جوليا روبرتس.. امرأة تبحث عن «الإنسان الجديد»

قالت لـ «الشرق الأوسط»: مستعدة للوقوف أمام الكاميرا والقيام بدوري.. وأتوقع من الآخرين الأمر نفسه

جوليا روبرتس
TT

كانت جوليا روبرتس، المولودة سنة 1967، في الثالثة والعشرين من عمرها حينما ظهرت أمام ريتشارد غير في «امرأة جميلة» سنة 1990، ولا بد أن معظمنا يذكر النجاح الكبير الذي حققه ذلك الفيلم الذي سرد حكاية «سندريلية» أخرى: فتاة بقلب من ذهب اضطرتها الظروف إلى أن تشتغل مرافقة لرجال الأعمال والأثرياء لقاء مبلغ من المال. لكن حظها من الحب يرتفع فجأة عندما تلتقي برجل أعمال مختلف يعاملها كإنسانة، وبالتدريج يقع في حبها، كما تقع هي في حبه.

لم يكن ذلك فيلمها الأول إلى ذلك الحين (بل السادس) لكنه كان الأكثر نجاحا. سبقه «ميستيك بيتزا» و«ماغنوليا فولاذية» وتبعه مباشرة «النوم مع العدو» و«فلاتلاينرز» ثم فيلمها التشويقي القائم على التحقيق البوليسي الوحيد بين مجموع أفلامها «ملف البجعة».

جوليا روبرتس التي أجرت «الشرق الأوسط» معها هذا لاحوار في هوليوود لديها الحضور الذي يعبر عنها. ليس أنها هي ذاتها من فيلم إلى فيلم، بل الحضور ذاته الذي دائما ما يذكرك بأنها جوليا روبرتس. هذا ربما باستثناء مناسبات محدودة. مثلا دوريها في «مايكل كولينز» و«ماري رايلي»، وكل منهما دار في زمن آخر وبلد آخر (أيرلندا وبريطانيا على التوالي) ويختلف دورها في كل منهما عن دورها في أي من الأفلام التي مر ذكرها أو عن «إرين بروكوفيتش» الذي نالت عنه الأوسكار.

نجاحها وإخفاقها لا علاقة له بالدور الذي تقوم به. إنها ضعيفة وهامشية في «مايكل كولينز» وذات حضور جديد وصعب في «ماري رايلي». في أفلامها الأميركية، الأمر لا يختلف، أفضل من المعتاد في «ملف البجعة» وأقل من المقبول في «أحب المتاعب». ساحرة مجددا في «نوتينغ هيل»، وبطريقتها الخاصة ومثيرة للتساؤل في «المكسيكي».

حتى «إرين بروكوفيتش» قسم النقاد من حولها. لقد خرجت بأوسكار أفضل ممثلة بسبب لعبها شخصية حقيقية (ليست المرة الوحيدة كما سنرى) لكن هل كان أداؤها أفضل من أداء إيلين بيرستين في «تحية إلى حلم» أو من أداء لورا ليني في «تستطيع الاعتماد علي»، (كلتاهما نافست على الأوسكار لجانب جوان ألن وجولييت بينوش) أم كان أكثر بهرجة؟

فيلمها الجديد «أكل دعاء حب؟» مأخوذ عن كتاب سيرة موضوع على شكل رواية بطلتها (ومؤلفته) أسمها ليز غيلبرت. سبق للكتاب أن بقي على لائحة أفضل المبيعات لنحو ثلاث سنوات.

الفيلم لا يبدو أنه سيبقى في «التوب تن» لأكثر من شهر واحد، على الرغم من بداية قوية إذ حل في المركز الثاني. هي وباقي الممثلين، مثل ريتشارد جنكينز، وبيلي كرودوب، وجيمس فرانكو، وخافيير بارديم، جيدون. الفيلم نفسه لا يرتفع إلى المستوى الذي يجعل هذه الجودة تتبلور على نحو مناسب.

* على كثرة الأكل الإيطالي الذي شاهدناك تتناولينه في الفيلم اعتقدت أن وزنك زاد.. لكنني أراك ما زلت في رشاقتك..

- (تضحك) شكرا. دعني أقول لك إنني لم أستمتع بطعام كما استمتعت خلال تصوير هذا الفيلم.

* هل كان الطعام الإيطالي أفضل من الطعام الهندي مثلا؟

- طبعا لكل خصوصيته، لكن بالنسبة لي لا شيء يضاهي الطعام الإيطالي. كنت آكل بشهية كما رأيت.

* الفيلم كما نعلم جميعا مأخوذ عن رواية نالت نجاحا كبيرا: نحو ثلاث سنوات في قائمة أفضل المبيعات حسب «ذي نيويورك تايمز». هل كان نجاحها دافعا لك لكي تختاري هذا الفيلم؟

- نجاح الرواية في نظري أمر يخص الرواية وكانت تستحقه. نجاحها وجودتها كعمل أدبي جانبان متلاحمان لا يمكن الفصل بينهما. لذلك ليس هينا القول إلى أي جانب اتجهت. كل ما أعرفه هو أنه حين تم إرسال السيناريو لي لكي أقرأه كنت في غاية الحماس. وسعدت كثيرا حين التقيت بالمخرج رايان مورفي ووجدت لديه تفهما كبيرا للمادة الأدبية كمصدر للفيلم.

* في أي مرحلة قرأت الرواية؟

- قرأتها بعد أشهر قليلة من خروجها إلى الأسواق. بعد فصلين وجدتها آسرة. شخصية امرأة تبحث عن القيمة الأخرى للحياة التي لا تعرفها. تلك التي هي خارج بيئتها الخاصة والتي من أجلها تسافر إلى بلدان بعيدة. إننا نعيش مجتمعات مغلقة على الرغم من أننا نعتقد العكس. هناك انغلاق على النفس في بعض أهم شؤون الحياة. لا نلتقي مع الآخر إلا في وضع من المصلحة أو من العداء في حين أن المطلوب هو المعرفة التامة بعيدا عن المنفعة أو السياسة.

* هل قابلت الكاتبة ليز غيلبرت؟

- نعم. قابلتها حين حضرت جزءا من التصوير في روما. كانت متعة فائقة حين قابلتها. إنها إنسانة رائعة. أعتقد أيضا أن الوقت الذي تم فيه ذلك اللقاء كان مناسبا. لم أرد في الحقيقة مقابلتها قبل بدء التصوير لأنني كنت أرغب في أن أبقى مستقلة عن أي تأثير. وضعت ثقتي في المخرج والسيناريو الذي كتبه. قلت لنفسي إن هذا السيناريو كاف لكي أبني شخصيتي عليه. وصراحة، لم أكن أرغب في أن أكون هي، لأنني لا أعرفها. كنت أنوي أن أكون الشخصية التي وضعها المخرج في السيناريو على اعتبار أنه لا يمكن لي أن أخطئ إذا ما فعلت ذلك.

* معك في البطولة عدد كبير من الممثلين لم يسبق لك أن مثلت مع أي منهم من قبل: بيلي كرودوب، جيمس فرانكو، ريتشارد جنكينز وخافيير بارديم. هذا أشبه بسلطة من الخبرات والأساليب..

- صحيح.. ولكل منهم شخصية تختلف. لا أقصد الشخصية داخل الفيلم فهي مختلفة بطبيعة الحال، لكن الشخصية الخاصة بكل واحد وكيف يمثل دوره. ربما المشاهد لا يستطيع التأكد من ذلك أو حتى معرفته، إذ يجب عليه أن يحضر التصوير. سأذكر لك مثلا. حين التقيت بالممثل خافيير بارديم كانت لدي مخاوفي. لم أكن أعرف أي نوع من الممثلين هو، لكنني شاهدت له الكثير من الأفلام وآخرها كان «لا بلد للمسنين».

* لعب شخصية القاتل في ذلك الفيلم..

- نعم. وكان مؤثرا جدا لدرجة أني اعتقدت أنه ممثل صعب الشخصية أو... كيف أقول؟ غريب وقلق، لكنه كان شخصية لطيفة جدا.

* هل صحيح أنك كنت حذرة منه في البداية. كان هناك نوع من تناقض أسلوب كل منكما في العمل؟

- نعم إلى حد ما صحيح. كنت حذرة من أن أجد نفسي مجذوبة في مسائل لم أكن مستعدة لها. خافيير يحب أن يعقد جلسات قراءة وأن يندمج في الدور قبل أن تبدأ الكاميرا بالتصوير. أنا مستعدة لكي أقف مباشرة أمام الكاميرا وأقوم بدوري، وأتوقع من الآخرين الأمر نفسه. الحضور عندي يبدأ في البيت حين قراءة السيناريو وحين تجلس مع المخرج وتتبادل وإياه الرأي. لذلك في البداية قلت في نفسي أنا أعرف ما أريد وليس عندي داع لكي أعيد. لكن إذ تتحدث إليه وتلمس حماسه واندفاعه تجد أن طريقته مثيرة. تجاوبت مع طريقته وعقدت معه جلسات بعضها جلسات غداء عمل وكانت مفيدة بالفعل.

* لديك فيلم سابق تعرفت فيه على ثقافة الآخر، ولو من زاوية مختلفة جدا. في «حرب تشارلي ويلسون». كنت المرأة الأرستقراطية التي تريد مساعدة الشعب الأفغاني على التحرر من الاحتلال الروسي. هذان الفيلمان يختلفان كثيرا لكنك في هذا الفيلم تقتربين أكثر من المعرفة الحقيقية..

- أرى ما تقصد. جوان هرينغ (في «حرب تشارلي ولسون») شخصية حقيقية كما تعلم وهي شخصية معقدة جدا. امرأة حفلات اجتماعية راقية تدعو إليها السياسيين وكبار الشخصيات. لكنها ليست شخصية خاوية بل لديها القدرة على الاستحواذ على الاهتمام والتأثير في الحاضرين. أعتقد أنها مثيرة جدا للاهتمام وما زلت أشعر بالامتنان لأن مايك (نيكولز - المخرج) اختارني لهذا الدور. وهي كما تقول. تتعرف على الآخرين من زاوية تستطيع أن تقول عنها إنها علوية. في حين أن ليز غيلبرت تتعرف على الناس والبلدان والثقافات من زاوية مختلفة تماما. إنها تندمج.

* هل لديك قناعات سياسية خاصة بالنسبة للحرب الأفغانية، أو بالنسبة للحرب التي خاضتها الولايات المتحدة في العراق. كيف تنظرين إلى كل ذلك؟

- لا أدري إذا ما كنت أريد أن أتحدث في هذا الموضوع. أنا هنا لأتحدث عن الفيلم وأجيب عن أسئلة سينمائية تتعلق بمهنتي. في الوقت ذاته لا أمانع القول إن الوضع لم يعد كما كان من قبل. أبيض وأسود. مع وضد. هناك أشياء كثيرة على كل فريق أن يأخذها بعين الاعتبار. وفي الحقيقة أعتقد أن رغبة ليز غيلبرت كشخصية في الفيلم لا تختلف عما أقوله. إنها تبحث عن الإنسان الجديد إذا ما كان موجودا. عن الحقيقة وسط هذا العالم المركب.

* هل فاجأك حين قرأت ذلك السيناريو بالأحداث التي وردت فيه والمنقولة بالطبع عن أحداث حقيقية؟

- إلى حد بعيد. لم أكن أعرف شيئا عن الموضوع. الفيلم كما تعلم يتحدث عن كيف حرصت الخارجية الأميركية على التعاون مع المقاومين الأفغان لطرد الجيش الروسي من هناك. لكن ذلك بحد ذاته كان مفاجئا لي. حين سألت المخرج عن الموضوع، وأنا أعتبره واحد من أذكى 5 أشخاص على هذا الكوكب، قال إنه أيضا لم يكن يعرف شيئا عن هذا الموضوع.

* قبل قليل، حين تحدثت عن لقائك بالمؤلفة ليز غيلبرت ذكرت أنك لم ترغبي في مقابلتها في مطلع التصوير. وربما لو لم تأت ليز إلى التصوير ما تمت المقابلة.. أذكر أن ذلك حدث معك حين لعبت شخصية جوان هرينغ. ذكرت في المقابلة التي تمت آنذاك بأنك لم ترغبي في لقائها أيضا.

- لا. ليس أني لم أكن أرغب في لقائها، بل كان لدي الكثير من المواد والمعلومات حولها بحيث أصبح لدي معرفة تمكنني من تمثيل الدور. ما أعتقد أنه يحدث معي في هذه الحالات وملاحظتك شديدة الحذق. علي أن أقول إنني لا أرى الحاجة إلى التعرف على الشخصية التي أقوم بتمثيلها إلا إذا كانت المعلومات عنها غير متوفرة. إلا إذا كانت هناك حاجة عندي لاستكمال رسم للشخصية. هذا لا يعني أبدا أنني لا أرغب في لقاء صاحبة الشخصية.

* يبدو لي أن منهجك قائم فيما ذكرتيه إلى الآن على معالجة سينمائية محضة في مقابل اقتراب مسرحي بالنسبة لخافيير بارديم، وفي مقابل الكيفية التي تؤدين فيها الشخصية الحقيقية بالاستناد كليا إلى السيناريو..

- هذا صحيح جدا. أعتقد أن على السيناريو أن يكون كافيا في هذا الخصوص، وأنا قد أضيف إليه إذا لم تكن الشخصية حقيقية، وسعيت لكي أعرف أكثر.

* هناك فترة ليست بالبعيدة بدا لمتابعيك أنك لا تصرين على اختيار أدوار أولى. كما لو أنك تكتفين بأدوار محدودة كما فعلت في «اعترافات عقل خطير» وسلسلة «أوشن». هل هي ملاحظة صحيحة؟

- نعم. أحيانا ما تكون الأولوية هي الاشتراك مع مجموعة ممثلين تحب الظهور معهم ويكون السيناريو مكتوبا على نحو يوحي لك بأن الفيلم سيكون ناجحا، بصرف النظر عن حجم الدور. دوري لم يكن أصغر أو أكبر من أدوار براد بيت ومات دايمون والآخرين في «Ocean Eleven».

* هناك تلك الأدوار الرئيسية التي لا بد أن يلاحظ المرء أنك انتقلت بها من شخصية الفتاة البسيطة كما في «امرأة جميلة» و«عرس أعز صديقاتي»، إلى شخصيات أكثر عمقا. متى يأخذ الممثل مثل هذا القرار؟

- لا أدري. ربما ليس قرارا على الإطلاق. حتى في الفترة الأولى التي تتحدث عنها وجدت نفسي في شخصيات عميقة. لا أعتقد أن دوري في «النوم مع العدو» لم يكن عميقا، أو «ملف باليكان». المسألة هو ما يعرض على الممثل في مراحل مختلفة، وحين يكون في مرحلة أولى والنجاح حليفه، فإن الكثير من الأدوار المختلفة ترسل إليه.

* حين فزت بالأوسكار عن دورك في «إرين بروكوفيتش» سنة 2000 كنت قد أصبحت نجمة منذ بضع سنوات. هل ترك الأوسكار تأثيرا على مسار مهنتك؟

- كنت سعيدة جدا بحصولي عليه و«إرين بروكوفيتش» لا يزال عندي من أفضل أفلامي. لكن لا علم لي أنه أثر في مهنتي على النحو الذي ذكرت. كما تقول، كنت سلفا أصبحت نجمة.

* إذا ما أخفق لك فيلم ما على نحو جماهيري، هل تشعرين بانزعاج؟

- أعتقد أن هذا طبيعي. أريد لكل أعمالي أن تنجح، لكن هل هو أمر منطقي؟ كل الممثلين لديهم أعمال ناجحة وأخرى غير ناجحة وأخرى في منتصف الطريق بين النجاح وبين الفشل.

* ماذا لو تكرر الفشل؟ أقصد متى تشعرين بأن المسألة تتطلب إعادة فحص، فلربما الجمهور يريد أن يقول شيئا للممثل.

- بالنسبة لي لم أصل إلى هذه المرحلة بعد. سأقول لك حين أفعل (ضحك)، لكن أعلم أن هذا حدث وقد يحدث لأي منا في أي وقت. نعم يتطلب الأمر حينها مراجعة دقيقة. لكن في أحيان كثيرة الحقيقة ليس على الممثل أو ما يقوم به أو كيف يقوم بما يقوم به، لها علاقة بالجمهور أيضا أو ربما بسوء تخطيط من قبل الشركات التي تقوم بالإنتاج أو التوزيع.. هناك الكثير من الأسباب.

* هل ما زلت تعتبرين نفسك واحدة من المجموعة التي تحتوي على مات دايمون وبراد بيت والمخرج ستيفن سودربيرغ.. فقد كان لديكم عدة أفلام مشتركة؟

- نعم. وما زلنا أصدقاء ومتعاونين. براد بيت هو المنتج المنفذ لهذا الفيلم («أكل دعاء حب؟») وستيفن هو واحد من القلائل الذين أثق في نصيحتهم. مستعدة للذهاب إلى آخر الدنيا إذا ما كان يشير علي بذلك.. نعم كلنا ما زلنا أصدقاء وهذا وضع لا يتكرر كثيرا في الوسط الذي نعمل فيه. عادة كل ممثل مشغول بما يقوم به، والعلاقات متباعدة وظرفية. لكننا نبقى على اتصال وهذا أمر جيد.