زينة حلاق: الغرور أصاب القائمين على الدراما السورية.. وهنا الخطورة

قالت لـ «الشرق الأوسط» إنها اعتذرت عن عدم المشاركة في أعمال البيئة الشامية لأنها لا تقدم المجتمع الشامي بشكله الصحيح

TT

على مدى تجربتها الفنية التي تعود لأواخر تسعينات القرن المنصرم، والتي انطلقت من خلال أعمال اجتماعية معاصرة بعد تخرجها في المعهد العالي للفنون المسرحية، استطاعت الفنانة السورية زينة حلاق أن تترك بصماتها وحرفيتها وحضورها الفني الدرامي على الشخصيات التي أدتها في هذه الأعمال، ومنها «هوى بحري» و«عائلة سبع نجوم» و«أسرار المدينة» و«بطل من هذا الزمان» و«بقعة ضوء» و«ليس سرابا» و«مرزوق على كل الجبهات»، وغيرها الكثير من الأعمال الدرامية التي كان آخرها مسلسل «ما ملكت أيمانكم»، والمسلسل السوري الجزائري «ذاكرة الجسد» الذي تابعها جمهور الدراما من خلاله وهي تخوض تجربة جديدة لم تشهدها من قبل، حيث أدت دورها باللهجة الجزائرية وبإتقان ومهارة. زينة التي تستعد للمشاركة في أعمال فنية جديدة للموسم الرمضاني المقبل تنتمي لأسرة إعلامية ليست بعيدة عن الفن، حيث إن والدها هو المذيع السوري المخضرم توفيق حلاق، كما أنها وعبر تجربتها الفنية أتيح لها الكثير من الفرص للحضور في الدراما العالمية من خلال وجودها لأكثر من سبع سنوات في إيطاليا. «الشرق الأوسط» التقت الفنانة زينة حلاق في دمشق فكان الحوار التالي..

* لنتحدث بداية عن الأعمال الجديدة التي تصورين دورك فيها حاليا..

- قرأت في الفترة الماضية الكثير من النصوص، لكني في الواقع وبعد مسلسل «ذاكرة الجسد» صرت حريصة جدا على انتقاء الأدوار المناسبة بعناية، بينما لم أكن أدقق كثيرا قبل ذلك في ما يعرض علي من نصوص، لذلك كان علي في الوقت الحالي اختيار العمل الذي يقدمني بالشكل الصحيح. وأصور حاليا دوري في العمل التلفزيوني «في حضرة الغياب»، وهو عن الشاعر محمود درويش، مع المخرج نجدت أنزور.

* مسلسل «ذاكرة الجسد» هو عبارة عن عمل روائي تحول إلى نص تلفزيوني.. كيف تنظرين لمثل هذه التجارب في الدراما من حيث تحويل عمل روائي معروف إلى مسلسل تلفزيوني؟

- برأيي هنا أنها تجربة جيدة، وهناك فائدة متبادلة بين النص الروائي والمسلسل التلفزيوني، ولو قلنا مثلا إن هناك 3 آلاف شخص قرأوا رواية «ذاكرة الجسد» فبعد المسلسل صار هناك 3 ملايين شخص شاهدوا المسلسل، فدخلوا في عالم الرواية، لذلك خدم المسلسل كاتبة الرواية في الانتشار، كما أن النص خدم الدراما كونه مهما، ولا ننسى هنا الجهد الكبير الذي بذلته كاتبة السيناريو ريم حنا، حيث انتهت الرواية وهي صعبة جدا في الحلقة 15 من المسلسل، فقامت حنا بإكمال العمل ووسعت من المحاور.

* هل عرض عليك العمل خارج سورية؟

- عُرضت علي مؤخرا المشاركة في فيلم جزائري، لكني ما زلت مترددة في القبول، حيث أقرأ النص بعناية خاصة أن الشخصية والدور فيه باللهجة الجزائرية، ويبدو أن القائمين على الفيلم اعتقدوا أنني أجيد اللهجة الجزائرية ومعهم حق في ذلك، لكن ليس بالشكل الجيد، بينما أجيد اللهجة التونسية بشكل أفضل.

* ما هي الحدود في اختيارك للدور، وهل عرضت عليك أدوار فيها إثارة، وما رأيك فيها؟

- لقد دخلت عالم التمثيل حبا فيه وليس كمهنة، ولا أرى نفسي إلا ممثلة، وليس هدفي الأول هو الحصول على المال من خلال التمثيل، ولا أحب الانتشار على حساب النوع فأنا انتقائية قدر الإمكان، وأحب الأدوار الصعبة والمركبة والتي تحتاج لجهد كبير لأؤديها، بينما الشخصيات السهلة لا تغريني، وهذا ما ينطبق على دوري في «ذاكرة الجسد»، وهي شخصية «عتيقة» المرأة الجزائرية الشعبية، ولم تُعرض علي مطلقا أدوار الإثارة، وبالتأكيد لن أقبل أداء دور فيه مشهد مثير ولباس مثير، فتربيتي البيتية لا تسمح لي بتقديم مثل هذه الأدوار حيث أنتمي لعائلة محافظة، ومجتمعنا غير جاهز لتقبل مثل هذه الأدوار، وهي غير موجودة في مجتمعنا رغم أن مثل هذه الحالة قد تكون موجودة في الخفاء لكنها غير موجودة بوضوح، فلا أرى فائدة من طرح مثل هذه الأدوار غير الموجودة في مجتمعاتنا. أما في ما يتعلق بأداء أدوار تحمل طرحا جريئا فأنا لست ضدها. ومن الأدوار التي أحبها الأدوار الكوميدية، خاصة مع الأعمال التي أخرجها هشام شربتجي، والعمل الكوميدي من أصعب أنواع الفنون فإما أن تظهر ممثلا سخيفا أو مضحكا جدا.

* وحتى لو عُرضت عليك المشاركة في الدراما المصرية بدور مثير.. هل سترفضين؟

- بالتأكيد لن أقبل.

* لماذا غادرت إلى إيطاليا وعشت هناك لسنوات؟

- بعد تخرجي في المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1997 عملت لسنة واحدة في عملين تلفزيونيين، ومن ثم سافرت إلى روما بقصد تعميق دراستي للتمثيل والمسرح، وحاولت أن أبقى هناك حيث قدمت عددا من المسرحيات، لكني عدت بعد سبع سنوات لسورية بسبب صعوبة أن أكون كممثلة موجودة في بيئة غربية بعيدة عن تقاليدنا وتراثنا الشرقي.

* هل شاركت في الدراما المدبلجة؟

- نعم شاركت في الدراما التركية المدبلجة، وفي أول مسلسل تركي مدبلج وهو «مهند ونور»، ومشاركتي كانت من باب خوض تجربة جديدة لم أخضها من قبل، وأحببت هذه التجربة، وهي عالميا معروفة منذ سنين طويلة حتى إن كبار النجوم في هوليوود يعملون في الدوبلاج، وأشارك حاليا في دبلجة أفلام أميركية، لكن المشكلة هنا أن الأعمال التركية صارت تؤثر على الأعمال السورية حتى صارت بديلة لها، وهو أمر مؤسف، وقد تأثرت الدراما السورية سلبا بها بدليل أن فضائيات عربية لا تعرض أعمالا سورية بحجة أن لديها مثل هذه الأعمال، حيث يعتبرون الأعمال المدبلجة أعمالا درامية سورية كونها تقدم باللهجة السورية، لذلك موقفي هنا أنني لست ضد الدراما التركية المدبلجة، لكن بشرط ألا تأخذ من مساحة بث الدراما السورية.

* من ترتاحين له من المخرجين السوريين وتشعرين بأنه يفهمك أكثر من الآخرين؟

- بالتأكيد هنا المخرج نجدت أنزور الذي أعطاني الفرصة الحقيقية في الدراما، وأنا سعيدة بالعمل معه، وهو لديه ثقة كبيرة بالممثل الذي يعمل معه، ولديه هامش واسع لمناقشة الممثل في حال شعر بأنه يبتعد عن روح الدور والشخصية في العمل، وهو لا يتدخل مطلقا في عمل الممثل في حال كان متقنا لدوره، لذلك هو مريح جدا، وبعكس ما يقال عنه من أنه مخرج ديكتاتوري فإنه شخص ملتزم بعمله وجدي ويفرض الالتزام على الآخرين، كذلك أرتاح للعمل مع المخرج هشام شربتجي الذي أحترمه كثيرا. والمخرجان لهما فضل في انتشاري كممثلة، والمشكلة هنا مع بعض المخرجين نقص ثقتهم في الممثلين خاصة إذا فرض الممثل على المخرج من قبل الجهة الإنتاجية.

* ما رأيك في ما يقال عن عودة الشللية في الوسط الفني السوري؟

- ليست عودة، فهي كظاهرة لم تنته، وأنا لست ضد الشللية بشكلها الإيجابي حيث يتفق مجموعة من الأشخاص المنسجمين مع بعضهم بعضا فيعملون من هذا المنطلق، لكن المشكلة أن ما يحصل هنا هو محسوبيات، وأن فلانا يمون على مخرج أو منتج فيأتي بممثل لا يصلح للدور من باب المونة والصداقة، والمخرج هنا لا يكون مقتنعا بهذا الممثل للمشاركة في عمله الدرامي. ويبقى الأمر هنا أن هناك شللية جميلة من حيث اعتماد المخرج على كادر فني مناسب له كمدير الإضاءة ومساعده وغيرهما، لكن من غير المقبول إذا كرر هذا المخرج نفس الممثل لبطولة أعماله، وهذا برأيي يسبب ضررا لهذا المخرج خاصة أن هناك ممثلين لم يأخذوا فرصتهم الدرامية بعد.

* هل تحلمين بتجسيد شخصية ما كسيرة ذاتية؟

- أنا لست مع تقديم السير الذاتية دراميا خاصة تقديم الشخصيات القريبة من ذاكرتنا، أي التي تعود للتاريخ القريب، والسبب أنه مهما كنا ماهرين في تقديمها فلن نصل لحقيقتها، فإما أن نقدمها مشوهة أو تخرج وكأنها حالة نادرة حتى تقدم الشخصية وكأنها من دون أخطاء كما حصل مع مسلسل «أم كلثوم». لذلك أنا لست معها لأنها تؤثر سلبا على الممثل الذي يجسد الشخصية وعلى الشخصية التاريخية نفسها، لكنني مع تجسيد الشخصيات التاريخية البعيدة، وأحب تجسيد شخصية ما من التاريخ البعيد، مثل تجسيد شخصية شجرة الدر في مسلسل تلفزيوني، وأتذكر هنا وأنا في عمر خمس سنوات أنني تابعت بإعجاب الممثلة نضال الأشقر وهي تجسد شخصية شجرة الدر من خلال مسلسل لبناني، كذلك جسدت الشخصية الممثلة سوزان نجم الدين وبشكل جيد.

* هل عُرضت عليك المشاركة في دراما البيئة الشامية؟

- نعم عرض علي ذلك، لكنني اعتذرت، واعذرني إذا لم أقل لك أسماء الأعمال التي اعتذرت عن عد المشاركة بها، لأن القائمين عليها سينزعجون عندما يقرأون هذا الكلام!.. وأنا لست ضد مثل هذه الأعمال، لكن ما يقدم حاليا غير معبر عن البيئة الشامية الحقيقية، فليس من المعقول مثلا أن تكون المرأة موجودة في المنزل للطبخ وطاعة الزوج ومشاهد الزواج والطلاق وغيرها كما قدمتها هذه الأعمال، فالمرأة كانت فاعلة كثيرا في المجتمع السوري، خاصة في تلك الفترة، حيث كانت الحركة النسائية نشطة ومهمة، وكان المجتمع الدمشقي متعدد الأطياف والديانات، وهذا لم نشاهده في مثل هذه الأعمال الشامية.

* كيف يمكن برأيك المحافظة على تألق الدراما السورية؟

- علينا التيقظ والانتباه وعدم تقديم الأعمال المتشابهة، وأن ننتبه للممثل لأنه هو من رفع الدراما السورية، والمنافسة هنا قوية، وخذ مثلا الدراما المصرية عندما لاحظ القائمون عليها أن الشكل بات يؤثر عليها خرجوا بها من الاستوديوهات، لذلك شاهدنا في الموسم الماضي أعمالا مصرية مهمة جدا من حيث النص والإخراج والتمثيل، لذلك أرى هنا أن هناك خطورة كبيرة على الدراما السورية، وألاحظ أنه أصابنا الغرور وهذا خطر عليها، وأرى أن البساط يسحب قليلا قليلا من تحت أقدام الدراما السورية، لذلك علينا التيقظ لهذا. وهناك الدراما الخليجية الداخلة بقوة لعالم الدراما، حيث إن لديهم تطورا من حيث الإخراج والتمثيل وبسرعة كبيرة.

* هل تشاهدين أعمالك أثناء عرضها وتنتقدين نفسك؟

- أنا ناقدة قوية لنفسي، وأرى دائما أنه كان بإمكاني تقديم الأفضل في هذا المجال، وأسمع آراء الآخرين وآخذها بجدية، وبصراحة راضية عن كل الأدوار التي قدمتها.

* هل أنت راضية عن أجرك المادي؟

- نعم راضية، وأنا إذا أحببت الدور الذي يعرض علي ورغبت في العمل مع المخرج في مسلسله فلا أفكر كثيرا في الأجر، ولا يعنيني الأمر هنا.

* كيف هو وضعك العائلي؟

- لدي طفلة عمرها سبع سنوات واسمها ريتا.

* وهل لديك هوايات أخرى؟

- نعم لدي هواية الموسيقى والمطالعة، وأحب أن أعمل في التجارة وفي الإنتاج الفني، وأحب العمل في تقديم برامج تلفزيونية وهي على ما يبدو حالة موجودة في الجينات الوراثية؟!.. وهناك مشروع لتقديم برنامج مع والدي حيث يقوم هو بإعداده فيما أقوم أنا بتقديمه، وسينتج بشكل خاص.