من السجن إلى البطولة لأول فيلم مستوحى من تريلر

داني ترييو
TT

في عام 1983 خرج داني ترييو (وكان في الحادية والأربعين من العمر) من السجن حيث أمضى سنوات قليلة بتهم مختلفة لا يفصح عنها تفصيليا، لكن من المحتمل جدا أن تكون لها علاقة بعصابات المخدرات العاملة بين الحدود الأميركية والمكسيكية حيث ولد. بعد عامين مارس فيهما الملاكمة التقطه المخرج الروسي أندريه كونتشالوفسكي حين كان يقوم بتصوير فيلمه الأميركي «قطار الهروب». أترك الحديث لداني ليخبرنا ما حدث بعد ذلك «كان دوري في الأساس عبارة عن لقطة واحدة، وحين علم أن عندي خلفية بالملاكمة طلب مني تدريب جون فويت وإيريك روبرتس على الملاكمة. حين رأيتهما يتلاكمان ضحكت، وحين سمعتهما يحاولان تقليد حديث المسجونين ضحكت أكثر. وأخذت أدربهما خصوصا السيد روبرتس حتى باتا أكثر إقناعا. خلال ذلك كان كونتشالوفسكي يراقبني عن كثب، وأعطاني دورا أكبر على الشاشة.. وهذه كانت بدايتي».

بداية كانت مثمرة على أكثر من صعيد: وضعت فاصلا بين الممثل الخشن والسجن، ووجهته إلى حرفة جديدة وواعدة، كما استخرجت منه قدر الممكن من الموهبة المدفونة في داخل كل فرد. هذا بدوره ما قاد داني ترييو إلى الظهور في نحو 200 فيلم وحلقة تلفزيونية بينها نحو 140 فيلما سينمائيا أبرزها كانت في التسعينات، وصولا إلى دوره في فيلم من بطولة آل باتشينو وروبرت دينيرو هو «حرارة» (1995).

اليوم هو على شاشة المهرجان الإيطالي لتقديم فيلم من بطولته بعنوان «ماشيتي» ينتجه صديقه روبرت رودريغيز ويتولى إخراجه ناثان مانكويز.

في «ماشيتي» يؤدي داني ترييو شخصية عميل سابق للـ«إف بي آي» ينطلق بكل أنواع الأسلحة التي يستطيع جسده القوي حملها للانتقام من تلك المؤسسة بعدما انقلبت عليه وقتلت بعض أقاربه. هذا وحده يشكل كل السبب الذي يبحث عنه السيناريو لكي يتحول إلى الفيلم الذي سننقده لاحقا، أما الآن فإن داني لديه ما يقوله عنه.

* عادة ما نرى الممثلين المكسيكيين في الأدوار المساندة، وهذا ربما كان طبيعيا في السابق، لكن لماذا لا يكون لدينا أفلام أكشن أبطالها لاتينيون.. هناك بيض وسود وحتى صينيون وكوريون، ماذا عن المكسيكيين، حتى ولو كان شبيها بأفلام كثيرة سبقته في هذا المجال؟

- إذا كنت تعني أن القصة مطروقة، ستجد أن كل القصص أصبحت مطروقة. المهم هو الحالة التي يجسدها الفيلم وهو هنا يجسّد حالات عدّة وليس حالة واحدة. إنه يأتي في ظل قانون عنصري تحاول ولاية أريزونا اتخاذه بحق المكسيكيين لمجرد فشلها في إيقاف التسلل عبر الحدود. عليها أن تتحمل هذا الفشل في رأيي وتقوم بإجراءات شجاعة لكن ليس على حساب كبرياء الإنسان».

* وقبل أن أطرح سؤالا آخر أكمل بنفس الحماسة:

- ثم يكفيني أنني أمثل في فيلم يشترك في بطولته روبرت دينيرو، أحد أفضل ممثلي السينما إن لم يكن أفضلهم. وأريد أن أحدّثك عن روبرت دينيرو هل قابلته؟

* نعم. مرة أو مرتين.

- أراهنك أنه لم يقل لك الحكاية التالية: حينما كنا نعمل في فيلم «حرارة» (مثل داني دور أحد أفراد العصابة التي ترأسها دينيرو في ذلك الفيلم) توطدت بيننا صداقة سمحت لي بأن أقترح عليه أن نزور معا السجن الذي كنت قضيت فيه وقتا والحديث للسجناء لأن ذلك سيرفع من معنوياتهم. قال لي «سأرى إذا ما كان وقتي يسمح». حينها قلت في نفسي إنها طريقة مهذبة للاعتذار. في أحد الأيام اتصل بي مدير ذلك السجن وهو يصيح: روبرت دينيرو هنا. الذي حصل أن دينيرو كان يعني ما يقول، وقرر أن يقوم بالزيارة وحده. الآن، أريد أن أقول لك شيئا: هناك قسم خاص بالسجناء القتلة. هؤلاء لا يرهبهم أحد ولا يسكتون عن الضوضاء لأحد. لكن حين دخل روبرت دينيرو العنبر صمتوا تماما. لم يصدقوا أعينهم. وبقوا كذلك إلى أن انتهى من كلامه. هذا هو دينيرو. لديه ذلك الحضور.

* عملت مع المخرج روبرت رودريغيز في الكثير من أفلامه.. كيف تصف علاقتك المهنية معه؟

- إنها صداقة قبل أن تكون أي شيء آخر، وهي تفرض علينا التعامل مرة تلو المرة. مثّلت في معظم أفلامه من فيلم «ديسبيرادو» إلى اليوم، وأستطيع أن أقول إنها علاقة مثالية.

* هذا ربما الفيلم الوحيد في التاريخ الذي يُصنع تريلر له قبل أن يُصنع هو. هل لك أن تفسّر ذلك؟

- صحيح تماما. حينما كان ينجز الجزء الخاص به من فيلم «غريندهاوس» (من جزءين - الجزء الثاني من إخراج كونتن تارانتينو) وجد أنه بحاجة إلى مجموعة من المقدمات المصورة كما كانت تصنع في السبعينات، وكان «ماشيتي» أحدها فصوره معي. لكن فكرة إنجاز فيلم يحمل هذا الاسم وهذه الشخصية وأقوم أنا بتمثيل بطولته تعود إلى ستة عشر سنة. في «غريندهاوس» أنجز المقدمة، ثم أنجزنا الفيلم.

* إذ تحضر مهرجان «فينيسيا».. كيف تنظر إلى استقبال الجمهور هنا. ألا تعتقد أنه مختلف عن الجمهور الأميركي؟

- لا، نعم، هناك فئة مختلفة، لكني أعتقد أنه جمهور واحد في الأساس، وهذا المهرجان الذي أنا سعيد بحضوره لا يقدّمني لأول مرّة لأني مشهور عالميا. إنما يقدّم فيلما من بطولتي.