يوسف حداد: أصبح مطلوبا من الممثل أن يصنع تمثالا للمنتج عندما يتواجد في أعماله

الممثل اللبناني اشتكى من المنتجين واتهم بعض الممثلين بقلة الوفاء

TT

يطل الممثل اللبناني يوسف حداد، في ثلاث مسلسلات لبنانية أنتجت خصيصا لرمضان، وهي «الشحرورة»، «باب إدريس» و«الغالبون»، التي يرى أنها أضافت بشكل إيجابي إلى صورته كممثل، لأنه يقدم فيها ثلاث شخصيات مختلفة، قدمها بحرفية عالية وأداء متميز.

حداد الذي يبدو واثقا من نفسه كممثل، اشتكى من معاملة المنتجين، الذين يظنون أنهم يحققون معجزة للممثل، لمجرد موافقتهم على التواجد في مسلسلاتهم، كما أبدى في الوقت نفسه انزعاجه من تصرفات الممثلين غير المحترفين الذين يدعون أنهم «ممثلون كبار»، بينما هم في الحقيقة «قليلو الوفاء»، يتجاهلون وينكرون المساعدة، وكذلك تطرق إلى وضع الأفلام اللبنانية التي تسبب حسرة لمنتجيها، بسبب عدم إقبال المشاهد اللبناني عليها، على الرغم من فوزها بالكثير من الجوائز في الخارج.

«الشرق الأوسط» التقت الممثل يوسف حداد في هذا الحوار:

* تطل في رمضان في ثلاثة مسلسلات، كثيرون هم الممثلون الذين يخافون من الظهور في أكثر من عمل في وقت واحد. كممثل، ألا تخاف على صورتك من هذه الناحية؟

- على الإطلاق، لأن هذه الأعمال مختلفة تماما، وأقدم في كل منها شخصية لا علاقة لها بالأخرى، مرتكزا على أداء متمكن و«روحية» عالية، وهذا ما ينعكس إيجابا لا سلبا على صورتي كممثل. حتى الآن شاهدني الناس، في مسلسلي «باب إدريس» و«الغالبون»، أما بالنسبة لمسلسل «الشحرورة» فلن أظهر سوى في الحلقتين الأخيرتين منه، مجسدا شخصية فادي لينان، أحد أزواج الفنانة صباح، وأتمنى أن أكون قد وفقت في تقديم هذه الشخصية على الشكل المطلوب مني.

* هل تتوقع أن تؤثر هذه الأعمال بشكل إيجابي على مستقبل الدراما اللبنانية؟

- نعم، لأنها أعمال جيدة ولا ينقصها أي شيء لتنافس أي عمل درامي عربي. مسلسل «باب إدريس» يتميز بنصه الرائع، إنتاجه السخي، و«الكاستينغ» الجيد، كما أنه يعرض على محطة الـ«l.b.c» التي تحظى بنسبة مشاهدة عالية، ومسلسل «الغالبون» للمخرج باسل الخطيب، فهو عمل رائع جدا، ونسبة كبيرة من الجمهور اللبناني تتابعه باهتمام، وبالنسبة لمسلسل «الشحرورة»، فالكل كان في انتظاره في لبنان والوطن العربي.

* وكأنك تبدو واثقا من أن الأعمال اللبنانية لم تضِع وسط زحمة الإنتاجات العربية الهائلة؟

- طبعا، وأنا متأكد مما أقوله من خلال الاتصالات التي أتلقاها من اللبنانيين والعرب في الخارج، حيث يؤكد لي الجميع متابعتهم لهذه الأعمال، وأن لبنان حقق هذا العام قفزة نوعية كبيرة على مستوى الدراما العربية، وأنا أجيبهم بأن كل ما ينقصنا هو «شوية إنتاج»، لأن كل مواصفات المسلسل الناجح متوفرة في المسلسل اللبناني.

* اللافت في مسلسل «الغالبون» أنه نجح في إعادة كبار نجوم التمثيل في لبنان إلى الشاشة الصغيرة، أمثال أحمد الزين وعبد المجيد مجذوب. لا شك أنك استمتعت جدا بهذه التجربة التمثيلية التي ضمت كل هذه الأسماء المحترفة؟

- دور الممثل مهم جدا في العمل، لأنه هو من «يجمّل» القصة أو يشوهها، وهو الذي ينقل رؤية الكاتب وكل نظريات المخرج. كممثل، شروطي للقبول بأي عمل ليست كثيرة، ويأتي في مقدمتها أن يقف أمامي ممثل حقيقي، وكل الذين يعملون في الوسط يعلمون ذلك جيدا. لأن الوقوف أمام ممثل على مستوى كبير من الاحتراف، يساعدني على أن أكون بالمستوى نفسه، وهذا أفضل بكثير من الوقوف أمام ممثل غير محترف، أساعده، أكرر معه وأبذل جهدا أكبر، وفي نهاية المطاف، يدعي في مقابلاته الصحافية أنه ممثل كبير وينسى الناس الذين وقفوا إلى جانبه. بصراحة أنا أعاني الكثير من هذه الناحية، لأنني كثيرا ما أتوقف عن التصوير لمساعدة بعض الممثلين، وكل المنتجين يعلمون جيدا أنني أقبل بذلك بسبب حبي الكبير لعملي. للأسف هناك «قلة وفاء» في الوسط، وكثيرون هم الممثلون الذين يتذكرون المخرج والكاتب وينكرون أو يتجاهلون مساعدتي لهم، على الرغم من أنني ساعدت أكثر من ممثل في أكثر من عمل. هذه هي المرة الأولى التي أقول فيها مثل هذا الكلام ولست مترددا في قوله على الإطلاق. المنتجون يعتقدون أنهم يكرمونني، عندما أشارك في أعمالهم، ولكنهم لا يعرفون أن الفنان الذي يقدم دورا جيدا، هو الذي يكرم العمل، كما أنهم لا يعرفون أيضا أن الممثل صاحب القيمة الفنية العالية هو الذي يرفع من قيمة العمل. لا أفهم لماذا أصبح مطلوبا من الممثل أن يصنع تمثالا للمنتج عندما يتواجد في أعماله كأنه حقق له معجزة وعليه أن يصلي لربه. يجب أن يعرفوا أن الممثل هو العنصر الأهم في العمل، وأنه والمخرج والكاتب وفريق العمل، كلهم يسهمون في نجاح المسلسل، وأن لا فضل لأحد على أحد، عندما يكون الممثل ناجحا، موهوبا ويعرف كيف يقدم عمله.

* كيف تصف تجربة لقائك بالممثل أحمد الزين، انطلاقا من كونكما ممثلين تنتميان إلى جيلين فنيين مختلفين؟

- أنا أعرف أحمد الزين منذ 18 عاما وأتواصل معه بشكل دائم، وهو ليس صديقا فقط، بل أخ أيضا، ومنذ أن عرفته وعملت معه لا يزال ابن البلد هو ابن البلد. لقد شاركت في مسلسل «الغالبون» في الأيام الأولى للتصوير. هم كانوا قد اتصلوا بي منذ فترة بعيدة، وعرضوا علي المشاركة، ولكننا لم نتوصل إلى اتفاق حول بعض الأمور، إلا أنني عدت وشاركت لأنني كنت أرغب في المشاركة في هذا العمل ولو بدور مساعد، وليس بدور بطولة أو دور ثان. الكل تمسك بي، المخرج باسل الخطيب، الكاتب، والقيمون على العمل، حتى إنهم كتبوا دورا جديدا خصيصا لي، لأنهم احترموا حبي للمسلسل.

* بعد التعب والانتهاء من تصوير ثلاثة أعمال، لا بد أنك تمضي فترة من الراحة استعدادا لأعمال جديدة؟

- بل لقد انتهيت أخيرا من تصوير مسلسل بعنوان «بلا ذاكرة» الذي سيعرض على شاشة تلفزيون «الجديد»، وهو يحمل توقيع فؤاد سليمان إخراجا، وشكري أنيس فاخوري كتابة، أما الإنتاج فهو لشركة «أونلاين برودكشن». المسلسل رائع، وأتمنى أن يحقق النجاح، لأنه تتوفر جميع العناصر الأساسية، نصا، إخراجا، تصويرا وإنتاجا.

* اللافت في تجربتك كممثل، أن كل أدوارك تدور في فلك البطولة الثانية؟

- لا يمكن أن نقول إن دوري في مسلسل «بلا ذاكرة» هو دور بطولة ثانية، لأنه في الأساس لا توجد أدوار رئيسية في هذا العمل. فأنا ألعب دور زوج الممثلة كارمن لبس، ودورها هو دور أول في العمل، ولكن في الوقت نفسه لا يمكن أن نعتبر أن دوري هو دور أول، مع أنني كنت أستطيع أن ألعب الدور الأول، إذا اعتبرنا أنه توجد أدوار بطولة أولى، ولكنني أحببت دور التحري الذي كتب خصيصا، لي وهو دور رئيسي في العمل. إذا كانت أدواري في «سارة»، «مريانا»، «نضال» و«عصر الحريم» أدوارا ثانية، فكيف تكون الأدوار الأولى؟! أنا كممثل أبحث عن «الكاراكتير»، ويهمني أن ألعب كل الأدوار على الشاشة، وكل المنتجين يقولون لي: «إن الأدوار التي تجسدها من الصعب جدا أن يجسدها ممثل غيرك على الشاشة». عادة عندما يعرض علي عمل ما، أحرص على اختيار الدور الذي يصل إلى الناس ويحترم عقولهم، دون الالتفات إلى مساحته أو عدد المشاهد التي سوف أظهر فيها.

* سينمائيا، لماذا لم نشاهدك حتى اليوم على الشاشة الكبيرة، على الرغم من الحركة الناشطة التي تعيشها السينما اللبنانية في المرحلة الحالية؟

- السينما في لبنان، ليست في أفضل أحوالها، ولا يمكن الاعتماد عليها، ويمكن القول إنه توجد محاولات لإعادتها إلى السكة، وأنا أتمنى لكل الفنانين والقيمين الذين بذلوا مجهودا في هذا المجال، أن يتمكنوا من قطف ثمرة تعبهم، خاصة أن الشعب اللبناني ليس معتادا على ارتياد الصالات السينمائية.

* ولكنه يرتادها لمشاهدة أفلام أجنبية؟

- هذا صحيح. ولكن بالنسبة إلى الأفلام اللبنانية وعلى الرغم من أنها تحصد الكثير من الجوائز في الخارج، إلا أن المنتجين، على حد قولهم، يشعرون بالحسرة، لأن أفلامهم لا تحظى باهتمام الجمهور اللبناني. لا بد من الاعتراف، بأن التجارب السينمائية في لبنان ليست كلها ناجحة، فإلى جانب الجيد هناك الرديء أيضا.

* هل نفهم أنك لهذا السبب لم تخض تجربة التمثيل السينمائي؟

- سبق أن قدمت دورا ولكنه لا يستحق الذكر ولا أحب أن أتحدث عنه، وأعترف بأنني شاركت في العمل لمجرد المشاركة. هي كانت مجرد تجربة ومرت، ولكنني لست نادما عليها، ولو عادت بي الظروف إلى الوراء، لكنت شاركت فيها أيضا، بينما اليوم لا يمكن أن أقبل بها على الإطلاق، وهذا الأمر ينطبق أيضا على عدد من المسلسلات، التي قبلت بها لظروف معينة، ولكن الظروف تغيرت حاليا، ولذلك أنا أسأل نفسي دوما: «كيف قبلت بتلك الأعمال؟». في الفترة الأخيرة، عرض علي دور في أحد الأفلام ولكني اعتذرت عنه بسبب ظروفي وارتباطي بأعمال أخرى. فلقد طلب مني أن أتخلص من لحيتي من أجل الدور، في وقت كان دوري في العمل الآخر، يتطلب مني أن أكون ملتحيا، ولأنهم لم يتمكنوا من الانتظار حتى أنتهي من تصوير مشاهدي استعانوا بممثل آخر، لأن الالتزامات السينمائية لا تحتمل التأجيل.

* يبدو أن اللحية هي التي جعلتك تخسر الدور؟

- هذا صحيح. أنا فنان قبل أي شيء آخر، أعطي من كل قلبي، أحترم الأشخاص الذين أعمل معهم، وأقدر جهدهم وتعبهم.