حياة الفهد: الهدف من الدراما ليس الترفيه فقط.. ويجب أن يكون للعمل رسالة اجتماعية

قالت إنها ستطل على مشاهدي الشاشة الصغيرة في رمضان بـ«ليلة عيد»

الفنانة حياة الفهد تضع اللمسات الأخيرة قبل أحد المشاهد («الشرق الأوسط»)
TT

«عيد.. بأي حال عدت يا عيد».. لعل قول الشاعر العربي أبو الطيب المتنبي ينطبق وبشكل كبير على الدور الذي تؤديه الفنانة الكويتية القديرة حياة الفهد في مسلسلها الجديد «ليلة عيد»، الذي سيعرض على شاشة «إم بي سي 1» خلال شهر رمضان المبارك، حيث تجسد فيه الفهد دور امرأة تعاني الأمرين من ظلم إخوتها وذلك نتيجة غلطة ارتكبتها في صباها تمثلت في إقامة علاقة مع شاب غني وطائش قام باستغلالها، مما أسفر عن حملها ومن ثم إجهاضها عنوة على يد أسرتها. حياة الفهد في حوارها مع «الشرق الأوسط» من موقع التصوير في الكويت تطرقت لدورها في المسلسل، فإلى نص الحوار:

* جميع أعمال الفنانة حياة الفهد تعرض على شاشة «إم بي سي 1» ولكن خارج البرمجة الرمضانية، ما الذي تغير مع «ليلة عيد» هذا العام؟

- في البداية، أريد أن أعرب عن فرحي الشديد بعرض مسلسل «ليلة عيد» على شاشة «إم بي سي 1» هذا العام، وأعتبر أنني محظوظة جدا بهذا. خلال الأعوام الماضية كانت هناك كثير من المحاولات من الطرفين ولكنها لم تنته باتفاق. لا أعتبر أن هناك ظروفا خاصة حالت دون ذلك في ما مضى، كما أنه ليس هناك أي ظروف اليوم، كل ما حصل أننا وكما هي الحال كل عام تواصلنا وتم الاتفاق على عرض العمل خلال الموسم الرمضاني المقبل.

* أخبرينا ولو بإيجاز عن مسلسل «ليلة عيد»؟

- تدور أحداث مسلسل «ليلة عيد» في حقبتين زمنيتين مختلفتين، تكون البداية في عام 1967 في الحلقات الخمس أو الست الأوَل من المسلسل وتستمر القصة في زمننا الحالي خلال باقي حلقات العمل، أي إن هناك فارقا زمنيا بين الحقبتين يقارب 40 عاما. شهدت الحقبة الزمنية الأولى الكثير من الجهل بين الشباب، كما عُرفت بندرة وسائل الترفيه والتسلية وانحسار العلاقات الاجتماعية. فيجد الشباب أنفسهم مقيدين بالعادات والتقاليد ووجوب المحافظة عليها وعدم تقديم التنازلات في ما يتعلق بكل تلك الأمور خاصة الأمور المتعلقة بالنساء وحرص أهلهن على عدم خروجهن من المنزل وزيارة الناس. على الرغم من أن الطفرة الثقافية وخروج المرأة للحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية بدأت منذ خمسينات القرن الماضي ولكنها بقيت محصورة في فئة اجتماعية معينة تمتاز بالثقافة والوعي. وعلى الرغم من بدء انفتاح المرأة على المجتمع والثقافة آنذاك، فإن بعض العائلات رفضت خروج المرأة وانخراطها في المجتمع لأن في ذلك خرقا لقيمهم وعاداتهم الاجتماعية، خاصة في الأوساط الاجتماعية ذات الدخل المحدود.

* إذا الموضوع يتناول المرأة وعلاقتها بالمجتمع والعائلة؟

- ليس حصريا، ولكنني تحدثت عن كل هذه التفاصيل التي ستشاهدونها في الحلقات الأولى تمهيدا للحقبة الزمنية الثانية التي تتعامل مع مشكلات وأمراض مجتمعاتنا الحديثة. أما الحقبة الأولى فتعاصر نكبة عام 1967 التي سقط خلالها آلاف الشهداء من مختلف الدول العربية ومنها الكويت. ومن بين الشباب الذين اشتركوا في الحرب أحد شخصيات العمل الرئيسية التي يجسدها الممثل القدير غانم الصالح، الذي تمزج طباعه العسكرية الحادة بين القسوة والغضب، خاصة بعد تعرضه لصدمتين قويتين، أولاهما نكبة 1967 وخسارته لأصدقائه في الحرب، والثانية تتمثل في العار الذي جلبته عليه وعلى أسرته شقيقته لولوة، وهو ما جعل إخوتها يعاملونها بقسوة لأكثر من 40 عاما ذاقت خلالها أبشع أنواع الألم والمرارة وانعدام الرحمة.

* ماذا عن المحاور الأخرى؟

- طبعا هناك كثير من المحاور الأخرى، مثل الزواج والطلاق، الطلاق داخل العائلة الواحدة نتيجة خلاف الإخوة والأثر الذين ينعكس على أبنائهم ويؤدي إلى طلاق أولاد العم المتزوجين بعضهم من بعض، هذا بالإضافة إلى الصراع على المال واعتماد مختلف الأساليب لتحقيق الثروة ولو كانت على حساب العائلة وترابطها وسلامة أفرادها.

* وصراع الخير والشر؟

- لطالما كان الخير والشر موجودين في هذه الدنيا، وصراع الفضيلة أو الخير مع الرذيلة والشر هو من صلب المجتمعات الإنسانية، لذلك لا بد من وجود هذا الصراع داخل الأعمال الفنية والدرامية. لا يمكن أن يكون العمل كله خيرا أو شرا، وليس بالضرورة أن ينتصر الخير في النهاية ويزول الشر. الخير والشر وجدا في العالم منذ الأزل ولن ينتهيا إلا مع نهاية الحياة..

* قلت إنك تؤدين دور لولوة، هل لنا أن نعرف المزيد عن هذا الدور؟

- في الحقيقة أنا ألعب دورين في مسلسل «ليلة عيد»، ففي الحقبة الزمنية الأولى أؤدي دور والدة لولوة. كما ألعب دور لولوة في المرحلة الزمنية الثانية أي بعد أربعين عاما من الغلطة التي ارتكبتها في صباها التي تمثلت في إقامة علاقة مع شاب قام باستغلالها، وهو ما تسبب في عنوستها وشقائها طيلة حياتها نتيجة إحساسها بالعار الذي ألحقته بإخوتها وعائلتها. لولوة الصغيرة، المحبة، المسالمة والوحيدة بين أشقائها الثلاثة تتعرض لحادث يصيبها على الرغم منها ولكنها تعاني منه إلى الأبد. تصبح لولوة أسيرة إخوتها الذين يذلونها بعيشتها معهم كخادمة وليست كأخت، فيحرمونها من جميع حقوقها البشرية ويعاملونها معاملة قاسية غير إنسانية. فأخوها الأكبر الذي يلعب دوره الفنان غانم الصالح عسكري سابق وصارم جدا في معاملتها، والأخ الآخر عبد الكريم الذي يلعب دوره الفنان أحمد الجسمي يحاول استغلالها بكل طريقة ممكنة، ولكنها تكون أقرب للأخ الأوسط الذي يلعب دوره الفنان قحطان القحطاني.

* يطرح العمل إحدى أهم المشكلات الاجتماعية والطبية، وأقصد الاتجار في الأعضاء البشرية، لماذا تم طرح هذا الموضوع وأين تقفين أنت كإنسانة وفنانة من هذا؟

- من وجهة نظر الكاتب حمد بدر أن لولوة دائما مستغلة من أخوها عبد الكريم الانتهازي والمادي، بالنسبة له هي كائن لا قيمة له أبدا، وليس لديه أي مانع من بيع أعضائها للغير مقابل المال، وهذا ما يحصل فعلا عندما يبيع عبد الكريم إحدى كليتيها مقابل مبلغ من المال. وطبعا يرفض إخوتها الآخرون ذلك، ولكنها توافق على بيع كليتها كنوع من القربان الذي تقدمه لتنال رضا عبد الكريم وزوجته. أنا كفنانة وإنسانة ضد الاتجار في الأعضاء البشرية، ولكن «التبرع» بكلية لإنقاذ حياة قريب أو غريب بدافع إنساني أمر آخر.

* العمل يلقي الضوء على كثير من المشكلات كالاتجار في الأعضاء البشرية، والعنوسة، ظلم الإخوة وحياة المرأة في المجتمعات المغلقة إلخ.. ويحمل كثيرا من الرسائل الاجتماعية، لماذا تعمدين إلى طرح كل هذه الموضوعات وتحملين عملك كل هذه الرسائل؟

- في رأيي أن الهدف من الدراما ليس الترفيه فقط، ويجب أن يكون للعمل رسالة اجتماعية واضحة. أنا لا أقدم أي عمل درامي لأجل الترفيه أو لأجل المادة، وحتى الكوميديا يجب أن تكون هادفة، فما قيمة أي عمل درامي أو كوميدي من دون هدف أو رسالة اجتماعية؟ المادة مهمة جدا من أجل الاستمرار، ولكن الهدف الأول من تقديم أي عمل هو الإضاءة على بعض مشكلات وآفات المجتمع ونقل رسالة مباشرة أو غير مباشرة للمشاهدين بحيث يأخذون العبرة منها وينقلونها إلى الأجيال القادمة.

* تقدمين العمل بالتعاون مع المخرج حسين إبل، الذي قدمت معه عملين سابقين، كيف وقع «ليلة عيد» ضمن رزنامة حسين؟

- المخرج حسين إبل هو من الشباب الواعي المثقف، محب لعمله وخلوق وهو على مستوى عال من الهدوء. كل من يعمل معه في الأستوديو يرتاح جدا، وخلال تصوير الأعمال الثلاثة التي قدمتها معه لم أسمع صوته يعلو عند تعامله مع أحد الفنانين أو الفنيين في الأستوديو، فكل المشكلات لها حلول لديه. هو عكسي تماما، فإذا كنت أنا النار فهو الماء، ويتدخل في الوقت المناسب ليحد من غضبي في حال ثارت حفيظتي من شيء ما أثناء التصوير. كما أن المخرج حسين إبل يتميز برؤيته الفنية المتميزة التي جعلتني أتعاون معه في هذا العمل.

* كيف تنظرين كفنانة ومنتجة لواقع الدراما الخليجية؟

- الدراما الخليجية بشكل عام نشيطة، ولكن للأسف نلاحظ بشدة سيطرة الجانب التجاري على كثير من الأعمال التي تقدم اليوم، وكل ذلك على حساب النوعية. أنا أشبه المحطات بالفرن الذي يعمل على مدار الساعة ويستهلك كميات كبيرة من الوقود بغض النظر عن جودة الوقود المستعمل، فكثرة الاستهلاك تضع المحطات أمام خيارات ربما لا تكون الأفضل وتتسم بطابع تجاري رخيص بعيدا عن الجودة الفنية والتجدد في القصص والحبكة الدرامية. كثيرا ما أتحسر على بعض الأعمال الجيدة التي لا تلقى حظها في العرض، في حين تجد الأعمال الرخيصة أو «الفقاقيع» مساحات جيدة على الفضائيات العربية وينبهر بها المشاهد من خلال التسويق الجيد من قبل جهات العرض. على كل حال، الأمر كله يرتبط بكم كبير من السياسات الخاصة ببعض المحطات وطبعا بمبدأ العرض والطلب.

* ماذا يتوقع المشاهد من «ليلة عيد» هذا العام؟

- أدعو الله أن يكون العمل عند حسن ظن المشاهد العربي أينما وجد، وأن يتمكن من إيصال رسالة اجتماعية يتعظ منها المشاهد ويعود إلى الأسرة ليجمعها على المحبة والود. أظن أننا اليوم في حاجة كبيرة للعودة إلى الأسرة ولم شملها من جديد، فنحن اليوم – للأسف - نعيش في زمن التفكك الأسري. ثقافة العولمة والتطور التكنولوجي دفعا بالأسرة العربية نحو الهاوية، ونحن نحاول أن نستغل الشهر الفضيل لإيصال رسالتنا للناس، ونحن نعلم أن هذا الشهر الكريم يجمع العائلة، كما يجمعها حول الشاشة ليتابعوا ما اختاروا من الأعمال الدرامية والكوميدية.