخصية غوار الطوشة في مسلسل تلفزيوني جديد قادم؟

ـ شخصية غوار ستعود ولكنها ستأتي حسب العمر وليس غوار كما عرفها المشاهد العربي، غوار الشاب الذي يلبس الشروال وينتعل القبقاب، فالعمر والزمن يسبب تحولات خارجية تنعكس على الإنسان من الداخل أو على المظهر الخارجي على الأقل، ولذلك غوار عائد. ويكتب نص العمل حاليا الكاتب السوري مازن طه. والعمل الجديد يتحدث عن ثلاثة أصدقاء متقاعدين حيث تحصل معهم مشكلات بسبب كثرة غلبتهم؟!.. ولكن لن يتضمن العمل الجديد المقالب التي كان يحيكها غوار في الحارة، فما كان يصلح قبل 40 عاما لا يصلح حاليا ولم يعد مقبولا، مثل مشهد في مسلسل «صح النوم» عندما كان غوار يعطي حبوب نسيان لأهل الحارة، وهي حالة رمزية حاليا، ولم تعد مثل هذه المقالب مقبولة مع وجود عصر الكومبيوتر والإنترنت والديجيتال وغيرها. أما متى سنطلق أعمال تصويره فأعتقد خلال الشهرين القادمين بعد أن يكون قد أنجز السيناريو. أما فيما يتعلق بتسمية العمل فالشركة المنتجة «سورية الدولية» اقترحت تسميته «حارة كل من إيدو إلو» وتفضل هذه التسمية بينما أنا لا أفضلها لأن الناس ستعود مباشر وتسقطها على المسلسل القديم الذي يحمل الاسم نفسه، وستحصل مقارنة ظالمة لأن الظروف والشخصيات اختلفت مع تغير العصر.

* وهل ستكون هناك ثنائية في العمل الجديد مثل غوار الطوشة وحسني البورظان.. وهل ستتدخل في اختيار ممثلي المسلسل؟

ـ قد تكون هناك ثلاثية وليس ثنائية!.. وبالتأكيد سيكون لي رأي في اختيار الممثلين، وكذلك سيكون للشركة المنتجة رأي والمخرج (الذي لا أعرف من هو حتى الآن) سيكون له رأي في ذلك.

* يلاحظ في الموسم الرمضاني الأخير غياب مطلق للأعمال الكوميدية السورية الجديدة.. لماذا لم تلتقطوا هذه الفرصة وكنتم قد صورتم مسلسل غوار الجديد وكان قد عرض في شهر رمضان المبارك؟

ـ أنا ومنذ انطلاقتي الفنية لم أعط للزمن فرصة لأن يعمل سيفا مسلطا على رقبتي، فلا أعرف متى سأصور، فعندما سيكون النص جاهزا بكل جوانبه سأنطلق بالعمل، فأنا أحترم (الورق) كثيرا، بعدها سأقول إن هذا النص يحتاج شهرين أو ثلاثة لتنجز عمليات تصويره. أما غياب الأعمال الكوميدية هذا العام مثل «مرايا» للفنان ياسر العظمة فلا أعرف السبب، ولكن كل الأعمال تعتمد على التمويل، وقد يكون هذا هو السبب في عدم تصوير أعمال كوميدية، ولا أود هنا أن أفكر عن الآخرين وأضع تصورات للأسباب.

* هل هناك تواصل بينك وبين الفنان ياسر العظمة؟

ـ بالتأكيد، فنحن صديقان، وهو فنان كبير، وبرأيي أنه نبع لا ينضب، ولديه أفكاره الجديدة لسلسة «مرايا»، ولكن قد تكون هناك عثرات أخرى لغياب «مرايا» في السنوات الثلاث الأخيرة.

* وماذا عن الجديد الآخر لديك خاصة سينمائيا بعد مشاركتك في فيلم «سيلينا»؟

ـ حاليا أنا عاكف على كتابة سيناريو لفيلم سينمائي يتناول قضية العنف العائلي، ولكن لا أعرف متى سأنتهي من كتابته وأطلق أعمال تصويره، لأنني وبطبعي الدائم بطيء ومتأن في أي عمل سأقوم به.

* هل ما أراه أمامك على الطاولة هو جزء من سيناريو الفيلم؟

ـ لا، هذا نص لعمل مسرحي لبناني يتحدث عن الأيام الخمسة الأخيرة في حياة الشهيد يوسف العظمة، أرسلوه لي لأقدم رأيي فيه، فهم يعتبرونني خبيرا.

* يقول البعض إن ما يقدم حاليا من ثنائيات في الكوميديا السورية (مثل شخصيتي جودي وأسعد للفنانين باسم ياخور ونضال سيجري في المسلسل الكوميدي «ضيعة ضايعة») يعتمد على ثنائيتك الشهيرة غوار الطوشة وحسني البورظان التي جسدها الراحل نهاد قلعي. ما رأيك في هذا القول؟

ـ أنا شخصيا استمتعت بمسلسل «ضيعة ضايعة» وأعتبره من أجمل الأعمال الكوميدية التي قدمت في السنوات الأخيرة، وقد تابعته بنهم وشوق، وهو يتميز بالصدق في كل مفرداته وأشعر وأنا أشاهده بأن الشخصيات نابعة من جدران البيوت نفسها ومن الطبيعة نفسها، حتى القصص المكتوبة تشعر فيها بالانسجام العجيب في طبيعة القصة وتفاصيلها والشخصيات والأداء والجو العام. أما فيما يتعلق بثنائيتي نضال سيجري وباسم ياخور فلا أشعر بأن هناك تشابها مع ثنائيتي دريد ونهاد، حيث إن الأخيرين كانا دائما على طرفي صراع ليصل أحدهما قبل الآخر، أما في حالة باسم ونضال فهما قد يتفقان في بعض الحالات، وفي رأيي أنهما شخصان جاران صارا ثنائية.

* يلاحظ حاليا أن الفضائيات تعيد أعمالك القديمة الكوميدية وهي بالأبيض والأسود، وتتابع حتى من الجيل الشاب الجديد. كيف تنظر لذلك؟

ـ في رأيي يعود ذلك لأن هذه الأعمال لم تكن لحالات ظرفية، فهي ليست نقدا لانقطاع الكهرباء مثلا، فهي لا تتحدث عن لحظة محددة تنتهي بمعالجة هذه الحالة الظرفية، بل تتحدث عن علاقة بين مجموعة سواء في «حمام الهنا» أو «صح النوم» أو «مقالب غوار»، وبالتالي يمكن أن تصلح لأي زمن خاصة أنها تعتمد على كوميديا الموقف وليس على الكوميديا اللفظية، حيث إن المشاهد عندما يحفظ اللفظ لا يغريه سماعه مرة ثانية، فهي تعتمد على الموقف الذي يولد اللحظة الكوميدية، ولذلك تبقى هذه الأعمال حية، مع أنها بالأبيض والأسود، والبعض اقترح تلوين هذه الأعمال ولم أوافق، وقلت لهم إنها تفقد قيمتها التراثية، ففي أميركا مثلا لونوا أعمال لوريل وهاردي، فكانت النتيجة غير مرضية، وعاد الناس لمشاهدتها بالأبيض والأسود لأنهم اعتبروها أعمالا من التراث.

* هناك معلومات عن مشاركتك في برنامج مسابقات غنائي سوري يحمل عنوان «ستار سورية» سينطلق قريبا، هل هذا صحيح.. وماذا تقترح لإنجاح هذا البرنامج وأنت عملت مديرا لبرنامج مهرجان الأغنية السورية السنوي لست دورات متتالية وتوقف فيما بعد؟

ـ هذا صحيح، وسأكون واحدا من أعضاء اللجنة، والهدف هنا هو تنفيذ سوبر ستار سورية من قبل الهيئة العامة للتلفزيون والإذاعة في سورية، وهذا شيء جيد، ولكن برأيي يجب أن يأخذ هذا العمل بعين الاعتبار أن هناك برامج مشابهة في محطات تلفزيونية لديها إمكانيات أكبر في البذخ والصورة وحتى في الإمكانيات البشرية الفنية، مثل الذي يعلمون الهواة كيف يصعدون للمسرح ويسيرون عليه ويقفون عليه، وكيف يقدمون، وماذا يلبسون.. فهناك خبراء يساعدون في هذه الأمور ونحن (يتهيأ لي) أنه ليست لدينا هذه الخبرات الإنسانية، ولذلك علينا أن نفكر كيف نبتعد عن مسألة المقارنة مع الأعمال الأخرى لأنه إذا حصلت المقارنة فنحن الخاسرون، وعلى القائمين على البرنامج أن يجدوا نمطا جديدا مختلفا بحيث لا يخضع لأي مقارنة مع برامج مشابهة. أما فيما يتعلق بمهرجانات الأغنية السورية فالأمر مختلف هنا عنها، حيث لم تكن تتضمن مسابقات، إذ كنا نعطي جوائز لأفضل أغنية وأفضل مطرب ومطربة، فلم يكن فيها سباق وإلغاء، حيث إنه كان عندما يشارك ستة هواة يلغى اثنان ليصبحوا أربعة، ومن ثم اثنين، وبعدها واحدا.. إذن هنا يوجد ما يسمى التصفيات.

* وماذا عن تقديمك البرامج؟

ـ لي برنامج تقديمي مع الأطفال يعرض حاليا في تلفزيون الشارقة ونفذت منه عشرين حلقة، وكنت راضيا عنه، وهو يشابه ما قدمته على الـmbc مع بعض التعديلات عليه، ومنها مثلا اصطحاب الأطفال في زيارات ميدانية ليطلعوا على أشياء لا يعرفونها، ومنها مثلا كيف تعبأ زجاجات المياه حتى تصل إلينا لنشربها، أو كيف تعمل الشرطة كذلك من جديد.. البرنامج يستضيف طفلا لمعرفة مدى صدقه، فنسأله خمسة أسئلة، فإذا أجاب عنها جميعا بصراحة نقدم له جائزة، ونتأكد من صدق إجابته عندما نسأل أسرته عن صدق أجوبته وتكون مسجلة من قبل توجيه الأسئلة له، منها مثلا سؤال هل ينام الطفل باكرا أم أنتم كأسرة تجبرونه على النوم مبكرا؟

* في احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية 2008 لم نشاهد أي مشاركة لك رغم أنه أعلن في حينها عن عرض مسرحي سيقدم ضمن أنشطة الاحتفالية ولم يقدم ما هي الأسباب؟

ـ ما حصل أنه في الشهر الثاني من بداية الاحتفالية طلب مني (صدفة)، ومن خلال أمينة الاحتفالية الدكتورة حنان قصاب حسن، وكنا نحضر في سينما الكندي بدمشق فعالية للسينما اليابانية، أن أعيد عرض مسرحية «غربة»، ولم أكن موضوعا في برنامج الاحتفالية، ولذلك لولا هذه (الصدفة) لما كان طلب مني المشاركة في الاحتفالية؟!.. هذا أول الأسباب، أما السبب الثاني فالمفروض وقبل بدء الاحتفالية بفترة زمنية يجب أن يكون طلب مني هذا الطلب حتى أستعد له بشكل وبآخر، ولكن بعد (الصدفة) بنحو شهر ألحوا بالطلب فقلت لهم إنه لا يمكن إعادة عرض مسرحية «غربة» لأن الكثير من كوادر العرض غابوا، ويمكن إعادتها من خلال الشباب ومن خريجي المعهد المسرحي، حيث يمكن الاعتماد عليهم برؤية جديدة لمسرحية «غربة» وأقوم أنا بالإشراف عليهم وعلى العرض الجديد، ولكن لم تحصل الموافقة، وكان هناك عرض مسرحي في الاحتفالية أخرجه الفنان بسام كوسا، وهو نص لعزيز نيسن، وطلب مني المشاركة، وبالفعل أحببت هذا النص ورغبت بالمشاركة فيه، ولكن هناك استعجالا من أمانة الاحتفالية لعرض العمل بسرعة، وأنا كنت مشغولا بفيلم «سيلينا» فاعتذرت عن عدم المشاركة في هذا العرض المسرحي، وأنا بطبعي لا أشارك في عملين في الوقت نفسه.

* ما رأيك في الأعمال المدبلجة وما يقال عن تأثيرها على الدراما السورية؟

ـ في رأيي أن الجمهور عندما تابع هذه الأعمال تابع الشكل أكثر من المضمون، فقد تكون هذه الأعمال تتضمن إبهارا في الديكور والمناظر وفنانين جميلين، مثل مطربة صوتها سيئ ولكن يسمعها الناس لأن شكلها جميل. فالناس هنا لا يسمعون صوتها بل يشاهدون شكلها، وبالنسبة لي لم أشاهد هذه الأعمال المدبلجة لأنني ضد مسألة الدوبلاج، وأعتبر أن اللغة جزء من هوية العمل وجزء من الشخصية، لقد طلب مني كثيرا العمل في الدراما المصرية فوافقت، ولكن اشترطت عليهم أن أقدم الأعمال بلهجتي السورية وليس باللهجة المصرية، فسألوني: «ألا ستستطيع التكلم باللهجة المصرية؟»، فأجبتهم: المصرية ليست لغة بل هي لهجة محببة إلينا، ولا يوجد أحد في العالم العربي لا يستطيع إتقان اللهجة المصرية ومن دون أن يذهب لمعاهد تدريسية، ولكن أنا كدريد لحام أشعر بأن لهجتي السورية الشامية جزء من شخصيتي لا أستطيع التخلي عنها، وعندما أتخلى عنها معنى ذلك أنني تخليت عن جزء كبير من تكويني كممثل. ولذلك لا أحب الأعمال المدبلجة، ولا أتصور مثلا في المستقبل أن يتم عمل مسلسل عربي بدوي مدبلج (لـ«الطلياني» مثلا) ويقول البطل للبطلة «بونجور مونوفا»، هذا أمر مضحك.

* يقال إن سبب انتشار هذه الأعمال هو دبلجتها باللهجة الشامية؟

ـ لا أعتقد أن هذا هو السبب.. قد يكون سببا مساعدا، فهناك أعمال مدبلجة عرضت قبلها، ومنها المكسيكية، وانتشرت وسميت بضائع باسم «كاساندرا» ولم تكن مدبلجة باللهجة الشامية، وإذا قلنا إن هذا سبب انتشارها فسنكون مغرورين لأن هناك أسبابا أخرى لانتشارها غير موضوع اللهجة الشامية.

* وماذا عن انتشار دراما البيئة الشامية والمحافظة عليها؟

ـ أنا أخشى على الدراما السورية من دراما البيئة الشامية.. فما نشاهده حاليا هو تشابه في الأعمال والشخصيات والقصص في هذه الأعمال، كما أن هناك مسألة من الضروري أن أتحدث عنها، فأنا أحب الأعمال الشامية كحكاية وأتابعها كحكاية، ولكني لم أحبها كتاريخ، وأتضايق عندما أحاول إسقاطها تاريخيا، لأنه تاريخيا ليست هذه دمشق، وليس هكذا كان الصراع السوري الفرنسي والسوري العثماني، فلم يكن بهذه البساطة التي تقدمها هذه الأعمال.. ولذلك جميل أن تقدم كحكايات ولكن لا يقولون إنها تاريخ دمشق، لأنه ليس هكذا، ولا نساء دمشق كن هكذا.. ومثال عن ذلك: عندما ذهب يوسف العظمة لملاقاة الفرنسيين في ميسلون واستشهد هناك كانت معه سيدتان دمشقيتان حاربتا معه، وذكرتهما الكاتبة ناديا خوست في مقالة لها، ولا ننسى روائع ثريا الحافظ وهي تخرج لتخطب في الناس في شوارع دمشق. أنا أمي أنجبت 12 ولدا ولم تسمع كلمة نابية من والدي طيلة حياتها معه. هذا العنف ضد المرأة لم يكن موجودا وأكرر لك أن هذه الأعمال ظلمت المرأة الشامية.