عمرو واكد: الفنانون الذين حققوا النجومية بسبب تقربهم من السلطة لا بد أن يرحلوا معها

قال لـ «الشرق الأوسط» إن الثورة مستمرة إلى أن يخرج المجلس العسكري من السلطة السياسية

عمرو واكد
TT

يعتبر الفنان عمرو واكد من بين أهم النجوم الذين برزت أسماؤهم بقوة في الثورة المصرية، فهو قاد المظاهرات، واعتصم في ميدان التحرير، كما كان في مقدمة الفنانين الذين حركوا الشعب المصري للمطالبة بحقوقه وفي طليعتها إسقاط النظام.

وعن السبب الذي يدفع بفنان دون سواه للتحرك والمشاركة في الثورات قال: «أعتقد أن وجود الفرد بين الناس يفرض نفسه، لأن من يجلس في بيته لن يهتم بأي شيء، بدليل أن هناك فنانين انضموا إلى الثوار بعدما نزلوا إلى الميدان. صحيح أن البعض منهم اتخذ قراره بعدما وجد أن الدفة مالت إلى مصلحة الثوار، ولكنني لا أستطيع الحكم على النيات لأنني من ناحيةٍ فنان مثلهم، ومن ناحية أخرى لأن القناعات يمكن أن تتغير، فأنا مثلا يمكن للخبرة والمعرفة والعلم أن يغيروا قناعاتي، ولا يوجد إنسان (صح على طول)، وفي المقابل هناك فنانون مشهورون جدا مواقفهم (مع الموجة)، ولكن سقفهم عند الناس يكون متدنيا جدا، ولا أعتقد أنه كان عاليا في يوم من الأيام، فنحن مثلا لو تناولنا حقبة حسني مبارك، من الناحية السينمائية، فسنجد أنها كانت (أكثر سينما مريضة) في تاريخ السينما المصرية، لأن السلطة لم تسعَ إلى إجراء إي تطوير فيها، كما أن أصحاب الأفكار الأدبية الراقية كان يتم القبض عليهم، أو يهربون خارج مصر أو ينصرفون عن العمل الأدبي للعمل (سوّاقي أجرة). السينما المصرية في الفترة السابقة لم تنَل ما تستحقه على مستوى ونوعية الأفلام، وكصناعة لأنها ظلت محصورة في السوق المحلية».

وعن رأيه في مستوى الأفلام التي شارك بها، بخاصة وأن واكد كان من بين الفنانين الذين حوربوا بشدة في زمن مبارك وطالتهم الكثير من الإشاعات المغرضة، قال: «طبعا أنا تعرضت لمحاربات كثيرة، ولكنني في الوقت نفسه تعلمت الكثير من تجاربي. في الفترة السابقة كانت المقاومات ضدي شديدة، ولكني لا أعرف ما إذا كانت مقاومات طبيعية أم مدبرة. المشوار كان صعبا جدا، ولكني لا أرى أن السينما القديمة سوف تختفي، بل هي ستشكل في الفترة المقبلة 5% من السوق»، وعما إذا كان يقصد بالسينما القديمة «سينما زمن مبارك»، يجيب واكد: «طبعا، لأن المعادلة الخاصة بها قديمة جدا. كيان السينما العربية يرتكز على السينما المصرية، ولكن للأسف أفلامها ليست جيدة من حيث النوعية ولم تشارك في المهرجانات، على الرغم من أن السينما المصرية هي التي كسبت».

واكد الذي لم ينَل فرصته في «السينما القديمة» يفسر نجومية بعض فناني تلك السينما بقوله: «إنه النصيب والرزق، ولكنني بشكل عام لست اجتماعيا ولا أشارك في الحفلات وأعياد ميلاد (الزميلات والأخوات)، أما بالنسبة للفنانين الذين حققوا النجومية بسبب تقربهم من السلطة فكل المجتمعات يوجد فيها هذا النوع من الفنانين، وهؤلاء لا بد وأن يرحلوا مع رحيل السلطة التي دعمتهم. في المقابل هناك فنانون، سنراهم كثيرا على الشاشة خلال الفترة المقبلة، لأنهم «سلطة بحد ذاتهم». ولأن الثورة فرزت الفنانين بين نجوم ثورة، من بينهم واكد نفسه، وفناني سلطة يتوقع أن يأفل نجمهم مع رحيلها، يوضح واكد: «لا يمكنني أن أعتبر نفسي نجم ثورة، كما أنه لا يحق لأي فنان أن يقول عن نفسه بأنه نجم ثورة. أنا واحد من الناس الذين شاركوا في الثورة، أما نجوم الثورة فهم الشهداء الذين سقطوا وكذلك الناس الذين دفعوا أثمانا باهظة جدا. بالنسبة للنجوم الذين كانوا محسوبين على السلطة فيجب أن نكون واضحين جدا عند التحدث عنهم، لأن عمل الفنان هو الذي يقيمه، وليس موقفه السياسي، وربما يكون من بين هؤلاء من يملك موهبة حقيقية ويحبه الجمهور، ولذلك فهو لا يمكن أن يختفي أبدا، أما الفنان غير الموهوب والذي كان موجودا فنيا لأن له مكانة في السوق، بفضل علاقاته أو مصالحه أو سواها من الأمور، وتبنى موقفا خاطئا واعتقد أنه يمكن أن يصححه، فلا أعتقد أن الموقف الجديد يمكن أن يفيده، لأن الأساس، أي الموهبة، غير متوفرة فيه، وهو بمجرد أن يسقط لن يتمكن من النهوض مجددا مهما فعل».

وعند سؤاله هل تعيش مصر تعيش حاليا ثورة جديدة أم أن ما يحصل فيها هو من تداعيات ثورة 25 يناير، أجاب واكد: «الثورة لا تزال مستمرة والناس في الشارع. مبارك لم يرحل وهو يحاكم حاليا. صحيح أنه تنحى ولكن النظام نفسه لا يزال موجودا و(البلد لسه ماشية) على نظامه ولا شيء اختلف، أما القطاع الأمني فلا تزال تشوبه شوائب كثيرة جدا، ولا يزال هناك مواطنون يتعرضون للخطف، ولا يزال هناك (آلاف مؤلفة) في السجون وفقا لمحاكمات عسكرية، ولا يزال هناك قوانين تشرع ولا أحد يعرف عنها شيئا، ولا يزال هناك (ناس لابسة ميري تمسك بناس لابسة مدني تقلعها هدومها وتضربها)».

ولا يعرف واكد ما إذا كان مبارك يحكم مصر من داخل سجنه أو ما إذا كان المجلس العسكري يعتمد أسلوب مبارك في الحكم، قائلا: «الله أعلم! سواء كان هذا أو ذاك الاحتمال، فذلك ليس مهما، بل المهم أن تصبح العلاقة جديدة بين الدولة والمواطن. الثورة سوف تستمر إلى أن يخرج المجلس العسكري من السلطة السياسية، وهذا المطلب لا يختلف عليه أحد من الثوار، وإن اختلفوا على آلياته، لأن كل الحركات الثورية التي لا تزال تناضل تجد أن المجلس العسكري عقبة في طريق تحقيق أهداف الثورة. صحيح أن هناك فئة من الناس مع المجلس العسكري وفئة ضده، ولكنها (مش مستعدة تقول) لأنها تخاف على مصالحها، وفئة ثالثة (مش فاهمة) ماذا يحصل، ولكن الحركات الثورية كلها ضده، ومثلها فئة كبيرة من الشعب. المجلس العسكري لا يزال موجودا في السلطة منذ فبراير (شباط) وحتى اليوم، وهو عاجز عن محاكمة (واحد قتل)، ويبدو أن موضوع قتل المواطنين لن يحاكم عليه القانون أبدا، وهذا يعني أمرا من اثنين: إما أن المجلس العسكري لا يريد أن يحاسب أحدا، وإما أنه غير كفء بل عديم الكفاءة. أعتقد أن المجلس العسكري (مش فاهم الناس خالص) و(يمكن يكون فاهم»، ولكنه (يلاعب الإخوان)، ولكن كل الأحداث التي حصلت خلال الفترة الماضية جعلتهم يخسرون سياسيا كما أنهم خسروا أيضا الشارع المصري، والأمر ينطبق على الطرفين، الإخوان والمجلس العسكري، ولكن الأخير يملك الكيان المؤسسي الخاص بالقوات المسلحة ويمكنه أن يستند عليه، أما الأخوان المسلمون فيستندون على نضال عمره 80 سنة، ولكن يبدو اليوم أنهم تخلوا عن نضالهم بعدما تصدروا الحكم. وهناك سؤال يطرح نفسه، فهل يجوز لكيان معارض أصلا، لأن الإخوان من الكيانات المعارضة وهيكليتهم مبنية على أساس المعارضة، أن يقف ضد المجلس العسكري، بعد أن أعطاه 70% من البرلمان! أنا أرى أن كل القوانين والتشريعات التي صدرت كانت بهدف تحقيق هذه النتيجة، لأنها لم تسمح للأشخاص المستقلين أن ينافسوا على قوائم الأحزاب، وفي مثل هذه الحالة كان أمام الناس خياران لا ثالث لهما، إما الفلول وإما التيارات الدينية، وجاءت النتيجة مزدهرة لمصلحة التيار الديني لمعاقبة الناس (اللي عاملين فيها لبراليين) ولكي يوصلوا رسالة لمن قال (فليسقط حسني مبارك): سنحضر له البعبع أو الفزاعة التي يخاف منها، هذا من ناحية، أما من ناحية أخرى فلأن التيارات الدينية ليست متوافقة في ما بينها، فلا بد وأن يقع الخلاف بينها، وعندها يتدخل المجلس العسكري، بشرعية تامة و(ابقى طمني على الديمقراطية)». وعند سؤاله: «هل يخاف واكد على مستقبل مصر؟»، أجاب: «المسألة ليست سهلة على الإطلاق، والأزمة لن تنتهي خلال الفترة القريبة المقبلة. مصر تعيش الآن مرحلة (اللعب بين الكبار)، وفي آخر المشوار الشعب هو الذي سوف يفوز، ومن يلعبون سياسة وصل إليهم الجواب، لأن جوّ المزج بين الدين والسياسة بدأ يتحول إلى موضة قديمة، وهم سوف يصبحون كسائر السياسيين، وسوف يحاسبون على الوعود التي قطعوها للناس، والناس ينفد صبرهم بسرعة. حسني مبارك حكم 30 عاما و(الناس كبروه وألّهوه)، والأمر نفسه ينطبق على المجلس العسكري، عندما تسلم الحكم في مصر، وأعتقد أن من استطاع أن يتخلص من شخص حكم 30 عاما لن يصعب عليه التخلص ممن لا تتجاوز فترة حكمه الـ10 أشهر، والمسألة تتطلب وقتا ضئيلا للتخلص من بعض الرواسب، لأن (الجسر انكسر)، والطوفان آتٍ لا محالة، ولن يستطيع أحد أن يقف في وجهه، وإن كان يستطيع أن يعرقله قليلا أو أن يؤخر وصوله».

وعما إذا كان وصول الإسلاميين إلى الحكم يمكن أن يؤثر على الحياة والفن في مصر، يجيب واكد: « وهل الناس دي رشحت نفسها علشان تبوظ الفن؟ فليطعموا الناس أولا، وليجدوا حلا لمشكلة البطالة، وليعاينوا الأمراض وليعالجوا أوضاع المؤسسات التي تضررت. الفن له أصحاب ولا يحق لأحد أن يحدد المسار الفني والصورة التي يمكن أن يكون عليها الفن، لأن هذا الأمر من مسؤولية أهل الفن وحدهم».

أما بالنسبة للانتخابات الرئاسية والشخص الذي يعتقد أنه يمكن أن ينقذ مصر فيقول واكد: «الشعب وحده هو الذي سوف ينقذ مصر، ولا يمكن لرجل وحده أن يتحكم بمصيرها، لأن هذا العصر انتهى ومات، (ولو هيرجع تاني مش عاوزينه). أما بالنسبة لموقع الرئيس فإن الدستور هو الذي يحدد الشخص الذي يمكن أن يشغل منصبه، وشخصيا لا يوجد شخص معين ولا أفكر في الموضوع، بل ما يشغلني هم الناس. كل ما يهمني أن يعرف الناس، أن يقولوا وأن يجاهروا، وفي النهاية بدل المرشح يمكن أن نجد 10 رجال مناسبين».