نضال سيجري: اعتذرت عن دور رئيسي في «باب الحارة» لأنه لا يتقاطع مع تفكيري

الفنان السوري لـ«الشرق الأوسط»: لا أمانع من تكرار تجربة الثنائيات بشرط أن يحترم العمل ذهن المشاهد

الفنان نضال سيجري في أحد مشاهد مسلسل «ضيعة ضايعة» («الشرق الأوسط»)
TT

بعد الوعكة التي ألمّت به مؤخرا عاد الفنان والممثل السوري نضال سيجري لمباشرة عمله الدرامي من خلال تصوير دوره في الجزء الثاني من المسلسل الكوميدي «ضيعة ضايعة»، حيث انطلقت أعمال تصويره من قِبل المخرج الليث حجو أواخر شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وكان مسلسل «ضيعة ضايعة» قد حقق في جزئه الأول جماهيرية ومشاهدة واسعة بسبب بساطته ومضمونه الساخر اللطيف ولهجة أبطاله التي لم يكن يعرفها الجمهور من قبل، وهي إحدى لهجات مناطق الساحل السوري، حيث بات الشباب يرددون كلماتها. العمل من بطولة الثنائي الكوميدي باسم ياخور الذي يجسد فيه شخصية «جودي» ونضال سيجري في شخصية «أسعد». وكان جمهور الدراما التلفزيونية قد تابع الفنان سيجري في أكثر من عمل في الأشهر الماضية، ومنها مسلسل «زمن العار» مع المخرجة رشا شربتجي، حيث جسّد فيه شخصية رجل مثقف ومهمش يعيش على هامش الحياة ويجلس دائما في المقاهي ويهتم بالكتب القديمة، وتابعه بمسلسل «سفر الحجارة» مع المخرج يوسف رزق، الذي جسّد فيه شخصية شاب فلسطيني مقاوم، ثم مسلسل اجتماعي معاصر حمل عنوان «قلبي معكم» مع المخرج سامر برقاوي.

ولم يكن نضال غائبا عن الأعمال الشامية، حيث شارك في الجزء الثالث من مسلسل «الحصرم الشامي» للمخرج سيف الدين سبيعي، وكان نضال حاضرا فيه من جزئه الأول، الذي عرض على إحدى القنوات المشفرة، ويجسد فيه شخصية برهان ابن آغا الشام، وشاهده الجمهور أيضا في شخصية «الأمين» ابن هارون الرشيد في عمل كوميدي تاريخي حمل عنوان «بهلول»، كما أدى دورا مميزا في المسلسل المعاصر «رياح الخماسين» مع المخرج هشام شربتجي، الذي يعرض حاليا على إحدى الفضائيات العربية. الفنان نضال سيجري يتحدث لـ«الشرق الأوسط» من دمشق حول هذه الأعمال وغيرها من القضايا المرتبطة بالشأن الفني، فإلى نص الحوار:

* أنت أحد بطلَي مسلسل «ضيعة ضايعة»، ما أسباب نجاح هذا العمل وانتشار شخصياته بشكل شعبي؟ وهل توقعتم كأسرة عمل أن يحقق المسلسل هذا النجاح؟

ـ هذا العمل ـ كمشروع ـ ليس وليد اللحظة بل عمره ثلاث سنوات من خلال التحضير المسبق ما بين باسم ياخور والليث حجو وأنا وبذهننا كان المشروع الذي دخل إليه الكاتب ممدوح حمادة وواجهتنا صعوبات في البداية حيث بحثنا لفترة ليست قليلة عن منتج للعمل فالشركات التي عرضنا العمل عليها خافت وارتعبت وتهربت من إنتاجه بسبب أنها لم يكن لديها تقدير إلى أين سيذهب هذا المشروع حتى وجدنا شركة «سامة» والمنتج أديب خير والتي رضيت إنتاجه كمغامرة! ونحن لم نكن نتوقع أن يحصد هذا النجاح وكنا ننظر إليه كتجربة فيها هستيريا ممثل ومخرج، ونص والعمل في رأيي لاقى الاستحسان بسبب البساطة التي قُدّم فيه والصدق والحب الموجود وراء الكاميرا في كل مراحل التصوير والتحضير بين كل الشخصيات وعناصر العمل من عامل البوفيه وحتى أهم عنصر في العمل، فلو لم يكن مزاج الجميع جيدا لما حقق العمل النجاح.كذلك احتضان أهالي القرية التي صورنا فيها العمل والمكان الرائع البكر والساحر وكأنه مكان من تلك الأمكنة التي كتب عنها ماركيز أو جارودي وجورج أمادو في أميركا اللاتينية ففي المكان واقعية سحرية حيث هو موجود واقعيا ولكن حالته قائمة على السحر والجمال. واللهجة القديمة التي تحدث بها أبطال العمل لاقت إعجاب الناس رغم انتقاد البعض لنا بأننا نبالغ في اللهجة، صحيح نحن «مططنا» اللهجة والكلمات لأننا نعمل بأسلوب اللوغيست في المسرح (أي ما يشبه الكاريكاتير في الفن التشكيلي).

* شكلت مع الفنان باسم ياخور ثنائيا كوميديا في «ضيعة ضايعة» ذكّر الناس بثنائي غوار الطوشة وحسني البورظان (دريد لحام ونهاد قلعي)، هل يمكن أن نشاهدكما كثنائي في أعمال أخرى؟

ـ إذا كان هناك مشروع لائق ويحترم ذهن المشاهد سنكون معا بكل سرور ولكن هذا يعود إلى نوعية المشروع ومحتواه وماذا سيقول للمشاهد، مع أنني لست من أنصار أن يكون هناك ثنائي طول العمر رغم أنني والفنان باسم استمتعنا كثيرا في العمل وأعطينا من روحينا للعمل وبصراحة وحب وكل منا أعطى ما بداخله للآخر دون أن ينتظر الرد والشكر لأننا كنا ندافع عن المشروع وعن بعضنا طول الوقت ولم نسخر من الشخصيات.

* أنت مطلوب من قِبل معظم المخرجين والمنتجين السوريين ولكل الأعمال البيئية التراثية والاجتماعية المعاصرة والتاريخية رغم ما يقال عن عودة الشللية إلى الوسط الفني السوري؟

ـ تجربتي الفنية تعود لبدايات تسعينات القرن الماضي وأنا منذ ذلك الوقت لم أنتمِ إلى أي شلّة فنية من لحظة تخرجي في المعهد العالي للفنون المسرحية وحتى الآن ولا توجد لدي رغبة للانتماء إلى أي شلة رغم اعتراضي على التسمية حتى لا تسبب أذى للآخرين وأكون قاسيا تجاههم، وهي ببساطة مجموعة من الأصدقاء يلتقون من خلال العمل وينسجمون ويتواصلون فيتعود بعضهم على بعض وهذا ما يسمى شلّة. أنا أعتبره أمرا مشروعا، ولكن أن تتحول إلى شلة مغلقة وأي عنصر آخر هو جسم غريب عنهم فأنا لست معها مطلقا.

* هل عُرض عليك المشاركة في مسلسل باب الحارة؟

ـ عرض علي المشاركة في الجزء الرابع منه وبدور رئيسي واعتذرت للأسف بسبب ارتباطات التزمت بها من قبل، ولسبب آخر هو أن العمل لم يتقاطع معي كفكر مع احترامي الشديد له ولمخرجه الصديق بسام الملا والذي له فضل، علي حين قدّمني للجمهور في مسلسل العبابيد وكنت في بداياتي وأعطاني شخصية رئيسية فيه ولدي الرغبة أن أقول له ـ عبر جريدتكم ـ شكرا، فأنا أعزه كثيرا وكان أخا بكل معنى الكلمة، ومشروعه في باب الحارة جائز ومن حقه أن يدافع عنه وأنا من حقي أن أقول أكون أو لا أكون، ببساطة دون أن يجرّح بعضنا بعضا، أو أن ندخل في تفاصيل تصغرنا ولا تكبرنا.

* ولكن العمل حاز على جماهيرية واسعة وحقق أكبر مشاهدة؟

ـ هذا مخيف حقا، فالعمل لم يتقاطع معي، وهو الذي حقق أكبر مشاهدة في العالم العربي والرابع عالميا، فمعنى ذلك أنني سأكون في مكان ليس مكاني في لحظة من اللحظات، وهي قصة كارثية وليست في مصلحتي مطلقا! وأنا ميّال إلى أن أكون موجودا في عمل هو مكاني ومربعي واضحا فيه وأستطيع العمل بما يتناسب مع ما أفكر ومع طريقة حياتي وكيف أنظر المرآة، فلدي اعتراض في باب الحارة على النص.

* ولكن الحصرم الشامي لاقى انتقادات كثيرة من حيث النص أيضا.

ـ صحيح، ولكن الحصرم الشامي قائم على وثيقة ويوجد فرق بين عمل يقدم فلكلورا وحالة مفترضة قائمة وعلى تحابّ الجيران طوال حلقات المسلسل، وأن تقدّم وثيقة تتحدث عن انتكاسات ووجع في مرحلة من المراحل، وأنا ميّال إلى هذا النوع أكثر.

* هل عُرض عليك العمل مع الدراما المصرية؟

ـ عُرض عليّ العمل في مصر واعتذرت لعدم قناعتي بالعمل بغير لهجتي السورية، وإذا عُرض عليّ المشاركة في عمل مصري سأوافق بشرط أن تكون الشخصية سورية.

* المتابعون لتجربتك الفنية يقولون إنك تعطي من روحك وجسدك للشخصية التي تجسدها، ألا يتعبك ذلك ويؤثر على حياتك الشخصية؟

ـ بلى، وأنا في المحصلة محترف في هذه المهنة، وهناك أحد المتصوفين يقول: «إذا كنت تريد أن تكون مؤثرا فعليك أن تكون متأثرا»، فيجب أن نؤمن بما نقدمه وأن نصدقه حتى يصدقنا الآخرون في عملنا ويتابعونا، لأنه ليس أسهل على المشاهد حاليا ومن خلال الريموت كونترول من أن يقلب في ثلاثين ثانية على عشرات المحطات الفضائية وأن يختار ما يرغب مشاهدته خلال ربع ساعة على الأغلب ولذلك يجب على الممثل أن يكون حريصا أن يشاهده الجمهور في لحظة بحثه عن عمل وممثل يتابعه.

* هل شاركت في الأعمال المدبلجة؟

ـ لا، لم أشارك فيها ولم تعجبني ولا تمثل حالتي أو تشبهني حتى هذه اللحظة وأنا لست ضد أن تقدم، خصوصا أن الدوبلاج ساعد عائلات كثيرة وحقق دخلا ماديا منه، فهناك العديد من أصدقائنا الممثلين المهمين ولكنهم لم يجدوا موطئ قدم في مكان يليق بهم فشاركوا في الدوبلاج ووجدوا فيه مكانهم وبنجاح.

* وما رأيك في ما يقال عن أن الأعمال المدبلجة ظلمت الممثل السوري الذي أعطاها صوته؟

ـ بالعكس، لم تظلمه، بل أفادت الممثلين السوريين وقدمتهم وصاروا نجوما من خلال الدوبلاج.

* أنت ابن المسرح، هل أثرت الدراما التلفزيونية على نشاطك المسرحي؟

ـ المسرح هو رحم أساسية للفنون وهو هاجسي الدائم وفي داخلي، وأنا لست مع مغادرته تحت أي ظرف لأنه محكّ أساسي لعمل الممثل ولدي عمل مسرحي عُرض في احتفالية دمشق الثقافية العام الماضي، وهو «أرامل على البسكليت»، مع المخرج جواد الأسدي، وسنعيد عرضه قريبا وأجهز لعرض قادم مع مسرح جامعة تشرين في مدينة اللاذقية السورية.

* في السينما هل هناك جديد لديك؟

ـ حاليا لا يوجد، وكان آخر فيلم شاركت فيه هو «سيلينا»، وهو فيلم استعراضي ميوزيكال، وكانت تجربتي فيه مفيدة لكي أعلم كيف يتم إنجاز مثل هذا النوع من الأفلام من خلال الإيقاع والموسيقى مع حركة ممثل وراقص، فهي تجربة تختلف عن المسرح والتلفزيون.

* هل لديك الرغبة في إخراج عمل تلفزيوني؟

ـ لا، وقد عُرض عليّ إخراج مسلسل قبل سنتين واعتذرت لأني لم أقتنع به، ولأنني أنظر إلى نفسي أنني ممثل ومخرج مسرحي وأنظر إلى الإخراج التلفزيوني من منطلق توفر الهوى والهاجس والهوس، وهذه الأمور لم تحصل معي حتى الآن.

* في تقديم البرامج التلفزيونية كنت موجودا في برنامج على التلفزيون السوري استضفت فيه نجوم الدراما السورية والبعض برر نجاح البرنامج لأنك أنت كممثل تقدمه، ما رأيك في ذلك؟

ـ هناك برنامج لي سابق قبل سنتين، وهذه التجربة لها خصوصيتها لأنني ألتقي زملائي وأصدقائي، وهناك محاولة مني أن تكون العلاقة معهم حميمية لأقصى حد ممكن، وكنت حذرا أن لا أقع في مطب الاستعراض، وأنا لم أبحث عن أسرار الضيف لأفشيها أمام المشاهد، فهذا ليست قناعاتي لأنني ضد الصحافة الصفراء، ولدي الرغبة أن أرى الجزء الأطيب والأفضل لدى ضيفي في البرنامج.