الأغاني القديمة تغزو الساحة الفنية اللبنانية بعد تجديدها

كارول سماحة وأليسا ونادين الراسي وأحمد دوغان اعتمدوها أخيرا

TT

يبدو أن المطربين في لبنان وجدوا في المثل القائل «اللي ما عندو قديم يشتري» عنوانا للمرحلة الفنية الجديدة التي ينوون الإقدام عليها في أعمالهم المقبلة.. فالساحة الفنية اليوم تشهد بقوة عودة لأغاني لطالما بقيت على البال واحتلت في حقب معينة شهرة واسعة وشكلت لأصحابها مفاصل حيوية في مشوارهم الفني.

فإعادة وتوزيع وأداء أغاني قديمة معروفة سبق أن غناها عمالقة الفن أمثال صباح وسلوى القطريب ووديع الصافي وعبد الحليم حافظ وغيرهم، ظاهرة تتجدد لتستقطب المغنين الشباب بشكل لافت، إذ وجدوا فيها نافذة لتكريم الأغنية الأصيلة وأصحابها من ناحية، وخروجا عن المألوف من باب التنويع في أعمالهم الجديدة من ناحية أخرى.

وتعتبر آلين خلف من الفنانات الشابات اللواتي اعتمدن هذا الأسلوب في إطلالاتهن الأولى عندما غنت في بداياتها في التسعينات «يا صبّابين الشاي» لطروب فلاقت نجاحا كبيرا جعلها تتصدر المبيعات في أسواق الكاسيت يومها، خصوصا بعدما أرفقتها بفيديو كليب وهي ترتدي زيا لبنانيا بسيطا وتقدم القهوة والشاي في مقهى شعبي.

أما اليوم فتعتبر كارول سماحة السباقة في هذا المجال بين زميلاتها بعدما اختارت أغنية للراحلة سلوى القطريب «خدني معك»، وهي من كلمات وألحان روميو لحود، وقد صورتها فيديو كليب على مسرح برنامج celebrity duets الذي عرضته «إل بي سي» في الموسم الماضي وجمع تحت سقفه عددا من النجوم المعروفين في عالم الغناء شاركتهم فيه وجوه تلفزيونية معروفة أيضا في مجالات أخرى تهوى الغناء وقد أشرف على تنفيذه المخرج طوني قهوجي. وتعلق كارول سماحة على الموضوع بأنها سعيدة بهذه الخطوة وأنها بصدد التحضير لألبوم كامل يتضمن مجموعة من الأغاني القديمة التي تركت أثرها حتى اليوم على أذن المستمع العربي عامة واللبناني خاصة.

أما أليسا التي اختارت أيضا أغنية من repertoire الراحلة سلوى القطريب بعنوان «قالولي العيد بعيوني» كان قد سبق أن أنزلت في ألبومها الأخير أغنية «لو فيي» للفنانة المخضرمة عايدة شلهوب ولاقت صدى طيبا من قبل جمهور أليسا، الأمر الذي شجعها لإعادة الكرة مرة ثانية.

من ناحيته الفنان أحمد دوغان، فقد اختار أغنية العندليب الراحل «جانا الهوا» ليطل من خلالها على الساحة الفنية بعد غياب لسنوات طوال، فأعاد تقديمها في قالب جديد حيث غناها على طريقته وهو الملقب بعندليب لبنان منذ مشاركته في برنامج «استوديو الفن» لهواة الغناء في الثمانينات.

أما الممثلة اللبنانية نادين الراسي التي تبين أنها تملك صوتا جميلا بعد مشاركتها في برنامج «celebrity duets» فقد وزعت أخيرا أغنية «اخدوا الريح» لصباح على الإذاعات لتشكل بداياتها الغنائية ولتقف من خلالها على رأي جمهورها في هذا المضمار وهي المعروفة في مجال التمثيل.

ومن الفنانات اللواتي خضن التجربة نفسها المطربة حنين عندما قدمت ألبوما غنائيا يتضمن أغاني قديمة جددتها في قالب يتألف من خليط الموسيقى الشرقية والكوبية معا كأغنية فريد الأطرش «قلبي ومفتاحو»، و«يا حبيبي تعال الحقني» لأسمهان، و«يا زهرة في خيالي» للموسيقار محمد عبد الوهاب، ورأت في تلك الأغاني جسرا يمدها بالأصالة الحقيقية في عالم الغناء.

من ناحيتها نجوى سلطان، أخذت على عاتقها إعادة غناء «يا ستي يا ختيارة» للمطربة المعتزلة طروب بعدما غنتها بأسلوبها الخاص. أما الفنانة نورهان فقد غنت «طب وانا مالي» للمغنية المصرية مها صبري واعتبرتها نقلة نوعية في مشوارها الغنائي، خصوصا أن المطربة المصرية المذكورة تملك قاعدة شعبية لا يستهان بها في مجال الغناء الطربي الأصيل.

أما المطرب رامي عياش، فقد اختار أغنية «الليل يا ليلى يعذبني» ليدرجها في ألبومه ما قبل الأخير، حيث يكثف عليها الطلب من قبل جمهوره في الحفلات.

وكانت المطربة ماجدة الرومي قد اختارت من الخزانة الفنية لوالدها الراحل حليم الرومي أغاني عدة تضمنتها بعض ألبوماتها مثل «عطر» و«اسمع قلبي وشوف دقاتو» وأغاني أخرى كـ«توبة» لعبد الحليم حافظ. وكررت أكثر من مرة أن تلك الأغاني هي بمثابة تحية إكبار لوالدها ولأي عملاق في الغناء العربي.

ويقول الموسيقي إلياس الرحباني في هذا الموضوع لـ«الوتر السادس» إن هذه الظاهرة لا تقتصر فقط على الساحة الفنية في لبنان بل على العالم الغنائي برمته، لأن هبوط مستوى النغمة الموسيقية لوحظ في كل مكان فكان من الطبيعي العودة إلى أغاني قديمة عرفت الشهرة الواسعة بسبب هيكليتها العامة. وأضاف الرحباني أن شباب اليوم ينقصه الثقافة الموسيقية بشكل عام فهو لا يعيش عمق الموسيقى، وأنه شخصيا كان يصر على العودة إلى هذه الأغاني الطربية الأصيلة في البرامج التي شارك فيها كعضو أساسي في لجان الحكم المشرفة على مستوى أصوات هواة الغناء كـ«سوبر ستار» الذي عرضته محطة «المستقبل» لمواسم متتالية، و«غنوا معنا» الذي يعرض حاليا على قناة «الجديد» والذي يعده ويقدمه نجله غسان الرحباني، موضحا أن هناك أصواتا تتوق لهذا النوع من الأغاني لكونها تملك طاقة وخامة جيدتين، مشيرا إلى أنه بصدد تأليف كتاب يحكي عن عالم إلياس الرحباني ويتناول فيه أهمية التعمق الموسيقي وكأنه صلاة من نوع آخر. وعما إذا كان المطربون من الجيل الجديد قد نجحوا في أداء الأغاني التي أعادوا تقديمها في قالب حديث يقول الرحباني «إنهم دون شك نجحوا في استمالة شريحة من الناس تهتم بالفن الأصيل، ونحن في لبنان نملك أصواتا رائعة قد لا نلاحظها في خضم موجة الأغاني الهابطة التي تقدم من هنا وهناك ثم نستنتج أنها رائعة عندما تدق أبواب الأغاني الأصيلة».

واعتبر إلياس الرحباني أن فريق الـ«فوركاتس» أحيا بدوره الأغاني القديمة في قالب جذاب فعشقها الكبار والصغار معا كأغنية «يا ناسيني» لجورجيت صايغ، أو «10... 11... 12» لملحم بركات، وهذه الأخيرة عمرها أكثر من أربعين عاما.

وكانت الفنانة رلى سعد قد انضمت إلى هذه الظاهرة عندما غنت لصباح أكثر من أغنية على شكل ميدلاي منوع، بينها «يانا يانا» التي صورتها معها كفيديو كليب.