كريستينا أغويليرا: التحدي الأهم كان أن أصبح الشخصية التي أمثلها

تحدثت لـ «الشرق الأوسط» عن فيلمها الجديد والأول

كريستينا في لقطة خاصة
TT

هناك رقعة من مدينة لوس أنجليس تعودت زيارتها منذ أول مرة وطأت قدماي المدينة. الرقعة هي حي اسمه وستوود فيلاج ذكرني أول ما توجهت إليه بشارع الحمرا ومنطقة رأس بيروت في مدينتي الأولى، إذ فيه جامعة، وفيه مستشفى وفيه مطاعم وصالات سينما ودكاكين ملابس ومكتبات. الحي كان مدينة ديزني بالنسبة لي ولمن يعشق السينما مثلي، فقد توزعت في أرجائه إحدى عشرة صالة بعضها حمل أكثر من شاشة وكان في الثمانينات المكان الذي يفضله الرواد كبارا وصغارا. ثم نبعت في منطقة ليست بعيدة اسمها سنتشري بلازا مجمعات فيها كل ما في الحي من وسائل تبضع وترفيه بما في ذلك سينمات كبيرة وحدثت في التسعينات جريمة قتل مروعة في أحد شوارع وستوود فيلاج ما قضى على نسبة ارتياده. الآن، هو شبح لمدينة سابقة. لا أقصد أنه بلا زوار أو قاطنين، لكن معظم صالات السينما فيه أغلقت أبوابها، ونصف محلات الشوارع مقفل بانتظار من يستأجرها.

على ذلك، ما زلت أقصد الحي وأفضل مشاهدة أفلامي فيه. نوع من ربط الماضي بالحاضر وتبادل الحديث مع ذلك الأميركي الذي يبيع الصحف ويعرف عدة كلمات عربية علمته نصفها، مثل المرور بجانب العمارة التي كانت يوما عبارة عن «داينر» (مطعم) يفتح 24 ساعة في اليوم ويبيع أطيب همبرغر. كنت آكل هناك وأتخيل نفسي شخصية من فيلم بوليسي. لعلي كنت كذلك فعلا والمطعم، بالتالي، من خيالي.

* شنت كريستينا أغويليرا نحو خمس عشرة غارة على السينما ما بين عام 1989 والسنة الماضية، لكنها هذا العام تحتل، وللمرة الأولى، موقعا حقيقيا كممثلة. المرات السابقة كلها كانت من خلال كتابتها مقطوعات موسيقية أو السماح بشراء أغنيات لها وإعادة بثها في أفلام مثل «مولان روج» و«سبانغليش» إلى جانب أفلام وثائقية قامت بالغناء فيها وتوجهت أساسا إلى سوق الأسطوانات.

هذه المرة مختلفة. الفيلم روائي وهي بطلته الأولى ومحور أحداثه. وهي تريد من المشاهدين قبولها كممثلة وليس فقط كنجمة غناء. تريد من جمهورها أن يعتبر هذه النقلة بداية جديدة. منعطفا مختلفا وفاصلا لما قبلها وبعدها على نحو كريستينا قبل هذا الفيلم وكريستينا بعده.

الفيلم بعنوان «بيرليسك» وقد خرج هذا الأسبوع إلى صالات السينما جنبا إلى جنب «هاري بوتر والمقدسات المميتة». ومع أنه لا يوجد فيلم يستطيع أن يقاوم سيادة جزء جديد من السلسلة الفانتازية في شباك التذاكر، فإن لفيلم «بيرليسك» جمهوره المختلف وعليه تتطلع كريستينا إلى التجربة على أساس أنها رابحة حتى ولو جاء الفيلم في مركز ثان أو ثالث.

القصة مليئة بالكليشيهات: فتاة جميلة وطيبة القلب تريد أن ترقص وتغني على مسرح أحد الملاهي الليلية، لكنها تجد نفسها تعمل نادلة فيه. هذا إلى أن تتاح لها الفرصة حين تغيب بطلة المسرحية الغنائية عن الحضور فتتصدى للفكرة وتقنع صاحبة الفرقة الاستعراضية بصلاحيتها. وهي لا تنجح فقط في البرهنة على موهبتها صوتا وأداء وجمالا، بل تصبح الفنانة الأولى في الفرقة.

رغم الكليشيهات هناك قدر من الجاذبية الخاصة لهذا الفيلم تجسد كريستينا نصفها ويتوزع النصف الثاني على المواهب المشتركة معها ومنهم المغنية شير التي تبدو كما لو كانت لا تزال في الأربعين من عمرها، منذ عشرين سنة.

* هذا الفيلم عن منح الإنسان الموهبة الفرصة الأولى.هل لك أن تخبرينا من منحك فرصتك الأولى؟

- هذا سؤال مثير يعود بي إلى حين كنت في السادسة من عمري. كان هناك برنامج تلفزيوني ناجح أعتقد أن اسمه كان «ستار سيرتش».. تستطيع أن تقول إنه سبق «أميركان أيدول» الحالي وقد اكتشف موهبتي في الغناء مبرمج مواهب قدمني في إحدى الحلقات وبعد ذلك عدت إلى حلقات أكثر واستمددت من نجاحي المبكر الرغبة في ممارسة فن الغناء حين كبرت. طبعا هذا لم يكن من دون مساعدة شخص آخر أصبح مدير أعمالي في ذلك الحين ووجهني تبعا لاتصالاته ورعايته. كانت المهنة حينها حافلة بالقيم الاجتماعية والأخلاقية والفنانون كانوا مثل عائلة واحدة. هذا ما أذكره.

* هذا أول فيلم روائي لك، وهو جديد كتجربة ليس فقط من حيث قيامك بالتمثيل بل أيضا من حيث إنك أنت منتجة أعمالك. هنا أنت تحت إدارة آخرين. كيف تجدين الفارق؟

- الفارق كبير جدا. لقد اعتبرت نفسي مثل الإسفنجة. أردت أن أتعلم كل شيء وطلبت من الجميع أن لا يوفر نقدا أو ملاحظة لأنني أعرف قيمة الخبرة. لا أقول إنني كنت وجلة من التجربة التي أقدمت عليها، لكني كنت في وضع أراقب فيه نفسي جيدا وأحاول أن أستشف مواقع الصدق فيما أمثله. والحقيقة لم يكن هذا صعبا لأن الدور ينص على أنني في الفيلم مغنية وهذا بالفعل ما أنا عليه.

* كيف يختلف الأمر عن تمثيلك فيلما من أعمالك الموسيقية؟

- في تلك الأفلام أقوم بتمثيل نفسي. هنا مثلت دور مغنية من المفترض أنها ليست أنا، إلا حين يربط المشاهد الشخصية بي وهذا خارج عن نطاقي. لكنه دور مختلف لشخصية مختلفة. هذا تمثيل فيه دراما وفيه كوميديا وبعض المواقف العاطفية. أفلام الغناء الأخرى هي كريستينا تغني وكريستينا تمثل. كل شيء هو كريستينا. حين قبلت تمثيل هذا الدور قلت للمخرج ستيف أستين: لا تبخل علي بملاحظاتك. عاملني كمبتدئة. كنت أريد لكل شيء أن يبدو حقيقيا وخصوصا مشاعري وانفعالاتي. وأساسا كنت أريد الانفصال عن كريستينا أغويليرا وأصبح الفتاة التي في الفيلم رغم صعوبة ذلك في الواقع.

* كيف وجدت شير عن كثب؟ هل تحدثتما كثيرا حول عملكما في هذا الفيلم؟

- لم نتحدث كثيرا حول الفيلم لكننا تحدثنا كثيرا عن حياتنا المهنية والخاصة بشكل عام. شير واحدة من أيقونات الغناء والتمثيل في العالم وكنت سعيدة للغاية لهذه الفرصة التي جمعتنا. لكن علي أن أقول لك إننا لم نلتق في هذا الفيلم إلا بعد تصوير نصف مشاهدي. لقد بدأنا بمشاهدي على المسرح. تلك المشاهد الاستعراضية المختلفة ولم تكن شير هناك. ثم انتقلنا بعد ذلك إلى المشاهد التي كنت أمثل فيها وتلك التي مثلتها أمام شير. لقد علمتني الكثير. أيضا استفدت من خبرة ستانلي توشي ونصائحه.

* إذن تكلمتم عن دورك أو شخصيتك في الفيلم؟

- المراقبة كانت العامل الأساسي. لقد تابعت تمثيل ستانلي وشير عن كثب. كنت حاضرة في معظم المشاهد التي تم تصويرها لهما حتى وإن لم يكن وجودي مطلوبا. هذا ما أعنيه بأني كنت مثل إسفنجة. كنت هناك لامتص كل شيء.

* هل تحبين السينما أم تحبين هذه الفرصة لتمثيل هذا الفيلم؟

- أنا فعلا واقعة في حب السينما منذ أن كنت طفلة. شاهدت ووالدتي الكثير من الأفلام حين كنت صغيرة. ودائما ما أتابع الأفلام الجديدة. كل فيلم أسمع أنه جدير بالمشاهدة لا أتأخر عن مشاهدته. هل يجعلني ذلك عاشقة للسينما؟ أعتقد أن الجواب نعم.

* طبعا. لكن ماذا عن ممثلاتك المفضلات؟

- أحب تمثيل كيت بلانشيت وكيت وينسلت. أحب أن أمثل في المستقبل أدوارا درامية من دون غناء وأن أذهب بتلك الأدوار إلى حيث تمضيان. إنهما يسحبان المشاهد في شخصياتهما ودائما الشخصيات جديدة بحيث تستطيع أن تنسى أنك تتابعهما وتندمج في شخصياتهما المختلفة. أعتقد أني أحب أي ممثل يحقق عملية الانتقال من شخصيته المعروفة إلى شخصية جديدة. لذلك أحببت جدا أنجلينا جولي حين لعبت كانت جديدة ورائعة.

* هناك مسألة تثير المقارنة. في الفيلم تؤدين شخصية فتاة مضطرة لأن تعمل نادلة وتعيش في شقة صغيرة. إنها فتاة عاملة بلا ريب. وأنا أعلم أنك جئت من خلفية متواضعة اقتصاديا. هل استمددت بعض التجارب الواقعية أو بعض المشاعر الخاصة من خلفيتك لتمثيل هذا الدور؟

- ملاحظتك صحيحة، لكن الفتاة آلي (في الفيلم) لديها خلفية تختلف بعض الشيء عن خلفيتي الخاصة. في سنها لم أكن مستقلة تماما وأعيش في المدينة الكبيرة. ولدت في بلدة صغيرة لعائلة متواضعة ووالدي كان عسكريا مما اقتضى انتقالنا من مكان لآخر طوال الوقت. إذا ما كانت هناك مشاعر مشتركة استعرتها من خلفيتي فهي مشاعر لم أقصد التعبير عنها. ربما تسللت ضمنيا إلى أدائي.

* حتى من دون هذا الفيلم أنت نجمة مشهورة لديك معجبون كُثر. كيف عالجت مسألة الشهرة؟ أسألك هذا لأن العديد من النجوم ينزلقون أول ما يصبحون مشهورين.

- الفضل في ذلك لوالديّ. فأبي علمني النظام وتقدير الوقت وحثني على الالتزام، وأمي علمتني أنني إذا ما قررت شق طريقي في مهنة ما فعلي أن أركز جهدي ولا يشغلني شيء عن متابعة تلك المهنة. بتعبير آخر أن أكون جادة وأن أجعل هدفي الذي وضعته نصب عيني الدافع الذي ينتقل بي إلى الأمام. بهذه النصائح واجهت مراحل حياتي. لم أكن أريد أن أترك نفسي أتوه. دائما على الخط. دائما مندفعة لتحقيق ما انطلقت من أجل إنجازه.

* هل لديك مشروع فيلم جديد بعد هذا الفيلم؟

- لا. لم أبحث عن مشاريع بعد. أريد أن أرى كيف سيستقبل هذا الفيلم. وأريد فسحة من الوقت لكي تأتي اختياراتي مدروسة. هذا أهم عندي من استغلال الفرصة للانتقال من فيلم إلى فيلم.