هل يدخل المتلعثم السباق الرسمي أو صاحب اليد المقطوعة؟

ممثلون بانتظار الترشيحات لمعرفة مصائرهم

كولين فيرث
TT

السؤال الذي يتردد دائما هو ما الذي يمنع من وجود اتحاد بين نقاد السينما العرب؟ وإذا كان لا بد، فهناك سؤال وجيه آخر يسبقه: هل اتحاد لنقاد السينما العرب ضروري؟ الحقيقة أن مثل هذا الاتحاد ضروري اليوم، كما كان ضروريا بالأمس.. هناك مجموعة معينة من النقاد السينمائيين هي التي تعمل ليل نهار في ميدان الثقافة السينمائية وتعرف قيمة العمل السينمائي وقيمة الكتابة فيه وتؤمن بجدواهما. وهناك مجموعة أكبر من الصحافيين السينمائيين المنقسمين إلى فئتين: واحدة توفر المواضيع الجادة وتثير القضايا المهمة، وأخرى تلهث وراء الخبر و«المانشيت» وتكتب في حكايات الطلاق والزواج بين الفنانين ومسائل حياتهم الخاصة. ولكل واحد من العاملين في هاتين المجموعتين قراؤه. فالنقد السينمائي مزدهر وله جمهوره، والصحافة السينمائية الجادة منتشرة ولها جمهورها، وكذلك الصحافة الفنية السريعة. أهمية اتحاد بين نقاد السينما العرب تكون في رسم حدود مهنية لهؤلاء ورفع مستوى التعامل معهم في المحافل السينمائية، بحيث يستطيعون الإدلاء بدورهم في مهمة الثقافة السينمائية ككل. كذلك الحد من الخلط القائم بين أنواع الكتابات. وإذا لم يكن ذلك كافيا فاقتداء بالعالم بأسره، فهناك عشرات الاتحادات النقدية القائمة اليوم من سيدني إلى استوكهولم ومن ريو دي جانيرو إلى كيب تاون، لكن حين يأتي الأمر إلى المنطقة العربية فهي جدباء قاحلة، باستثناء جمعيتين محدودتين محليتين، واحدة في تونس والأخرى في مصر. هل حان الوقت؟ طبعا، لكن ما المشكلات الحائلة؟ هذا هو السؤال العالق..

بات اسم كولين فيرث مقرونا بالتوقعات الكبيرة التي أفرزتها في الأسبوع الماضي الترشيحات الرسمية لجوائز الـ«غولدن غلوب». وبما أن ثلثي من يتم ذكره من أفلام وشخصيات سينمائية في ترشيحات جمعية الصحافة الأجنبية في هوليوود هي نفسها التي يتم ذكرها في ترشيحات الأوسكار المقبلة، فإن التنافس ينتقل تلقائيا من المسابقة الأولى إلى الثانية. من الـ«غولدن غلوب» إلى الأوسكار، لكن مرورا بالجوائز الأخرى المنثورة على طوال الطريق بينهما: جوائز جمعية الممثلين، جوائز جمعية المنتجين، جوائز جمعية المخرجين، جوائز «البافتا» البريطانية، و«السيزار» الفرنسي والاتحاد الأوروبي من بين أخرى.

كولين فيرث هو الأول في قائمة الممثلين المدعومين من قبل النقاد، وتوقعات المطلعين للأوسكار وسواه. إنه ممثل بريطاني يظهر في دور الملك جورج السادس في «خطاب الملك» الذي يتحدث عن معضلة التلعثم والتأتأة في شخص ذلك الملك. يقوم على قصة حقيقية تم تنويعها بمواقف خيالية للضرورة. كولين فيرث، تم ترشيحه العام الماضي للأوسكار عن «رجل منفرد» لكنه خسر أمام جف بردجز عن «قلب متيم». وهما، فيرث وبردجز، قد يتواجهان مجددا هذا العام إذا ما تم ترشيح الثاني لجائزة أفضل ممثل رجالي في دور رئيسي، وذلك عن فيلمه الجديد «اندفاع حقيقي».

الحقيقة أن فيرث قد لا يبدو مذهلا حين تشاهده وهو يمثل دور ملك بريطانيا الذي يعاني من التلعثم. فهو يبقي الأداء تحت طي الذات البشرية ولا يقوم، كما فعل بعض الممثلين الآخرين حين جاءتهم الفرصة، بتفعيل هذه المعاناة لكي يقود بها دوره. بكلمات أخرى، يدير هو الحالة ولا ينقاد لها مستسهلا. ولو عرفنا أن الفيلم بكامله كان يمكن أن يقع أرضا لو أن الممثل فشل في أداء الحالة، لقدرنا ما قام به كولين إلى حد كبير. فعادة ما يتم تقديم التأتأة (أو مشكلة نطق) في أفلام كوميدية لتثير الضحك أو في أفلام مأساوية، لتثير التعاطف، لكن فيرث يمنح الدور ما يحتاجه من جدية وتمنع عن السهل تماما. كذلك، يحدث كثيرا أن يتبرم المشاهد من تأتأة الممثل ويدرك المخرج أن ذلك ما سيحدث فيتعامل والمعضلة بتخفيف درجاتها إلى حد مضاد لما يقوم به الفيلم. لكننا هنا أمام حالة صلبة ومتوازنة منذ البداية تبدأ وتنتهي بدرجة وعي متواصلة ومثيرة للاهتمام من دون أي تفاوت.

فيلم رياضي

* ممثل آخر يجد نفسه مقيدا إلى وضع لا مجال فيه للتنويع هو جيمس فرانكو. الممثل الذي يقود بطولة فيلم داني بويل «127 ساعة» عن قصة حقيقية (أيضا) لهاوي رحلات ومغامرات طبيعية يسقط بين الصخور في منطقة جبلية معزولة عن الناس وتطحن يده بين صخرتين عالقة هناك مما يمنعه من تحريكها وإطلاق نفسه حرا. في الحكاية الحقيقية وعلى الشاشة يقضي الشاب خمسة أيام على هذا الوضع ويحرر نفسه في مطلع اليوم السادس بقطع يده بسكين سويسري ذي نصل قصير. الفيلم ينقل الحادثة والمعضلة لكنه لا ينقل الألم والمعاناة. أو لنقل إنه «معاناة على خفيف» مثل «البيبسي دايات». فرانكو يثري الموقف بقدر كبير من السخرية والمرح حتى في أحلك أوقاتها. للفيلم ذاته هناته، لكن من الصعب وضع اليد على أداء أفضل من أداء فرانكو لهذا الوضع الخاص وما يداخله من قرارات فنية مهمة على الممثل أن يقررها قبل وخلال التصوير.

وبين الأسماء المطروحة اليوم أيضا مارك وولبرغ عن دوره في «المقاتل» لاعبا شخصية الملاكم الآيرلندي ميكي وورد، أي أنه يؤدي شخصية حقيقية كما هي حال الشخصيتين اللتين يؤديانهما كل من كولين فيرث وجيمس فرانكو. ما يميز وولبرغ ليس درجة تمثيله بل درجة تفانيه، لقد أنتج الفيلم بنفسه مدركا أنه إذا لم يفعل فإن هذا المشروع سيبقى بعيدا عن الشاشة، ثم دخل تدريبات ملاكمة فعلية حتى أصبح ملاكما بقدر ما هو ممثل. لكن المسافة لا تزال بعيدة. نقديا، فإن من يسرق النظر هنا هو الممثل كريستيان بيل لاعب شخصية نصف الشقيق مدمن المخدرات. يتحرر بيل من جمود يجد وولبرغ نفسه مقيدا إليه نوعا، بسبب تأديته شخصية رسمت على نحو يشابه الشخصية الأساسية. وولبرغ كان قد دخل الترشيحات كأفضل ممثل مساند عن دوره في «المغادر» لمارتن سكورسيزي. مما قد ينفعه هنا حقيقة أن مسابقة الأوسكار لا تخلو عادة من فيلم يتعامل والرياضة، سواء أكانت تلك الرياضة ملاكمة («مليون دولار بايبي» مع هيلاري سوانك) أو مصارعة («المصارع» مع ميكي رورك) أو جياد أو ملعب كرة قدم أو كرة غولف أو مشابه.

والأسماء المطروحة كثيرة وتشمل جف بردجز عن «اندفاع حقيقي»، إذ يلعب الدور ذاته الذي قام به جون واين في نسخة 1969 التي أخرجها هنري هاذاواي، وهذا قد يقلل من فرص فوزه لكنه للآن لم يقلل من فرص ترشيحاته. كذلك هناك رايان غوزلينغ عن فيلم «بلو فالنتاين»، وعلى الأخص جيسي أيزبيرغ عن دوره في «الشبكة الاجتماعية». هذا على الرغم من أنه لم يمثل بقدر ما ظهر ملائما تماما. بكلمات أخرى، كانت مستويات الدراما في الدور المسند إليه محدودة فبقي مثل لحن موسيقي مؤلف من حركة واحدة.

أسماء أخرى

* المنافسة ستزداد سخونة إذا ما انضم إليها عدد من الممثلين الذين يبدون حتى هذه اللحظة في الصف الثاني من التوقعات. في مقدمة هؤلاء ليوناردو دي كابريو الذي سبق له أن ترشح ثلاث مرات للأوسكار ولم ينل بعد ما يتمناه. ديكابريو لديه فيلمان هذا العام أقربهما إلى البال «بداية» الذي ترتفع حاليا التوقعات من حوله كترشيح رئيسي بين الأفلام المتسابقة. الفيلم الثاني هو «شتر آيلاند» الذي أخرجه مارتن سكورسيزي وغير المتوقع له أن يدخل السباقات الرسمية.

المشكلة التي يواجهها ديكابريو هي أن المرشحين سيربطون بين أدائه والمؤثرات والخدع البصرية التي يتألف منها «بداية». أما «شتر آيلاند» فهو إنتاج يبدو قديما (إذ بدأ عرضه في الشهر الثاني من العام) مما يجعل اللهفة إليه باردة أكثر مما يجب.

أيضا في المعركة القائمة ستيفن دورف بطل فيلم «في مكان ما» الذي أخرجته صوفيا كوبولا. فيه يؤدي دورف شخصية ممثل شاب. نجم سينمائي يعيش في أحد أكثر فنادق هوليوود تكلفة. وفي ذلك يحاول التماثل بنمط حياتي منتشر بين أترابه. لكن حين تأتي ابنته الصغيرة لزيارته، يكتشف كم كان بعيدا عن الاعتناء بها ومواكبة نموها ومنحها الحنان الذي يطلبه كل طفل من أبويه. وجودها معه يغير ليس نمط حياته، بل نمط تفكيره أيضا.

إنه نوع حساس من الأداء يطرحه الممثل بموهبة كبيرة من دون أن يتوه في الاستعراضات السهلة. وهذا أيضا حال الممثل آرون أيهكارت في «حفرة الأرنب» أمام نيكول كيدمان وحال مات دامون في «من الآن» لكلينت إيستوود.

هذا الفيلم الأخير سيكون الأول لإيستوود الذي لا ينتظر منه الدخول في المسابقة الرسمية منذ عدة سنوات، مما قد يؤثر على مات دامون ومن معه من ممثلي الفيلم.