أنجلينا جولي متحدثة عن فيلمها البوسني: استقبلت بالترحاب وأحببت الناس

النجمة الأميركية قالت لـ «الشرق الأوسط» إنها تعلمت من أوروبا التاريخ

أنجلينا جولي
TT

* جولة في سينما العالم

* كان معروفا عن أحد الصحافيين الرومان المقيمين في لوس أنجليس أنه كان يأتي بحقيبة خاوية إلى أي مؤتمر صحافي معقود، أو إلى أي حفلة تقيمها شركة أفلام، فإذا افتتح «البوفيه» سارع أولا إلى الأكل، ثم، وقبل أن يشبع تماما، يفتح حقيبته العريضة ويبدأ بإسقاط أنواع الطعام فيها: موز، وتفاح، وعلب لبن، وخبز بالجوز، ومرطبات الصودا، أي شيء من شأنه أن لا يلوث الحقيبة. وكان الجميع قابلا على مضض تلك التصرفات، معيدا إياها إلى الجوع الذي لا بد أن الصحافي شعر به أيام كان يعيش تحت وطأة النظام الشيوعي في بلاده. رحل النظام لكن الجوع لا يزال مستحكما. لكن حينما أخذت زوجة الصحافي (وكلاهما في عقد الستينات من حياتهما) تصحب زوجها إلى الحفلات ومعها حقيبة توأم الأولى كان لا بد من صافرة الحكم.

وقبل أسابيع قليلة، ذكرني زميل يحضر مؤتمرات صحافية مماثلة في لندن أن هناك من كان يأخذ معه إلى البيت بعض المشروبات، مما دعا شركات الأفلام إلى حجب هذا النوع من الترفيه المكلف. أما معي أنا، فقد شاهدت ذات مرة صحافيا يهرع إلى العرض الخاص المقيم ومعه طبق كبير مليء بأنواع المكسرات كان خطفه من فوق طاولة الاستضافة. حين شاهد على وجهي علامات الاستغراب قال: «الفيلم غير مسل.. قلت أتسلى».

* هناك مشهد نهاري من فيلم أنجلينا جولي الجديد «السائح» نراها فيه ترتدي فستانا أسود تقود به يختا في قنوات فينيسيا بتمهل قاصدة مقابلة أحد مسؤولي المنظمة الجاسوسية التي تنتمي إليها. لا شيء آخر فوق اليخت السريع. لا حقيبة يد ولا حقيبة ملابس ولا حتى مشط شعر. يصل اليخت إلى رصيف ميناء خاص وتستعد أنجلينا لمغادرة اليخت. لقطة من الأمام لها وقد أصبحت الآن على الرصيف.. إنما بفستان أبيض! ربما لا توجد ممثلة يمكن أن تغري المشاهد بإعفاء الفيلم من التبرير مثل أنجلينا جولي، أو ربما لم ينتبه معظم المشاهدين الذكور لهذا المشهد لأن عيونهم، إذا لم نقل قلوبهم أيضا، معلقة بالممثلة وليس بما ترتديه. وربما كان هذا حال مخرج الفيلم الألماني فلوريان هنكل فون دونرسمارك، وإلا كيف فاتته هذه التفصيلة؟

وربما لم يلاحظ بعضنا بعد أن للممثلة ذات الـ35 سنة هوى خاصا بأفلام «الأكشن». صحيح أن «السائح» لا يحتوي على الكثير من الحركة في هذا المجال، بل يسعى إلى التشويق (ولا يحققه أيضا إلا بمقدار)، لكن قبل هذا الفيلم شوهدت، ومنذ أن لعبت الجزء الأول من «لارا كروفت» سنة 2003، في عدد متزايد من أفلام «الأكشن» ربما أكثر من سواها من ممثلات الدرجة الأولى. ودائما ما تترك أثرا طيبا في النفوس. جمالها من النوع الثائر وأدوارها هي كذلك أيضا. هنا نتذكر أدوارها في «مستر ومسز سميث»، و«مطلوب»، و«سولت» والجزء الثاني من «لارا كروفت» أيضا.

هذا لا يعني تخصصها فقط في هذه الأفلام. والحقيقة التي تقال هي أنها تترك أثرا جيدا في أدوارها الدرامية كتلك التي في «الراعي الطيب»، و«قلب عظيم» و«تبادل».

وفي مرحلة تفتقر الممثلات فيها إلى تلك النوعية من الأفلام التي تحقق نجاحات تجارية ونقدية معا، نجد أنجلينا ما زالت قادرة على تحقيق قدر معتدل من النوعين. وبالمقارنة، تقدم على خطوة الإخراج حاليا وتفكر في أن يكون فيلمها الأول في هذا المجال بداية طريق جديدة. صحيح أنها ليست الوحيدة بين الممثلات اللاتي فعلن ذلك، لكن ليس كل الممثلات ذهبن إلى البوسنة لإخراج فيلم عن معاناة المرأة هناك.

* كيف كانت تجربة تحقيق هذا الفيلم الذي أفهم أنه لا يزال بلا عنوان؟

- أستطيع أن أقول عنها إنها كانت تجربة تحمل أكثر من صفة: صعبة، وخطرة، وجميلة.. وأعتقد أنها كانت أيضا ضرورية لي. لقد بدأت بقيامي بكتابة فكرة عن أطفال الحرب البوسنية وعرضها على براد (شريكها الممثل براد بت) وكان رد فعله مشجعا. قال: «عليك أن تفكري في تنفيذها على نحو ما». لم يقل إن علي إخراجها، لكني فهمت أنه يقترح أن أتابع ما كتبته وأهتم بتطويره كمشروع. بعد ذلك، الكثير من أجزاء الصورة أخذت تلتقي وتشكل المشروع. ووجدت نفسي متحمسة، وأخذت أبعث بالسيناريو إلى المنتجين وتلقيت ردود فعل إيجابية.

* من الصعب طبعا الحديث عن فيلم لا يزال في مرحلة ما بعد التصوير، لكن كيف عالجت الموضوع الإنساني الذي يتعامل مع المأساة البوسنية؟ أقصد هل سنشاهد فيلما أوروبي اللمسة أميركي المعالجة؟

- نعم من الصعب الشرح والفيلم ليس جاهزا بعد. الفيلم الأميركي في كثير من الأحيان خشن وعنيف وسريع. وفيه طاقة معينة تحرك الأحداث كما يتوقعها المشاهدون. لكن الفيلم الأوروبي يجعلك في رأيي ترتاح أكثر لأنه ليس من المطلوب منه أن يخلق لديك التوتر أو رد الفعل التشويقي ذاته. وهذا تبدأ بالإحساس به وأنت تصور الفيلم، ربما لأن أوروبا فيها تاريخ ومحيطها البيئي مختلف ثقافيا يجعلك تريد أن تتواصل معه وتتعامل معه. إلى ذلك، حين تصور فيلما هناك ليس المطلوب منك أن تتعجل في العمل كما الحال هنا، مما يعطيك فرصة أكثر للراحة.

* لقد مثلت سابقا أفلاما في مواقع أوروبية. ما الذي حصدته في المقابل؟

- أحب التمثيل في أفلام يتم تصويرها في أوروبا. لقد وجدت أنني أتعلم الكثير عن الحياة والمجتمعات في تلك الأفلام. وهذا يفيدني في ثقافتي الخاصة ويجعلني أحترم المكان الذي أزوره وأتواصل مع الناس الذين لم أكن لأعرفهم إلا نظريا ربما لو أنني لم أمثل أفلاما هناك.

* كيف بدت البوسنة لك، وماذا عن كل تلك الإشاعات التي سمعناها حول منع فريق العمل من التصوير؟

- كانت هناك معلومات خاطئة عن الفيلم أثارت رد فعل بعض المسؤولين. تعرف أن الحرب خلفت حساسية كبيرة لدى البوسنيين وأنا أفهمها تماما ومتعاطفة معها للغاية، لكن السيناريو كان بريئا من محاولات الإساءة كما تصور البعض وانتهت المشكلة سريعا. استقبلت بترحاب كبير وصورنا كما أردنا وفي كل المواقع التي رغبنا في التصوير فيها. كانت تجربة مهمة جدا في بلد جميل وأناسه طيبون.

* قبله مباشرة بالطبع صورت «السائح» في فينيسيا حيث قيل إن مشكلات من نوع آخر حدثت خلال التصوير..

- تقصد الحشود؟

* نعم. قرأت أن المعجبين كانوا أكثر مما يستطيع فريق التصوير فعل شيء حيالهم.

- (تضحك): تعرف أنه صعب بعض الشيء أن تتخلص من أشخاص لا تريدهم. (تضحك مرة ثانية) كان هناك مشاهدون التفوا حولنا، جوني ديب وأنا، على نحو تحول إلى مظاهرة فوق مياه فينيسيا. تتعلم أن تتجاوز ذلك. كنا في مدينتهم وفي بلدهم ولا تستطيع أن تحاسبهم كثيرا على حبهم أن يكونوا موجودين خلال التصوير. كان صعبا من حين لآخر، لكنني لا أعتقد أن هذا موجود في الفيلم.

* الشخصية التي لعبتها تندرج تحت شخصيات أخرى لك كامرأة تهوى المغامرة ولديها قدرة بدنية على تحملها..

- لكن مع اختلاف رغم ذلك. أعتقد أنها المرة الأولى التي أجد فيها توازنا بين الصورة التي تصف والشخصية التي لعبتها. هي تعرف المغامرة ولديها القدرة على تحمل تبعاتها، لكنها في الوقت ذاته امرأة شفافة وعاطفية. أعتقد أنها أقرب إلى من أي دور سابق لعبته.

* هل كانت تلك مرتك الأولى في فينيسيا؟

- زرتها عدة مرات على فترات قصيرة، لكنها المرة الأولى التي أمكث فيها لفترة طويلة. ولا أستطيع أن أحدثك كم يختا ركبت وكم «جيلاتي» أكلت وأولادي. لقد استمتعت بها كثيرا، وأكثر ما أعجبني وأذهلني كثرة المتاحف فيها. لقد كانت الفرصة متاحة لدروس في التاريخ. أيضا أعجبتني لأن الإيطاليين هم الوحيدون الذين ينطقون اسمي صحيحا. كانت أمي تقول دائما: «لقد منحتك اسما إيطاليا» لكني لا أعتقد أن الأميركيين ينطقونه على نحو صحيح.

* ... وكانت فرصة للكثير من الملابس الأنيقة... طريقة هوليوود في زمن بعيد. ماذا تقولين في ذلك؟

- أوافق على ملاحظتك. وهذا ما كنا نأمله. البعض قد يقول إنه ليس واقعيا، لكني لا أعتقد ذلك. إنه فيلم خيالي ليس مطلوبا منه أن يلحق التفاصيل ويحاول الإقناع بكل جانب منه. لقد شاهدت فيلمين لهيتشكوك هما «لكي تقبض على لص» و«شمال شمالي غرب»، وهما كما تعلم فيلمان من المغامرات الجاسوسية كما الحال في «السائح»، لكن أحدا لم ينتقد الملابس الأنيقة حينها ويقول إنها غير واقعية. أوافقك. هذا جزء من هوليوود السابقة.. وأنا سعيدة أني اشتركت في إعادته.

* هل تشاهدين الأفلام الهوليوودية القديمة؟

- أحبها كثيرا لأنها تنقلني إلى زمن لم أعشه وحياة لم أتعرف عليها ومستوى من الأفلام الكلاسيكية الذي لم يعد له وجود اليوم.