بين الأفلام

3. Super 8.jpg «سوبر 8»
TT

تمثيل: كايل شاندلر، إيلي فانينغ، جوول كورتني الولايات المتحدة/ خيال علمي (2011).

تقييم الناقد: ** (من خمسة).

* شاهدنا هذا الفيلم مرّات كثيرة: في صيف 1979 (أو في صيف أي سنة أخرى) يجتمع عدد من الفتية الأصدقاء حول مهمة قد تختلف من فيلم لآخر لكنها هنا هي مهمّة تصوير فيلم رعب بكاميرا من نوع «سوبر 8»، التي كان تم ابتكارها في عام 1965، وكانت لا تزال رائجة حتى دهمتها كاميرات الفيديو بعد ست أو سبع سنوات. المهم أن الفيلم سيقوم بتقديم هذه المجموعة الجميلة والبريئة والطيبة من الأولاد وسيخصص أحدهم بمعطيات بني عبقر: جو لامب (جوول كورتني) ماهر جدا في عمليات صنع ماكياج الوحوش (بما أن الفيلم المنوي تحقيقه داخل الفيلم الذي نشاهده هو عن الزومبيز). وجزء من عبقريته لا ريب يعود إلى محنته؛ فقد خسر والدته في حادثة. كذلك يحب «من تحت لتحت» (أي سرّا) فتاة في الشلة اسمها أليس (إيلي فانينغ) التي تكرهه لأن والده الشرطي (كايل شاندلر) كان ألقى القبض على والدها السكير بتهمة التسبب في مقتل الراحلة. وسط هذه الأجواء، وبينما كانت الشلة تصور فيلمها تشهد حادثة تحطم قطار، وحين الاقتراب منه نسمع تحذيرا صارما يطلقه قائد القطار الذي نجا من الحادثة: إذا أخبرتم أولياء الأمر فإنهم سيموتون.

عند هذا الحد تدرك أنك مقبل على اختبار تمارسه هوليوود فتسقط فيه كل مرة: أيهما أذكى المشاهد أو الفيلم؟ والتحذير يتبعه اكتشاف مخلوق فضائي نفهم أنه تسبب في الحادثة، وسيتدخل للتسبب في حوادث أخرى لاحقة، مثل اختفاء القطط والكلاب الأليفة من البلدة الصغيرة. الفائدة الوحيدة لذلك هو أننا لن نسمع نباحا، ولن نرى بالطبع كلبا يركض في كل اتجاه وكلمات من نوع: «أوه.. بوبي حزين». طبعا لا بد من مؤامرة، والاختلاف الوحيد عن تلك الأفلام المشابهة التي يتم فيها طبخ مؤامرة في كوكب بعيد ويتم غزو الأرض بسببها، هو أن «الطبخة» أميركية صرفة مسؤول عنها «سلاح الجو الأميركي»، الذي كان ألقى القبض على مخلوقات أكثر تقدما من أهل الأرض، وأجرى عليها تجارب، والنتيجة فلتان تلك المخلوقات ووصولها إلى فيلم من إخراج أبرامز وإنتاج ستيفن سبيلبرغ.

من ناحية، «سوبر 8» هو فيلم يمكن تمضية وقت ترفيهي إذا كان المشاهد راضيا عن نفسه ولا يمانع مشاهدة خيوطا وأحداثا عمرها خمسون سنة. لكن من ناحية أخرى، وإذا كان من النوع الذي يطلب جديدا ولو مرة كل سنة، فإنه لن يكون سعيدا بفيلم تم جلب عناصره من أفلام قديمة وشبه حديثة وجمعها في جراج الاستوديو.

طبعا العنصر الذي يحاول الفيلم إعلاميا الاستفادة منه، وهو العنصر الذي انقاد إليه نقاد غربيون كثر، هو أن هذا النوع من الأفلام هو ما رفع شأن سبيلبرغ قبل ثلاثين سنة؛ حين كان لا يزال شابا ينجز «إي تي» و«لقاءات قريبة من النوع الثالث» وسواهما. هذا صحيح، لكن المشكلة هي أن هذا الفيلم يرفض أن يتجاوز تلك الأعمال ويسبر غورها استنساخا، كما لو أن السينما لم تشهد أفلام خيال علمي أخرى منذ ذلك الحين. واحد من تلك الاستنساخات، تقديم شلة من الأولاد الذين يتمتعون بمزايا الطيبة والحب والبراءة. هذا مقصود منه جلب الأولاد في سنهم، لكنه دائما ما يؤدي إلى جرعة أخرى من السذاجة نتلمسها هنا كما في غير هذا الفيلم أيضا.

3. Super 8.jpg «سوبر 8»