يورغو شلهوب: لم أشاهد فيلم نادين لبكي.. وليس كل من حمل كاميرا يستحق لقب مخرج

الممثل اللبناني اتجه لعالم الإعلان لسد الفراغ المادي

يورغو شلهوب
TT

بعد انقطاع شبه كامل عن التمثيل، عاد الفنان يورغو شلهوب إلى الشاشة الصغيرة، حيث يعرض له حاليا مسلسل «الأرملة والشيطان»، على أن يستتبع نشاطه الفني في الفترة المقبلة ببطولة مجموعة من المسلسلات من إنتاج شركة «فينيكس». ولكن ابتعاد شلهوب عن التمثيل وانشغاله بالإعلانات وبدبلجة الأفلام الوثائقية لم يكن عبثيا، بل كان نتيجة عدم رضا عن وضع الدراما بشكل عام، وعن الوضع المادي والمعنوي للممثل اللبناني بشكل خاص. وعلى الرغم من الأصوات الكثيرة التي طالبت وتطالب بتحسين ظروف الفنان اللبناني، فإن مواقف شلهوب كانت الأبرز والأكثر شراسة، لكنه يرفض أن يقال عنه بأنه حرض زملاءه على المطالبة بحقوقهم وفرض شروطهم، حيث يقول: «أفضل كلمة (تحريك) أو مثابرة على كلمة (تحريض)، لأنها قد تفسر بمعناها السلبي، بينما أنا كنت أعمل بشكل إيجابي وأعتقد أنني نجحت في ذلك من خلال تصرفاتي وكلامي وتفكيري. صحيح أن هناك ممثلين غيري كانت لهم مطالبي نفسها، حتى إنهم بدأوا قبلي، ولكنني كنت أكثر وضوحا وحزما بكلامي ومواقفي».

ولكن شلهوب لا يرى أن تحسن وضع الفنان اللبناني انعكس إيجابا على وضع الدراما: «هو تحسن، ولكن ليس كثيرا. ربما الوضع الإنتاجي أصبح أفضل، ولكن ليس على الشكل المطلوب، ولكي يتحسن وضع الدراما أكثر، فهي تحتاج إلى دعم إنتاجي أكبر، خاصة أن التجربة أثبتت أن الدراما الناجحة فرضت نفسها، واستقطبت نسبة عالية على مستوى المشاهدة والإعلانات، ونحن في لبنان نملك الإمكانات لتقديم الأفضل؛ تقنيا وفنيا، وكذلك على كل المستويات الأخرى».

وعن أبرز الأعمال التي لفتت نظره في الفترة الأخيرة، يقول شلهوب: «الأعمال الناجحة معروفة، ومن ينكر النجاح من دون أن يستند إلى وقائع ثابتة، فلا شك أنه ينكر لمجرد أنه يريد ذلك، ولكن لا يجوز أن ننكر نجاح أشخاص إذا كانوا ناجحين، أو نجاح أعمال إذا كانت ناجحة. ومن وجهة نظري، هناك أعمال نجحت شعبيا وتابعها الناس، ولكنها كانت فاشلة فنيا، والعكس صحيح أيضا، ولكنني لا أقصد بكلامي تلك الأعمال؛ بل أنا أتحدث عن النوعية الفنية التي تسمح للعمل بأن ينجح شعبيا عندما تتوفر له مقومات النجاح؛ إخراجا وإنتاجا ونصا وتمثيلا، ولو عدنا إلى زمن (العاصفة تهب مرتين)، يتبن لنا أن المسلسل القوي يفرض نفسه ولا بد من أن يحقق النجاح».

ولأن مقياس النجاح يتحدد من خلال نسبة المشاهدة في الوطن العربي، خاصة بالنسبة للأعمال التي تعرض على قنوات فضائية عربية كما هي الحال بالنسبة لمسلسلي «سارة» و«أجيال»، يجيب شلهوب: «لا أملك شركة إحصاءات، ولا أعرف ما إذا كان هذين العملين قد حظيا بنسبة مشاهدة في الوطن العربي، ولكن من خلال آراء الناس الذين يعيشون في الخارج ومن خلال اتصالات الصحافيين ومحطات التلفزة العربية التي تطلبني لإجراء مقابلات لمصلحتها، أعرف أن الأعمال التي أشارك فيها ناجحة وتحقق نسبة مشاهدة عالية، وآخرها مسلسل (الأرملة والشيطان)».

وعن موقفه من الانتقادات التي وجهت لهذا المسلسل، يجيب شلهوب: «لم تكن كلها سلبية، وأيضا لم تكن كلها إيجابية. أنا مع النقد، ومن حق الصحافة والناس أن يعبروا عن آرائهم، ولكنني لست ممن ينتقدون اعتباطيا، بمعنى أنهم لا يشاهدون العمل، ولكنهم ينتقدون نقلا عما يقال لهم. صحيح أن كل شخص منا لا يحب النقد السلبي، ويفضل أن يقال إن كل الأعمال التي شارك فيها جيدة، إلا أنه بينه وبين نفسه، خاصة إذا كان متصالحا مع نفسه، يحترم الصحافي الذي ينتقد أخطاءه، حتى لو لم يعترف بها. وفي المقابل، هو لا يمكن أن يحترم على الإطلاق، صحافي يمجد طوال الوقت فيه وفي سواه من الفنانين، لأن هذا النوع من المديح يدخل في إطار (مسح الجوخ). في كل الأحوال، العمل الجيد يتحدث عن نفسه، ونجاح مسلسل (الأرملة والشيطان) ملموس وبشكل واضح، وهذا ما أعرفه من خلال الناس الذين ألتقي بهم على الطرقات، خاصة أننا لا نزال في مرحلة التصوير، ونقصد مناطق بعيدة جدا لهذه الغاية. أنا أرفض النقد الذي فيه تجريح، وبعض الصحافيين نقدهم مجرح، وهذا ما لمسته شخصيا في نقد بعض الصحافيين، خاصة أن الفنان بشر وأكثر حساسية من الناس العاديين. ولذلك، أنا أطلب منهم أن ينتقدوا الأخطاء السلبية بهدف تحسين المستوى، لأن الصحافة هي التي تدفع الفنان لأن يعمل بشكل أفضل. لا أعرف، ربما تعرضت أنا شخصيا لنقد فيه تجريح ولم أقرأه، ولكنني محصن، ولو أنزلوا الدنيا علي وعلى المسلسل، لا أهتم، لأنني أعتمد على رأي الناس. هناك فئة من الصحافيين لا يكتبون بوعي وإدراك، مقابل فئة أخرى، تنتقد بوعي، وأنا أقدر كل كلمة تكتبها، لأنني أكون قد شاهدت الأخطاء التي أشاروا إليها، وإذا لم أشاهدها، عندها يمكن أن ألتفت إليها أكثر».

ولأن ثمة من يجد أن الدراما اللبنانية ليست مقنعة وينقصها الكثير لكي تصل إلى مستوى إقناع المشاهد، يقول شلهوب: «على الرغم من أن كمية الأعمال الجيدة لا تزال ضئيلة مقارنة مع الأعمال الرديئة، لكنها استطاعت أن تعيد المصداقية إلى الدراما المحلية. للأسف عندما يكون 70 في المائة من الأعمال غير ناجح، فإن الإعمال الجيدة والناجحة تضيع وسطها، ويعتكف الناس عن مشاهدتها، لأنه يكون لديهم حكم مسبق عليها. لكن في المقابل، فإن الاستعانة بالممثلين الجيدين، تحفز الناس على المتابعة، مما يعطي فرصة للعمل لأن يحظى باهتمام الناس. في النهاية، لا بد أن تدعم الدراما من قبل محطات التلفزة التي لم يعد بإمكانها أن تقول إنها تحتل المرتبة الأخيرة في سلم أولوياتها، بعدما أصبحت تؤمن نسبة عالية من الإعلانات والمشاهدة. وكما أن الأتراك يستطيعون جذب 80 مليون مشاهد عربي، فإن الدراما المحلية يمكنها أيضا أن تؤمن النسبة نفسها إذا رصدت لها الأموال بسخاء، وأكبر دليل على كلامي هو جودة الفيديو كليبات والإعلانات التي تصور في لينان والتي يصرف عليها المال. نحن في لبنان أقوياء بالذوق؛ تقنيا وفنيا، ولكن الوقت ثمنه الكثير من المال في الدراما، وغالبا ما يتعذر علينا تصوير مشهد واحد بالطريقة التي يفترض أن يصور بها لأن الإمكانات المادية لا تسمح بذلك».

شلهوب الذي انشغل في الفترة الأخيرة بتصوير الإعلانات ودبجلة الأفلام الوثائقية، أكد عودته بقوة إلى الساحة التمثيلية مع شركة «فينيكس» للمنتج إيلي معلوف على وجه التحديد: «الأعمال المقبلة كثيرة، وأهمها مسلسل جديد من كتابة طوني شيمعون، سنباشر تصويره مباشرة بعد الانتهاء من تصوير مسلسل (الأرملة والشيطان). ما شجعني على العودة هو أنني أشعر بالاشتياق إلى الدراما من ناحية، ومن ناحية أخرى، لأن الفرصة توفرت ومع الأشخاص المناسبين، أي إن كل الأمور مسهلة للعودة. وبالنسبة لعملي في مجال الإعلانات، فهو كان لسد فراغ ابتعادي عن الدراما، ولكنه ليس طموحي.. وعليه، أفضل الدراما إذا توفرت بشكل متواصل. حتى في العمل الإعلاني، أنا انتقائي جدا، ولا أقبل بأي إعلان كان، وأتمنى أن ينصب تركيزي في الفترة المقبلة على الدراما لأنها عشقي وشغفي وملعبي الأساسي. أما الإعلانات، فلم تكن سوى وسيلة لسد فراغ مادي».

وينفي شلهوب أن يكون الابن المدلل للمنتج إيلي معلوف: «بالنسبة لرجل (بطولي وعرضي)، لا يناسبه الدلال على الإطلاق، بل هو يناسب المطربات أكثر، (حلو تتدلل البنت بس الرجال بصير مايع). كل ما في الأمر هو أنني وإيلي معلوف نتفق معا، وقبل كل شيء تهمنا مصلحة العمل. وشخصيا، يهمني العمل معه كشخص وكصديق أكثر منه كمنتج، وبحسب ما أعرف، فإن هذا الشعور موجود أيضا عنده».

هل يحلم شلهوب كمعظم الممثلين بالعمل في هوليوود؟ يجيب: «كل شخص في المهنة يتمنى التمثيل مع الأشخاص الأفضل فيها، وهوليوود هي الأفضل حاليا، لأن الإمكانات متوفرة ويستطيعون تنفيذ أفضل الأعمال، ولأنني أعمل في المجال، أحب أن يشاهدني أكبر عدد مكن من الناس، ولا شك أن هذا الأمر ينطبق على الأفلام الأميركية. ولكن الأمر لا يخلو من وجود أفلام أوروبية جيدة، وإذا سنحت لي الفرصة لن أتأخر أبدا، ولكن هذا لا يعني أنني سأذهب غدا إلى هوليوود».

ولا ينسى شلهوب أن يتحدث عن السينما اللبنانية التي يتمنى لها أن تصبح أفضل حالا: «نادين لبكي تعمل في السينما اللبنانية وتحقق النجاح، ولكنني لم أشاهد فيلمها حتى الآن، وأتمنى أن يتحقق ذلك خلال الفترة المقبلة. السينما اللبنانية بحاجة إلى دعم أكبر، لأن الأفلام اللبنانية أثبتت نجاحها، وقد تلقيت عروضا عدة في هذا المجال، ولكنني لم أقتنع بها، خاصة أن العروض محدودة بسبب ضآلة عدد الأفلام التي تنتج. هناك من يقول العكس ويعتبر أن كل يوم يصور فيلم جديد، وأنا أرد بأن ليس كل من حمل كاميرا وصور فيلما يستحق لقب مخرج.. فكما أن هناك أفلاما ناجحة، هناك أيضا أفلام فاشلة، ولكنها تبقى مجرد تجارب يمكن التعلم منها، ومن المهم جدا أن تستمر هذه التجارب، لأن السينما مهمة جدا، وهي عالميا أهم حتى من التلفزيون، كما أنها تخلد الفنان، وتنفذ بتأن أكثر من الدراما التلفزيونية».

أما عن عروض التمثيل في مصر، فيوضح شلهوب: «أنا أقبل بأي عمل جيد، وعندما يتوفر هذا العمل مع الدور المناسب، فلن أرفضه سواء أتى من مصر أو من الهند. ولكنني لم أتلق حتى اليوم أي عرض من مصر، وهذا ليس بأمر مستغرب؛ إذ إن مصر لا ينقصها ممثلون، ولقد لاحظت أن أدوار كل الممثلين اللبنانيين الذين يعملون في مصر، ثانوية أو محدودة، ولكن هذا لا يعني أنني أريد عملا من بطولتي، بل أنا يمكن أن أشارك في مسلسل أو فيلم، ولكن بدور جيد، لأنه يهمني أن أكون مكرما في مصر.. ولم لا؟ ففي النهاية الورق يفرض نفسه كالأشخاص الذين أتعامل معهم».