محاكمة مبارك تسرق الكاميرا من برامج ومسلسلات رمضان

نانسي عجرم ومحاولة مستحيلة لإنقاذ غادة عبد الرازق

غادة عبد الرازق
TT

يوم الأربعاء الماضي لم يكن قط هو يوم الدراما ولا البرامج الرمضانية حيث اتجهت مؤشرات الريموت كنترول لتبحث عن القنوات التلفزيونية التي نقلت على الهواء مباشرة محاكمة حسني مبارك وابنيه علاء وجمال وأيضا العادلي ومعاونيه في الاتهام بقتل المتظاهرين.. القنوات التلفزيونية الأجنبية قدمت أيضا هذا الحدث بكل لغات العالم فأصبحنا أمام حدث عالمي!! كانت مشاهدة مبارك داخل القفص هي الذروة التي انتظرها الكثيرون وتشكك في حدوثها أيضا الكثيرون.. الكل كان يتوقع أن يجد محامي مبارك عذرا قانونيا يحول دون مثوله أمام المحكمة العلنية التي حصل على بثها رسميا وحصريا التلفزيون المصري الحكومي إلا أنه ومثل المفاجأة الدرامية التي لا يتوقعها عادة الجمهور حضر مبارك على سرير متحرك وأحاطه ولداه ليحجبا الكاميرا عن نقل صورته للناس إلا أنه كان كثيرا ما يبدو حريصا على أن يرى ما يجري ويتيقن من أنه داخل المحكمة.

النيابة وجهت الاتهامات بالقتل وعلى رأس المتهمين كان مبارك.. كان النقل أقرب إلى أسلوب تلفزيون الواقع وإن كان في تلفزيون الواقع يتم زرع الكاميرات وأجهزة الصوت طبقا لرؤية هندسية وإخراجية متكاملة ولكن ما حدث هو أن العشوائية سيطرت على النقل وهو خطأ لا يغفره أبدا أنها المرة الأولى التي يحاكم فيها رئيس مصري فلقد سبق أن شاهدنا صدام حسين أثناء المحاكمة وكانت التجهيزات الهندسية أكثر انضباطا.. ويبقى أنه لأول مرة تحقق شاشة التلفزيون المصري تلك الدرجة من كثافة المشاهدة لأن كل القنوات التي نقلت عن التلفزيون المصري التزمت بالإشارة إليه!! ولا يمكن أن يستمر المؤشر منضبطا فقط على محاكمة مبارك إلا أن المؤكد أن المزاج النفسي للناس صار متوجها أكثر إلى تداعيات محاكمة مبارك خاصة أن الجلسة القادمة ننتظرها في منتصف الشهر الكريم عندما يكتمل الهلال!! بين الحين والآخر سوف يتابع الجمهور الأعمال الرمضانية ويعود بعدها إلى قناة إخبارية ليعرف آخر الأخبار فلن يخفت أبدا حضور مبارك ونجليه.. سيشكل ذلك ولا شك نقطة جاذبة سطوة البرامج السياسية ستظل لها سيطرتها وحضورها الرمضاني في سابقة لم نتعود عليها قط في رمضان شهر الياميش والبرامج والفوانيس والمسلسلات!! ورغم أن تراجع عدد المسلسلات الذي هبط إلى النصف بسبب ضبابية سوق البيع والعرض والتوزيع وتخوف الشركات الإعلانية فإن العدد لا يزال يتجاوز قدرتنا على المشاهدة وصل إلى 70 مسلسلا.. ومن الواضح أن المطالبات بمقاطعة عدد من النجوم قد أسفرت عن إحجام قطاع من الجمهور عن المشاهدة.. صحيح أنه لا يمكن أن تحدد إلى أي مدى أسفرت تلك الدعوات وبأي نسبة هبطت أسهم وشعبية عدد من النجوم ولكن الأيام القادمة سوف تقدم رؤية بالأرقام توضح بالضبط مقدار تضاءل نسبة المشاهدة.

المؤكد أن تخفيض أجور أغلب النجوم إلى النصف يحمل دلالة على هبوط شعبية النجوم وقدرتهم على الجذب الإعلاني.. ومن الممكن أن تجد مثلا في الاستعانة بنانسي عجرم كنقطة جذب في غناء تترات المقدمة والنهاية لمسلسل «سماره» محاولة لجذب الجمهور المتعاطف والمنحاز إلى صوت نانسي ليشاهد المسلسل.. لاحظ البعض اختفاء اسم بطلة المسلسل غادة عبد الرازق من التترات واعتبروا ذلك دلالة على الخوف من المقاطعة وبالطبع لم يكن اختفاء اسم غادة له علاقة بقرار وضعها في القائمة السوداء كما حاول البعض تفسيره ولكن الحقيقة هي أن لوسي التي تؤدي دور أم «سماره» اشترطت أن تسبق الجميع في مقدمة الحلقات وكان المقصود أن تسبق البطلة «سماره» غادة عبد الرازق ولم توافق على ذلك غادة وفي نفس الوقت لا تستطيع أن تتحدى جهة إنتاجية تعاقدت مع لوسي طبقا لهذا الشرط ولهذا قررت أن الحل هو ألا يكتب اسمها لا قبل ولا بعد لوسي إلا أنها - أقصد غادة - لقنتها درسا فهي بالاتفاق مع المخرج تسيطر تماما على كل اللقطات في التتر الغنائي ونادرا ما ترى لوسي وكأنها قد اشترت السلطانية فهي حتى كتابة هذه السطور لا تفعل شيئا في الدراما سوى التمهيد لكل مشاهد غادة والتي كالعادة تقدم دورا يذكرنا بدورها في الحاجة «زهرة» وقبل ذلك في مسلسل «الباطنية» المرأة التي لا تقاوم والكل يتمناها ويخضع لها كل الرجال.. وكأنها تنويعة أخرى يقدمها الكاتب مصطفى محرم لصناعة شخصية نمطية لغادة مثلما ساهم قبل ذلك هو وعدد من كتاب السينما في تنميط شخصية نادية الجندي التي قدمت عشرات من الأفلام وهى تحمل على كتفها نفس معالم الشخصية. أتصور أن غادة وصلت هذا العام إلى مرحلة التشبع في «سماره» الجرعة تجاوزت المسموح كما أن حالة البرودة مع الجمهور بسبب موقفها ضد الثورة والثوار لم تفلح معها محاولات التراجع كل هذا ولا شك أثر بالسلب على مسلسلها «سماره» رغم جمال وشقاوة صوت نانسي!! تستطيع أن ترى أيضا تامر حسني في حالة مشابهة لما تعانيه غادة إلا أن تامر له أسلوب آخر في اللعب على مشاعر الناس حيث إنه سوف يحيل المسلسل إلى عريضة دفاع لتبرئة ساحته من الاتهام الذي لاحقه ولا يزال بأنه واحد من ألد أعداء ثورة يناير ولهذا قرر أن يضع بعض مشاهد في المسلسل تعيد الثقة بينه وبين الجمهور الذي أعلن مثلا من خلال مقاطعته لشريطه الجديد «اللي جاي أحلى» أنه يرفض كل ما يصدر عنه.. في الحلقات الأولى لمسلسل «آدم» بدأ في التمهيد بتقديم شخصية «آدم» باعتباره ثوريا على العكس تماما مما مارسه على أرض الواقع.. لقد اتفق تامر مع كاتب المسلسل على أن يضع في الحلقات الأولى عددا من المشاهد تؤكد على ثورية البطل فهو يشارك في المظاهرات وذلك حتى يمهد للمشاهدين لمشاركته بعد ذلك قرب نهاية الحلقات في ثورة 25 يناير ولا يعنيه أن كل التسجيلات التي يحتفظ بها «اليوتيوب» تؤكد أنه كان مناهضا للثورة مدافعا وحتى اللحظة الأخيرة عن فساد مبارك!! في مسلسل «الشوارع الخلفية» المأخوذ عن رواية عبد الرحمن الشرقاوي العمل الفني به حالة ألق ورغم أن جمال سليمان وضعه الشباب السوري على قائمة المطلوب مقاطعتهم لارتباطهم ودفاعهم عن النظام السوري ولكن لا يزال المسلسل يقاوم فهو ليس في بؤرة المقاطعة رغم أن ليلى علوي المرتبطة بصلة نسب مع عائلة مبارك حيث إنها متزوجة شقيق والد خديجة زوجة جمال.. كانت ليلى حريصة على ألا تدلي برأيها في بداية الثورة معللة ذلك أن وضعها ملتبس إلا أنها ظهرت مؤخرا مع لميس الحديدي في برنامجها «نصف الحقيقة» لتدافع عن مبارك وتطالب بالعفو عنه لأنه تجاوز الثمانين وهو نفس ما طالب به أيضا محامي حسني مبارك إلا أن ما يشفع للمسلسل هو أنه وحتى الآن يستند إلى قيمة إبداعية!! في مسلسل «كيد النساء» كان يبدو أن الصراع الأساسي بين فيفي عبده وسمية الخشاب ليس للفوز بقلب أحمد بدير وكأنه نصف الحاج «متولي» حيث إنه تزوج اثنتين كل منهما تتحدى الأخرى في الفوز بأحمد بدير ليس بإغراء الجمال الأنثوي ولكن بعدد الكيلوغرامات التي تتكدس في ملامح كل منهما وبالفعل لو أحضرت ميزان «قباني» وهو أكثر الأجهزة صلاحية لمثل هذه الأوزان الثقيلة أتصور أن سمية الخشاب سوف تنتصر في هذا المجال فهي الأكثر ضراوة والأشد بأسا لو كان الأمر متعلقا بالوزن بالقياس لفيفي عبده رغم أن فيفي تعاني من زيادة مفرطة في حجمها وسبحان مغير الأحوال قبل عشر سنوات كانت سمية تؤدي دور الزوجة الثالثة الحسناء الرشيقة للحاج «متولي» التي اختارها بعد زوجتيه ماجدة زكي وغادة عبد الرازق ثم أصبحت بكل هذه الضخامة في «كيد النسا».. سمية تعتقد أن هناك من يخطط لضربها فنيا وأشارت إلى عدد من المنافسات هن اللاتي يوجهن لها ضربات تحت الحزام.. حتى لو صح ذلك فإن الفاعل الأصلي لكل ما رأيناه هو سمية التي لم تستطع الحفاظ على ملامحها وفقدت بسبب انتفاخ وجهها قدرتها على التعبير سواء في «كيد النساء» أو مسلسلها الثاني «وادي الملوك»!! مسلسل «عابد كرمان» لعبت الثورة دورا رئيسيا في ظهوره للنور.. المسلسل مأخوذ من أوراق المخابرات العسكرية كانت الأجهزة الرقابية قد اعترضت على عرضه وبالفعل تم إلغاؤه من خريطة رمضان في العام الماضي وقيل وقتها إن رئاسة الجمهورية تدخلت وحذفت مشاهد تثير غضب إسرائيل لأن المسلسل مأخوذ عن رواية كتبها الراحل ماهر عبد الحميد سيناريو وحوار بشير الديك وإخراج نادر جلال عن واقعة حقيقية لإسرائيلي عمل لحساب المخابرات المصرية.. في هذا العام عادت المشاهد المحذوفة ويعرض المسلسل كاملا طبقا لتصريحات نادر جلال!! مسلسلات السير الذاتية في «الريان» أحمد الريان و«الشحرورة» صباح و«رجل لهذا الزمان» مصطفى مشرفة و«في حضور الغياب» محمود درويش لا يزال الأمر في حاجة إلى حلقات جديدة قادمة ولكن البدايات لا تزال مبشرة باستثناء تعثر فراس إبراهيم في أداء قصائد محمود درويش الذي كان لديه سحر خاص في إلقاء القصائد من الصعوبة أن يقترب إليه أحد!! «الحسن والحسين» عرضته العديد من القنوات رغم اعتراض الأزهر الشريف ومطالبة وزير الإعلام المصري بالالتزام بهذا القرار إلا أن المحطات التلفزيونية ضربت عرض الحائط بتلك الاعتراضات وشاهدنا تجسيدا للحسن والحسين لأول مرة في الدراما التلفزيونية ولكن المسلسل على المستوى الفني أراه مخيبا للتوقع الذي انتظرناه!! لا يزال مسلسل محاكمة مبارك وكل فريق الفاسدين هو المسلسل الأكثر جاذبية في كل الفضائيات ولا عزاء لكل المسلسلات والبرامج الرمضانية!!