ممثلو وممثلات السباق نحو الأوسكار

ترشيحات الممثلين تعكس المنافسة القائمة بين «الأوسكار» و«الغولدن غلوب»

آنيت بانينغ كما بدت في «الفتيان بخير» (...)
TT

خلال استقبال جيد أقيم لخالد أبو النجا في الكويت، وكان يستحقه بالفعل، صرح الممثل المصري المعروف بأنه ليس ممثلا تقليديا و«أنتمي لمدرسة عمر الشريف» كما جاء من مصادر موثوقة. أما أنه تقليدي أو غير تقليدي، فإن المسألة فيها وما فيها. فأن تكون تقليديا أو غير تقليدي يعتمد على مفهوم الكلمة. ففي التمثيل، كما في غيره، قد يكون التقليدي أفضل من غير التقليدي، والعكس صحيح بالطبع. لكن مسألة انتمائه إلى مدرسة عمر الشريف فهذه لا تقبل وجهات نظر، لسبب وحيد: عمر الشريف أستاذ في التمثيل بلا ريب. ممثل يملك حضورا ذكيا أمام الكاميرا وشخصية جاذبة، لكنه لا يمتلك مدرسة. هذا إذا ما أردنا أن نكون معنيين بالحقيقة كما هي.. لا هو ولا سواه ولا حتى مارلون براندو، على أساس أنه درس التمثيل بأسلوب مدرس كونستانتين ستانيسلافسكي.. ذاك يمكن اعتباره مدرسة، أما الممثل فتلميذ دائم، وعليه أن يجتهد طوال حياته. وعمر الشريف لم يقل يوما إنه ينتمي إلى مدرسة لورنس أوليفييه أو اليك غينس أو أورسن ولز، لأن كل هؤلاء وسواهم ممثلون جيدون مثله، وفي الوقت ذاته ليس منهم من هو صاحب مدرسة. ويحضرني للمناسبة الممثل محمود حميدة، الذي درس التمثيل وأجاد ولم يقل يوما إنه انتمى إلى أحد سوى إلى علمه وعمله.

من حق الممثلة الشابة هايلي ستاينفلد أن تتعجب من ترشيحها في مسابقة أفضل ممثلة مساندة، حسب اللوائح التي أعلنت يوم الثلاثاء الفائت، ليس لأنها لا تعتقد نفسها لم تنجز أداء قويا ومقنعا تستحق الترشيح لأجله، بل لأنها، ومعها الكثير من النقاد وأهل المهنة، اعتبروها ممثلة أولى في الفيلم الذي ترشحت عنه وهو «عزم حقيقي». ليس فقط لأن حضورها يكاد يكون بالقياس نفسه كحضور جيف بريدجز (المرشح في نطاق أفضل ممثل رئيسي)، بل أيضا لأن الفيلم كله من وجهة نظرها، وحضورها أساسي تمثيلا ودراما.

ستاينفلد (14 سنة) تشارك أربع ممثلات أخريات المنافسة على هذه الجائزة، ثلاث منهن كن رشحن لجائزة «غولدن غلوب»، وهن: هيلينا بونام كارتر (عن «خطاب الملك»)، وإيمي آدامز عن «المقاتل»، وميليسا ليو عن «المقاتل»، وهي التي نالت «الغولدن غلوب» في النهاية. أما الممثلة الخامسة فهي جاكي ويفر عن «مملكة الحيوان» وهي، كالفيلم، أسترالية.

لا ويفر ولا ستاينفلد من المتوقع لها الفوز، فلا الأولى ستحظى بأصوات كافية تفضلها على أي ممثلة أميركية، والثانية لصغر سنها - إلا إذا كان المصوتون سيحاولون تعويض الخطأ الحاصل بوجودها في قائمة غير تلك التي تستحقها عن طريق منحها الجائزة. إذا ما حصدتها تستأهلها كما تستأهلها ميليسا ليو عن دورها، أمام مارك وولبرغ وكريستيان بيل في فيلم الملاكمة «المقاتل».

هذا ما يحلينا إلى جائزة أفضل تمثيل مساند التي يتقدمها كريستيان بيل عن دوره في ذلك الفيلم. ونذكر أنه فاز بـ«غولدن غلوب» في هذه المسابقة ووقف وخطب في الحضور مشيدا بالممثل مارك وولبرغ الذي تم ترشيحه لجائزة «الغولدن غلوب» كممثل رئيسي، لكنه لم ينلها. الوضع ذاته هنا باستثناء أن الأكاديمية لم تر أن مارك وولبرغ يستحق الترشيح أكثر من سواه. غلطة وولبرغ ربما هي أنه مثل الدور بتواضع، مما جعل من السهل تجاوزه.

لن يكون من السهل تجاوز كريستيان بيل، فهو على شاشة «المقاتل» اللولب الفعلي. الممثل الذي يمنح الفيلم طاقته وحيويته، لكن بيل لا يقف وحيدا في هذه المباراة، وأقوى المنافسين هو جيفري رش عن دوره الجيد في «خطاب الملك»، والاثنان - بيل ورش - تنافسا على «الغولدن غلوب»، وخسرها الثاني. هذا قد يتكرر هنا، لكن الحتمي هو أن تكراره ليس في مصلحة المرشحين الثلاثة الباقين: مارك روفالو عن «الفتيان بخير» وجون هوكس عن «عظمة شتوية» وجيرمي رينر عن «البلدة»، ورينر هو ثالث الممثلين الذين تسابقوا في «الغولدن غلوب».

مثار تعليقات

* أهمية العودة إلى هذه النقطة تكمن في أن «الغولدن غلوب» كانت دائما مؤشرا لما سيكون عليه حال مسابقة «الأوسكار»، كترشيحات وكنتائج، ومع أن الأكاديمية حاولت خلق مسافة بعيدة بينها وبين جائزة جمعية الصحافيين الأجانب حينا، وقامت بتقليدها حينا آخر (نقلت موعدها بعيدا ثم قربته، وعادت إلى تقليد من الخمسينات قضى بترشيح عشرة أفلام وليس خمسة وهو المقابل لعدد الأفلام التي يرشحها «الغولدن غلوب») فإن النتائج بقيت على حالها من حيث أنه لا يمكن منع تكرار النتائج في أي من مرحلتي المسابقة: الترشيحات والنتائج النهائية.

يتبدى هذا الوضع بالنسبة للممثلين المرشحين للأوسكار عن أدوارهم الأولى هذا العام، فجيمس فرانكو وكولن فيرث وجيسي آيزنبيرغ وجيف بريدجز كلهم ترشحوا لـ«الغولدن غلوب»، والآن في عداد الراكضين في سباق «أوسكار» أفضل ممثل. الإضافة الجديدة الوحيدة متمثلة في شخص الممثل الإسباني خافيير بارديم عن دوره في «بيوتيفول». وهو يحل محل مارك وولبرغ ويمنح ترشيحات الأوسكار في هذا النطاق وضعا مثيرا، فخافيير لعب دوره بجدارة واضحة في ذلك الفيلم ذي السمة الإنسانية. هذا لا يعني أنه سينال «الأوسكار» بالضرورة. سابقا تم ترشيح ممثلين وممثلات غير ناطقين بالإنجليزية، لكن القليلين منهم نالوا «الأوسكار» فعلا. إلى ذلك، فإن البريطاني كولن فيرث لا يبدو أنه سيترك الكثير من الخيارات أمام أعضاء الأكاديمية. إنه أيضا قوي الحضور في شخصية الملك جورج السادس الذي عانى التلعثم. الأسلوبان، ذاك الذي يحمله بارديم إلى الشاشة، وذاك الذي يجسده فيرث، متباعدان للغاية: بارديم يلعب في الخيال، وفيرث يلعب في الواقع. الأول يمنح الشخصية التي يمثلها وجودا حقيقيا، والثاني يستند إلى أنها حقيقة ويحاول التعبير عنها. جيف بريدجز لن ينالها هذا العام لقاء بطولته لفيلم «عزم حقيقي»، بعدما نالها في السنة السابقة عن «قلب متيم». هذا صعب مناله، لأن معظم المنتخبين لا يزالون يحفظون التشخيص المفعم الذي قام به جون واين حين لعب الدور نفسه سنة 1969 ونال عنه أوسكاره الوحيدة. تمثيل جون واين نمطي، لكن تمثيل جيف بريدجز لا يرتفع إلى مستواه أو يخلق تأثيرا مساويا.

جيسي آيزنبيرغ كان مثار تعليقات تتجاوز قدراته في «الشبكة الاجتماعية». إنه ممثل مناسب أكثر منه ممثلا جيدا. المفارقة بالنسبة إليه هي التالي: في حين أنه يؤدي شخصية حقيقية، هي شخصية أحد مؤسسي «فيس بوك»، وهو ما يفعله كولن فيرث في «خطاب الملك»، فإن هناك اختلافا. ففي حين لا يعي أحد شخصية الملك جون جورج السادس (1936 - 1952) لعدم معرفتها عن كثب، تشكل شخصية زوكبيرغ مسألة عويصة من حيث إن الفيلم يتقصد نقدها، ومن حيث إن آيزنبيرغ اضطر لتمثيلها بصرف النظر عن تطابق أدائه مع سلوك الشخصية الأساسية أم لا. جيمس فرانكو أيضا أدى شخصية حقيقية، هي شخصية ذلك الشاب المرح والمنطلق في حبه للطبيعة ولتسلق الجبال والمغامرة في الطبيعة، الذي سقط في هوة وتدحرجت صخرة فحبست يده بينها وبين جدار الهوة. الممثل يستحق جائزة لأدائه، لكنه لن ينالها لذات السبب الذي من المحتمل أن يخذل الآخرين: كولن فيرث.

منافسة حامية

* حين يأتي الأمر للممثلات في الأدوار الرئيسية نجد صورة متكررة أخرى: كل الممثلات المرشحات في هذا النطاق تم ترشيحهن لـ«الغولدن غلوب»: نيكول كيدمان عن «جحر الأرنب»، وجنيفر لورنس عن «عظمة الشتاء»، وناتالي بورتمان عن «بجعة سوداء»، وميشيل ويليامز عن «فالنتاين أزرق»، ثم آنيت بانينغ عن «الفتيان بخير» وهي من فازت بـ«الغولدن غلوب» كأفضل ممثلة في فيلم كوميدي، بينما فازت ناتالي بورتمان كأفضل ممثلة في فيلم درامي.

إذا ما استبعدنا هذه المقارنة التي لا مهرب منها، فإن ناتالي بورتمان لا تزال المرشحة الأقوى هنا. إنها، عمليا، أفضل ما في الفيلم. دور خبرته ودرسته جيدا وربما على نحو لا علاقة لمخرج الفيلم دارون أرونوفسكي به. مشكلة نيكول كيدمان في «جحر الأرنب» أنها تسعى بجد لاستعادة نمط من الانتصارات الفنية التي صاحبتها في الثمانينات، لكنها تفقد البوصلة الصحيحة هنا. تؤم الدور بتفهم عميق، لكنها لا تتصرف خلاله بالتفهم ذاته. بالنسبة لآنيت بانينغ فهي في دور سهل. المرء يتصور كل الأدوار الجيدة والصعبة التي لعبتها سابقا، كما في «بولوورث» و«جمال أميركي» و«أن تكوني جوليا» من دون فوز (رُشحت ثلاث مرات سابقة). الخوف هو أن الأكاديمية ستصرف النظر عنها هذه المرة أيضا، لكنها تبقى أقرب المنافسات لبورتمان.

ما يزيد المنافسة حدة حقيقة أن جنيفر لورنس وميشيل ويليامز، على حداثتهما، ممثلتان جيدتان هنا. جنيفر تحمل فيلم «عظمة الشتاء» وحدها على عاتقها، لاعبة شخصية أم شابة تبحث عن جثة أبيها لكي تحفظ المسكن المتواضع الذي تعيش فيه. ميشيل ويليامز تجسد دورها جيدا في «فالنتاين أزرق». المشترك بين الفيلمين هما أنهما مستقلان، ونادرا ما نال فيلم مستقل، أو أي من ممثليه، «أوسكار» من قبل.