الناجحون والراسبون في امتحان دراما رمضان

هزيمة «غادة» و«لوسي» و«فيفي» و«سمية» و«رغدة».. وانتصار «الصاوي» و«ريهام» و«هيثم» و«طوني»

لقطة من مسلسل «كيد النسا»
TT

في الامتحان يكرم المرء أو يهان، وأيضا في شهر رمضان يواجه أغلب النجوم امتحانا عسيرا، حيث تتوجه كل العيون إليهم، لأن المشاهدة تصل إلى الذروة، ومكافأة الاستحسان أو عقاب الاستهجان تصل إلى الذروة أيضا!! في السباق الرمضاني هذا العام لم يكن الأمر مجرد أداء فني يتبارى فيه الممثلون والكتاب والمخرجون، ولكنه فرض نفسه على عناصر المعادلة مؤثرا حاسما، وشكلت درجة حرارة المشاعر بين الناس والفنان، والمواقف الثورية للنجوم، عاملا جديدا لم يكن أبدا في الحسبان في الأعوام الماضية، صارت الجماهير تبحث عن الموقف السياسي للفنان أثناء ثورات الربيع العربي. هل كان مؤيدا لتطلعاتهم في الحرية؟ أم أنه كان مجرد بوق للنظام؟ لم تحسم مواقف النجوم السياسية المعركة الفنية ليصبح الأكثر ثورية هو الأقرب إليهم، بعيدا عن مستوى العمل الفني، ظل هناك خيط سياسي يتشابك مع خيط فني، كل منهما يحاول أن يسيطر على الآخر!! هل كان رمضان شهر الدراما أم شهر البرامج؟ أتصور هذه المرة أن البرامج، خصوصا تلك التي حملت لونا ثوريا، قد حققت قفزة نوعية وكانت أكثر مواكبة للحدث السياسي الذي عاشه العالم العربي مع ربيع الثورات.. عناوين البرامج اتخذت من الكلمات التي ترددت في الثورات عنوانا لها مثل «من أنتم؟»، «الديكتاتور»، «الشعب يريد»، «لا»، «يا مصر قومي وشدي الحيل» وغيرها، الكل كان يلعب على نفس الموجة.. النجوم الذين كانوا محسوبين بقوة على عصر مبارك بعضهم تراجع مثل يسرا التي حاولت الرهان على الثورة مع الإمساك بخيط الرحمة مع مبارك، وهو نفس ما حاولت أن تحققه ليلى علوي، وبعضهم كان متفرغا فقط للبرامج وسلاحه هو الدموع مثل طلعت زكريا، يبكي في محطة على مبارك ويبكي في أخرى على حاله، لا يدري ماذا يفعل. لقد تورط أثناء ثورة 25 يناير وهاجم الثوار أخلاقيا وليس فقط سياسيا. ورغم ذلك فإنه بحساب المكاسب والخسائر أرى أن أكبر خاسرة كانت رغدة، فلقد سجلت حلقتين مع إبراهيم عيسى في «الديكتاتور» ثم مع طوني خليفة في «القاهرة والناس» قبل سقوط معمر القذافي، كانت بالطبع تردد «بشار إلى الأبد» و«هذا الشبل من ذاك الأسد»، إلا أنها في معرض دفاعها عن الأسد قالت إنها من الممكن أن تذهب إلى ليبيا لو تلقت دعوة من معمر، ودافعت عن موقفه بحجة أنها تقف ضد أي أجندة أجنبية»، ولهذا سارعوا على الإنترنت بمجرد سقوط معمر بمطالبتها بتنفيذ وعدها.

رغدة كانت تعتقد أن القذافي سيبقى وأن بشار سد منيع، فهو أبدي، كان رهانها خاسرا والأيام سوف تثبت لها أنها فقدت السند الحقيقي لها وهم الناس.. رغدة خاصمت مشاعر كل الشعوب العربية وليس فقط الشعب السوري.. أنجح مذيع استطاع أن يحقق لدى الناس نجاحا ملحوظا هو طوني خليفة، حيث إن برنامجه متنوع في بنائه من أسئلة مباشرة، إلى إسقاط الأقنعة، إلى إجابات دون أسئلة، بينما كل البرامج المنافسة له تقدم الرؤية التقليدية بلا أدنى طموح للتغيير حتى على مستوى الشكل. ولم تكن على الجانب الآخر بسمة موفقة في برنامجها «من أنتم؟» خذلها الإعداد ولم تستطع هي أن تضبط إيقاعها كمذيعة، فكانت تدلي دائما برأيها وتهمل دورها الحيادي، رغم أنها بدأت مشوارها الفني كمذيعة قبل أن تنتقل إلى التمثيل!! في الدراما يقف في المركز الأول في الأداء خالد الصاوي في مسلسل «خاتم سليمان». إنه التلقائية والسحر معا، المسلسل يكشف عن موهبة كاتب متألق شاب وهو محمد الحناوي..

خالد صالح قدم دورا هاما في «الريان»، ولكن صالح دائما ما يحرك الشخصية الدرامية وفق مفرداته هو، وليس كما تفرضه الشخصية، وهذا النوع من فن الأداء تلمح فيه المؤدي كما تعرفه في أعمال سابقة، إلا أن الناس تتابع الشخصية بقدر لا ينكر من الاهتمام.

رمضان أشار بقوة هذا العام إلى عدد من الوجوه الجديدة مثل هيثم أحمد زكي الذي صعد درجات في مسلسل «دوران شبرا»، وفي نفس المسلسل تألق عدد من الممثلين لهم أدوارا سابقة، ولكنهم كانوا في إطار فني مختلف مثل نيرمين ماهر، دعاء طعيمة، ميريهان، حورية فرغلي، هاني عادل، كما أن المسلسل أشار بقوة إلى قدرة المخرج خالد الحجر في أول تجربة له في الإخراج التلفزيوني..

في مسلسل «المواطن إكس» تألق عمرو يوسف وإياد نصار وأروى جودة، كما أن الكاتب محمد ناير قدم عملا فنيا بدرجة حرفية عالية، قائما على التشويق في كشف الجريمة، وفي نفس الوقت لم يغفل الجانب السياسي مع تلامس بالثورة المصرية متجسدا في شخصية خالد سعيد الذي اغتالته الشرطة المصرية، وكان إحدى «الأيقونات» التي أشعلت ثورة 25 يناير.

الفنانة التي حققت وجودا ملحوظا هي ريهام عبد الغفور، كان بالفعل رمضان هذا العام هو ذروة تألقها، شاركت في «الريان» و«وادي الملوك»، إلا أن دورها في «الريان» منحها الفرصة في التعبير بإبداع وتألق وتحرر!! من المسلسلات الهامة «الشوارع الخلفية»، بطلة المسلسل ليلى علوي أدت الدور، ولكن بطريقة المحفوظات العامة لم تضف أي ملمح خاص.. جمال سليمان لا أدري لماذا لا تزال تفلت منه اللهجة المصرية في الكثير من جمل الحوار وفي أحيان كثيرة يؤدي عدم ضبط اللغة إلى كسر وهم الاندماج الفني بين الممثل والجمهور.. في المسلسل عدد من الوجوه الجديدة مثل ميار الغيطي، أحمد يحيى، مريم حسن، شهد.. أيضا «الشوارع الخلفية» شهدت تألقا لمحمود الجندي وحورية فرغلي!! مسلسلات السيرة الذاتية لم تشهد نجاحا لافتا، ولكن فقط استطاع أحمد شاكر في مسلسل «رجل لهذا الزمان» الذي يقدم حياة عالم الذرّة الدكتور علي مصطفى مشرفة، أن يلتقط ملامح الشخصية، إلا أن المسلسل الذي أخرجته إنعام محمد علي تقليدي في بنائه الدرامي وفي الرؤية الإخراجية.

في مسلسل «الشحرورة» من الواضح أن الكاتب فداء الشندويلي خضع لشطحات صباح، وكتب ما روته، إلا أن ما تذكره صباح ليس هو بالضرورة الحقيقة، ولكن مع مرور الزمن قد تختلط على الإنسان الحقائق بالأكاذيب، فلا يدري هل هذا ما حدث بالفعل أم ما تمنى حدوثه. إنها الأخطاء البشرية، ولهذا مثلا تقول: إنها غنت لجمال عبد الناصر «من سحر عيونك ياه» وكانت تقصده، كيف يحدث ذلك؟ إنها مجرد شطحة، والغريب أن المؤلف لا يستوثق من شيء، ولا يحاول أن يقرأ تفاصيل الزمن، ولهذا يعتمد على كل ما تقوله صباح باعتباره الحقيقة.

صباح بين الحين والآخر تتناقض مواقفها أحيانا، غاضبة من المسلسل وتتضامن مع فيروز وترفع دعوة قضائية، وأحيانا تتضامن مع نفسها وترى أن المسلسل جيد وصادق، ولهذا حضرت في القاهرة احتفالية بالمسلسل أقيمت قبل بضعة أيام.

صباح مترددة حتى في تحديد موقفها النهائي، إلا أن المأزق هو أن كارول سماحة لم تستطع أن تقنع الجمهور بقدرتها على إقناعنا بأنها صباح!! «سمارة» هو المسلسل التجاري الذي يراهن صانعوه على أن المشاهدين يتابعونهم رغم رفض الكثير من النقاد للمسلسل.. الخط الدرامي توقف عند صراع ثابت لا يتغير بين سامي العدل وحسن حسني على «سمارة».. 25 حلقة ولا شيء أكثر من ذلك، الناس وصلت لمرحلة التشبع مع هذا المسلسل، فهو امتداد لدوري غادة عبد الرازق في مسلسلي «الباطنية» و«زهرة وأزواجها الخمسة»، وجاء «سمارة» كختام سيئ، فهو أضعف جزء في تلك السلسلة، وكأن الكاتب مصطفى محرم باع لها الترام.

أتصور أن غادة أحست وبدأت على استحياء تؤكد أنها لن تقدم مثل هذه النوعيات في المسلسلات القادمة، إلا أنها لا تزال تدافع عن «سمارة».. شهد المسلسل صراعا ليس له علاقة بالدراما بين لوسي وغادة، وتم تهميش دور أم سمارة لصالح سمارة، إلا أن لوسي لم تقتنع، ومن الواضح أنه في الحلقات الأخيرة تم إضافة مشاهد لها في محاولة لإرضائها.. المسلسل ليس به سوى أغنية المقدمة (التتر) التي قدمتها نانسي عجرم، وبعد ذلك.. انسَ!! تقول فيفي عبده تعقيبا على دورها في مسلسل «كيد النساء» إنها «أبو تريكة» التمثيل، ومن المعروف أن «أبو تريكة» كان هو هداف النادي الأهلي المصري.. في كل الأحوال لقب «أبو تريكة» أخف وطأة من لقب «الهرم الرابع» الذي سبق لها وأن أطلقته على نفسها قبل نحو 15 عاما في عز تألقها الجماهيري.

فيفي لا تترك مناسبة إلا وتعلن السر، وهو أنها هي التي رشحت سمية الخشاب لمشاركتها التمثيل، وكأنها تريد أن تؤكد للجميع أن الرؤوس لا تتساوى، وأنها لا تزال هي صاحبة القرار بينما سمية فقط تشارك في البطولة بناء على ما تراه فيفي.. وزن سمية الزائد هو الذي استحوذ على الاهتمام وأفقدها القدرة على التعبير في المسلسلين «كيد النساء» و«وادي الملوك»، بينما فيفي لا هي «أبو تريكة» ولا «أم تريكة» ولا تمتّ أبدا في هذا المسلسل أو غيره بِصِلة قُربى أو نسب لعائلة هداف الكرة المصرية «أبو تريكة»!! محمد هنيدي خسر رهانه على «مسيو رمضان»، وكان هذا أيضا هو مصير هاني رمزي في «عريس دليفري»، وسامح حسين في «الزناتي مجاهد».. وبالقياس نجح أحمد مكي في الجزء الثاني من «الكبير قوي»، رغم أن الجزء الأول كان أكثر إمتاعا، كما أنه في هذا الجزء يهمش دور دنيا سمير غانم!! في «نونة المأذونة» لا تصلح حنان ترك للكوميديا، تظلم نفسها في هذه الأدوار.. ويبقى المسلسل الذي أثار ضجة بين الفقهاء ما بين مؤيد ومعارض وهو «الحسن والحسين»، ورأيي الشخصي بعيدا عن الخلافات بين الفقهاء، المسلسل فنيا جاء مخيبا للتوقعات!! وانتهى الامتحان الرمضاني وليس أمام الراسبين سوى انتظار نتيجة رمضان القادم!!