عبد الحكيم قطيفان: اعتذرت عن عدم المشاركة في عمل مع رانيا فريد شوقي لأسباب مادية

الفنان السوري لـ «الشرق الأوسط»: مشاركة السوريين في الدراما المصرية خدمتهم إعلاميا وماديا

عبد الحكيم قطيفان
TT

على الرغم من شهرته في تقديم الرجل الوسيم في كثير من الأعمال التلفزيونية السورية المعاصرة، فإن عبد الحكيم قطيفان برز أيضا في تقديم الأدوار التاريخية والكوميدية، ولكن تركيز مخرجي ومنتجي الأعمال السورية كان على إعطائه دور الرجل الحازم وضابط الشرطة الذي يحقق في الجرائم ويستطيع كشف المجرم من خلال أسلوبه المميز، وتجربة قطيفان الفنية المستمرة منذ أكثر من ربع قرن انطلقت من خلال المسرح وفي عشرات الأعمال المميزة ومنها: «الإخوة»، «قانون الغاب»، «فيضة الغيوم»، «حارة الباشا»، «المجنون»، «العبابيد»، «ليل المسافرين»، «أحلام لا تموت»، «القلاع»، «تاج من شوك»، «أخوة التراب»، «ثلوج الصيف»، «سحر الشرق»، و«رجال تحت الطربوش» و«مرايا» مع الفنان ياسر العظمة، وفي مسلسل «عصر الجنون» مع المخرج مروان بركات وفي «غزلان في غابة الذئاب» مع المخرجة رشا شربتجي، وفي «رياح الخماسين» مع المخرج هشام شربتجي، وتابعه جمهور المسلسلات التلفزيونية في الموسم الماضي في المسلسل الاجتماعي المعاصر «شتاء ساخن» مع المخرج فراس دهني، حيث جسد فيه أيضا شخصية ضابط شرطة، وفي المسلسل الاجتماعي «صراع المال» حيث يجسد فيه شخصية رجل أعمال ولديه شركة إنتاج فني في بيروت حيث يتبنى الأصوات الغنائية الجميلة، وشارك في مسلسل «سفر الحجارة» مع المخرج يوسف رزق، كما كان موجودا في مسلسل قلوب صغيرة حيث جسد فيه شخصية مدرس رياضة بدنية، وشارك في ثلاث سباعيات منتجة لصالح «روتانا خليجية» وهي «أغراب» و«كلمة أخيرة» والثالثة بعنوان «للقدر كلمة أخيرة» حيث أدى فيها شخصيات رجل عاشق، وطبيب مشهور، وسائق تاكسي. وفي مجال السينما شارك قطيفان في الفيلم السوري «صهيل الجهات» وأخيرا شارك في فيلم سينمائي روائي سوري «مرة أخرى» للمخرج جود سعيد.

وفي الحوار التالي من دمشق يتحدث الفنان عبد الحكيم قطيفان لـ«الشرق الأوسط»:

*هل لديك أعمال خارج سورية وتحديدا مع الدراما المصرية؟

- كان هناك مشروع عمل تلفزيوني مع المصريين وتحديدا مع الفنانة رانيا فريد شوقي ولكن لم أتفق مع الجهة المنتجة، والسبب مالي، وعندما تأتيني فرصة ثانية ودور جيد فسأكون موجودا في الدراما المصرية، وكما هو معروف فعندما سأذهب إلى مصر للمشاركة في عمل تلفزيوني فيعني ذلك أنني سأغيب عن أعمالي هنا في سورية ومن الضروري أن يكون هناك تعويض عن هذا الغياب. وكان هناك أيضا مشروع مسلسل تلفزيوني مع الكويتيين والدور فيه شخصية شاب سوري يعيش في الكويت ومتزوج من امرأة كويتية ولديه أولاد يكبرون، وتحدث مشكلة بين ابنته وبين ابن صاحب الشركة التي يعمل بها فتزعجه المشكلة وينتقل بعدها من الكويت إلى دبي. وسبب اعتذاري عن أداء الدور هو مالي أيضا وحل محلي زميل سوري.

*يلاحظ أن اعتذارك دائما لأسباب مالية لماذا؟

- هناك من يعتقد أن المشاركة في عمل مصري هو فرصة لزيادة الشهرة، وأنا لا يهمني هذا الشيء فلدي أعمال كثيرة هنا في سورية وأستطيع إثبات حضوري وأن أقدم أعمالا مهمة، وأقول لك إن كثيرا من الزملاء الممثلين الذين ذهبوا إلى مصر وغيرها كانت لديهم أعمال أهم هنا في سورية مما قدموه في مصر، ويبقى التواجد في مصر يحقق للممثل السوري فرصة إعلامية جيدة وفرصة مادية (للبعض من الزملاء) جيدة.

*ولكن آراء كثيرة تؤكد أن مشاركة النجوم السوريين في الأعمال المصرية كانت مهمة وخدمتهم فنيا؟

- إذا كنت تريد الدخول في الأسماء فأقول لك مثلا إن الفنان أيمن زيدان فشل في تجربته مع الدراما المصرية، بينما جمال سليمان قدم أعمالا مهمة في مصر، ولكن في رأيي أن ما قدمه هنا في سورية أهم بكثير مما قدمه في مصر، ولكن في مصر تحققت له خدمة إعلامية ومادية وكانت ملائمة فعلا لجهده الذي بذله في الأعمال المصرية. وتيم حسن قدم شخصية استثنائية في تاريخ مصر والمنطقة وهذا أمر هام بالنسبة له.

*هل عرض عليك العمل في مسلسلات البيئة الشامية، خاصة مع انتشارها جماهيريا ورغبة كثير من الفنانين السوريين في المشاركة فيها، خاصة في مسلسل «باب الحارة»؟

- لم يعرض عليّ العمل في هذه الأعمال، ومنذ مشاركتي في المسلسل التاريخي «العبابيد» قبل 15 عاما مع المخرج بسام الملا لم يحصل أي تعاون لي معه في أعمال من إخراجه ولا أدري السبب في ذلك، ولكن كموقف شخصي لي فإن هذه الأعمال لا أحبها ولا أشاهدها مطلقا لسبب مهم في رأيي؛ هو أنها تتضمن كذبا وتناقضا هائلا بين البيئة والتاريخ، وليس فيها مصداقية، والدليل أن الفترة التي تتكلم عنها هذه الأعمال وهي الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي تعتبر من أغنى فترات الحراك السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي؛ إن كان على مستوى المرأة والرجل، أو على مستوى الوطن كله، وحتى على مستوى المنطقة، حيث كانت سورية في تلك الفترة مصدّرة لكثير من المساهمات المعرفية والثقافية والسياسية، وفي نهاية الثلاثينات كان المرأة السورية تنتخب أعضاء البرلمان، وفي العشرينات كان هناك امرأة سورية ترأس تحرير مجلة وتقود مظاهرات، وفي الأربعينات لم يكن هناك منزل سوري إلا وفيه أناس ينتمون لحزبين أو ثلاثة، بينما ما شاهدناه في باب الحارة أن كل الناس أميون وبائعو بطاطا وفول وحمص وغير ذلك، ولا أدري إلى أي مدى لهذا الشيء علاقة بالمجتمع الشامي، فهذا المجتمع يضم نسيجا ديموغرافيا متنوعا، حيث يوجد أناس من حوران ومن الجزيرة ومن الساحل، فلا توجد حارة في الشام إلا وفيها تداخل ديموغرافي، بينما لاحظنا في هذه الأعمال أن المرأة متخلفة وتعيش على الدسيسة والنميمة، والرجل قبضاي، وكلهم أميون. ولا أدري إلى أي مدى لهذا الشيء علاقة بالتاريخ الشامي، ورأيي أن هذه الأعمال تستحق من الذم أكثر بكثير من المدح.

*ولكن الأعمال الشامية تتميز بأعلى نسبة مشاهدة بين الأعمال الدرامية خاصة مسلسل «باب الحارة»؟

- الأعمال التركية المدبلجة لها شعبيتها أيضا وهناك من ينتقدها ويشاهدها في الوقت نفسه، فالشيزوفرونيا موجودة لدينا، وفي رأيي أن هناك مشكلة في هذه الأعمال ومشكلة في الذوق السائد وليس المشكلة فقط في كتابة هذه النصوص وإخراجها وتمثيلها، فالمشكلة أيضا عند المتلقي والمشاهد. هناك أزمة ذوق؟!

*يلاحظ بعض النقاد والمتابعين أن هناك خطين حاليا في الدراما السورية؛ الأول ثقافي معاصر وجريء، والثاني الأعمال البيئية مثل «باب الحارة» و«ضيعة ضايعة» كيف تنظر لهذا التصنيف؟

- أنا لست ضد التلوين في الدراما، ومع إنتاج أعمال بوليسية وتاريخية وبدوية ومعاصرة، فهناك أذواق سائدة عامة وبالتالي هي جزء من مكونات ذوقية موجودة، فهناك من يستمتع بالأعمال البدوية، وهناك من يستمتع مثلا بعمل مثل «ضيعة ضايعة» حتى خارج سورية، وهذا يدخل ضمن السهل الممتنع، فهو بسيط ولكنه منجز بطريقة ذكية وقريبة من كل الأجيال العمرية، وما ساعد على انتشاره هو الترجمة للعبارات المحلية وهذه تحصل لأول مرة في الدراما السورية، وأنا معها ككوميديا وكشخصيات موجودة في التاريخ وفي السينما مثل «لوريل وهاردي» و«دريد ونهاد» وفي «ضيعة ضايعة» الثنائية بين باسم ياخور ونضال سيجري كانت مقدّمة بطريقة ذكية وتضمنت مقالب على مبدأ أفلام الكرتون «توم وجيري»..! وتبقى جماهيرية الأعمال البسيطة حقيقة، وفي رأيي تحتاج لاستبيانات ودراسات لمعرفة أسباب شعبيتها، وإن كان من الواضح أن السبب هو بساطتها، حيث لا يوجد فيها تعقيد. والناس، وبسبب ضغوط العمل اليومية، تحتاج لمثل هذه الأعمال التي تقدم استرخاء للمشاهد وتريح رأسه قليلا.

*شاهدناك في الأعمال الكوميدية، خاصة في «مرايا» ياسر العظمة. كيف تنظر للمشروعات الكوميدية السورية مثل بقعة ضوء وكل شي ماشي وغيرها؟

- أعتبر مشروع «مرايا» هو مشروعي الشخصي الكوميدي مع الفنان ياسر العظمة، أما مشروع بقعة ضوء فقد شاركت فيه بأجزائه الأولى أما الأجزاء الأخيرة فلم أشارك فيها لانشغالي بأعمال خارج دمشق وأعتبره أيضا مشروعي الشخصي لأن هذه الأعمال تتضمن مواد سريعة وكثيفة ويمكنها أن تضع بصماتها على كثير من مواقع الخلل والفساد الموجود في حياتنا ولكن على طريقة «الدواء في الطعم الحلو»!! وللأسف غابت «مرايا» في السنتين الماضيتين لأسباب إنتاجية كما أعتقد، فالجهات الإنتاجية تضع العصي في الدواليب، وأفتخر بأنني شاركت في هذه التجربة.

*يلاحظ إسناد أدوار معينة لك باستمرار. ألا تطمح مثلا إلى أن تقدم شخصية تاريخية ما في عمل تلفزيوني؟

- لم يعرض علي تقديم شخصية ما، ولكن ما يهمني هنا أنه إذا لم أقتنع بما يعرض علي ويكون له قيمة في الحياة، فلن أقدمه.

*هل لديك مشروع إخراجي؟

- لدي مشروع إخراج نص مسرحي وقريبا سأنفذه، بينما ليس لدي طموح في الإخراج التلفزيوني والسبب أن الشيء الذي أفكر فيه سأقدمه كممثل أفضل منه كمخرج. وكممثل لدي القدرة على إيصال ما أريده ولست خائفا على نفسي كممثل، وفي رأيي أن هناك ممثلين ذهبوا للإخراج لأنهم شعروا أن سقفهم انتهى في التمثيل.

*كيف تنظر للدراما المدبلجة.. هل عرض عليك العمل فيها، وما رأيك في ما قيل عن تأثر الإنتاج الدرامي السوري سلبا بهذه الأعمال؟

- نعم عرض علي العمل بها ولم أوافق بسبب أن الدوبلاج لا يناسبني، فليس لدي صبر على أن أجلس في غرفة ضيقة، ولسبب آخر أيضا؛ هو أنني أعتبرها مثل الوباء الذي يجتاح الدراما السورية والموجه ضدها، وفي رأيي أن الدراما المصرية تجاوزت أزمتها من خلال تطعيمها بفنانين سوريين، وهي بشكل أو بآخر محصنة بمؤسسات وبدوائر ما، بينما الدراما السورية محكومة بالارتجال والقرارات والأمزجة الفردية، وبالتالي هناك خطورة على الدراما السورية، والموسم الماضي تراجع الإنتاج للنصف، والدراما التركية مؤثرة وبشكل مؤذٍ؛ فمثلا قبل ثلاث سنوات عندما كنت أقلب في المحطات كنت أشاهد أعمال سورية، بينما حاليا أشاهد المسلسل التركي المدبلج على 12 محطة مصرية وخليجية، وحتى هناك قناة سورية تعرض تركيا مدبلجا؟!..