«روتانا» تنهي تعاقدها مع أصالة ونوال الزغبي قبل إتمام شراكتها مع «نيوز كورب» العالمية

مصدر من داخل الشركة لـ «الشرق الأوسط» : عملية تقييم الفنانين هدفها ربحي * عشرات الفنانين يرفضون التصريح ويخشون القائمة السوداء

نوال الزغبي
TT

أنهت شركة روتانا للصوتيات والمرئيات عقود الفنانتين السورية أصالة نصري واللبنانية نوال الزغبي، قبل شهرين من توقيعها بشكل نهائي مع مؤسسة «نيوز كورب» العالمية.

وأكدت مصادر مطلعة في شركة روتانا لوكالة الأنباء الألمانية، عن وصول اتفاق مع مؤسسة «نيوز كورب» العالمية إلى مراحله النهائية، بحيث تصبح الأخيرة قريبا شريكا فاعلا بنسبة تقل عن الربع وتزيد بعد فترة زمنية محددة.

وبموجب هذه التطورات، أصبح العديد من نجوم الغناء في الخليج والوطن العربي، والمتعاقدين مع روتانا، يجهل ما سيؤول إليه مصيره، خاصة بعد أن أكدت المصادر ذاتها أن الاتفاق الجديد ينص على وجود عضو منتدب من «نيوز كورب» داخل «روتانا» فور توقيع التعاقد، يتاح له التدخل في كثير من التفاصيل الإدارية والمالية وفقا لرؤية الشريك الجديد، الذي يعتمد على خبرة طويلة في مجال الإعلام، وينوي بوضوح القضاء على عدد من نقاط القصور القائمة حاليا في «روتانا» والتي «تسببت فيها الصداقات والمجاملات، وصولا إلى غياب المهنية، في خسائر متفاوتة».

من جهته، أكد مصدر من داخل «روتانا» لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك تقييما مقبلا لا محالة، حيث سيتم الاستغناء عن عشرات الفنانين، ولكن هذا التقييم الذي وصفه المصدر بالمجزرة لن يكون عشوائيا، بل هناك معايير تبني عليها الشركة خطواتها، أهمها الربحية والاستثمار».

وأضاف المصدر «الربحية هنا تأتي من منطلق الفائدة من الفنان، بمعنى أن هناك نجوما قد لا يربحون الشركة من ناحية الألبومات، ولكن تأتي الفائدة منهم من جهة إدارة الأعمال والحفلات. فالأمر الآن يختلف عن السابق، فالفنان الموجود لدينا مستقبلا لا بد له من توقيع عقد إلزامي بإدارة الأعمال». وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط»: أن العام الحالي سينتهي بتصفية شاملة، فيما أنهت الشركة مبكرا عقود كل من نوال الزغبي وأصالة نصري.

وتابع المصدر: تلك المعايير لن تشمل الفنانين فقط، بل ستشمل القنوات الفضائية والموظفين العاملين في 700 مكتب موزعة حول العالم. وبالفعل تم إغلاق قناة «أغاني» وسيتم نقل أرشيفها إلى «روتانا موسيقى»، وأرشيف قناة «طرب» سينقل إلى «روتانا زمان». وبيّن المصدر «أن التغييرات التي ستفرضها الأوضاع الجديدة ستشمل الفيديو كليب، حيث لن يكون بث الأعمال المصورة حديثا حصريا على قنوات «روتانا»، أو ربما تكون كذلك لمدة أسبوعين فقط، ثم تباع لجميع الفضائيات الأخرى من دون استثناء، بما فيها المنافسة لـ«روتانا» مثل «ميلودي» و«مزيكا» و«وناسة». من جهتهم، رفض أكثر من فنان ممن تحدثت معهم «الشرق الأوسط» الإدلاء بأي تصريح صحافي حول التعاقد ومصيرهم مع الشراكة الجديدة، مكتفين بالانتظار لما سيعلن عنه في الشهرين المقبلين المتبقية من العام الحالي، فيما أبدى بعضهم تخوفه من وضع أسمائهم في القائمة السوداء.

يذكر أن اتفاق الشراكة النهائي سيتم توقيعه قبل نهاية العام الحالي وأن «نيوز كورب» ستكون شريكا حقيقيا في مؤسسة روتانا الإعلامية بحلول الأيام الأولى من عام 2010، لكن نسبتها لن تتعدى بأي حال الـ20 في المائة بشكل مبدئي لفترة حددت بعام ونصف من توقيع الاتفاق، وقد تزيد بعدها هذه النسبة أو تنقص بحسب ما يراه الطرفان، وما تحققه الشراكة من نجاح.

وتضم روتانا التي أنشأت عام 1987 حاليا 6 كيانات عاملة تحت مظلة واحدة أبرزها روتانا للصوتيات وشبكة القنوات الفضائية وهما الجهتان الرئيسيتان اللتان سيطالهما ـ بحسب المصادر ـ الكثير من التغييرات التي يمكن اعتبارها إعادة هيكلة كاملة تتسبب حاليا في حالة واسعة من القلق والترقب بين العشرات من العاملين والمتعاملين والمتعاقدين وحتى المنافسين. وتعد «نيوز كورب» التي تأسست عام 1980 إحدى كبريات المؤسسات الإعلامية العالمية وتمتلك صحفا عدة بينها «صنداي تايمز» و«نيويورك بوست» وشركة السينما الأميركية «فوكس» وشبكة قنوات «فوكس» التلفزيونية وقنوات «ناشيونال جيوغرافيك» وشركة «بي سكاي بي» البريطانية للإعلان والموقع الإلكتروني «ماي سبيس».

وقالت المصادر، بحسب وكالة الأنباء الألمانية، إن الشريك الجديد ينظر للكيان الأكبر في منظومة «روتانا» وهو «روتانا للصوتيات» باعتباره أكثر الأجزاء حاجة للهيكلة، خاصة وأن «نيوز كورب» لا تملك الكثير من الخبرات في مجال الموسيقى والغناء، إضافة إلى الخسائر التي منيت بها صناعة الألبومات الغنائية العربية في السنوات الأخيرة، والتي تدفع بقوة باتجاه استغناء الشركة العربية الأكبر في مجال الإنتاج الغنائي عن عدد كبير من مطربيها الحاليين.

وتروج المصادر نفسها أن أسماء معروفة كثيرة سيتم الاستغناء عنها خلال الشهرين القادمين، إضافة إلى مطربين خرجوا بالفعل أو أعلنوا عن عدم تجديد عقودهم، في حين تؤكد المصادر أن الكثير من الأسماء التي لم تحقق نجاحا في ألبوماتها أو تلك التي لا تشهد إقبالا من جانب منظمي الحفلات لن تبقى في الشركة مهما كانت شهرتها.

وفي حين لم يتحدد بعد الرقم المتوقع الاستغناء عنه من مطربي روتانا الذين يتجاوز عددهم 150 مطربا، إلا أن المصادر المتفائلة داخل روتانا لا تتوقع أن يصل عدد المطربين في الشركة عند التوقيع مع «نيوز كورب» إلى 100 مطرب، مقسمين إلى 3 فئات حسب الجماهيرية والإيرادات والتوقعات المستقبلية، على أن يوقع كل هؤلاء مع روتانا كمدير لأعمالهم، بحيث تتولى الشركة شؤون حفلاتهم وتحصل على نسبة منها.

وتؤدي إعادة الهيكلة في روتانا للصوتيات إلى حالة من الخلخلة في سوق الإنتاج الغنائي، حيث يصبح ما يقرب من خمسين مطربا بلا شركة إنتاج فجأة، ويتم الاستغناء في المقابل عن عدد كبير من الإداريين والعاملين في وظائف معاونة، كما تتوقف مشروعات ألبومات جديدة وأغنيات مصورة عدة بشكل يؤثر على المؤلفين والملحنين والمخرجين ومديري التصوير وغيرهم من العاملين في مجال الإنتاج الموسيقي.

في الإطار نفسه تتأثر أسعار المطربين الكبار بحالة اختلال سوق الإنتاج وتظهر مصطلحات جديدة في التعاقدات الخاصة بالفنانين الباقين في الشركة أو من يقررون الانضمام لشركات أخرى عاملة في مجال الإنتاج كما ينتظر ظهور شركات جديدة تماما.

أما القطاع الثاني الأكثر تأثرا في «روتانا» فهو الخاص بالقنوات الفضائية التي بدأ إطلاقها عام 2003 حتى وصل عددها أوائل العام الحالي إلى 7 قنوات، إضافة إلى قناتي «فوكس» اللتين افتتحتا نهاية العام الماضي، ويعد القطاع الذي ظهر التأثر عليه قبل غيره من القطاعات، حيث أغلقت روتانا قبل أقل من شهر قناتي «طرب» و«أغاني»، والأخيرة لم يمض على افتتاحها أكثر من 8 أشهر فقط.

وقالت المصادر لوكالة الأنباء الألمانية، إن قرار الإغلاق كان حتميا كجزء من صفقة الشراكة مع «نيوز كورب»، لأن القناتين لا تحققان عائدا ماليا رغم أن الأمير الوليد بن طلال، مالك روتانا، كان يرفض إغلاقهما تماما، حتى أنه عرض تحمل نفقاتهما من ماله الخاص، كون تكلفة بثهما الشهرية لا تتجاوز نصف مليون دولار قبل أن يوافق على الأمر داخل حزمة القرارت الخاصة بإعادة الهيكلة الكاملة.

في الوقت نفسه نقلت «روتانا» عمليات إنتاج وتصوير برامجها الخاصة بالكامل تقريبا إلى العاصمة المصرية القاهرة، التي تعد الأرخص والأكثر تناسبا مع عملية الإنتاج عربيا وهو القرار الذي جاء بعد أزمات عدة في لبنان انتهت بفسخ التعاقد مع الوكيل الإنتاجي «فيزيون» الذي تولى طوال سنوات عمليات تنفيذ المواد البرامجية لقنوات «روتانا».

وتسعى روتانا في السنوات القادمة لمنافسة شبكة «إم بي سي» في مجال الإنتاج الدرامي التلفزيوني والإنتاج البرامجي اعتمادا على خبرات «نيوز كورب» التي تملك شبكات تلفزيونية شهيرة وتعمل في توزيع الأفلام السينمائية تلفزيونيا منذ سنوات طويلة. بينما من المنتظر بحسب المصادر أن تتوسع «روتانا» بعد الشراكة مع «نيوز كورب» في دعم إنتاج وتوزيع الأفلام من خلال ذراعها السينمائية التي بدأت مؤخرا في التطور والعمل على مشروعات إنتاجية مشتركة تركز معظمها في تعاقدات مع شركات إنتاج مصرية كبرى.

وتمتلك «روتانا» أكثر من 2000 فيلم سينمائي قديم، بعضها من كلاسيكيات السينما العربية، كما ظهرت كشريك طيلة السنوات الخمس الأخيرة في عشرات الأفلام الجديدة، لكن المصادر تؤكد أن السنوات القادمة ستشهد تركيزا أكبر على التوزيع وليس الإنتاج، لتتحول «روتانا» إلى منافس قوي لكيانات أخرى قائمة.