وفاء موصللي: لست أكثر ممثلات جيلي حظا.. ولكن أعمال البيئة الشامية هي السبب

قالت لـ «الشرق الأوسط» إن زملاءها طلبوا منها عدم مغادرة منزلها بعد مشهد طرد عصام ووالده في «باب الحارة» خوفا على حياتها

الفنانة السورية وفاء موصللي خلال أحد مشاهد مسلسل «باب الحارة» («الشرق الأوسط»)
TT

يعتبرها الكثير من المتابعين والنقاد من أكثر فنانات جيلها حظا، حيث تمكنت من فرض نفسها بقوة وبحرفية فنية عالية طغت على العديد من زميلاتها ومنذ سنوات في معظم الأعمال التلفزيونية السورية، وخاصة تلك التي تنتمي للبيئة الشامية والأعمال الاجتماعية المعاصرة.

وعلى الرغم من أنها تعتبر الأمر عاديا ولكن الكثيرين وحتى الجمهور اعتبرها «دينامو» أي عمل تشارك فيه وخاصة في الأدوار النسائية ويبرهنون على ذلك من خلال شخصيتها الحركية الاستثنائية في المسلسل الشهير «باب الحارة» حيث أدت شخصية فريال التي شذت كامرأة عن كل عادات نساء مجتمع «باب الحارة» خاصة في علاقتها مع صهرها عصام ووالده أبوعصام ومع نساء الحارة، فشكلت حالة استثنائية ضمن نسيج يسير نساؤه في اتجاه واحد. وكان الجمهور قد تابعها في الموسم الفني الرمضاني في عدد من الأعمال الدرامية حيث جسدت شخصية «أم جرجورة» في المسلسل الاجتماعي المعاصر «على موج البحر» وهي امرأة مكافحة من أجل أسرتها وتساعد زوجها في مشكلته الصحية، وجسدت شخصية أم مختلفة تعاني من قسوة المجتمع ولديها عقدة نفسية في المسلسل الاجتماعي «أصوات خافتة»، وفي «باب الحارة» لم تنج وفاء موصللي، وهي تجسد شخصية فريال الاستثنائية من كثير من الانتقاد وحتى المشكلات الاجتماعية، والتي تتحدث عنها وعن عدد من القضايا الفنية الأخرى لـ«الشرق الأوسط» من دمشق، فإلى نص الحوار:

* لم يشاهدك الجمهور في أعمال غير سورية، ألم يعرض عليك العمل مع الدراما المصرية؟

ـ عرض عليّ منذ سنوات المشاركة في مسلسل مصري حمل عنوان «الحصان» وشخصيتي فيه كانت امرأة سورية وتتحدث باللهجة السورية ولكن لم يتحقق العمل ولكن هناك أعمال مشتركة مع فنانين مصريين في سورية وفي الأردن وفي دبي ومنهم الفنانة الراحلة سعاد نصر ومع فاروق نجيب، وعمل الفنانين السوريين في الدراما المصرية ليس جديدا فالراحلة سعاد حسني كانت سورية وفايزة أحمد ونجاة الصغيرة كانتا سوريتين فدائما هناك تلاق وهارموني مشترك بين السوريين والمصريين ولذلك فإن تواجد السوريين في الدراما المصرية ليست ظاهرة جديدة. وأنا أفضل الأعمال العربية المشتركة التي تكون ليس فقط بالإنتاج أو الكادر الفني والممثلين بل حتى في موضوع واحد مشترك وليكن موضوعا اجتماعيا وليس بالضرورة أن يكون عملا تاريخيا مثلما شاهدته في مسلسل «هدوء نسبي» حيث ضم شخصيات من مختلف البلدان العربية وتكلمت بلهجاتها المحلية وتحدثت عن موضوع عربي مشترك.

* في السنوات الأخيرة كنت حاضرة في أعمال البيئة الشامية والتراث وخاصة في «باب الحارة» ويقال إن عملك فيها غطى على مشاركاتك في الأعمال الأخرى هل هذا صحيح؟

ـ سبحان الله، على ما يبدو أن أعمال البيئة المحلية تكرس في ذهن المشاهد أكثر من غيرها من الأعمال الدرامية فكم هناك من زميلاتي وأنا معهن قدمن العديد من الأعمال العصرية ولكن نادرا ما يتذكر الجمهور شخصياتنا في هذه الأعمال مع أن هناك إبداعا فيها ولكن يبدو أن الشيء البعيد عن الذاكرة يترسخ أكثر بسبب خصوصيته التي يتمتع بها بينما عندما يكون الموضوع من صلب الحياة اليومية المعاصرة والتي يشاهدها الناس فلا يرسخ بالذهن كثيرا باستثناء إذا كانت فكرة العمل جديدة وغير مألوفة.

* تابعك الجمهور في الموسم الحالي بعملين من البيئة الشامية وهما «باب الحارة» و«بيت جدي» وهناك رأي يقول إن على الممثل أن لا يقدم عملين من نفس البيئة «وهذا رأي للمخرج بسام الملا) في موسم واحد بسبب التشابه فما رأيك بذلك؟ ـ من يقول ذلك معه حق وليس فقط في أعمال البيئة وإنما حتى في الأعمال العصرية يجب على الفنان أن يكون في عمل واحد فقط ولكن نحن مضطرون للمشاركة في أكثر من عمل ينتمي لنمط واحد لأن الأجور غير كافية وأنا أتمنى فعلا أن أعمل في مسلسل واحد في الموسم أو حتى في سنتين مع حبي للفن والدراما التلفزيونية ولكن أرغب في أن أدقق كثيرا في الاختيار وفي أن يكون العمل مميزا في كل شيء، ولكن كما أسلفت نحن مضطرون للعمل في أكثر من مسلسل، أما فيما يتعلق بمشاركتي في «باب الحارة» و«بيت جدي» أقول لك وبصدق إنه عندما شاركت في «باب الحارة» كان لدي عرض للعمل في أربعة أعمال شامية ومنها مسلسل «أهل الراية» ولكن اعتذرت عن عملين وقبلت العملين الآخرين والسبب أن شخصيتي تختلف بشكل كبير في العملين ولا يمكن للمشاهد أن تختلط عليه وهذا ما حصل أيضا مع زميلتي صباح جزائري فلا يمكن للمشاهد أن يخلط ما بين دورها في «باب الحارة» وفي «بيت جدي»، فالشخصيتان مختلفتان، ولذلك أنا مع رأي المخرج بسام الملا ولكن علينا أن نختار الأدوار بوعي.

* سأدخل معك قليلا بتفاصيل شخصية فريال في «باب الحارة» فمع رأي البعض بأن هناك ظلما للمرأة الشامية التي تم تقديمها ضعيفة أمام الرجل خاصة في الأجزاء الثلاثة الأولى بينما كنت أنت امرأة قوية وبشخصية مميزة واستثنائية فهل يعود ذلك لأن فريال امرأة أرملة في المسلسل أم لأسباب أخرى؟

ـ أنا لا أرى أن «باب الحارة» ظلم المرأة الشامية فهو قدم نماذج اجتماعية نسائية متنوعة فهناك فوزية وأم زكي الداية وسعاد التي تتبوأ مكانة خاصة منزلها وفي مجتمع الحارة وكذلك فريال كانت نموذجا من نماذج نساء «باب الحارة» وقد يعتبر البعض أنني أقدم رأيا متخلفا ولكن يلاحظ حاليا وبسبب التطور والتكنولوجيا أن الأمور تغيرت وصار الاختيار بين الشاب والفتاة سريعا مع حرق لمراحل زمنية، في حين أن المسلسل قدم العادات الأصيلة في التأني بالاختيار وهذا كان الواقع في ذلك الوقت، والذي انشدّ إليه الكثيرون مع حنين لتلك الأيام والعادات التي ذهبت. وبالنسبة لشخصية فريال التي جسدتها وكان لها صدى كبير بين الناس الذين صدموا بها في الجزء الأول من العمل والبعض منهم اختلط الأمر عليهم ما بين التمثيل والواقع واتصل بي عدد من زملائي بأن أكون حذرة أثناء سيري في الشارع خاصة بعد مشهد طردي لصهري عصام وتوريطه بالدخول لمنزلي ومن ثم أسلمه للشرطة وأرشوهم حتى يعاقبوه وأتذكر أن زملائي اتصلوا بي بعد عرض المشهد وقالوا لي لا تخرجي اليوم من المنزل بسبب خوفهم عليّ ولكن خرجت ووضعت خطة وتكتيكا معينا في حال تعرض لي أحد وعندما ألاحظ أحدا يلاحقني كنت أتصرف بشكل يربك الشخص الذي عرفني وبدلا من أن يهاجمني بكلمات سيئة كان يعاتبني بشكل هادئ قائلين لماذا يا مدام فعلت هكذا بصهرك فأقول لهم هذا تمثيل، ومرة اتصل بي شخص كان عصبيا بعد أن شاهد مشهد مجيء أبو عصام لعندي وقيامي بطرده فقال لي هذا الشخص لا يجوز ذلك فالمرأة ليست لهذه الدرجة وعيب عليك فرددت عليه بهدوء وقلت له أنت مع من تتكلم فأجاب ألست أنت وفاء موصللي التي طردت أبو عصام فقلت له أنا صحيح وفاء موصللي ولكنني لست فريال وهذا تمثيل يا أخي ومع ذلك لم يقتنع وقال عيب تعملي هكذا، والبعض اتهمني بأني لو لم يكن هناك قواسم مشتركة مع شخصية فريال لما قدمتها بهذا الشكل فأجبتهم أنا لست كذلك ولست إنسانة انفعالية ولكن هذه الشخصية كتبت هكذا وقد اختلطت على البعض شخصيتي الحقيقية وشخصية فريال؟!..

* كيف يمكن برأيك المحافظة على نجاح دراما البيئة الشامية مع وجود تكرار في بعض الأعمال وأجزاء وغيرها؟

ـ في الواقع عندما انطلق مسلسل «باب الحارة» لم يكن في ذهن القائمين عليه أن يكون متعدد الأجزاء حيث كتب ليكون جزءا واحدا (وكان الجزء الثاني هو في البداية المكتوب والجاهز) ولكن وجد المخرج بسام الملا أن الشخصيات في هذا الجزء كانت (مضغوطة) بشكل كبير فكتبوا الجزء الأول وأدخلوا حدث الحديعشري وتعرف على شخصيات «باب الحارة» وبسبب فقره قام بافتعال الجريمة، وكان الجزء الأول ذكوريا وكان لدينا كأسرة المسلسل خوف من أن لا ينجح الجزء الثاني رغم تماسك الجزأين خاصة أن الجزء الثاني ركز على البيوت والمرأة ولكن نجح نجاحا كبيرا وفي الجزء الثالث ما حصل مع الزميل عباس النوري وكان مكتوبا له دور حتى عشرين حلقة من العمل ولم يكن لدى عباس اعتراض ولكن كان لديه ارتباطات كثيرة فنتيجة ذلك ولعدم مشاركة عباس النوري في الجزء الثالث أعيدت كتابة الجزء الثالث وبسرعة وبالتالي قدّم الجزء الثالث مجتمع الحارة مع تتمة لبعض الأحداث بينما الجزء الرابع كان إلقاء الضوء على وطنية مجتمع الحارة وبالتالي وبما أن الدراما هي انعكاس للواقع وإثارة لمواضيع وتحفيز وإلقاء الضوء على الأحداث كان الجزء صدى لواقع وأحداث، وفي هذا الجزء كان هناك فلسطينيون يساعدون أهل الشام ضد الفرنسيين بينما في الجزء الأول كانت المعادلة معكوسة وهذا بحد ذاته أمر محفز ومع أنه لم تقدم الأحداث بتواريخها ولكن أعتز بما قدمه الجزء الرابع من «باب الحارة» وأنا مع هذه الأعمال التي أطلق عليها فانتازيا بيئية أو فانتازيا شعبية لسبب واحد وهو أن التاريخ هنا يقرأ من قبل كل شخص بشكل مختلف ولذلك أقول إن موضوع الأجزاء لم يسئ لمسلسل «باب الحارة» مطلقا. وأنا لا أرى أن هناك تكرارا وكم من هذه الأعمال، فما المانع مثلا أن يكون من أصل عشرين مسلسلا تلفزيونيا سوريا اثنان من البيئة الشامية واثنان عرضا مشفرين وبالتالي لا تتجاوز نسبة هذه الأعمال 10ـ 20 في المائة من مجمل الأعمال فما المشكلة هنا؟ وفي الموسم القادم قد لا يكون هناك جزء جديد من «بيت جدي» بينما سيكون هناك الجزء الخامس من «باب الحارة» ولحسن الحظ أن مسلسل «باب الحارة» أصبح جزءا من تراث العائلة الشامية في شهر رمضان، لقد أصبح طقسا رمضانيا ينتظره الكثيرون في العالم العربي وخارجه كما ينتظرون برنامج بعد الإفطار.

* هناك من يقول إنك من أكثر فنانات جيلك حظوظا في المشاركة بالأعمال الدرامية.. ما رأيك بذلك؟

ـ لا أعرف ماذا تعمل زميلاتي ولكن لست مع هذه المقولة، فمثلا من بنات جيلي أمانة والي لديها عدة أعمال ولكن كما قلت لك فإن أعمال البيئة الشامية قد تكون السبب في هذه المقولة، فهذه الأعمال التي شاركت فيها فرضت نفسها على المتلقي ومن هذا المنطلق وحتى لا يشعر البعض بأنني مميزة عن غيري في المشاركة بالأعمال الدرامية أقول لك إنني لست محسوبة على أحد وثانيا أنا لست مجاملة فلا أجامل أحدا وقد أتودد لمن يقدم الشاي والقهوة في أي مسلسل أكثر من الجهة المنتجة، وقد أكون صديقة للفنيين أكثر من المخرجين، وهذا معروف عن سلوكي في العمل الفني، حيث لا أعتبر نفسي أكثر موهبة من غيري فلذلك تعرض عليّ المشاركة في الأعمال الفنية فكل واحد يأخذ نصيبه في المحصلة وحسب ما قسم الله له.

* أي إنك لست مع أي شلة فنية رغم ما يقال عن عودتها بشكل كبير للساحة الدرامية السورية؟

ـ هذا صحيح فأنا لست محسوبة على أي شلة أو شركة إنتاجية، فمثلا الشركة التي أنتجت مسلسل «بيت جدي» لم تدعني للمشاركة في مسلسلها الاجتماعي «تحت المداس» رغم وجودي في مسلسل «بيت جدي» وهذا برأيي أمر طبيعي.

* ما رأيك بمقولة أن الأعمال المدبلجة اشتهرت على أكتاف الدراما السورية؟

ـ هذا غير صحيح فأنا درست في روسيا وعشت هناك لفترة وشاهدت أن الكثير من الأعمال مدبلجة من أجل اللغة ومن أجل أن بعض المشاهدين أميون، فلذلك ليست هناك مشكلة إن دبلجنا الأعمال التركية أو حتى الأميركية والإنجليزية، وكانت هناك فكرة لدبلجة عمل أميركي وأجرينا تجربة ثم توقفت الفكرة ولا أعرف السبب. وأنا شاركت في كثير من الأعمال المدبلجة وأحببتها ليس كأجر فأجورها قليلة جدا وتكاد تشابه أجور الأعمال الإذاعية والتي أحبها أيضا وأنا عندما وافقت على المشاركة في مسلسل «بيت جدي» كتبت في العقد يراعى وقتي مع مسلسل «باب الحارة» والأعمال المدبلجة وبالتالي لو تعارض «بيت جدي» مع هذين العملين فكنت سأوقف ارتباطي به. وأنا أنظر لمشاركتي في الأعمال المدبلجة وكأنها امتحان لي بعد دراستي في المعهد المسرحي خاصة في مجال الانتباه وسرعة البديهة حيث يجب تناغم حركة الشفاه مع التمثيل والشخصية التي أقدمها في العمل المدبلج، ولذلك هذه الأعمال تفيدني كثيرا.

* هل لديك مشروع إخراج تلفزيوني؟

ـ لا فأنا مخرجة مسرح وليست لديّ هواية الإخراج التلفزيوني خاصة مع وجود مخرجين موهوبين مثل حاتم علي وهناك زملاء جربوا الإخراج التلفزيوني وتوقفوا وأنا لن أخوض هذه التجربة ليس لخوف وإنما لعدم وجود محفزات في ذلك.

* هل تنتقدين نفسك بعد أن تشاهدي أعمالك؟

ـ بالتأكيد أنتقد نفسي وأندم أحيانا إذا لاحظت أن موقفاً ما لم أكن موفقة فيه وأقول يجب أن أتعامل معه بشكل مختلف في العمل التالي، ولذلك برأيي أن المسرح أفضل من التلفزيون ولكن يبدو أن المسرح لدينا ما زال مصرا على أن يقدم أعمالا للنخبة فقط أو مسرحيات للتجريب فقط من قبل الممثلين الشباب وأنا لست ضد التجريب ولكن يجب أن يكون هناك عمل مسرحي محفز للممثل وحتى يجد صدى لدى الجمهور عندما يصعد للمسرح وحتى أعكس حياة الجمهور اليومية، وإذا كنا سنقدم فقط مسرحيات عالمية ومن التراث وللنخبة فلن يعني ذلك الجمهور.

* هل أنت راضية عن التكريم الذي حصلت عليه خلال مسيرتك الفنية؟

ـ بالطبع راضية ولكن أهم تكريم برأيي هو حب الجمهور فعندما أتواجد في لقاء تلفزيوني مثلا يأتيني كم هائل من رسائل الخليوي مباشرة من الجمهور وهذا برأيي رصيد كبير وحب لا يمكن أن أتخلى عنه وهو التكريم الحقيقي لي.