سهام شعشاع: 80% من المطربين جاهلون وغير مثقفين

الشاعرة السورية أكدت لـ «الشرق الأوسط» أنها دخلت عالم الأغنية لكسب رزقها

TT

اعترفت الشاعرة سهام شعشاع أنها دخلت عالم الأغنية لتكسب رزقها، وذلك لأنه لا يمكن تجاهل الشق المادي في زمننا هذا. لذا قررت أن تكتب الأغاني على الورق. وأضافت بأن الشعر يبقى شعرا ولا يتغير الثوب الذي ترتديه القصيدة سواء كان في العامية أو الفصحى. وعلى عكس ما يعتقده البعض فإن الكلمة تلعب دورا هاما في نجاح الأغنية.

وأشارت إلى أن قلة من المطربين تعرف قيمة الكلمة وأن 80 في المائة منهم رفيقهم الجهل وغير مثقفين يتبعون فقط الرائج في موضة الأغنية معتقدين أنها «ضاربة» من خلال الإيقاع فيتمسكون بتفصيل الأغنية على قياس الطلب وللأسف عند التعامل مع هؤلاء نشعر بسرعة بحجم هشاشة الصورة والرغبة لديهم بالنسبة لهذا الموضوع.

ورأت أن الأمة العربية بشكل عام لا تعرف التعامل مع الشعر والاستفادة منه، وأنها شخصيا لم تهمل القصيدة بغض النظر عن الشكل الذي تقدمها فيه فهي لا تساوم على خصوصية النص وغالبا ما تذهب في اتجاه النص البسيط الميال إلى القلب فتكون أقرب إلى الناس.

واعتبرت أنها وفي قرارة نفسها لا تعلم مسبقا ماذا تريد أن تكتب. وعادة ما تدفعها حالة ما عايشتها لكتابة نص الشعر. وقالت إن الجهل الذي يسود أهل الفن، يعود إلى كونهم لا يعرفون تذوق الشعر لعدم ممارستهم الاطلاع على الكلمة بطريقة أو بأخرى فعليهم أن يتعلموا القراءة.

وسهام شعشاع التي حققت أول نجاحاتها في عالم الأغنية من خلال كتابتها «شوبني» لإبراهيم الحكمي أطلت مؤخرا في جديد إليسا من خلال أغنية «وبيستحي». وقالت: «احترمت خياراتها منذ البداية، فإليسا تتمتع بحس مرهف وعملت في إطار الكلمة وانتقت مواضيع تلامس مشاعر الجميع فعلقت في الأذن». وأردفت: «تجمعني صداقة كبيرة بإليسا ولم أكن أدري أي موضوع أقدم لها فرفضت التكرار، وألقيت الضوء على خجل الرجل مقتنعة بأنه موضوع جيد يضعها دون شك في ملعب الشعر. والجميل أن صوت إليسا لديه خصوصية لا تشبه أحدا فيصل دون استئذان للمستمع الذي يقبل منها كل جديد».

وانتقدت الشاعرة السورية الفنانين الذين يطالبون بمواضيع جديدة وعندما تقدم لهم يصفونها بالآنية. واعتبرت أن هذا الأمر يوقعهم في الخطأ، مشيرة إلى أن الأب مثلا لم يسبق أن تطرق فنان إلى موضوعه وعندما اقترحته على أحدهم رفضه بحجة أنه آني ويحتاج إلى مناسبة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى موضوع الأولاد، فقد كتبت قصيدة بعنوان «بدي ولاد» ولم يتجرأ فنان على أدائها، لاعتقاده أن من يرغب في الإنجاب يكون على أبواب نهاية مشواره الفني. وأبدت سهام شعشاع رغبتها في التعاون مع عدد من الفنانين أمثال ماجدة الرومي وأصالة وصابر الرباعي وشيرين عبد الوهاب ووائل كفوري لأنها تحب هذا النوع من الأصوات، مشيرة إلى أنها ترى صعوبة في إيجاد الأصوات النسائية المؤثرة. وأكدت أنها لم تفكر يوما بالاسم اللامع أو بالتعاون مع النجوم فقط، فإبراهيم الحكمي مثلا كان في بداياته عندما غنى «شو بني» والمهم أن توجد القواعد الأساسية للأغنية فتكون متكاملة يشكل النجم محورها فالحكمي حسب رأيها احترم الكلمة اللبنانية وأحس بها فأجادها. وهي في المقابل مثلا تجد أن ما تكتبه لا يتناسب مع نجومية نجوى كرم بل مع كارول سماحة أو نوال الزغبي وغيرهما من الأسماء التي قد تصيب كلمتها معهم.

وسهام شعشاع التي استقرت مؤخرا في لبنان رغم أنها سورية الجنسية، اعتبرت أن قرارها هذا جاء بالصدفة رغم أنها ولدت وتربت في لبنان فإنها سورية في العظم وفي العمق، وبرأيها أن السوري الحقيقي هو الذي يتقن فن حب لبنان خصوصا وأن لهجة البلدين هي نفسها فالكتابة بالعامية السورية قريبة جدا إلى العامية اللبنانية فلا نكتشف الفرق مثلا عندما نستمع إلى أغاني صباح فخري وإلياس كرم وميادة الحناوي وعلي الديك.

وأنهت: «أنا سورية أتعامل مع المفردات اللبنانية بمحبة وأحيانا كثيرة يعتقدون أني لبنانية».

وعما إذا وجدت الثنائية بينها وبين أحد الملحنين كما هو الحال على الساحة الفنية في الآونة الأخيرة بين عدد من الملحنين والشعراء، ردت سهام شعشاع: «أحاول قدر الإمكان أن لا أحصر نفسي مع أحد ولكني أجد أن كلمتي مع الملحن نقولا نخلة سعادة في أمان. فهو يكملني وقادر على أن يقرأ ما بين السطور ويترجم ذلك موسيقيا فلا أكون أسيرة اتجاه واحد ولذلك أعتبره الأقرب لي رغم أني حريصة أن أنوع دائما». وعما إذا كانت من النوع الذي يتصل بالفنان ليعرض عليه نصا أو كلاما، قالت شعشاع: «أعتبر أن الفنان هو الذي يتوجب عليه أن يبحث عن النص الملائم له. مع ذلك أشعر أحيانا أن هذه القصيدة تليق أو تناسب الفنان فلان فأتصل به وهذا ما أقوم به أيضا عندما أعجب بنص آخر فمثلا اتصلت بالموزع الموسيقي بلال الزين وهنأته على عمله (وافترقنا)». وأكدت سهام شعشاع أنها من أشد المعجبات بأحلام مستغانمي التي نجحت من خلال الشعر الروائي، فوصفتها بصاحبة اللغة التي تضج بالشعر والحساسية المرهفة والصور الشعرية المتنوعة. وتقول: «إننا لا نشكل معا أضدادا بل تكاملا تاما، هي في الرواية وأنا في الشعر. هي روائية بامتياز وأنا شاعرة». وأضافت أنها تعتبر نفسها أصابت الأفكار الأنثوية من الملعب الشعري لها، فتقول:«نزار قباني جاء إلى ملعب المرأة أما أنا فأكتب حالتي وأفكاري جديدة لا أقبل الموروثات ولكني أحترمها كما كل فتيات عصرنا. الفرق بيني وبينهم أنني أترجم أحاسيسي وأتواصل معها».

واعتبرت أن ليس لديها أي تطرف أو موقف ضد أي شكل شعري واصفة شعرها بالموزون، وعدته التفعيل والوزن. وعندما يسألونها متى ستتحرر من الوزن تطالبهم بالمجيء نحوه، مشيرة إلى أن النثر موضة وخيار في الوقت نفسه يدهش أحيانا قارءه إذا كان كاتبه أنسي الحاج مثلا الذي نصحها بعدم التخلي عما هي عليه اليوم.

ووصفت أزمة الشعر اليوم بأنها أزمة عالمية لا تنحصر فقط في العالم العربي فالناس انصرفت عن القراءة. وعما إذا كانت تشعر اليوم بأنها اجتازت البدايات فصارت صاحبة خطوات ثابتة، قالت إنها لم تكتب الشعر يوما من أجل تلميع اسمها أو بهدف الشهرة، فهي شاعرة منذ نعومة أظافرها وقدرها أن تكون شاعرة ويسعدها أن تكون قد وصلت إلى ما هي عليه متمنية أن تقرّبها كلمتها أكثر فأكثر من الناس.