حميد الشاعري: تامر حسني لا يملك تاريخا حتى يهاجم عمرو دياب

أكد لـ «الشرق الأوسط» أن سيرته الذاتية سينتجها بنفسه ولن يسمح لأحد بذلك

حميد الشاعري
TT

في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، ظهر ألبوم مختلف في الأوساط العربية. الاختلاف كان في كل ما يحمله الألبوم، موسيقى مختلفة في إيقاعاتها، كلمات مختلفة في معانيها، صوت مختلف في خفوته وبحّته، وحتى في عنوانه الطويل بعض الشيء «رحيل لحميد الشاعري وفرقة المزداوية». وعلى مدار ثلاثة عقود، قدم حميد الشاعري موسيقى مغايرة، ذات طعم خاص، لعبت دورا مؤثرا في بروز كوكبة من نجوم الطرب والغناء وترك صدى إيجابيا لافتا لدى المستمعين. تعاون الشاعري مع نجوم عصر الثمانينات مثل محمد منير وعمرو دياب، الذي كان في بداياته الفنية وقتها، ثم علاء عبد الخالق ومنى عبد الغني وحنان ومحمد فؤاد في التسعينات. وتخرج في مدرسته الكثير من نجوم الغناء في العالم العربي، منهم على سبيل المثال لا الحصر إيهاب توفيق، ومصطفي قمر، وهشام عباس، وفارس، وعامر منيب، وغيرهم الكثير. كما شارك في نشر موسيقى الراي من خلال تعاونه مع الشاب خالد والشاب مامي وآخرين. نجح الشاعري كمطرب وملحن وموزع موسيقي وممثل في «قشر البندق» لخيري بشارة، وإن وجهت إليه بعض الانتقادات في المجال الأخير عندما مثل في فيلم «أيظن» ضمن العاصفة النقدية التي واجهها الفيلم. وبعد غياب ست سنوات عن الساحة، يعود إلينا في تجربة جديدة، بإصداره ألبوما يضم فيه مجموعة من الشباب، فهل ينجح مرة أخرى في إضافة نجوم جدد إلى سماء الفن العربي؟ «الشرق الأوسط» التقت حميد الشاعري، في القاهرة، ليحدثنا أكثر عن فترة غيابه، وماذا فعل فيها، وعن استعداداته للعودة بقوة خلال العامين الماضيين.

* لماذا ابتعدت عن الساحة الفنية كل هذه السنوات؟

ـ بالفعل ابتعدت عن الساحة كمطرب لكني كنت موجودا كملحن. فقمت بتلحين العديد من الألحان لبعض المطربين ومنهم مايا نصري وشذى وهيثم شاكر، ثم رجعت منذ سنتين تقريبا بألبوم «روح السمارة»، ثم قمت بعمل أغنيات سنجل والاشتراك في ديو مع الملحن المصري رحيم. ومؤخرا قدمت ديو مع النجم محمد منير وتم إذاعته على بعض الإذاعات العربية. وأما عن عدم طرحي لألبوم كامل فأنا أتعمد ذلك كي أستطيع تحديد كيفية مواكبة العمل في ظل ظهور التطور التكنولوجي الرهيب، وكيفية تعامل الساحة الفنية معه، فالعملة النادرة دائما ما تزيد قيمتها بالبعد عن الظهور. وتكون العودة محملة بأشواق الجماهير الذين أعشقهم جدا وأحب ردود أفعالهم عندها.

* معني ذلك أن ابتعادك عن الساحة مقصود منك شخصيا وليس تقصيرا من الشركة المنتجة؟ ـ تعاقدي مع «عالم الفن» كان بعد رجوعي إلى الساحة، فلا يوجد أي تقصير، ونحن متعاقدون على 6 ألبومات خلال فترة التعاقد الممتدة إلى عام 2013، وتم تنفيذ ألبومين من العقد المبرم ومتبقٍّ 4 ألبومات. وأنا منذ دخولي الوسط الفني أتعامل مع الفن بروح الهواية لا بقصد الربح المادي.

* أثرت في العديد من النجوم في الغناء سواء في الفترة الماضية أو في الفترة الحالية؛ ما الفرق بين المرحلتين؟

ـ التجربة واحدة في كلتا المرحلتين من السعي وراء اكتشاف المواهب وتدعيمهم في الظهور مع إتاحة الفرصة الكاملة لتقديمهم، والاختلاف الوحيد في الفترة الماضية أن الرقابة كانت أكثر تشددا من الوقت الحالي، فالحرية أصبحت الآن متوافرة لتقديم ألوان مختلفة من حيث الغناء واختيار الكلمات. ثم إن كثرة القنوات الفضائية ساعدت على الانتشار في العالم بشكل أسرع وكل ذلك رائع وإيجابي.

* لكن كثرة هذه القنوات ساعدت أيضا على الإسفاف والاتجاه إلى الغناء بكلمات تخدش الذوق العام للمشاهد.

ـ لا أحد مجبر على مشاهدة هذه القنوات أو سماع أغنية لم تنل إعجابه، فالمُشاهد لديه الحرية الكاملة لتغيير المحطة التي تقوم بإذاعة مثل هذه الأغنيات، وهذا أمر بسيط جدا ولكل شيء سلبياته وإيجابياته. ولماذا الاعتراض؟ فقد أصبح لدينا الآن مساحة أكبر من القبول والرفض. ورغم ذلك لا أدافع عن هذه القنوات، لكني أبدي وجهة نظري في الابتعاد عن أي شي لا يعجبني. والمشاهد أصبح الآن في منتهي الذكاء ولدية الوعي الكافي في التمييز في ما يُبَثّ له.

* معني كلامك أن نرفض الرقابة على ما يُبَثّ لنا ونترك الحبل على الغارب؟

ـ قد تنال الأغنيات التي لم تعجب النقاد والصحافيين إعجاب الجمهور ويكون لها شعبية كاسحة، فلماذا نصادر على آراء الجمهور ونفرض رأينا عليهم؟ فمثلا في الخارج، إذا انتقد أحد الصحافيين أي عمل فني بشكل مغرض وغير موضوعي يحاسَب قضائيا، فمن حق صاحب العمل أن يقيم دعوى قضائية يطالب فيها بتعويض بملايين الجنيهات. فترك الأمر لرأي الجمهور لا يعني أن يُترَك الحبل على الغارب.

* معني ذلك أنك من الممكن أن تترك أولادك يشاهدون هذه النوعية من الأغنيات؟ ـ أنا مؤمن بالحرية، ومن منطلقها أترك لأولادي حرية الاختيار ولا أفرض عليهم أي رأي في ما يسمعون أو يشاهدون، ودوري أن أقدم النصيحة كأي أب وأن أتابعهم، فأنا وهم أصدقاء. وبالمناسبة، لديهم ميول فنية قوية، والأقرب إلى إحساسي في الغناء ابنتي نبيلة، وهي تغني في الحفلات المدرسية.

* ألم ترَ أن زميلك في الشركة المنتجة تامر حسني يأخذ الاهتمام الأكبر في الدعاية من قِبل الشركة على حساب المطربين الآخرين؟

ـ تامر حسني استطاع في فترة وجيزة حجز مكانه في وسط أبناء جيله، ولا أحد ينكر أنه وصل إلى أن يكون نجم هذا الجيل. فلا بد أن ينال الاهتمام من الشركة في إذاعة كليباته وحفلاته على القنوات التابعة لشركة «عالم الفن» بشكل يناسب نجوميته. فحسني يُعتبر الكارت الرابح للشركة، مع احترامي للنجوم الآخرين، ومن الطبيعي أن يلاقي الاهتمام، وخصوصا أن ألبومه الأول كان مع الشركة. وأنا في أول ألبوماتي مع الشركة كانت الدعاية قوية جدا، وكنت أشاهد أغنية «روح السمارة» تُعرَض بشكل مستمر على مدار اليوم في أثناء طرح الألبوم في السوق، فكل مطرب يأخذ حقه بشكل كافٍ.

* ما رأيك في الجدل الذي أثير مؤخرا بين النجم عمرو دياب وتامر حسني؟

ـ عمرو دياب له تاريخ طويل من الإنجازات والنجاح على مدار سنوات عديدة، وتامر حسني ليس لديه هذا التاريخ حتى يقارَن بعمرو دياب، فمشواره الفني لم يتعدَّ سنوات قليلة كي يدخل في جدل مع دياب. هو نجم في جيله الحالي، بالإضافة إلى أن المنطقة الغنائية مختلفة بالنسبة إلى الطرفين، ومن المؤكد أن طرفا آخر يبث هذه الإشاعات. فلا يوجد مجال للمقارنة أو المنافسة، فكل منهما له مكانته ومقومات نجاحه.

* لكن تامر حسني صرّح في بعض وسائل الإعلام أن عمرو دياب يهاجمه.

ـ من المستحيل أن يفكر عمرو دياب في ذلك، على حد معرفتي بدياب، فهو يفكر دائما في عمله، وهذا شغله الشاغل، فلا وقت لديه كي يفكر في الهجوم على أحد، وهو أرقى من ذلك. نحن جيل مختلف، بعيد عن التفكير في هذه الوسائل لمحاربة الآخرين، ولماذا يفكر أن يهاجم تامر بالأخص؟ هذا غير منطقي بالمرة، دياب له مكانته وأيضا تامر له مكانته.

* هل تفكر في تقديم سيرتك الذاتية؟

ـ بالفعل أفكر في ذلك على «حياة عيني» حتى لا يقوم أحد بتحريف ما قدمته خلال سنوات عمري، فأنا حاليا أطلب من المقربين إليّ أن يكتبوا عن المواقف والأحداث دون أي مجاملة، بمعني أن يحكي دون أي رتوش. وسأقوم بإنتاجها على نفقتي الخاصة ولن أسمح لأحد أن ينتجها لي كي أكون الحاكم في التفاصيل بعيدا عن تدخل أي أحد، وسأكون أمينا في تقديمها.

* ما رأيك في النقد الذي وُجّه إلى برنامج «الحلم» الذي قدم السيرة الذاتية لعمرو دياب؟

ـ من حق أي فنان أن يقدم سيرته الذاتية بالشكل الذي يرضيه. ودياب قدم سيرته بشكل مميز وراقٍ جدا نال إعجابي، حيث تناول قصة كفاحه وأهم العوامل التي جعلته نجما على مدار سنين متتالية. فلماذا يظهر السلبيات في برنامجه؟ فلديه شعبية كبيرة بين الشباب الذي يقتدي به، ومن المؤكد أن الكثير من المشاهدين تأثروا به. وكل شيء يُعرَض للنقد والإعجاب، فالنقد أمر طبيعي.

* شاركت في برنامج الكابوس الذي عُرض في شهر رمضان المبارك على الرغم من غضب صديقك الفنان عمرو دياب منه...؟

ـ أنا قمت بتصوير البرنامج وأنا لا أعلم أي شيء عن قصته الكاملة. البرنامج تشابه مع برنامج الحلم للفنان عمرو دياب، ودياب إنسان مثقف، ولذلك تفهم الأمر جيدا وأدرك أنه لا علاقة بين برنامج الكابوس والحلم سوى أنهما متضادان في المعنى، ولا علاقة للكابوس من قريب أو بعيد بسيرته الفنية الكبيرة الواجبة الاحترام، فلا يستطيع أحد أن يمس تاريخه أو يتهكم عليه. كما أن أكرم حسني صديقي جدا، لذا وافقت على الفور عندما طلب مني الظهور في البرنامج.

* معنى هذا أن ظهورك في هذا البرنامج كان مجاملة لأكرم حسني؟

ـ مطلقا، من قال ذلك؟ أنا ظهرت في برنامج ناجح، وأعتقد أن أحدا لا يستطيع إنكار نجاح شخصية «سيد أبو حفيظة»، فلماذا أترك البرنامج الناجح وأذهب إلى آخر فاشل مثل بعض الناس التي تبتعد عن النجاح وتحب الذهاب إلى الفشل؟ فهو برنامج ناجح ويعبّر عن البيئة ويقدم رسائل سياسية وبيئية كثيرة.

* بداياتك في السينما كانت قوية في فيلم «قشر البندق»، وفوجئنا برجوعك بفيلم ـ دون المستوى ـ «أيظن»! ـ لم أعمل ممثلا، بل أنا مطرب وملحن. وعملي كممثل ليس إلا للتاريخ فقط، كإضافة إلى مشواري الفني كما فعل العديد من الملحنين والمطربين. أما عن تجربتي في «أيظن»، فأنا وافقت كمجاملة لمخرج العمل والمؤلف والمنتج الذين تربطني بهم صداقة قوية، فأنا كنت ضيفا على فريق العمل، وهو ليس من بطولتي، والفيلم لاقى نجاحا جماهيريا. والمشاركة ليست سيئة، فلا مانع في تقديمي لعمل «لايت» للأطفال، كما حقق الفيلم إيرادات جيدة.

* هل تنوي تكرار التجربة في السينما مرة أخرى في الفترة القادمة؟

ـ لدي العديد من السيناريوهات لأفلام سينمائية، وحاليا يجري الاختيار. ويشاركني في ذلك صديقي الكاتب محمد فضل، وأعد الجمهور أن هذه المرة سيكون الموضوع مختلفا، وسيكون من إنتاج شركتي. وحاليا أفكر في نجمة تشاركني، وهناك العديد من الترشيحات.

* هل تفكر في خوض تجربة الدراما التليفزيونية؟ ـ بالفعل أفكر في خوض هذه التجربة، ولكن بشرط أن يناسبني العمل ويقدمني بشكل يضيف إلى حميد الشاعري داخل البيت المصري. وجدير بالذكر أني أحضّر حاليا لـ«ست كوم» جديد، وقد عُرض عليّ الكثير من السيناريوهات، وأنا على وشك الاختيار منها.

* وماذا عن مسابقة الأصوات الجديدة التي أقمتها مؤخرا واخترت منها 10 أصوات شابة وأنتجت لهم ألبوما غنائيا؟

ـ هي مسابقة أقيمت بمصر وكان التصويت عليها من جميع الدول العربية، واخترت من خلالها 10 أصوات مصرية جديدة من المطربين، ومؤلفين وملحنين جدد أيضا، وما أحزنني بشدة أن جميع الفائزين كانوا من الذكور مما يثبت أن ثقافتنا ما زالت في حاجة إلى التطوير. والمسابقة ستستمر لعدة مواسم، ولن تقتصر على موسم واحد فقط، كما أن المسابقة ستجوب جميع الدول العربية للاستعانة بمواهب شابة من جميع أنحاء الوطن العربي، وليس من مصر فقط.

* لماذا أنت بعيد عن أبناء جيلك؟ وأيهم أقرب إليك؟ ـ إطلاقا، كل فنان لديه مشاغل كثيرة تماما مثلي، ورغم ذلك فعلاقتنا جيدة جدا، فما زالت علاقتي بأعلام الفن في مصر كعمرو دياب ومحمد منير وهشام عباس وعامر منيب وغيرهم جيدة، ودائما ما نتبادل الأحاديث والآراء بعيدا عن العمل وعلاقتنا لا تنتهي، ولا أنسى أبدا أن أول لحن لي كان للعملاق محمد منير.

* وما رأيك في المطربات الموجودات داخل الوسط الفني حاليا؟ ـ شيرين عبد الوهاب أقوى صوت غنائي في الوطن العربي، فهي استطاعت أن تحجز مكانة في قلوب كل العرب، وأنا من عشاق أنغام، ملكة الإحساس وصاحبة اللون المميز، بالإضافة إلى وجود العديد من المطربات اللاتي يقدمن ما يناسبهن.

* وما الذي دفعك في الوقت الحالي إلى إنشاء محطة إذاعية؟

ـ هي أول إذاعة متخصصة على الإنترنت في العالم، وهذا شيء صعب جدا، فلا يمكن أن تتخيلوا معنى أن تراعوا توقيتات جميع دول العالم، ففي مصر مثلا الساعة 11 وفي بلد أخرى الساعة 8 وبلد ثالث الساعة 6 وهكذا. ونحن نقدم 33 برنامجا و28 مذيعا ومذيعة، وشقيقي متخصص في إنشاء محطات إذاعية، فعيب أن يكون «باب النجار مخلع»، وأنا لا أتدخل في أي شيء في المحطة، وأعتبر نفسي مجرد ضيف.