قيس شيخ نجيب: السينما مشروعي الرئيسي ولكن رأس المال السوري جبان

قال لـ «الشرق الأوسط»: منطق السوق هو من يحكم إنتاج أعمال البيئة الشامية.. وبعض المنتجين استغلوا جماهيريتها

الفنان قيس شيخ نجيب (وسط) خلال أحد أعماله التلفزيونية («الشرق الأوسط»)
TT

على مدى السنوات العشر من تجربته الدرامية تمكن الفنان السوري الشاب قيس شيخ نجيب من ترك بصمته الخاصة في خريطة الدراما السورية من خلال تألقه في الكثير من الأعمال الاجتماعية المعاصرة والتاريخية والبيئية الشامية التي أوصلته للنجومية وحجزت له مقعدا في الصف الأمامي لنجوم الدراما السورية. ويرى الكثير من المتابعين والنقاد في تجربة قيس تميزا وتفردا من خلال امتلاكه لأدواته الفنية والكاريزما التي يتميز بها ومن خلال نشأته في بيئة فنية معروفة، حيث إن والده المخرج والممثل محمد شيخ نجيب وشقيقه المخرج سيف شيخ نجيب، وهذا ما حقق له عاملا مساعدا خاصة فيما يتعلق بالحالة الفنية الحرفية، والتي رافقتها بالتأكيد موهبة فنية وأداء درامي بارز، وعلى مدى تجربته الفنية القصيرة نسبيا قدم قيس الكثير من الأعمال الدرامية المهمة، بينما يصور حاليا أعمالا جديدة للموسم الرمضاني المقبل، يتحدث عنها وعن غيرها من القضايا الفنية في الحوار الذي خص به «الشرق الأوسط» بدمشق، فإلى نص الحوار:

* لنتحدث بداية عن أعمالك الدرامية الجديدة التي صورتها أو تصورها في الموسم الحالي.

- في هذا العام هناك كم من الأعمال التي أشارك فيها، وفي الحقيقة لست متعودا على المشاركة في مثل هذا الكم الدرامي وفي موسم واحد، وهذا يحصل للمرة الأولى في رحلتي الفنية، ولكن مع ذلك كنت حريصا على النوع، وأن يكون هناك تنوع في الشخصيات التي أجسدها في هذه الأعمال، فقد انتهيت قبل فترة من تصوير دوري في ثلاثة أعمال اجتماعية مختلفة عن بعضها في الشكل وفي المضمون والشخصيات التي أديتها في هذه الأعمال وستعرض في موسم رمضان المقبل، وهي مسلسل «السراب» للمخرج مروان بركات وتأليف حسن سامي اليوسف ونجيب نصير، وهو عمل اجتماعي ودوري فيه شاب ريفي يأتي للعاصمة دمشق ليدرس في الجامعة ويعيش في مناطق المخالفات السكنية بسبب فقره ويعيش حالة حب مع زميلته الغنية ويتزوجها ليعيش في صراع اجتماعي ويدخل في منظومة الفساد ويتحول لشخص فاسد، وانتهيت من تصوير دوري في مسلسل «الغفران» للمخرج حاتم علي وأجسد فيه شخصية شاب فقير ومجتهد في الدراسة ويبحث عن فرصة عمل حقيقية، وفي مسلسل «تعب المشوار» مع المخرج سيف سبيعي أجسد فيه شخصية شاب ذكي يعمل في هيئة الطاقة الذرية ولديه مشروع يحلم بتحقيقه حتى يخدم فيه بلده ولكنه يحب فتاة متحررة تعيش خارج بلده فيحصل لديه صراع بين العلم والثقافة والحب وتطلعاته الحضارية والإرث الشرقي الذي يكمن لدى كل شاب عربي، وأصور حاليا دوري في مسلسل «الزعيم»، وتسميته السابقة كانت «خان الشكر» وهو من البيئة الشامية وإخراج الأخوين بسام ومؤمن الملا وسيعرض في رمضان على شاشة الـ«mbc» وأجسد فيه شخصية ابن زعيم الحارة الصغير المدلل ويتيم الأم وسأشارك كضيف في المسلسل التاريخي «رابعة العدوية» مع المخرج زهير قنوع وأجسد فيه شخصية شاب فارسي يقع في غرام رابعة العدوية وسأكون مشاركا كضيف في الفيلم السينمائي «العاشق» للمخرج عبد اللطيف عبد الحميد وإنتاج المؤسسة العامة للسينما في سوريا وأقدم فيه شخصية لطيفة وأعتبر مشاركتي في هذا الفيلم مكسبا لي حيث أحب السينما كثيرا.

* هل عرض عليك العمل مع الدراما المصرية؟

- نعم، عرض علي المشاركة في عمل مصري في العام الماضي وكان هناك مشروع للعام الحالي، ولكن لم يكتمل بسبب سرعة الأحداث في مصر وتوقف الكثير من الأعمال الدرامية وعدم إنجاز بعضها وتأجيلها.

* وكيف تنظر إلى تجربة الممثلين السوريين، وخاصة الشباب منهم مع الدراما المصرية؟

- كانت تجارب موفقة والممثل السوري - برأيي - يحمل من الثقافة والموهبة والمقدرة ما يكفي لأن يكون حاضرا في أي مكان وأن يكون متميزا به، ولذلك أثبت هؤلاء الشباب حضورا مميزا في مصر حيث وصلوا إلى قلب الجمهور المصري الذي استقبلهم بصدر رحب جدا.

* فيما يتعلق بدراما البيئة الشامية كنت حاضرا فيها بشكل واسع كيف يمكن إعادة الألق لهذا النوع من الدراما والمحافظة عليها؟

- من المعروف أن الأعمال الشامية الشعبية حققت إقبالا كبيرا من الجمهور وصار هناك كثرة في إنتاجها مما يؤثر سلبا على مضمونها، وبرأيي أنه في سوريا بيئات مختلفة ومتنوعة مما يساعد المخرجين والمنتجين على تنفيذ أعمال درامية مختلفة عن البيئة الشامية، ولكن يبقى هناك منطق السوق الذي يحكم موضوع الدراما وبالتالي فإن الأعمال الشامية يتابعها الناس بكثرة وبطريقة خيالية فعلا وأحبوها كثيرا مما أدى ذلك لدى بعض المنتجين لاستغلال هذه الجماهيرية وتحويل هذه الأعمال إلى شكل من التجارة.

* هل أثر وجودك في أسرة فنية ساعد على انتشارك وشهرتك ونجوميتك؟

- برأيي أنه بعد 13 سنة من تجربتي الفنية المستمرة ومن تخرجي في المعهد العالي للفنون المسرحية فإن هذه السنوات تعبر عن نفسها بغض النظر عن انتمائي لعائلة فنية، فالزمن يثبت مقدرة الممثل على البقاء أو لا، وهو من يقيم تجربته من خلال أعماله ومشروعه الفني، ومشروعي الفني بشكل أساسي هو السينما، حيث أعشق الفن السابع وأتمنى أن أكون موجودا فيها، على الرغم من أن التلفزيون من الفنون المحببة، ولكنه يبقى ليكون الفنان موجودا على الساحة الفنية ويحافظ على كم من الشعبية والجماهيرية.

* ولكن لا يوجد إنتاج سينمائي جيد في سوريا؟

- ومع ذلك والحمد لله حالفني الحظ وقدمت ثلاثة أفلام سينمائية وأستعد لتصوير فيلمي الرابع وبعده الخامس، حيث سيصور بعد شهر رمضان وهو فيلم للمخرج جود سعيد بعنوان «صديقي الأخير»، وفيما يتعلق بالإنتاج السينمائي السوري أتوقع أن يحقق قفزة كبيرة في الفترة المقبلة بعد عزوف القطاع الخاص عن خوض تجربة الإنتاج السينمائي لأن رأس المال كان جبانا وخجولا في صناعة السينما رغم توفر تسهيلات واسعة أمامهم كتلك التي قدمت لإنتاج الدراما التلفزيونية وفتحت لها الأبواب، كذلك حصل للسينما ولكن لم يقدم المنتجون على السينما كما فعلوا مع التلفزيون. وأتمنى أن يكون هناك التفاتة حقيقية وأن يتوجه القطاع الخاص ورؤوس الأموال نحو الإنتاج السينمائي وليبدأ ببناء صالات عرض جديدة وفي طريقة إنتاج أفلام تعبر بشكل حقيقي عن البيئة السورية والمجتمع السوري، خاصة أن الفيلم السينمائي سفير حقيقي يجوب كل أنحاء العالم.

* أين تجد نفسك في أنواع الدراما وأنت قدمتها جميعها تقريبا من الاجتماعي المعاصر وحتى التاريخي والبيئي؟

- بالنسبة لي أبتعد عن التصنيفات في هذه المواضيع وأنظر دائما إلى العمل وكم يقدم لي جديدا ورصيدا لتجربتي وكيف أستطيع أن أقدم شخصيات مختلفة، حيث أبحث دائما في اختياراتي على شخصيات جديدة ومختلفة عن سابقاتها حتى أشعر بالمتعة كممثل، فالفن بالنسبة لي متعة حتى أقدم الشخصية بشكل صحيح ولتصل للجمهور بشكل ممتع بغض النظر إن كانت اجتماعية أم تاريخية أم شامية.

* هل تطمح لتجسيد عمل من السيرة الذاتية؟

- في مسلسل «سقف العالم» قبل ثلاث سنوات مع المخرج نجدت أنزور جسدت شخصية الرحالة التاريخي أحمد بن فضلان، ولكنه يبقى عملا تاريخيا، أما إذا كنت تقصد سيرة ذاتية للتاريخ القريب كالقرن العشرين فهناك شخصيات مهمة يمكن لي أن أجسدها في تلك الفترة ولكن لا توجد شخصية واضحة في ذهني، فالموضوع بحاجة لبحث مطول، حيث لا يوجد بذهني شخصية معينة.

* هل تراجع نفسك وتنتقد ما قدمته من أعمال فنية؟

- أنا ناقد لاذع لنفسي وأنتقد حالي وأحاول مشاهدة الأمور التي كنت غير موفق بها حتى أحاول تلافيها في الأعمال التالية وأن أجد أدوات وأساليب جديدة للتعبير حتى أشعر بأن في هذه المهنة هناك أشياء تتطور وإلا إذا شعرت بأنه ليس هناك أمور تتطور فالمهنة تحولت لكسب العيش فقط وهذا لا يناسبني بالتأكيد، حيث أنظر إلى التمثيل كمهنة فنية إنسانية حقيقية تحمل من المتعة والفائدة والتسلية الكثير، ولذلك ضمن هذه الشروط هناك نقد ومحاكمة ذاتية لنفسي.

* كيف تنظر للدراما المدبلجة؟

- عرض علي المشاركة فيها ورفضت ومنذ البداية لم أكن مشجعا لمثل هذه الأعمال من منطلق خوفي أن تؤثر على الدراما التلفزيونية السورية وهي بالفعل أثرت في ناحية العرض خارج الموسم الرمضاني، حيث حلت مكان المسلسل السوري، ولكن تبقى موضة والجمهور يستهلكها والمسؤولية برأيي تقع على الطرفين فالجمهور يتلقى أي شيء وشركات الإنتاج تستغل هذه الموجة وتلقى الجمهور لها وكذلك تفعل القنوات الفضائية.

* هل يمكن أن نشاهدك مخرجا؟

- ليس في الوقت الحالي، ويمكن أن يكون في المستقبل شيء يجذبني بهذا الاتجاه.

* وهل يمكن أن نشاهدك مقدما لبرنامج تلفزيوني؟

- خضت مثل هذه التجربة قبل 11 سنة وقدمت برنامجا للأطفال اسمه «فكر فكر» وبرأيي أن معظم الممثلين في العالم لديهم مثل هذه التجربة أو يطمحون لخوضها، وأنا أطمح في تقديم برنامج ثقافة عامة بحيث يضيف لتجربتي الفنية أشياء جديدة.

* هل لديك هوايات أخرى؟

- الرياضة، حيث ألعب كرة سلة، وكنت لاعبا بنادي الوحدة الدمشقي قبل أن أنتسب لمعهد التمثيل، كما أمارس هواية ركوب الخيل والسباحة وأحب الموسيقى، وأحاول حضور الحفلات الموسيقية حتى خارج سوريا.

* وما هو وضعك العائلي؟

- متزوج حديثا، ولا يوجد أطفال بعد من الكاتبة التلفزيونية لبنى مشلح، وقدمت مجموعة من اللوحات التلفزيونية في «بقعة ضوء» و«ندى الأيام» وهي مقلة في أعمالها، ولكنها تؤلف أشياء مميزة.