بين الأفلام

معركة: لوس أنجليس»
TT

- إخراج: جوناثان لايبسمان - تمثيل: آرون إيكهارت، ميشيل رودريغيز، مايكل بينا

* الفيلم الذي سطا على اهتمام المشاهدين في كل مكان هذا الأسبوع، هو «معركة: لوس أنجليس». وحين القول «كل مكان»، فإن ذلك يتضمن مدنا عربية (دبي وأبوظبي والكويت) وأوروبية (لندن على الأقل) بجانب الولايات المتحدة، حيث سجل الفيلم أكثر من 35 مليون دولار.

هذا النجاح بمثابة لحن لبيتهوفن في أذني المخرج الجديد جوناثان لايبسمان، وهو في طريقه إلى البنك لإيداع أجره. تكلف مائة مليون دولار، على ذمة شركة «كولومبيا»، واستعاد نصفها حول العالم في أيامه الثلاثة الأولى، وإذا استمر منواله هذا من النجاح قبل أن يدمر غزاة الفضاء صالات السينما، فإنه سيحقق بسهولة نحو ضعف كلفته وزيادة.

«معركة: لوس أنجليس» هو مزيج من «ترانسفورمرز» لمايكل باي و«أرض المعركة الأرض» لروجر كريستيان و«حرب العالمين» لستيفن سبيلبرغ في حكاية لم تعد جديدة، لكنها دوما مشوقة. ربما لأننا نريد أن نعرف كيف سيتصدى أهل الأرض للخطر القادم، أو لأننا نريد أن نرى ما هو السلاح الذي سيستخدمه الغزاة القادمون من الفضاء البعيد لاحتلال الأرض (بعدما أخفق غزاة آخرون من الأربعينات وإلى اليوم في تحقيق هذه الغاية). أو ربما لأننا نريد أن نشاهد بطلا عليه القيمة؟

البطل هنا هو آرون إيكهارت الذي كان ينوي ترك السلاح والبحث عن عمل آخر، أو ربما كان ينوي ترك التمثيل والبحث عن عمل آخر. لكن بعد دقائق قليلة يكتشف أن أميركا بحاجة إليه. ربما العالم كله بحاجة إليه، ذلك لأن الغزاة الذين يمطرون الأرض بما يشبه النيازك ثم يتبلورون كوحوش ميكانيكية غير قابلة للترويض، حطوا في لوس أنجليس من دون اختيار مفهوم. كان يمكن مثلا أن يحطوا في منتصف أميركا أو في شرقها أو في الصين أو فوق جبال الألب أو حتى في إيران، لكن حينها من سيشاهد الفيلم؟ لكن لوس أنجليس مدينة كبيرة يعيش فيها وخارجها المباشر أكثر من عشرين مليون فرد، والضربات الجوية لا يمكن أن تخطئ، خصوصا إذا ما كان للفيلم بطل نص السيناريو أن لا يصاب بالضربة القاضية! هذا يفتح الباب أمام توقعات أخرى، هل يمكن أن يكون سبب اختيار لوس أنجليس هو أن أهل الفضاء شاهدوا أفلامها الأخيرة المثقلة بسوء التنفيذ وقرروا أن صانعيها لا يستحقون الحياة؟

هذا الفيلم، في الحقيقة، هو واحد من تلك الإنتاجات الرديئة التي كان يستحق الإبادة بسببها، خصوصا حينما يصرخ أحدهم في الفيلم لمن لم يعرف بعد من المشاهدين «هذه حرب إبادة سريعة». إذا ما كانت هناك أسباب فعلية وراء الهجوم على الأرض، غير تلك الواردة هنا، فإن الفيلم لم يجد في ميزانيته الكبيرة مساحة يعرب فيها عن ذلك الدافع. كذلك، فإن توظيف المؤثرات الخاصة على النحو المعروض يدفع المرء للاعتقاد أن المسألة كانت ستتطلب مائة مليون أخرى لضبط المؤثرات وجعلها أفضل وقعا وحسن تنفيذ، لكن الحقيقة هي أن فيلم «المقاطعة 9». ذلك الفيلم الذي أنجزه نيل بلومكامب قبل عامين (بثلاثين مليون دولار) أنجز المتوخى من وراء المؤثرات، وهو رفع شأن الحضور البشري وشخصياته وجعل المؤثرات مساعدا فاعلا لدعم الحكاية وطروحاتها. هنا يعمد المخرج لايبسمان إلى العكس تماما: البشر ليس لديهم ما يقدمونه والمؤثرات تطغى بوحشية على كل شيء. ولا شيء آخر.

على ذلك، فإن النجاح الكبير ليس آتيا من فراغ. وبصرف النظر عن الأسئلة السابقة حول الذي يتطلع إليه الجمهور في مثل هذه الحالة، فإن للفيلم طرحا يمثل بعدا مثيرا للانتباه ويعبر عنه السؤال التالي: هل نجاح هذا الفيلم (وأفلام شبيهة) يعود إلى الحاجة للبطل الذي يقدر «رفس المؤخرات»، كما التعبير الأميركي الشائع، في وقت لم ينجز فيه غزو الأميركيين للعراق وأفغانستان نجاحا بينا، ولا استقبله الأميركيون كبطولة في محلها. هذا محتمل، ومحتمل أيضا أن معظمنا يريد أن يرى البطل ينتصر ضربا ورفسا، حتى في الأفلام الرديئة.