جوائز الشهرة والتميز مشبوهة أم صحيحة؟

تنشط في موسمي رمضان وبداية العام الجديد

جنات
TT

انظر حولك ستكتشف أن الكل صار يحمل اللقب أو في طريقه للحصول عليه.. إن لم يكن الآن فإنه لن يمضي هذا الشهر إلا وسوف تجد كل فنان يحتضن جائزة، وقد يلحقها أيضا بوثيقة تؤكد للجميع أنه الأول بلا منازع!! دائما ما تنشط غدة الجوائز داخل كل فنان في موسمين، وهما رمضان وبداية العام الجديد، ولهذا نعيش موسم التكريمات والندوات في رمضان بينما يتم نصب مولد الجوائز في شهر يناير (كانون الثاني).

في الأعوام الأخيرة زادت نسبة معدلات إنجاب الجمعيات التي تنحصر أنشطتها في تلك الندوات الفنية، وأصبح من المستحيل أن تلاحق كل هذه الفعاليات الموسمية، وصار الإثبات الوحيد الذي يؤكد أن هذه الجمعيات الفنية أو الثقافية على قيد الحياة هو أن تنشر عنها أخبار، وحتى يحدث ذلك فإن حجم النشر يتناسب في العادة مع اسم النجم أو النجوم الذين يحضرون هذه الاحتفالية أو تلك الندوة التي تقيمها الجمعية.

تحرص عادة هذه الجمعيات بين الحين والآخر على أن توطد علاقتها بالنجوم حتى يوافقوا على المجيء، وهنا من الممكن أن ترى أمامك مباشرة تطبيقا عمليا لقانون المقايضة، أي تبادل المنفعة، يأتي الفنان للحفل الذي يقيمه المهرجان أو الجمعية وفي المقابل ينبغي أن تمنح له جائزة.. إنها قسمة يعتبرونها عادلة رغم أنها في واقع الأمر تخاصم العدالة، ولكن هكذا يراها الفنان عادلة جدا، فهو يلبي دعوة من الجمعية أو المهرجان ويقتطع من وقته ساعتين أو ثلاث مقابل الجائزة، بقدر ما أن هذه المعادلة باطلة لو كان الميزان هو العدالة، ومع الأسف فإن الفضائيات على كثرتها وربما بسبب هذه الكثرة صارت أيضا صاحبة مصلحة في استرضاء النجوم لكي يحضروا، فهي تروج لمثل هذه الأكاذيب لأنها تضمن أن تصور مادة جذابة للمشاهدين وفي نفس الوقت لن تدفع مقابلا ماديا نظير استضافة كل هؤلاء النجوم الذين يرحبون في هذه الحالة بالتصوير للفضائيات مجانا لأنها تساعد على الذيوع والانتشار لجوائزهم، أقصد لأكاذيبهم!! أستطيع أن أقول وأنا مطمئن أن 70 في المائة من جوائزنا العربية في مجال الفنون مطعون في مصداقيتها، بل وشرعيتها.. ومن الممكن أن نذكر بعض الوقائع التي شهدت حالات صارخة للتزوير وساهمت فيها أيضا مهرجانات عريقة.. لعل أشهر مهرجان يحصل طوال تاريخه على نصيب الأسد في هذا الشأن هو مهرجان الإسكندرية، مثلا في دورته الأخيرة لو تأملت جوائزه ستكتشف أنه مثلا منح الجائزة فقط لكل نجم حضر حفل ختام المهرجان، ولهذا فإن الفنانة الأردنية البطلة المشاركة في فيلم «بنتين من مصر» صبا مبارك عندما اعتذرت في اللحظات الأخيرة عن الحضور بسبب ارتباط طارئ، ألغوا جائزتها التي كانت ستحصل عليها كأفضل ممثلة مناصفة مع زينة التي شاركتها البطولة، واكتفوا بجائزة زينة.. في الدورة قبل الأخيرة لنفس المهرجان تقرر في حفل الختام تكريم عادل إمام عن تاريخه الفني الحافل وبالطبع عادل يستحق ذلك، وأيضا اختاروا ابنه محمد باعتباره وجها صاعدا شابا يستحق التشجيع عن دوره في فيلم «حسن ومرقص»، ولا بأس أيضا فلقد كان محمد واعدا في هذا الدور.. ولكن عادل وضع إدارة المهرجان في مأزق عندما اشترط لكي يحضر أن يتم تكريم ابنه رامي إمام عن إخراجه لفيلم «حسن ومرقص»، قال لهم ينبغي أن تعم الفرحة كل أفراد الأسرة.. كانت كل الجرائد قد نشرت في الصباح قبل ساعات من حفل الختام أسماء المكرمين وليس بينهم رامي إمام، ولكنه وبسبب ضغوط أبيه حصل على جائزة التكريم..

الجوائز لا تشهد فقط معارك داخلية، بل تمتد نيرانها لتصل إلى خارج الحدود، مثلا إلى إمارة موناكو حيث جائزة «ميوزيك أوارد» التي تعتبر في الوسط الغنائي هي أهم جائزة رغم أنها هي أكثر الجوائز التي تحوطها الشبهات.. ولو راجعت أحاديث المطربين الذين حصلوا عليها أو حتى لم يحصلوا سوف تكتشف أن الجميع يعتبرها مشبوهة وسيئة السمعة..

سميرة سعيد اقتنصت الجائزة قبل 5 أعوام، ورغم ذلك عندما سألوها أجابت أنه يحدث أحيانا أن تتدخل عوامل أخرى غير فنية أو تمارس ضغوط ما فتذهب الجائزة إلى مطرب أو مطربة لا يستحقها.. ورغم أن سميرة أعلنت كل تلك الاتهامات فإنها حرصت على أن تستثني جائزتها من كل هذه التلاعبات، وظل الاتهام عالقا برقبة تلك الجائزة وكل من يحصل عليها يطاله هذا الاتهام، وبينهم بالطبع سميرة سعيد!! حسين الجسمي قال إنهم ساوموه قبل نحو عامين للحصول على الجائزة، وحدد الثمن نصف مليون دولار، لكنه رفض ومنحت الجائزة في ذلك العام لإليسا التي رفضت بدورها هذا الاتهام واعتبرته مغرضا، وتراشق الاثنان في فترة ما بالاتهامات على صفحات الجرائد..

محمد فؤاد قال إنه رفض هذه الجائزة أكثر من مرة بسبب تلك المساومات المادية..

الحقيقة أن صراع النجوم لا يتوقف طوال العام، خصوصا لو كان وراءه جائزة.. مثلا في منتصف العام الماضي احتدم الخلاف بين عمرو دياب وغريمه الدائم تامر حسني على جائزة «ميوزيك أوارد»، وبعد ذلك ظهرت جوائز أخرى مثل «التفاحة الذهبية» وجائزة «أسطورة القرن»، ورغم ذلك فإن جائزة القرن أو «أسطورة القرن» لا تقارن في سمعتها السيئة بتلك المسماة «ميوزيك أوارد».. ملأ تامر الدنيا مؤكدا بأنه صار هو «أسطورة القرن»، وتساءلت وتساءل غيري: أيّ قرن يقصد؟.. القرن الـ20 الذي لم يلحق به تامر حيث إنه بدأ مشواره بعد نهايته؟ أم القرن الـ21 الذي لم ينتهِ منه سوى سنواته العشر الأولى فقط؟ فكيف يصبح هو أسطورته ولا يزال هناك 90 عاما قادمة قبل نهاية القرن قد تطرح خلالها أساطير أخرى، هذا لو اعتبرنا أن «تامر» أسطورة!! أتذكر أن المنتج الراحل مجدي العمروسي كان هو صاحب الترمومتر الذي لجأت إليه الهيئة المنظمة لمنح جائزة «ميوزيك أوارد» باعتباره رئيسا لاتحاد منتجي الكاسيت في الشرق الأوسط، حيث إنه أكد بأن عمرو حقق في عام 97 أعلى أرقام للتوزيع، وهكذا حصل على الجائزة لأول مرة عام 98.. الجائزة تستند إلى القيمة الرقمية في توزيع الأشرطة والأسطوانات..

كانت العلاقة حميمة بينهما، فأرسل أوراقا موثقة قال فيها إن عمرو هو الأعلى توزيعا في منطقة الشرق الأوسط، وكان العمروسي ينتظر أن يردها له عمرو ويشيد به في أحاديثه التلفزيونية، ولكن عمرو لم يفعلها واعتبر الجائزة حقا مكتسبا، ولهذا قرر العمروسي أن يفسد عليه فرحته وقال إن غريمه محمد فؤاد هو الذي يبيع أكثر من عمرو، وإنه قد أخطأ في الحساب، وعلى هذا صار عمرو يحمل جائزة غير شرعية لأن شريط «كامننا» وقتها باع أكثر من شريط عمرو!! لو عدنا إلى السينما والمهرجانات سنكتشف أن الكثير من الجوائز يتم التلاعب فيها في اللحظات الأخيرة.. مثلا كانت ميرفت أمين تستعد في نهاية الثمانينات للسفر إلى الإسكندرية للحصول على جائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم «الأراجوز»، ولكنهم عبثوا بالنتائج ومنحوا الجائزة لإلهام شاهين عن فيلم «أيام الغضب».. بعد بضع سنوات تعرضت إلهام لظلم عكسي من جمعية «فن السينما» التي تمنح جائزة «الأوسكار المصري»، بعد أن أبلغوها بمنحها جائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم «الرغبة» تدخلت نادية الجندي شريكتها وغريمتها في بطولة الفيلم واقتنصت منها الجائزة قبل إعلانها بدقائق..

مهرجان «غوردن أوارد» الذي عقد قبل نهاية العام الماضي في الأردن لاختيار الأفضل في مجال دراما المسلسلات شهد أيضا صراعات وتوازنات وضغوطا انعكست بدورها على الجوائز!! ورغم ذلك فإن الصورة ليست مظلمة تماما، فتوجد بعض الجمعيات التي تمنح جوائز ولا تخضع لأي توازنات، مثل المركز الكاثوليكي المصري وجمعية النقاد، ولكنها تظل بمثابة الاستثناء الذي يؤكد القاعدة التي تقول بنودها إننا نعيش مع مطلع كل عام في مولد اسمه الجوائز، والكل لا يريد أن يفوته المولد.. الغريب أن أغلب نجومنا لم يدركوا أن الجمهور لم يعُد يصدق هذه الأكاذيب ولا تلك الموالد!!