طوني خليفة: مارسيل غانم كان أستاذي.. والتلميذ يمكن أن يتفوق على أستاذه

قال لـ«الشرق الأوسط» إنه يحب العمل السياسي ولكنه ليس مسيسا بطبعه

طوني خليفة («الشرق الأوسط»)
TT

لا يمكن لأحد أن ينكر على طوني خليفة النجاح الذي حققه خلال مسيرته الإعلامية التي تعود إلى نحو 20 عاما، ويبدو أنه هو أيضا لا ينكر على نفسه هذا النجاح، خصوصا عندما يؤكد أنه لم يعد بإمكان أحد أن «يحرتق» عليه، بل إنه يعتبر أن من يفعل ذلك هو كمن يقول إن فيروز لا تعرف الغناء أو إن نزار قباني لا يجيد نظم الشعر.

طوني خليفة الذي يختار الإعلاميين الذين يرد عليهم، حيث يرى أن له مصلحة في ذلك، أكد أنه يحترم مارسيل غانم كما يحترم تاريخه الإعلامي وجمهوره، مشيرا إلى أنه كان أستاذه ولكن هذا لا يمنع من أن يتفوق التلميذ على أستاذه. «الشرق الأوسط» التقته في بيروت فكان الحوار التالي:

* غالبا ما تعمل على توجيه رسائل مبطنة إلى الزملاء عبر برنامجك «للنشر»، فهل تشعر أنك تتعرض للمحاربة دائما؟

- هناك أشخاص لا أحب أن أرد عليهم، لأنهم يحاولون «الحرتقة» علي، بينما أنا «أقتل نفسي»، من أجل تقديم المساعدة لمن يحتاج إليها، كما حصل مثلا في الحلقة التي ساعدنا فيها أحد الأشخاص على الخروج من غرفة سجن نفسه فيها طوال 20 عاما، ليظهر في اليوم التالي «صويحفي» ويستعين بشقيقة ذاك الشخص لتقول إن أخاها يتمتع بكامل قواه العقلية وإنني أسعى إلى تحقيق سبق صحافي على حسابه. الذي يريد الانتقام مني ومحاربتي يمكنه أن يفعل ذلك عندما أستضيف إيلي باسيل، أو عندما أتحدث عن هيفاء وهبي، أو إليسا، أو نانسي عجرم، لا عندما نقدم المساعدة لأشخاص هم في أمس الحاجة إلى صوتنا ومنبرنا.

* وهل هم كثيرون الذين «يحرتقون» عليك؟

- هذا الأمر لم يعد ممكنا، من يحاول «الحرتقة» على طوني خليفة هو، وبكل تواضع، كمن يقول إن فيروز لا تجيد الغناء، أو مارسيل غانم لا يعرف محاورة السياسيين، أو جورج قرداحي لا يملك الكاريزما، أو نزار قباني لا يجيد كتابة القصائد. أنا موجود على الشاشة منذ 25 عاما أقدم برامج ناجحة، وإن كنت لا أنكر وجود بعض الثغرات. لقد ولى زمن «الحرتقة» التي عانيت منها كثيرا في السنوات الـ4 الأولى من حياتي المهنية، ولكني تمكنت من تجاوزها، الوقوف على قدمي وتحقيق الاستمرارية. في الماضي كنت أرد على كل من يحاربني، أما اليوم فلقد أصبحت ناضجا في خلافاتي، وأختار الأشخاص الذين أرد عليهم والذين يخدمني الرد عليهم.

* ومن يخدمك الرد عليه؟

- هم كثر.. فأنا مثلا لم أتردد في الرد على نضال الأحمدية عندما تسببت في إيذائي.. ولكن حاليا لا توجد خلافات بيني وبين أحد، لأنني لا أهتم سوى بعملي، بتثبيت نجاحي وبإيصال رسالة جدية للمجتمع من خلال برنامج «للنشر». لا أنكر أنني أفرح كثيرا عندما تبادر الجهات المعنية إلى إيجاد حلول للقضايا التي أطرحها في برنامجي، لأن هذا الأمر يعني أن صوتي يصل إلى المسؤولين، وأنني أصبحت صوت الناس الذين يعجزون عن إيصال أصواتهم وهذا الأمر يحملني مسؤولية كبيرة.

* بصراحة، هل ترى أن برنامج «للنشر»، طرح اسم مارسيل غانم كمنافس جديد لك؟

- برنامج «للنشر» ينافس كل البرامج الأخرى، سواء كانت سياسية أم فنية أم اجتماعية.. ولكن السقف فيه أعلى، ومن خلاله أستطيع أن أناقش كل المواضيع، لأنه يتميز بتركيبة معينة تسمح له بذلك. أما بالنسبة البرامج الأخرى، فهي متخصصة ومن يفقد من بينها خصوصيته يتهم بالتقليد. ولذلك يمكنني القول إنني أنافس مارسيل غانم أحيانا، زافين قيومجيان في أحيان أخرى وكذلك منى أبو حمزة.

* أنا أشرت إلى المنافسة مع مارسيل غانم، من منطلق تجاهله لك في إحدى المقابلات التي أجريت معه، والتي فسرها البعض «حساسية» تجاهك؟

- من هذه الناحية، يصبح الوضع مختلفا. لا أعرف؛ ربما توجد لدى مارسيل حساسية تجاهي، أو ربما هو تعمد تجاهلي، ولكني متأكد بأنه نادم جدا، لأن رد فعل الجمهور الإيجابي تجاهي، في الشارع وفي الصحافة، لم يكن لائقا بمستواه كإعلامي. ربما أكون أقل شخص تحدث عنه بالعاطل، خصوصا أنه تجاهل عددا كبيرا من الإعلاميين ولم يأت على ذكرهم. بصراحة، أنا لا أعرف لماذا تصرف بمثل تلك الطريقة، وربما هو يعتمد هذه الاستراتيجية، ولكن على المستوى الشخصي لا يوجد أي خلافات بيني وبينه، بل أنا أحترمه، كما أحترم عمله وتاريخه الإعلامي وجمهوره، وإن كان ذلك لا يمنع من أن أنتقده، لأنني لست مقدم برامج فقط، بل أعمل أيضا في الصحافة المكتوبة، ويحق لي أن أنتقد الآخرين كما يحق لهم انتقادي، ويبدو أن رد مارسيل لم يكن موفقا.

* وماذا قال عنك؟

- أنا لم أسمع ما قاله عني مباشرة، ولكن أحدهم اتصل بي أثناء الحوار معه، وسمعه يقول إنه فوجئ بأنني أقدم برنامج اسمه «للنشر»، وبأنني لا أزال أطل على الشاشة. مارسيل يعتقد بأنني أقبع في بيتي منذ أن تركت الـ«L.B.C»، وردي عليه بأنني سوف أغير موعد بث برنامجي من يوم السبت إلى يوم الخميس، لنتأكد ما إذا كان يعرف أو لا يعرف برنامجي. أنا لا أريد أن أدخل في مشادات إعلامية معه، لأنني لا أنسى أنه كان أستاذي في يوم من الأيام، ولكن ربما هو يشعر بالانزعاج، لأن التلميذ تفوق على أستاذه. أنا أفتخر بنجاح أي زميل لي، ولكني أفاجأ بأن الآخرين يحاولون أن يخففوا وقع نجاحي، وكل ما أستطيع أن أقوله هو أن الأرقام هي التي تتكلم، لأن هناك شركة إحصاءات متخصصة تجري دراسات لمعرفة نسبة المشاهدة في مختلف البرامج على المحطات التلفزيونية كافة، وأعتقد أن مارسيل تصله نسخة منها. عندما سئلت عن منى أبو حمزة، تحدثت عنها بإيجابية، لأنها برهنت عن أن الإعلام ليس مجرد عرض أزياء و«طق حنك»، بل توجد إعلاميات يجمعن بين الثقافة والجمال والحضور المميز، ولا أعرف ما إذا كان رأيي الإيجابي بها أزعج زملاء آخرين ليسوا على علاقة جيدة معها، مما انعكس سلبا علي، خصوصا أنني مررت سابقا بتجربة مماثلة، بسبب علاقتي الجيدة بجورج قرداحي، ولذلك أنا أدعو كل إعلامي للاعتراف بنجاح زملائه، فأنا مثلا، في أوج خلافي مع نيشان لم أنكر عليه نجاحه وشهرته، لأنني لو فعلت ذلك فسوف أهين نفسي، كما أن الجمهور سيتهمني بأنني شخص معقد.

* بما أنك أتيت على ذكر نيشان، كيف تنظر إلى الإطلالات الموسمية لبعض الإعلاميين؟

- لا يمكن لأي إعلامي أن يتحكم في إطلالته، لأن إعداد فكرة لبرنامج والموافقة عليه من قبل المحطة، ومن ثم إنتاجها وتنفيذها وعرضها على الهواء ضمن شبكة البرامج، يعود إلى المحطة نفسها. بالنسبة إلى تلفزيون «الجديد»، فأنا واحد من بين الأسماء المهمة، التي تقدم برامج ناجحة فيه، ولا شك أن مصلحتها تقتضي بأن أطل بشكل دائم على شاشتها، لأن برنامجي ناجح ويجذب المعلنين، ويدخل الأموال إليها، مع الإشارة إلى أننا في كل مرة نقرر عرضه، ندخل في مرحلة ضياع كبيرة، قبل أن نبثه على الهواء، فكيف يمكن أن يكون الوضع بالنسبة إلى محطة بمستوى وبحجم الـ«M.B.C» التي لديها عشرات البرامج والنجوم الإعلاميين، والذي يبتعد عن الشاشة لا تكون عودته إليها سهلة على الإطلاق، ولذلك أنا لا أرى أن الخيار يعود إلى نيشان في مسألة إطلالاته الموسمية، ولكن الأمر كان كذلك عندما كان يقدم برنامج «مايسترو». اليوم مطلوب من نيشان أن يقدم عشرات الأفكار وأن يثبت أنه قادر على تقديم ما يصب في مصلحة المحطة، لكي يتمكن من حجز مكان له على الهواء، ولا أعرف ما إذا كانت تجربته الأخيرة في برنامج «أبشر»، ستساعده في ذلك. شخصيا أنا لا أشعر ذلك، وأعتقد أنه هو أيضا لم يكن مقتنعا بالتجربة على المستوى الجماهيري، وإن كنت لا أريد التحدث عن موضوع الإعلانات. ولقد علمت مؤخرا، أنه بصدد التحضير لحلقة «بيلوت» من برنامج جديد، وأتمنى أن نشاهده قريبا على الشاشة.

* أشرت إلى أن محطة «M.B.C» تضم عشرات الإعلاميين النجوم، فهل ترى أن النجاح يصبح أكثر سهولة في محطة مثل «N.T.V» لأن عدد نجومها الإعلاميين محدود جدا؟

- عدد المذيعين والمذيعات في الـ«N.T.V» لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، ولكنها تتميز بنجومية كبيرة في المجال الإخباري، لأن فريق العمل في النشرة، بدءا بمديرة التحرير، مريم البسام، وصولا إلى أصغر محرر، يمثل حالة إعلامية سياسية معينة. أما على مستوى البرامج، فالمحطة في طور النمو، خصوصا أنها اتجهت مؤخرا نحو الإنتاجات الضخمة. وإذا تناولنا تجربة «L.B.C»، فليس من السهل أبدا الموافقة على تقديم برنامج على شاشتها، بمجرد تقديم فكرة ناجحة، لأنه لديها الكثير من النجوم، عدد كبير منهم غائب عن الشاشة والبعض الآخر ترك المحطة، وأنا واحد منهم، لأنني لم أتمكن من حجز مكان لي على الشاشة، على الرغم من أنني كنت قد قدمت برنامج «لمن يجرؤ فقط»، الذي يعتبر من أهم البرامج الحوارية التي عرضت على شاشتها في تلك المرحلة، حتى إنه حقق «خبطة» إعلامية في العالم العربي من المغرب إلى الخليج، ولذلك اضطررت إلى البحث عن منبر آخر أطل من خلاله على الناس.

* وهل شعرت بالغبن وقتها؟

- التقدير مسألة مهمة جدا عندي، وهي التي دفعتني إلى تجديد عقدي مع «N.T.V» للمرة الثالثة على التوالي، على الرغم من أنه سُرّب في الإعلام أنني تلقيت عروضا من محاطات مهمة جدا من بينها «L.B.C». في «N.T.V» أنا أسمع دائما عبارات التقدير بدءا من صاحب المحطة، تحسين خياط، وصولا إلى أصغر موظف فيها، وهم يرددون على مسامعي دائما: «شكرا»، و«يعطيك العافية»، و«برافو».. وهذه العبارات تعني لي أكثر من الدولارات، بينما خلال مسيرتي الإعلامية التي تعود إلى نحو 18 عاما نادرا ما كنت أسمع عبارات مماثلة. عندما يوظف الإنسان طاقاته وإمكاناته وطموحاته في العمل، ويجد أن مديره أو المسؤول عنه «يربحه جميل» لأنه يسمح له بالظهور على الهواء، فلا شك أنه سيعيش حالة قلق لأنه يشعر أنه يمكن «أن يطير من مكانه» في أي لحظة. هذه الأمور تصيبني بالإحباط بينما التقدير يخلق عندي راحة نفسية وثقة عالية بالنفس، تدفعني إلى الاستمرار وتقديم الأفضل.

* يقال إن الإعلامي يفضل العمل في محطة «تشبهه»، فهل هناك شبه بينك وبين «N.T.V» على المستوى السياسي؟

- عندما أعمل في مكان لا أفكر أبدا في أنه يجب أن يشبهني سياسيا، بل فكريا. أسلوبي في العمل قريب جدا من أسلوب «N.T.V»، لأننا نفكر بالطريقة نفسها ونسعى إلى أن نكون الحدث ونصنعه. عندما تركت «L.B.C» وانتقلت للعمل في «N.T.V» كان يقال إنني جئت من خلفية «14 آذار» إلى محطة تعتبر رمزا من رموز «8 آذار»، ويومها طُرح على تحسين خياط، السؤال نفسه الذين طرحته علي، وكان جوابه: «أنا عندما تحدثت إلى طوني سألته: ماذا تجيد؟ ولم أسأله عن سياسته». العلاقة بيني وبين «N.T.V» تقوم على التكامل الإعلامي من خلال ما نقدمه، وسياستها لا تهمني، وهي أيضا لا تهتم لتوجهاتي السياسية، وإن كان من الطبيعي أن يكون التعبير عن مواقفي السياسية على الهواء، تحت سقف توجهاتها السياسية وهذا أمر مفروغ منه، أما عواطفي وتوجهاتي السياسية، فإنني أعبر عنها من خلال موقعي الإلكتروني.

* وهل يشكل هذا الموقع الإلكتروني متنفسا لك، خصوصا أنك إعلامي «مسيس»، وبدأت مشوارك الإعلامي من خلال السياسة؟

- أنا أحب العمل السياسي ولكني لست مسيسا بطبعي. أحيانا أكتب على الموقع خبرا مؤيدا للنظام في سوريا، ولكني أفاجأ بتعليقات تهاجمني، لأنها تعتبر أنني أشتم النظام، والعكس بالعكس أيضا. هناك أشخاص كثيرون لا يجيدون القراءة السياسية، ومهما فعلنا لا يمكننا إرضاء الرأي العام. فلو كتبت دائما بشكل إيجابي وانتقدت مرة واحدة ولو بكلمة صغيرة، تنهال علي الشتائم، لأننا تربينا في مجتمعات عربية مسيسة على «نعم»، و«أمرك»، و«طاعة».. ومن يردد دائما هذه الكلمات ولكنه ينتقد بمسألة بسيطة جدا يقطع عنقه. ولكن يبدو أن الأمور بدأت «تتحلحل»، وأنا لا أعرف هل ستكون النتيجة، سلبا أم إيجابيا.

* كإعلامي، ماذا حقق لك هذا الموقع الإلكتروني؟

- من خلاله حققت نفسي، وهو أول استثمار معنوي مهني أملكه. إنها المرة الأولى التي لا أعمل فيها لمصلحة أحد بل لمصلحتي الشخصية ولاسمي في مكان أوظف فيه إمكاناتي ونجاحي وفشلي، بعد 22 عاما من العمل عند الآخرين في مؤسسات لها فضل كبير علي. لقد بدأت من خلال مؤسسة صغيرة، وإذا تمكنت من توسيعها في المستقبل، فسوف يكون الأمر جيدا، وأنا سعيد جدا بهذه التجربة التي شجعني عليها عملي السابق في مجلة مكتوبة، لأنني شعرت أنني أملك طاقات، بعيدا عن العمل الإذاعي والتلفزيوني والعمل السياسي، خصوصا أنني سبق أن عملت في الصحافة السياسية من خلال صحيفة «نداء الوطن».