المثنى صبح: الدراما المصرية مارد قادم بقوة.. الثقافة والتجربة سببا نجاح المخرج

المخرج السوري لـ«الشرق الأوسط»: خسرت الكثير من الأصدقاء بسبب الدراما المدبلجة

المخرج السوري المثنى صبح («الشرق الأوسط»)
TT

ينتمي المخرج التلفزيوني السوري المثنى صبح إلى جيل المخرجين الشباب الذين هم خلال سنوات قليلة من تجربتهم الإخراجية تركوا بصمات واضحة في مسيرة الدراما السورية. والمثنى الذي ينظر إليه الكثير من المتابعين والنقاد الفنيين على أنه يمتلك موهبة وحسا عاليا في الأداء برزت منذ عمل مخرجا منفذا في عدد من الأعمال مع المخرج حاتم علي، كما امتلك أدواته المميزة في التعامل بمهارة وجدارة وبحرفية عالية مع النص الذي يعمل عليه، فإنه ومن خلال هذه الحرفية العالية استطاع تقديم الكثير من الأعمال المهمة، والجميل فيها أنها أعمال متنوعة، حيث إن منها التاريخي الملحمي والسيرة الذاتية كمسلسل «القعقاع بن عمرو التميمي» الذي أخرجه العام الماضي والدوامة والمسلسلات الاجتماعية المعاصرة، ومنها ما أثار الجدل، حيث قدم حالة اجتماعية إشكالية وبجرأة كما في مسلسله «ليس سرابا» وفي أعمال معاصرة أخرى مثل «مشاريع صغيرة» و«على حافة الهاوية» و«ندى الأيام» وغيرها من الأعمال التلفزيونية. وفي تجربته المستمرة يقف المثنى حاليا خلف الكاميرا ليخرج عمله الاجتماعي الجديد الذي يحمل عنوان «جلسات نسائية». «الشرق الأوسط» التقت المخرج السوري المثنى صبح في دمشق فكان الحوار التالي:

* لنتحدث بداية عن آخر الأعمال التي تخرجها حاليا؟

- عملي الجديد الذي يحمل عنوان «جلسات نسائية» يتناول مشكلة المرأة والرجل العربي بشكل عام والعواطف والأحاسيس بينهما ولا يتضمن العمل انعطافات كبيرة أو أحداثا كبيرة ولكن يوجد فيه قضايا وقصص تتعلق بعلاقة الحب بين الرجل والمرأة والشرط الأناني الذي يقع على هذه المسألة، والمسلسل اجتماعي معاصر يتألف من ثلاثين حلقة للكاتبة أمل حنا من إنتاج «سورية الدولية» ويشارك فيه عدد من النجوم ومنهم نسرين طافش ويارا صبري والجزائرية أمل بشوشة وسامر المصري وباسم ياخور وميلاد يوسف واللبناني رفيق علي أحمد.

* لقد أخرجت أعمالا تاريخية ومعاصرة ولكن لم نشاهدك مخرجا لعمل بيئي شامي لماذا؟

- تستهويني الأعمال الشامية وكنت قاب قوسين أو أدنى لأخرج الجزء الأول من مسلسل «أهل الراية» وحتى أن النص خضع لمعالجة درامية مني ولمدة ستة أشهر ولكن اكتشفت فيما بعد أنه يمكن لي إخراج عمل شامي لا يعتمد على الحكاية فقط، بل يكون موثقا، و«أهل الراية» عمل جميل ولكنه يعتمد على الحكاية ولذلك وبشكل مفاجئ قررت مسايرة رغبتي الشخصية بالتخلي عن عمل يحمل حكاية إلى عمل توثيقي وفيه حكاية. ولذلك لا يوجد أي نقطة حمراء في تناولي لعمل بيئي شامي والعمل الذي يستهويني ويكون ضمن فكري ورغباتي الشخصية سأعمل على إخراجه ومن دون تردد.

* أين تكمن خصوصية المثنى صبح في أعماله الإخراجية؟

- أنا أتعامل مع الموضوع بشكل حقيقي وبصدق شديد، فالبساطة والحل الفني المناسب للعمل هما الأهم برأيي في أي عمل درامي، ولذلك أشعر بأن بساطة العمل والانسجام بين الشكل والمضمون والعلاقة بينهما هو ما أبحث عنه، وأقول لك هنا بصدق، إنه لا توجد لدي خطة إخراجية جاهزة لكل مسلسل، فالنص هو الذي يفرض الخطة الإخراجية علي وأتبع دائما البساطة التي أعتبرها من أصعب الحلول الإخراجية في الشكل الفني عموما.

* هل تتشاور مع الممثل الذي يعمل معك في المسلسل وهل تعطيه مساحة من الحرية ليدلي برأيه في الدور المسند إليه؟

- برأيي أن الإبداع الفني هو موضوع تشاركي ولست شريكا مع الممثل فقط، بل مع الفنيين جميعا من مهندس الديكور وحتى مدير الإضاءة والتصوير وهناك نقاش دائم معهم لأن التحضير أهم من التصوير هنا، فالتحضير يأخذ وقتا طويلا وفي جلسات خاصة ومع كل ممثل نتفق على الخطوط العريضة ونبدأ بالعمل فيما بعد حيث لا يوجد ارتجال هنا، ولا يمكن لأي عمل فني أن يقوم على شخص واحد، خاصة أن المسلسلات هي صناعة مع إبداع فني فهذا العمل قائم على التشاركية وإذا لم تسمع الآخر فلن تكون النتائج جيدة وفي المحصلة يبقى الرأي لي من منطلق أن المخرج هو ربان السفينة.

* هل عرض عليك العمل مخرجا في الدراما المصرية؟

- كل عام يعرض علي عمل مصري ولكن لم أوافق لأن النصوص لم تستهوني باستثناء نص يحمل عنوان «أحمد شوقي» وهو سيرة ذاتية عن أمير الشعراء أحمد شوقي ولكن تم تأجيل تصوير العمل ولدي نص آخر لمدينة الإنتاج الإعلامي في مصر إن شاء الله سيتم قريبا وبسبب الأحداث السياسية في مصر تأخر تصوير العمل. وهناك مشروع مسلسل آخر اسمه «ثمن الحرية» عن القائد التاريخي مصطفى النحاس.

* هل تستهويك أعمال السيرة الذاتية رغم عزوف البعض من المخرجين عنها لما تثيره من إشكالات وجدل؟

- أنا لا تعنيني الموضة ومن قدم عمل سيرة ذاتية أو لم يقدم فلا يهمني هنا النص فقط، فإذا أعجبني أخرجه سواء كان يثير الجدل وينسجم مع ما أفكر أم لا حتى لو كان عملا كوميديا.

* كيف تنظر لتجربة المخرجين السوريين مع الدراما المصرية؟

- تجربة ناجحة وأضافوا شيئا ما للدراما المصرية رغم أنني ضد هذا التقسيم، فنحن في النهاية نعمل لمشاهد عربي ومسلسلاتنا يشاهدها كل العرب وليست للمصريين والخليجيين فقط، ولذلك علينا بشكل أو بآخر واجب تجاه المشاهد العربي، سواء كنا في الدراما الخليجية أو المصرية وأنا مثلا لدي رغبة شديدة لأخرج عملا دراميا مغربيا ويكون معاصرا لأن المغرب العربي بطبيعته وبفنانيه والعلاقات الاجتماعية الشائكة هناك وقضاياها المعاصرة جديرة بأن يطرح فيها مواضيع مهمة جدا.

* ما هي مقومات المخرج الناجح برأيك؟

- الثقافة والتجربة التراكمية في الحياة، حيث يجب أن يكون لدى المخرج جانب من المساحة والثقافة ليست حديثة الولادة بحيث إنني صرت مخرجا فيجب أن أتثقف وكذلك يجب أن يكون لديه خبرة بالحياة وأن يكون شموليا بثقافته وهي أصعب شيء لدى المخرج، بحيث عليه أن يفهم بكل التقاليد والثقافات من ثقافة (الحميماتي الذي يكش الحمام) وحتى ثقافة أكبر سياسي وكأي جنس من أجناس الفنون يحتاج لتجربة شخصية غنية، فالمخرج هنا مثل الشاعر والروائي.

* ما رأيك في الدراما المدبلجة وتأثيرها على الدراما السورية؟

- في الواقع، خضنا الكثير من الجدل في هذا الموضوع وخسرنا أصدقاءنا الذين تبنوا موضوع الدراما المدبلجة، فهذا النوع من الدراما أفاد قسما من العاملين في الوسط الفني السوري ولكنه أضر بصناعة الدراما السورية لأن العمل صار بلسان سوري وبلهجة سورية، حيث تعبوا فيها لتصل الدراما السورية للمرحلة المعاصرة منذ أيام نهاد قلعي ودريد لحام، فهؤلاء عملوا على إيصال اللهجة السورية للمواطن العربي واستثمرت من قبل مسلسلات غير سورية وهذا سبب للدراما السورية تداولا غير منطقي، حيث إن سعر المسلسل السوري صار أقل مما كان سابقا.

* هناك تحديات كثيرة تواجه الدراما السورية.. ما هي مقترحاتك لتجاوز هذه التحديات؟

- أنا كواحد من العاملين في الدراما السورية أدعوا لتحديث الأفكار والنصوص وعلينا كمخرجين إعادة حساباتنا وهناك منافسة في الدراما العربية وليست مصارعة وأنا مع المنافسة وأطلق هنا نداء لكل العاملين في الوسط الفني السوري من مخرجين وكتاب ومنتجين وممثلين في أن نعيد النظر إلى أدواتنا لأنني أعتقد أن الدراما المصرية ستكون ماردا قادما وبقوة، خاصة بعد الظروف السياسية التي حصلت عندهم، حيث سيكون لديهم مجال أكبر وخيارات أوسع بالأفكار وسيرفد الوسط الفني المصري بالدماء الجديدة التي كانت محيدة وهذا يجعلنا نعيد حساباتنا في الدراما السورية ونبحث عن أفكار ونصوص جديدة تلاءم ما سيكون من دراما مصرية قادمة، فقد صار عندهم أحداث كبيرة ومواضيع كبيرة وسيبرز الجيل الشاب من مخرجين وكتاب والذي كان يطغى عليه الجيل القديم وبالتالي هذا سيغير وجه الدراما المصرية وسيحولها لمارد قادم، فعلينا طرح الأفكار الجديد، خاصة أن لدينا الجو الملائم لذلك وأننا نملك مبدعين في الدراما وهناك دعم من الدولة للدراما، فيجب علينا أن نحسن صورة الدراما السورية عربيا.

* وما هو رأيك فيما يشاع عن عودة الشللية بشكلها السيئ للوسط الفني السوري؟

- لا، أنا لا أراها كذلك، بل أنظر إليها من جانب إيجابي، حيث إن من يرتاح له المخرج والمنتج سيعمل معه ولذلك أنا كمخرج، آتي بممثلين وفنيين يتقاطعون مع ما أفكر ويحبون ما أحب، أما الشللية السلبية فتبرز عندما يوضع ممثل في مكان غير ملائم.

* هل لديك هوايات شخصية أخرى؟

- أسمع الموسيقى وخاصة السيمفونيات والمطالعة فأنا قارئ نهم، خاصة للكتب الروائية ومشاهدة الأفلام.

* ووضعك العائلي؟

- عازب حتى الآن وما يخيفني من الإقدام على الزواج أن هناك نساء يخففن من همة الزوج ويدخلنه في تفاصيل الحياة وهنا المشكلة ولذلك أرى في الزوجة أما ثانية ويجب أن تكون دافعا لتطوير عمل زوجها ولتقديم ما هو أفضل.