المخرج خالد الحجر: «دوران شبرا» دراما اجتماعية عن أناس حقيقيين

قال لـ «الشرق الأوسط»: أشعر أنني أملك الحرية لكي أقول ما أريد.. سواء نال إعجاب الناس أم لا

لقطة من مسلسل «دوران شبرا»
TT

تجربة جديدة وجريئة، خاضها المخرج السينمائي خالد الحجر في الدراما التلفزيونية «دوران شبرا»، الذي بدأ عرضه منذ أيام ضمن سباق دراما شهر رمضان الكريم.

عن تجربته تحدث الحجر في حواره مع «الشرق الأوسط»، حول عمله الجديد، مؤكدا أن دخول كيان مثل شركة «أفلام مصر العالمية» بالتعاون مع تلفزيون الـ«بي بي سي»، هو ما شجعه على خوض تجربة الدراما التلفزيونية للمرة الأولى.

وأشار الحجر الذي يشعل من حين إلى آخر معارك في الساحة الفنية إلى أنه يؤمن بحقه في طرح أي قضية بحرية بغض النظر عن آراء الجمهور أو النقاد، قائلا إن الفن لا بد أن يصنع جدلا لأنه يركز على أزمات الواقع، وإلى نص الحوار.

* «دوران شبرا» هو أول أعمالك في مجال الدراما التلفزيونية.. ما هو شعورك وأنت مقبل على هذه التجربة التي يخشى منها مخرجو السينما في العادة؟

- في الواقع كان هناك مشروع مسلسل منذ فترة عن المطرب الراحل محمد فوزي لكنه توقف.. ولذلك يعد «دوران شبرا» بالفعل العمل الأول لي في مجال الدراما التلفزيونية، وأعتقد أن وجود شركة مثل شركة «أفلام مصر العالمية» و«بي بي سي» كمنتجين كان جزءا جعلني أكسر حاجز الخوف.. بالإضافة إلى تجارب سابقة جمعتني مع المنتج جابي خوري، وتربطني بهذه الشركة علاقة وطيدة منذ فترة الثمانينات.. ومنذ البدء في التحضير للمسلسل، عقدنا العديد من جلسات العمل على السيناريو، والـ«بي بي سي» كانوا دائما يعطوننا ملاحظاتهم على النص، وبعد ذلك كانوا يشاهدون الحلقات بعد المونتاج ووضع الموسيقى.. في النهاية هذه طريقة عمل جيدة، فهم يعملون بطريقة إنجليزية مريحة جدا.

* ما هي الملاحظات التي كانوا يذكرونها على المسلسل؟

- هم كانوا مجرد عين ثالثة على المسلسل، بمعنى أن دورهم يدخل في إطار الإشراف الفني.. وهذا لا يعني أنهم يتدخلون في تفاصيل العمل، بل يقدمون ملاحظات فقط، وفي النهاية، أنا كمخرج لي الحق أفعل ما أريد، وأعتقد أن هذه الطريقة مريحة للغاية وتعطيني مساحة كمخرج للعمل بحرية.. لكننا وضعنا جميعا هدفا مهما وهو إنتاج عمل فني دون تأثير الرغبة في عرضه خلال شهر رمضان.

* كيف تم ترشيحك لتولي إخراج مسلسل «دوران شبرا»؟

- المنتج جابي خوري كان قد تحدث معي منذ فترة لتولي إخراج المسلسل، الذي أنتجته شركة «أفلام مصر العالمية» مع الـ«بي بي سي» في أول تجاربها في إنتاج الدراما في الشرق الأوسط، والمسلسل كتبه سيناريست شاب اسمه عمرو الدالي.

* لماذا تم اختيار «دوران شبرا» كاسم للمسلسل؟

- مؤلف العمل هو من أبناء حي شبرا، وقد كتب المسلسل عن أناس كثيرين وشخصيات التقى بهم وصادفهم في هذا الحي.. ونحن لم نتطرق إلى الدين حيث تتميز شبرا بتنوع سكانها بين مسيحيين ومسلمين.. لذلك أرى أن هذا المسلسل هو دراما اجتماعية عن شخصيات واقعية، بغض النظر عن انتمائها الديني أو ما سمي بالفتنة الطائفية، وبالمناسبة نحن لم نتطرق إلى أحداث الكنيسة في إمبابة التي وقعت مؤخرا، ولا ما حدث في محافظة قنا من أحداث فتنة طائفية.. العمل لم ينشغل بهذه القضية بقدر ما كان يرغب في عرض واقع يعيش أهله مع بعضهم البعض بما يحملونه من ثقافات متنوعة.

* هل تعمدت عدم التركيز على العلاقات المتوترة بين المسلمين والمسيحيين، وخاصة أن حي شبرا به حضور مسيحي بارز؟

- كان التركيز في الأساس على إبراز جانب المحبة بين المسلمين والمسيحيين، كان هدفنا هو أن نبرز واقعا يعاني فيه الشباب المسلم والمسيحي على السواء من المشاكل والهموم نفسها.

* ما هو موقف الرقابة من المسلسل؟

- الحقيقة لم تبد الرقابة أي ملاحظات.. فقط طلبوا تعديلات في بعض الأشياء المتعلقة بضباط الشرطة، وكان ذلك قبل الثورة، وكانت معظم التحفظات على حصول ضباط الشرطة على رشى من المواطنين.

* هناك من يقول إن المنافسة في رمضان هذا العام لن تكون شرسة بسبب تأثير الثورة المصرية على حجم الإنتاج، هل يصب هذا الأمر في صالح عملك؟

- أرى أن العمل الجيد يفرض نفسه في أي وقت من الأوقات، سواء في رمضان أو في أي وقت آخر، بغض النظر عن حجم المعروض على الشاشة.

* هل تتوقع أن يثير هذا المسلسل موجة جديدة من الهجوم عليك، وخاصة أننا قد تعودنا على ذلك في كل تجربة جديدة لك؟

- أظن أن الفن لا بد أن يصنع جدلا.. لقد هاجموني كثيرا بعد تجربتي في فيلم «قبلات مسروقة» ثم مع فيلم «الشوق» وغيرهما من الأعمال، وهي كلها أفلام مختلفة عن بعضها البعض.. لأنني كنت أناقش دوما مواضيع حساسة، دائما ما يسكت عنها، والكثير من المخرجين يخشون الحديث عنها.. لكني أرى أن هذه وظيفتي كمخرج.. أن أجعل المتفرج يفكر، وأن أركز الضوء على العيوب الموجودة في المجتمع، لأنني المخرج الوحيد الذي يقول رأيه بجدية، أنا أرى أن لدي الحرية لكي أقول ما أريد، سواء نال إعجاب الناس أو لا.

* هل بدأت في التحضير لمشروع فيلم أو مسلسل عن ثورة 25 يناير (كانون الثاني)؟

- نعم.. هناك سيناريو فيلم يكتبه السيناريست الشاب عمرو الدالي عن الناس التي كانت بعيدة عن الميدان في وقت الثورة. لكن ما نشهده الآن أقرب إلى ما حدث عقب حرب أكتوبر (تشرين الأول).. وجدنا كما هائلا من الأفلام تناولت الحرب.. أنا لن أقدم فيلما عن الثورة، لكن هو فيلم عن إحساس الناس بما كان يحدث خلال الـ18 يوما.. ولا يستطيع أحد عمل فيلم كامل عن الثورة لأنها لا تزال مستمرة.. لكني أتمنى أن أقدم عملا حقيقيا عن الثورة.

* هل تتوقع أن يتغير ذوق الجمهور خلال الفترة المقبلة؟

- نحن المسؤولون عن تغيير ذوق الجمهور، نحن من نفسد ذوقه، ونحن أيضا من يجعل ذوقه أفضل.. دائما ما كان يوجد كم هائل من الأفلام الكوميدية مع الأفلام الجادة، وفجأة يختفي هذا النوع من الأفلام الأخيرة، لصالح نجم الشباك.. وقد شعرت بفرح حقيقي حين تم عرض فيلك «الشوق» الذي أعتبره فيلما صعبا جدا، خاصة بعد حصوله على المركز الثاني في شباك الإيرادات وقت عرضه. وهو فيلم جماهيري، وحصل على الهرم الذهبي في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.. الجمهور يحتاج إلى التنوع في النهاية.

* ومن في تقديرك داخل الحقل السينمائي مسؤول عما سميته إفساد ذوق الجمهور؟

- أظن أنه المنتج في الأساس، فهو من يضغط على المخرج، لأنه يريد أن يربح أولا.. لذلك هناك ضرورة في عودة الدولة للعب دور في مجال صناعة السينما لكي تحافظ على مستوى معين من السينما.. نحتاج إلى عودة الدولة وتدخلها في صناعة السينما لخلق صناعة جديدة، مثل أوروبا والغرب عموما.

* وماذا عن مشروع مسلسل المطرب الراحل محمد فوزي؟

- اخترت محمد فوزي لأنني أحبه جدا، وجلست لفترة طويلة مع ابنه، وأرى أنه من الشخصيات الموهوبة جدا والثرية والتي قدمت الكثير ولم تحظ بما تستحق من التقدير. وهو رجل عصامي أنشأ شركة «صوت القاهرة»، وبعد تأميم شركته أصيب بسكتة ومات، وهذه الحكاية التي أخبرني بها ابنه قبل وفاته.