أماني الحكيم: أنا كثيرة الملاحظات.. والبحث عن الأمثل هو هاجسي

الفنانة السورية لـ «الشرق الأوسط»: أعمال البيئة الشامية شعبية وجماهيرية وتلبي رغبات المشاهدين

TT

تنتمي الفنانة السورية أماني الحكيم إلى عائلة فنية سورية معروفة، حيث إن والدها هو المخرج مظهر الحكيم وشقيقتها الأصغر منها الممثلة نسرين، وقد كان لنشأتها في هذه البيئة الفنية تأثير واضح على مسيرتها الدرامية المستمرة منذ نحو عشرين عاما، قدمت خلالها عشرات الأعمال التلفزيونية الاجتماعية المعاصرة والتاريخية والكوميدية.

وبرزت أماني كفنانة شابة في أدوار وشخصيات الفتاة الجامعية والشابة الأرستقراطية، في حين كانت في أدوار أخرى تلك الفتاة البسيطة الحالمة التي تبحث عن حب حقيقي أو زوج المستقبل، ومن أبرز الأعمال التي شاركت فيها «كان هناك البحث عن المستحيل» و«خط النهاية» و«أهل الغرام» و«حاجز الصمت» و«الخط الأحمر» و«سيرة الحب» و«وصمة عار» و«في الدوامة» مع المخرج المثنى صبح، ومسلسل «قاع المدينة» مع المخرج سمير حسين، و«الفوارس» و«قمر بني هاشم» ومسلسل «زلزال» مع المخرج محمد شيخ نجيب، الذي تحدث عن أحداث ثمانينات القرن الماضي وغيرها كثير من الأعمال المعاصرة والتاريخية والمدبلجة، من خلال مشاركتها بصوت شريفة في المسلسل التركي نور، كما أنها حققت مرتبة متقدمة جدا في تصفيات البرنامج الغنائي المنوع «سباق الفنانين» الذي عرض مؤخرا على شاشة الفضائية السورية، وقدمه الفنان أيمن رضا، حيث نالت أصواتا كثيرة مؤيدة من الجمهور الذي أعجبه صوتها ولتثبت أماني من خلاله أنها صاحبة صوت جميل كما هي في التمثيل الدرامي، حيث يرى فيها النقاد والمتابعون موهبة فنية متميزة وذات حرفية عالية في تجسيد الأدوار والشخصيات. فإلى الحوار التالي معها من دمشق..

* ما الأعمال الجديدة والشخصيات التي تجسدينها في هذه الأعمال؟

- شاركت مؤخرا في مسلسل «حارة الياقوت» الذي كان اسمه «أقاصيص مسافر» للمخرج خالد الخالد عن نصوص للكاتب زكريا تامر، الذي يعرض حاليا على بعض الفضائيات، وأقرأ أكثر من نص واعتذرت عن بعضها لعدم التوافق؛ إما المادي أو المعنوي! ولدي برنامج منوع من تقديمي على قناة «سورية دراما» وهو «صوت وصورة» والبرنامج يتحدث عن بعض الأفلام السورية القديمة، حيث أختار فيلما قديما وأتكلم عن قصته مصحوبة ببعض المشاهد من الفيلم. وفي الإذاعة لي هناك برنامج تقديمي أيضا في إذاعة «صوت الشباب» وهو«نجمة الليل».

* لم نشاهدك في أعمال من البيئة الشامية، «باب الحارة» مثلا، هل عرضت عليك المشاركة؟

- دوري في مفردات «أقاصيص مسافر» هو بيئة شامية صريحة وعدم مشاركتي في الأعمال البيئية الشامية رغم أنني بنت هذه البيئة يعود لخيارات المخرجين والجهات الإنتاجية، حيث لم أتلق دعوة منهم للمشاركة في أي عمل من هذه الأعمال.

* ما في رأيك أسباب نجاح الأعمال الدرامية الشامية؟ وكيف يمكن المحافظة على نجاحها وعدم حصول ملل وتكرار في مواضيعها؟

- كمشاهدة ومتلقية، أعيد أسباب نجاح الأعمال الشامية إلى عدوى المسلسلات الشعبية التي تنتقل سريعا بين الجمهور، فهو يتابع ما يشد الناس الآخرين فتتحول هذه الأعمال إلى شكلها الشعبي، وربما السبب أيضا الحاجة المعنوية في العودة قليلا إلى الوراء بالطابع الحياتي مقارنة مع الواقع، فالمعروف أن هذه المسلسلات تقدم مفردات الزمن الجميل قبل عشرات السنين بعاداته وتقاليده العريقة وغيرية أهل الحارة وشهامتهم وكرمهم، وهذه المفردات نفتقدها في العصر الحديث، ولذلك تحن الناس لها وتستمتع بمتابعتها بشكلها الدرامي. أما موضوع التكرار والملل، فكفنانة أحتفظ برأيي وأتمنى أن لا تقع هذه الأعمال الشعبية والجماهيرية في مطب التكرار، لأنها أعمال ناجحة والجمهور يطلبها، فهي تنطبق عليها العبارة المصرية المعروفة «الجمهور عايز كده».

* ما رأيك في ظاهرة وجود النجوم السوريين في الدراما المصرية؟

- من الأمور الجيدة أن نرى نجومنا في كل البلدان وأتمنى أن يصلوا للعالمية أيضا.. فهذا يغذي رصيدنا كسوريين نعمل في مجال الدراما والتمثيل، لأن بروز أي فنان سوري في أعمال خارج سورية يساهم في إقبال الآخرين على الاستعانة بالممثل السوري، وتزيد بالتالي فرص مشاركاته في الدراما المصرية والخليجية وأي دراما عربية أخرى، ولذلك الفائدة تكون متاحة للجميع.

* ما رأيك في الأعمال التركية المدبلجة ومقولة تأثيرها على الدراما السورية وضياع حق الممثل السوري الذي اشتهر على أكتافه الممثل التركي في العالم العربي؟

- لا أريد الدخول في مناقشة عناوين وتسميات مقولبة ولست مع التعميم بهذه المقولات، فالدوبلاج عندي هو حالة فنية وتقنية معروفة منذ سنين وليست وليدة اللحظة، ولكن ربما يقول البعض: «أنا أمثّل إذن أنا موجود»، حيث يثبت أنه يمثل من خلال الدبلجة.. وهذا أمر طبيعي وحالة صحية وصحيحة، فمن المعروف أن الدوبلاج واحد من الفنون المعروفة في مختلف دول العالم وهو ليس جديدا، ولذلك مناقشته يجب أن تبتعد عن الأقاويل والقناعات والآراء المطلقة؛ بل يجب أن تكون هناك منطلقات حرفية وفنية وتقنية نعتمد عليها عند الدخول في تفاصيل هذا النوع من الفنون.

* أنت فنانة تنتمين لعائلة فنية معروفة.. هل كان لوالدك المخرج مظهر الحكيم تأثير على نشاطك الدرامي؟ وهل تتشاورين معه في قبول أو رفض دور معين؟

- بالطبع أعود بشكل دائم لوالدي في كل شؤون حياتي، فما بالك بالأمور الفنية الدرامية التي زرع بذرتها الأولى والدي وغذاها ورعاها إلى أن تحولت لحرفة وموهبة وممارسة دائمة حيث الفن والتمثيل مجالي الذي لا غنى لي عنه والذي أحقق من خلاله طموحي.

* متى ترفضين أداء أدوار وتجسيد شخصيات معينة: الأسباب وحالات الرفض والموافقة؟

- أرفض ما يشوه ويسيء أو يغذي تيارات فاسدة ضد المجتمع الذي أعيش فيه، وأجاهد لأكون ضمن كل المقولات التي تسهم من خلال نصوصها في تحقيق حياة أفضل، وبالتأكيد أقدم الدور والشخصية حتى لو كان دورا يسلط الضوء على الجانب السلبي من الحياة والعلاقات المجتمعية.

* هل لدى أماني الحكيم خطوط حمراء في التعامل مع الشخصية أو مع الجهة المنتجة أو المخرج؟ وهل تطلبين تعديل ما في الشخصية من المخرج مثلا؟

- بحكم الخطوط الحمراء التي تضعها الرقابة العامة فحظوظي قليلة، لكن لا أؤدي ما يتنافى مع تربيتي وأخلاقي، وأنا أميل للمحافظة على مظهر الفتاة الشرقية الواعية والملتزمة وأعدّل دائما بالاتفاق مع الجهات الإخراجية والإنتاجية لأضيء أكثر على جوانب ربما لم يعطها الكاتب حقها.. وبخصوص الجهات المنتجة، فالخطوط الحمراء هنا بالنسبة لي هي عدم استغلال جهد الممثل وعدم توفير وسائل راحته النفسية والجسدية قبل المادية، والأهم الأمان. هذه الأمور لا أساوم عليها مطلقا عندما أتفق مع الشركات الإنتاجية للمشاركة في مسلسل ما لأنها أساسية بالنسبة لي قبل الأجر الذي يمكن أن أحصل عليه من مشاركتي في المسلسل.

* متى تجلس أماني الحكيم مع نفسها وتراجع ما أنجزته؟ وهل تنتقدين نفسك بقسوة مثلا وأنت تراجعين وتشاهدين ما قمت به من أعمال؟

- كل يوم لدي جرد حساب مع نفسي وذاتي، عندي وسواس في هذا الجانب، وأماني أتعبتني؟! ما يعجبها العجب، وكثيرة الملاحظات.. لو كانت تفكها شوي، لكنت أريح.. البحث عن الشيء المثالي هو هاجسي الدائم وهذه المثالية جعلتني أخسر كثيرا.. لكن في النهاية أتفق مع ذاتي وبقناعة كاملة، فأنا راضية عن نفسي، ورأيي هنا أنه لا خسارة في سبيل الأمثل، والنصيب لا بد أن يصيبك.. فما ذهب ليس نصيبي.. وعبارتي التي أكررها دائما هي: «الحمد لله».

* هل تشاهدين الدراما الخليجية؟ وما رأيك في ما حققته في السنوات الأخيرة؟ وهل هناك تواصل بينك وبين ممثلي الدراما الخليجية؟ وكيف ترين أداءهم الفني؟

- هناك نشاط متزايد ومميز للدراما الخليجية وهذا الشيء مبشر ويساهم في رفع المستوى العام للدراما العربية، ويساهم في تحقيق المنافسة الشريفة بين جميع أشكال الدراما العربية.. وبالنسبة لي ولعلاقاتي، فهي جيدة مع الجميع، وأتمنى التوفيق لهم والتميز لأعمالهم الدرامية.

* في مجال التقديم التلفزيوني، لديك تجارب في تقديم برامج منوعة، كيف تنظرين لتجربة الممثل المذيع في القنوات الفضائية؟

- أحببت تجربة التقديم في مجال البرامج التلفزيونية والإذاعية المنوعة ولكن لا أرغب في أن يكون التوصيف «ممثل مذيع» وإنما «مقدمة».. فأنا أقدم هذه البرامج بشخصيتي كأماني ولست المذيعة أماني.. وربما عندما عرض علي تقديم برنامج تلفزيوني وضعته بميزان الجدل والحسابات الخاصة بي لفشلت، فليس مكاني، ولكن ما أقدمه موجود على الساحة الفنية سواء من خلال برنامج أو دراما، هذا التواصل جميل عبر التقديم، وهو يمتعني وأحبه، ولذلك أنا مستمرة بهذه التجربة.

* هل تطمحين إلى تجسيد شخصية ما في مسلسلات السيرة الذاتية المعاصرة أو التاريخية؟

- إذا كانت الشخصية التي سأجسدها منسجمة مع مبادئي التي أؤمن بها في المجال الفني وكان الدور مناسبا ويلبي ما أصبو إليه في عملي الدرامي ويحقق أهدافي ويتقاطع مع طموحي كفنانة ومع قناعاتي، فلم لا؟!

* كيف توفقين بين الوضع العائلي والعمل الدرامي؟ وهل يمكن أن نرى أحدا من أبنائك ممثلا؟

- لا أتمنى لأبنائي دخول المعترك الفني الذي يسير نحو الأصعب. أريد لأطفالي حياة أكثر راحة ويسر، وكإنسانة أم وكمساهمة برسالة فنية لخدمة مجتمع بصورة حضارية أتعب جدا لأوفق بين المشروعين المشتركين في المبدأ ولكنهما متعبين في الأداء، وأقول هنا: الله يقوينا!