رولا حمادة: حياتي «مش محرزة» ومملة.. ولا تصلح لأن تتحول إلى قصة

الممثلة اللبنانية ترى أن ولادة الممثل في لبنان هي عقاب له

الفنانة اللبنانية رولا حمادة
TT

ربما لم تقدر الممثلة رولا حمادة على الشكل الذي تستحقه إعلاميا وبين أوساط المنتجين الذين تحول معظمهم إلى تجار فن، ولكنها في نظر الجمهور، نجمة أولى، قدمت أهم الأدوار وأقنعت الناس بأدائها المتميز والجريء، في زمن تحولت فيه الجرأة عند البعض إلى ابتذال. ولأنها تفهم لعبة السوق الفنية، ترفض رولا حمادة الانزلاق إلى متاهاتها، متسلحة بمبادئ ترفض التنازل عنها، وتعترف بأنها نادمة على عملها في الفن في بلد كلبنان، بل وترى أن ولادة أي فنان حقيقي فيه هي أكبر عقاب له. «الشرق الأوسط» التقتها في بيروت فكان الحوار التالي..

* يبدو أن الدراما اللبنانية فخورة جدا بما أحرزته في رمضان، حتى أنه بدأ التحضير للجزء الثاني من مسلسلي «الغالبون» و«باب إدريس»، فهل تابعت أيا من المسلسلات المحلية؟

- بصراحة أنا لم أتابع مسلسلي «آخر خبر» و«باب إدريس»، بسبب تزامن عرض الأول مع عرض مسلسل «خربة» الذي استمتعت كثيرا بمشاهدته، لأنه كان بسيطا على مستوى التنفيذ، شخصياته مقنعة والسيناريو ذكي جدا، أما المسلسل الثاني، فتزامن توقيت عرضه مع توقيت عرض مسلسل «الشحرورة» الذي تابعت معظم حلقاته. بالنسبة لمسلسل «الغالبون» فلقد كنت أعرف ورقه، ولذلك حرصت على متابعته لأنني كنت أريد معرفة كيف تمّ تنفيذه، ولقد أعجبني كثيرا، وأنا أعتبر أن بداية الدراما اللبنانية تحققت مع مسلسل «الغالبون»، لأنه تميز بضخامة الإنتاج فعلا وليس مجرد كلام على صفحات المجلات والصحف. عادة نحن نسمع عن تكلفة أعمال تصل إلى المليون دولار ولكننا لا نشاهد شيئا على الشاشة، وفي مسلسل «الغالبون» كان كل شيء واضحا. الإنتاج الجيد يغني العمل، القصة، الممثل وشعوره، ولكن هذا لا يعني أنه لا توجد مآخذ عليه، فهو كسائر الأعمال الفنية له وعليه، ولكن الإيجابيات فيه أكثر من السلبيات.

* ولماذا رفضت العمل فيه؟

- لأنه لا توجد أدوار نسائية، وهذا الأمر أشار إليه أيضا المخرج باسل الخطيب في بعض اللقاءات التي أجريت معه، وربما يعود السبب في ذلك إلى أن المقاومة كانت في مرحلة البدايات. العمل استبعد سناء محيدلي وغيرها من المقاومين، وأضاء على تاريخ نشأة حزب الله وهذا حقه، وربما يكون في الجزء الثاني أدوار نسائية، لأنه سيتناول تاريخ المقاومة من عام 1985 وحتى عام 2000.

* هل يمكن أن تشاركي في الجزء الثاني منه؟

- أنا أتمنى ذلك، ولطالما قلت وكررت إنني أتمنى المشاركة في عمل عن المقاومة ولكنني لا أريد أي دور، بل أريد دورا يضيف إلي وأضيف إليه.

* وبالنسبة إلى مسلسل «الشحرورة» الذي حظي بانتقادات واسعة، ماذا تقولين عنه؟

- لا بد من أن نتفق أولا على أنني أحب الفنانة كارول سماحة كثيرا، لكن في المقابل لا بد أن أتفهم كل الانتقادات التي طالت المسلسل لأن الجمهور يحب صباح، ومن يحب شخص «لا يشبع» منه، ولذلك رغب الجمهور بالتعرّف على كل جوانب حياة صباح، ولكنهم دراميا قرروا أن يركزوا على الجانب العاطفي فيها، وهذا من حق المنتج. برأيي، نجح مسلسل «الشحرورة» بتعريف الممثل اللبناني على المشاهد العربي بطريقة محترمة، كما أبرز قدرته على التنوع وامتلاكه للطاقات والقدرات، وكذلك بين أن الساحة الفنية في لبنان، تضم عددا كبيرا من الممثلين ومن أعمار مختلفة، ما يدحض مقولة إنه لا يوجد ممثلون في لبنان، خاصة أن 120 ممثلا شاركوا في المسلسل. عادة، نحن نشاهد في المسلسلات اللبنانية 10 ممثلين ينتقلون من عمل إلى آخر، وهذا ما يجعل المشاهد يشعر بالضياع بين مسلسل وآخر.

* كنجمة كبيرة باسمك، تاريخك، موهبتك وتجربتك، ألم يكن يفترض أن تطلي دراميا في رمضان؟

- في ظل الثورات التي تحصل في الدول العربية الأكثر وجودا دراميا، كنت أعتقد أن رمضان الماضي سيشكل فرصة للدراما اللبنانية، لكن أحدا لم يستغلها واقتصر الأمر على المسلسلات الثلاثة التي أشرنا إليها، واحد من بينها جيد جدا والمسلسلان الآخران «ماشي الحال»، ولم يقدما فرقا نوعيا على من حيث المستوى. كان أجدى بمحطات التلفزيون اللبنانية، أن تستثمر هذا الوضع، لو أنها تهتم فعلا لأمر الدراما اللبنانية، حتى أنه لم يعرض سوى برنامجي «ربح وألعاب». من حيث المبدأ، كان من المفترض أن أشارك في مسلسل كان يعد لرمضان، ولكن تم تأجيله أكثر من مرة، ومن ثم ذهب إلى ممثلة أخرى.

* وكيف حصل؟

- لأسباب معينة.

* مادية؟

- أبدأ، ولكنني أتمنى التوفيق لأسرة العمل وهو سيعرض قريبا على الشاشة.

* ولماذا استبعدت عنه؟

- لا أحب أن أتحدث عن عمل أصبح لممثلة غيري. وبرأيي من يعمل بشكل صحيح، لمصلحة الدراما، يساعد الجميع.

* لم أفهم حتى الآن سبب استبعادك؟

- لماذا تقولين أنني استبعدت ولا تقولين إنني أنا من قال «لم أعد أريد العمل». أنا أكتفي بهذه العبارة، لأن المسلسل لم يعرض حتى الآن، وهناك أناس اشتغلوا وتعبوا فيه، ولا بد من أن ينال الحظوظ التي يستحقها.

* وهل تتوقعين أن تعوض الدراما اللبنانية ما فاتها في السنة المقبلة؟

- أنا أشك بذلك إذا تم الاعتماد على القنوات اللبنانية، كما أنه لو تم الاتكال على ما ينتج حاليا، فلن تحقق الدراما اللبنانية أي تقدم. المطلوب محاولات أخرى كالتي قام بها صادق الصباح، وليس بالضرورة من خلال مسلسلات السير الذاتية، ولقد قرأت أخيرا أن الصباح يسعى إلى الدمج بين ممثلين مصريين ولبنانيين في عمل واحد، وهذا النوع من الأعمال يؤمن دفعا للممثل اللبناني، ويجعل العرب يتآلفون مع عمله وحضوره. مثل هذه الفرص لا يستطيع أن يؤمنها سوى منتج لبناني «قبضاي»، وإن كان المنتجون ليسوا هم من يتحملون المسؤولية بل السوق اللبنانية، لأنها صغيرة جدا.

* غالبا ما تتهم مسلسلات السير الذاتية، بأنها لا تنقل الحقيقة بتجرد، هل لأننا كعرب لسنا صادقين ونسعى دائما إلى تجميل الواقع؟

- نحن انتقائيون. الشخص العادي يرفض أن يعرف الناس كل تفاصيل حياته، فكيف الحال بالنسبة لشخص حياته تحت الأضواء.

* هل ترضين أن تتحول قصة حياتك إلى فيلم أو مسلسل؟

- «مش محرزة»! حياتي مملة، لا يوجد فيها «سكوب» ولا تصلح لأن تتحول إلى قصة.

* للمرحلة المقبلة، ماذا تحضرين؟

- مبدئيا، لقد وافقت على مسلسلين، وكل ما أعرفه أنهما عملان رائعان. نحن بانتظار تواقيع المحطات التي سوف تنتج لحسابها، لأن ميزانيتهما أعلى من ميزانيات الأعمال التي تنتج عادة. إذا تابعنا بمستوى الإنتاج السابق لن نتقدم على الإطلاق. الناس وصلوا إلى حالة من اليأس، وباتوا يستهلكون كل شيء ويقولون عنه جميل.

* هل لفتتك أي من الوجوه الجديدة؟

- الوجوه هي نفسها وتعمل لحساب منتج واحد، ولقد بدأ يعرض له أخيرا مسلسل جديد، على أساس أنه ينوع بالممثلين.. هو «مهضوم» جدا كي لا نقول عنه شيئا آخر.

* وكيف تفسرين الأسباب التي تدفع المنتج إلى الاستعانة بالوجوه نفسها؟

- يجب أن يوجه هذا السؤال إلى الأشخاص المعنيين بالموضوع، والمنتجون هم المسؤولون ولست أنا.

* ولكنك من داخل الوسط وتعلمين خفاياه؟

- وأنا أحتفظ بها لنفسي.. لا أحد يمكن أن يبوح بأسرار بيته لكي تظل الصورة جميلة، على الأقل ظاهريا.

* يفهم من كلامك أن الفنان الحقيقي لن ينال حقه أبدا؟

- هذا أمر مؤكد، لأننا وصلنا إلى زمن، كل ممثلة تريد أن تكون بطلة على حساب البطلة الحقيقية.. هل فهمت ما أحاول أن أقوله لك. إلى أن يأتي يوم نرى فيه، من يجيد احترام نفسه واحترام الناس له!

* هل تشعرين بالندم لأنك ممثلة في بلد كلبنان؟

- طبعا! لطالما قلت هذا الكلام، واليوم أنا متمسكة به أكثر. أن يولد ممثل حقيقي في لبنان فهذا عقاب له، وهذا الكلام ينطبق على الرسام، الروائي، الشاعر، الكاتب والراقص. فنيا، نحن لا نؤسس للمستقبل، ولا أعرف ماذا يمكن أن يتعلم أولادنا بعد 100 عام عن لبنان اليوم.

* لماذا لا يشتكي المغنون كما يشتكي الممثلون؟

- لأن محطات التلفزيون دعمتهم وأوصلتهم إلى الجمهور العربي، وهذه المحطات نفسها لا تقوم بالشيء نفسه بالنسبة للممثل. هناك ممثلون، سافروا، تعبوا وجاهدوا ولكن هذا لا يكفي، بدليل أن أيا منهم لم يحقق لنفسه اسما ثابتا ولم يصبح نجما عربيا.

* وبالنسبة إلى الدراما السورية والمصرية، كيف وجدتهما هذا العام؟

- أنا وكل الذين يحيطون بي لم نتعلق هذه السنة بأي مسلسل، سواء كان لبنانيا، سوريا أم مصريا. شخصيا تابعت مسلسل «جلسات نسائية»، وعلى الرغم من أنني شعرت بالملل في عدد كبير من حلقاته، فإنه قدم مادة جديد في النظرة إلى الأمور، كتابة وإخراجا، كما أنه كان جيدا جدا على مستوى التمثيل. وبالنسبة إلى الدراما المصرية، فلم يشدني أي عمل ولم أتابع مسلسلا بعينه، بل اكتفيت بمشاهدة حلقات من مسلسل هنا وآخر هناك. بصراحة، أنا لم أتمكن من متابعة كل القنوات الفضائية، لأنني واقعة تحت نير الرجل الذي نشترك عنده «بالدش»، وربما كان هناك مسلسلات مصرية أو سورية جيدة، لكنني لم أشاهدها. فأنا مثلا كنت أتمنى متابعة عمل الفنان بسام كوسا، إلا أنني لم أتمكن من ذلك بسبب مشكلة «الدش».

* ألا ترين أن الدراما التركية شدت اهتمام المشاهد العربي، حتى في رمضان، وأخذت من حصة الدراما المصرية والسورية؟

- الدراما التركية لم تتوقف وكنت أتمنى لو أنها تراجعت في رمضان ولكن العرب لم يتمكنوا من استعادة مكانتهم حتى في الموسم الرمضاني، وهذا مؤسف جدا.

* ماذا يعني ذلك؟

- لو أنك تجيبين عن هذا السؤال بدلا عني، لكنت وجدت حلا لمعضلة يعاني منها الكاتب والمنتج والمخرج العربي. المسلسلات التركية، «تملأ» عيوننا ومشاعرنا ولا تستخف فينا. فالقصة تسير ضمن 10 خطوط متوازية، الممثلون من أعمار مختلفة، صورتهم جميلة، وحتى من خلال «الجنريك» يمكن أن نفهم مضمون العمل لأنه يمثل مدخلا إليه، إلا أن إعداده يتطلب 3 أيام من العمل، وهذا ما يحول دون توفره في الدراما اللبنانية، وأنا أتفهم ذلك جيدا، ويعود السبب إلى عدم وجود منتج كريم يصرف ببذخ على العمل.