الفنانون يعانون من الثورات العربية

قائمة سوداء سورية يتصدرها عباس النوري ودريد لحام وجورج وسوف

TT

ليست مصر أم الدنيا في كتب التاريخ فحسب، بل هي كذلك تحديدا بالنسبة إلى لبنان ونجومه الذين يعتبرون مصر مصدر رزقهم ومركز عملهم الأول، لدرجة أن جميعهم تقريبا يملكون بيوتا فيها ويعيشون هناك بشكل دائم لمتابعة أعمالهم بشكل يومي! ورغم أن ثورة 25 يناير (كانون الثاني) فتحت أمام المصريين مستقبلا جديدا بعيدا عن حكم حسني مبارك الطويل، فإنها لخبطت جميع الأمور الحياتية بشكل عام والفنية بشكل خاص في البلاد باعتراف أبناء مصر وجميع العرب، فنانين كانوا أو من عامة الشعب.

ففيلم «365 يوم سعادة» الذي شاركت بالتمثيل فيه لاميتا فرنجية وأخرجه المخرج اللبناني سعيد الماروق، تأثر شباك تذاكره بالأحداث لأنه نزل إلى الصالات يوم 25 يناير، فاعتبره البعض وجه خير على المصريين.. إلا أن هذا الـ«خير» لم يدر أرباحا على منتجي الفيلم والعاملين فيه! وخلال أحداث الثورة كانت قد عبرت لاميتا عن حزنها وتضايقها لما يحدث مع المصريين، خصوصا أنها عاشت بينهم وباتت تعتبر نفسها واحدة منهم.

وبسبب الأحداث المصرية تأجل أيضا تصوير مسلسل «الشحرورة» الذي يروي قصة حياة الشحرورة، صباح، ثم عاد ليستأنف منذ فترة قصيرة.. ويشارك في الفيلم مجموعة من الممثلين اللبنانيين، على رأسهم كارول سماحة وكارمن لبس! وكانت كارول التي علقت في مصر، أصرت على البقاء هناك رغم الخطر المحدق بها، ولم تعد إلى بيروت إلا بعد انفجار الأوضاع، فكارول تعتبر مصر بلدها الثاني.

أما كارمن لبس فأعلنت عن حزنها حينها، وتمنت لو بقيت المظاهرات سلمية دون أي سرقة ونهب، وتمنت لو أن ما حدث في مصر من انتفاضة، يحدث في لبنان، مستبعدة ذلك، لأن اللبنانيين لن يحركوا ساكنا حتى لو وصلت «تنكة البنزين» إلى 50 دولارا «لأننا شاطرون بالنق» وليس أكثر.

أما ورد الخال، الممثلة اللبنانية الشهيرة التي فتحت لها مصر أبوابها على مصراعيها، وقفت ودعمت صرخة المصريين مقدرة معاناتهم الطويلة ومتطلباتهم، معبرة عن قلقها من المستقبل المصري.

الممثلون اللبنانيون لم يكونوا وحدهم الذين عانوا من نتائج الثورة المصرية، بل هذه كانت الحال أيضا بالنسبة إلى مطربي لبنان، فمصر مصدر رزقهم الأساسي وتوقف الحفلات فيها، لا بد أنه أثر سلبا على مداخيلهم، خصوصا أن الحفلات في لبنان موسمية ترتبط بالأعياد والمناسبات، بينما الحفلات في مصر تستمر بشكل أسبوعي، ونجوم لبنان محبوبون ومطلوبون من الـ85 مليون مصري، والبعض منهم يعتبرون نجوم صف أول في مصر، بينما لم يصنفوا بعد كـClass A في لبنان، ومنهم إيوان ودوللي شاهين وغيرهما.

نيكول سابا كانت من أولى النجمات اللبنانيات اللواتي تعاطفن مع الشعب المصري، فأوقفت جميع حفلاتها، ولم تشارك في الـValentine Cruise في «ميامي» التي أطلقها متعهد الحفلات الشهير يوسف حرب، لأنها وحسبما صرحت لا تستطيع الغناء والشعب المصري الذي عاشت كواحدة منه لسنوات طويلة ينزف ويعاني! كما أن الثورة المصرية تسببت في إيقاف تصوير مسلسل «نور مريم» الذي تلعب بطولته سابا، إلا أن التصوير استؤنف منذ أسبوعين ونيكول وفريق العمل يجتهدون للحاق بالسباق الرمضاني، حسبما أخبرتنا نيكول في اتصال أجريناه معها إلى القاهرة.

وفي خضم توقف أعمالهم وحفلاتهم في مصر، عبرت الفنانات اللبنانيات عن تضامنهن مع المصريين كل منهن على طريقتها، فأطلقت وصورت كارول سماحة أغنية «مصري أبو دم حامي»، كذلك فعلت نانسي عجرم ونوال الزغبي التي انتظرت هدوء الأوضاع في مصر لتصوير أغنية «هنا القاهرة» لأنها أبت أن تصورها على طريقة الـ«Croma» وأرادت أن تفعل ذلك في الشوارع المصرية رغم فرض حظر التجول.

أما المفاجأة الأكبر فكانت إعلان نجوى كرم عن اختيارها وتحضيرها أغنية باللهجة اللبنانية للتضامن مع المصريين، رغم الهجوم الكبير الذي شنته، وما زالت، بعض الأقلام الصحافية المصرية على نجوى كرم، لرفضها الغناء باللهجة المصرية التي تعتبر أنها ليست ملعبها ولا تتقنها.

وقد صرحت نجوى كرم: «تابعت انطلاق المظاهرات في 25 يناير، ثم اشتعال حركة الشباب وتجمهر الناس في ميدان التحرير، دون أن يتزحزحوا حتى تتحقق مطالبهم، وما تعرضوا له من اعتداء بالرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع.. كل ذلك دفعني للاتصال بالشاعر نزار فرنسيس، وطلبت منه كتابة أغنية عن مصر في أسرع وقت ممكن، وبالفعل كتب نزار أغنية بعنوان (لأنك أم الدنيا)، ثم لحنها وسام الأمير»! إلا أن كرم أجلت إطلاق الأغنية ريثما تهدأ الأوضاع المصرية كي لا يفهم أحد أنها تستغل الأوضاع لاستعطاف المصريين واستمالتهم.

إن سقوط النظام المصري بكافة رموزه، وإن سبب حزنا لكثيرين بسبب توقف أعمالهم، كان مصدر فرح لكل من اللبنانية رولا سعد والسورية أصالة نصري، فبسقوط مبارك سقط نقيب الموسيقيين منير الوسيمي، فحل مكانه مجلس إدارة نقابة المهن الموسيقية الجديد، الذي أقر إلغاء وإبطال جميع قرارات النقيب السابق الوسيمي، منها منع أصالة ورولا من الغناء في مصر، كلتا الفنانتين عبرت عن سعادتها بوقف قرار المنع، فقررت أصالة أن تحيي الشباب الثائر بأغنية من كلمات هشام الجخ، وألحان إيهاب عبد الواحد، وأقامت حفلا جمعها بأقاربها وأصدقائها في سورية للإعلان عن فرحتها، بينما اعتبرت رولا أن فكرة الغناء للثورة تم استهلاكها واكتفت بالتصريح: «ما في حد ما بينظلم، ولكن مهما كنا مظلومين راح يجي يوم وننتصر.. ألف مبروك لمصر».

الثورات لم تنحصر فقط في مصر، فقبلها كانت تونس ومع ثورتها الياسمينية البيضاء، تأثر فنانون كثر، منهم لطيفة وصابر الرباعي وهند صبري وجورج وسوف.. فهند صبري وضعت على اللائحة السوداء بسبب توقيعها على كتاب تأييد للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ورغم أنها أكدت أن الأمر لم يكن بيدها وأن صهر الرئيس وشقيق ليلى الطرابلسي هو من أجبرها على ذلك، فإن اسمها وبالتالي جميع أعمالها اللاحقة ستتأثر وسيخاف المنتجون من التعامل معها بسبب احتمال ألا تقبل الجماهير على أعمالها، فالجمهور لم ولن يرحم كل من كان له يد في دعم الرئاسات المخلوعة! لطيفة لم تسلم أيضا لأنها غنت للثورة المصرية ولم تغن لتونس، ما دفع مجموعة كبيرة من الشباب التونسي إلى المطالبة بمقاطعة جميع أعمالها، متهمين إياها بأنها مصرية أكثر منها تونسية.

أما سلطان الطرب السوري، جورج وسوف، فكاد يقع هو الآخر في الحفرة بعد تسرب فيديو له عبر الإنترنت، وهو يحيي حفلا حضرته سيدة تونس الأولى السابقة ليلى الطرابلسي، حيث حياها وقبل يدها، فقامت الدنيا عليه ولم تقعد وهدد بالمقاطعة.

ويبدو أن لوسوف «في كل عرس قرصا»، حسب المثل الشعبي الذي يردده اللبنانيون، فهو أطل الأسبوع الماضي باتصال هاتفي عبر الفضائية السورية وأعلن تأييده للرئيس السوري بشار الأسد، الأمر الذي لم يعجب الشباب الثائر في سورية.

وسوف ليس الوحيد في هذه المعمعة، فعلى غرار القائمة السوداء التي أعدتها مجموعة من شباب ثورة 25 يناير في مصر، قام عدد من شباب الثورة في سورية بنشر «قائمة عار» على الإنترنت تتضمن عددا من المثقفين والصحافيين والفنانين السوريين المناهضين للثورة وعلى رأس تلك القائمة، الممثل عباس النوري، الذي سبق أن قال: «لو كان هناك بعض المطالبات فإنها لا تستحق ثورة، لأنه من السهل تحقيقها بمفاوضات بدلا من إحداث شغب يؤثر في استقرار البلد»، كما تم وضع اسم الممثل القدير دريد لحام في تلك القائمة، وهو أيضا تعرض لهجوم حاد من قبل الثوار الليبيين لاستقباله القائد معمر القذافي في بيته، أثناء زيارة الأخير لسورية.