نجوم السينما يطاردون نجوم التلفزيون!

المعركة الشرسة من أجل البقاء

TT

حتى عامين أو ثلاثة فقط على أكثر تقدير كان التلفزيون، وخاصة في شهر الذروة «رمضان»، تبدو فيه الشاشة الصغيرة وكأنها ساحة مستقلة للنجوم الكبار الذين هاجروا من السينما بعد أن أدارت لهم ظهرها، ولهذا طالبوا بحق اللجوء الفني للتلفزيون الذي سمح لهم بالحصول على أجور يتجاوز بعضها المليون ونصف المليون دولار.

المعروف أن نجوم التلفزيون لم تكن أجورهم قبلها تتجاوز خانة الآلاف، وليس الأمر فقط متعلقا بتلك الأجور المليونية، ولكن الأهم هو أن التلفزيون كان يشكل بالنسبة إليهم تعويضا أدبيا عن غيابهم السينمائي القسري.

انضم للدراما التلفزيونية نجوم جاءوا من السينما، أمثال: يسرا، ونبيلة عبيد، ونادية الجندي، وليلى علوي، وإلهام شاهين. كان قد سبقهم بسنوات نور الشريف ويحيى الفخراني، ليصبح هؤلاء في السنوات الأخيرة هم عناوين التلفزيون الأكثر بريقا كل رمضان.

إلا أن ما حدث في العامين الأخيرين وما يجري الإعداد له أيضا في الأعوام القادمة يؤكد على أن نجوم السينما الحاليين وجهوا البوصلة هذه المرة صوب التلفزيون، وأن رؤوس الأموال صارت تتوجه إلى تلك المشروعات التلفزيونية التي يلعب بطولتها هؤلاء النجوم. وهكذا نجد مثلا أن هذا العام شهد مسلسلات بطولة مطلقة لكل من: هند صبري «عايزة أتجوز»، وغادة عبد الرازق «زهرة وأزواجها الخمسة»، وتيم حسن «عابد كرمان»، وإياد نصار «الجماعة»، وسلاف فواخرجي «كليوباترا»، وداليا البحيري «ريش نعام»، وحنان ترك «القطة العميا»، ومصطفى شعبان «العار»، وأحمد مكي «الكبير»، ومي عز الدين «صفية»، وخالد صالح «موعد مع الوحوش»، وخالد الصاوي «أهل كايرو»، وغادة عادل «فرح العمدة».

أما في العام القادم، فإن الخناق سوف يزداد إحكاما على رقبة نجوم التلفزيون نظرا إلى أن كلا من: أحمد السقا، وكريم عبد العزيز، وأحمد حلمي، ومنى زكي، ومحمد هنيدي، وأحمد عز، كل هؤلاء سوف يدخلون إلى حلبة التلفزيون في رمضان 2011. إنه بالتأكيد تهديد عالي الصوت والنبرة ينذر الكبار في عقر دارهم، أو من كانوا يعتقدون أنه الحماية الأخيرة لهم بعد أن طردتهم السينما! النجوم الكبار لا يزالون يحتفظون بالتأكيد بجاذبية من خلال شركات الإعلان التي ترصد لأسمائهم القسط الوافر من الأموال، ولهذا يحظون عادة بدقائق إعلانية كبيرة تسبق وتتخلل المسلسل الدرامي. إن هذه الوكالات كان يصفها الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة بأنها «البقرة المقدسة» التي لا يجوز الاقتراب منها. وهكذا وجدنا أن عددا من هؤلاء النجوم لا يزال لديهم أيضا مساحاتهم نظرا إلى أن القوة الإعلانية تريدهم، وأعني بهم يحيى الفخراني، ونور الشريف، ويسرا، وليلى علوي، وإلهام شاهين، ولكن المؤكد أن كلا من: سميرة أحمد، ونادية الجندي، وفيفي عبده، على الرغم من وجودهن في رمضان هذا العام، فإن هناك خفوتا في مؤشرات وكالات الإعلان، ووضح مثلا أن حضور سميرة أحمد ونادية الجندي لم يعد يتكرر سنويا، ولكن قد توجدان عاما لتغيبا عاما أو عامين، مثلما حدث مع نبيلة عبيد التي قدمت مسلسل «العمة نور» بعدها غابت خمسة أعوام ثم عادت العام الماضي في «البوابة الثانية» واضطرت هذا العام إلى الغياب، وقد يطول غيابهن عن التلفزيون أعواما قادمة.

بعض النجوم لديهم مرونة في التعامل مع الزمن، وهكذا مثلا نجد أن حسن يوسف الذي كان له مساحته سنويا، على الأقل خلال السنوات العشر الأخيرة في مسلسل ديني يلعب بطولته، لم يعرض عليه هذا العام مسلسل ديني ولهذا وافق على أن يشارك في بطولة مسلسل اجتماعي ليؤدي دور أحد الأزواج الخمسة لغادة عبد الرازق.

أيضا عزت العلايلي لم يعد حريصا على البطولة المطلقة في التلفزيون كما كان يحدث في الماضي، ولهذا فإن له في رمضان مسلسلين، الأول «الجماعة» بطولة إياد نصار، والثاني «موعد مع الوحوش» بطولة خالد صالح.

لا شك أن الخريطة التلفزيونية الرمضانية شهدت تغييرا جذريا أعلن عن نفسه في السنوات الأخيرة، حيث باتت منة شلبي وزينة وبسمة وياسمين ومي عز الدين بطلات أيضا على الشاشة الصغيرة بعد أن كن يرتضين في الماضي بالأدوار الثانية في تلك المسلسلات ليقفن بجوار البطل والبطلة.

ما الذي يفعله الكبار الآن؟ هل يتجهون صوب الميكروفون ليقدموا مسلسلات إذاعية؟.. حتى هذه لم تعد منطقة آمنة لهم، لأن مسلسلات الإذاعة صارت أيضا تبحث عن بريق نجوم السينما. ربما يرى البعض أن هؤلاء الكبار ليس لديهم سوى التشبث بالمساحات التي حصلوا عليها في تلك الأعمال الدرامية التلفزيونية، ولكن رأيي الشخصي هو أن الكبار إذا لم يتمردوا ويبحثوا عن الجديد الذي يستهوي الجمهور، فسوف يبتعد عنهم الجمهور. لا شك مثلا أن أكثر الكبار جاذبية هو يحيى الفخراني، وهو أيضا بين أقرانه صاحب الأجر الأعلى، حيث يصل إلى نحو مليون ونصف المليون دولار ولكن الأرقام في العام القادم لن تجعل الفخراني هو الأول، لأن السقا وكريم وهنيدي سوف يحصل كل منهم على 3 ملايين دولار في المسلسل، كما أن هناك مفاوضات تجري الآن مع كل من عادل إمام ومحمود عبد العزيز في مسلسلات تتجاوز أيضا أجورهم هذا الرقم! عندما تتحدث لغة الأرقام فإن هذا يعني تغييرا في طبيعة التوجه لدى شركات الإنتاج ووكالات الإعلان الذي يعبر بدوره عن تغير مؤكد في طبيعة المسلسلات القادمة! لا شك أن سيكولوجية مشاهد التلفزيون تختلف عن طبيعة مشاهد السينما، فبينما نجد أن قاطع التذكرة في دار العرض شديد الملل ولديه دائما رغبة عارمة ودائمة في التغيير، فإن طبيعة مشاهد التلفزيون تجعله أكثر احتراما للعشرة القديمة بينه وبين نجومه ورغم ذلك فإن نجوم التلفزيون الكبار بعد أن ظلوا سنوات يكررون أنفسهم، عليهم الآن التغيير، وأظن مثلا - وأرجو ألا يخيب ظني - أن استعانة يسرا بالكاتبتين الجديدتين، مريم نعوم ونادين شمس، في مسلسلها الذي يعرض حاليا «بالشمع الأحمر»، يعني محاولة للبحث عن دماء جديدة على مستوى الفكر الدرامي بعد أن كررت يسرا نفسها كثيرا. في المسلسلات خلال السنوات الأخيرة أيضا حرص كل من ليلى علوي وإلهام شاهين على تقديم مسلسل زمنه لا يتجاوز 15 حلقة فقط، حيث تلعب ليلى بطولة «حكايات وبنعيشها»، وتقدم إلهام «امرأة في ورطة»، بالتأكيد هذا يعني أن هناك إرادة معلنة لتقديم إيقاع أكثر سرعة مليء بالأحداث ليتواءم أكثر مع طبيعة الجمهور الذي بات أكثر مللا من حكاية 30 حلقة تتكرر فيها الأحداث أكثر من مرة! كانت ليلى علوي قد بدأت هذه التجربة في العام الماضي.. المحاولات من أجل البقاء على خريطة التلفزيون الرمضانية لا تنقطع، ولكن علينا أيضا ألا ننسى أن هذا الصراع سوف نرى له في كل عام ضحايا، وأن القسط الوافر، ولا شك، من الضحايا هم من جيل الكبار.. رمضان هذا العام هو بمثابة الخط الفاصل بين جيلين كل منهما يصارع من أجل البقاء بعد أن انتقلت المعركة إلى ملعب التلفزيون وبات نجوم السينما يحاولون هزيمة الكبار في عقر دارهم! [email protected]