هاني رمزي يخوض السباق الرمضاني بمسلسل «ابن النظام»

الفنان المصري قال لـ «الشرق الأوسط» إنه لا يقصد تجسيد شخصية جمال مبارك

الفنان المصري هاني رمزي («الشرق الأوسط»)
TT

على الرغم من نوعية أفلامه التي تصنف ضمن الكوميديا الساخرة فإنها كانت تتخللها إيحاءات سياسية معارضة للحكومة السابقة جعلت منه «فنانا مغضوبا عليه» من قبل النظام السابق، فكانت ترتفع وتيرة المعارضة في أفلامه أكثر مع كل فيلم جديد، وكشف رمزي خلال حواره مع «الشرق الأوسط» من القاهرة، أن بعض الفنانين كانوا يخشون العمل معه خوفا من أن ينالهم هم أيضا نصيب من غضب النظام، وأعرب عن صدمته بعد انسحاب الدكتور محمد البرادعي من سباق الانتخابات الرئاسية، خاصة أنه بدأ نشاطه عقب عودته إلى مصر بمعارضة النظام السابق.

ويتناول رمزي في مسلسله الجديد «ابن النظام» الذي يخوض به السباق الرمضاني قصة أحد أبناء أفراد الحكم الذي صعد مستندا إلى نفوذ والده واستغل منصبه وتربح منه، وأوضح أنه لا يقصد تجسيد شخصية جمال مبارك نجل الرئيس المصري السابق حسني مبارك.

* ما الجديد في مسلسلك «ابن النظام» الذي بدأت تصويره مؤخرا في مدينة الإنتاج الإعلامي؟

- العمل ينتمي إلى نوعية الأعمال الكوميدية السياسية كما أنني أميل إلى تقديم هذه النوعية من الأعمال، و«ابن النظام» ليس عملا لفضح النظام إنما لفضح أساليب وكواليس الفساد، وكيف كانت تدار البلاد وكيف كانت تتم الصفقات، وأقدم هذا العمل في الوقت الحالي كي أقول للنظام المقبل إن الشعب عرف كل السكك واستيقظ ولن يخدع مرة أخرى. كما أن العمل كوميدي من أجل رسم الابتسامة على وجوه المشاهدين في النهاية، لأننا نضع في حساباتنا أول رمضان يمر علينا بعد انتخاب رئيس الجمهورية وتسليم السلطة، كما أنه عمل رمضاني.

* من وجهة نظرك هل ترى أن عملك يرصد فترة فساد استمرت 30 سنة من تاريخ مصر أم أنه يتطرق إلى فترة أطول؟

- أعتقد أن هذا النظام تم وضعه منذ 60 سنة أي بعد ثورة يوليو (تموز) 1952، ثم بدأت الحكاية واحدة بواحدة حتى وصلنا إلى الـ30 سنة الماضية، كما أن تلك الفترة من الممكن تقسيمها إلى ثلاثة عقود، الأخير فيها يمثل قمة الفساد والقهر التي عاشها الشعب المصري، كما أنني لا أهاجم النظام بقدر ما أكشف خطاياه وأساليب ظلمه لشعب مصر العظيم، لسبب بسيط أنني هاجمت النظام السابق أثناء وجوده في السلطة وأفلامي كانت صرخة معارضة، كما أنه ليس من البطولة أن أهاجم النظام بعد سقوطه، كما أن هناك فرقا بين الهجوم والكشف عن أسرار من الكواليس من خلال عمل اجتماعي كوميدي.

* المسلسل يقدم رحلة صعود شاب إلى السلطة، هل تقصد رجل أعمال معينا أو كما تردد أنه يتناول قصة حياة جمال مبارك نجل الرئيس السابق؟

- المسلسل بالفعل يتناول قصة صعود ابن وزير سابق إلى أن يصبح من أقوى رجال السلطة في النظام، والجمهور سيعرف من نقصد، ولكن لا داعي لاستباق الأحداث، لكن المسلسل لا يحكي قصة حياة جمال مبارك نهائيا، كما أنني لو كنت سأقوم بتمثيل دور جمال لكنت أعلنت ذلك بلا خوف، كما أننا نقصد من المسلسل كل شخص نجح في هذا النظام واستغل سلطته وتربح منها.

* يقال إنك عانيت في اختيار البطلة التي ستقف أمامك في المسلسل.

- إطلاقا فالبطولة النسائية كانت لأميرة فتحي منذ كتب حمدي يوسف الحلقات العشر الأولى، واتصلت بالفنانة أميرة وقلت لها إنني أريدها معي في مسلسلي الجديد، وأيد ترشيحي لها المخرج أشرف سالم، لكن أعترف بأنه كانت لدينا مشكلة في الوجوه الجديدة لأن هناك بطلات أخريات في نفس العمل.

* هل اختلفت الرقابة بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) خاصة أنك من الفنانين الذين عانوا منها قبل اندلاع الثورة؟

- الرقابة هي الرقابة لم تتغير، بل تشعر أن الناس فيها لا يعرفون أن هناك ثورة قامت في البلاد، ربما لم تصل إليهم! كما أنهم لا يزالون يعتقدون أن حسني مبارك موجود مع نظامه، لذلك أعتقد أنني سأصطدم معهم قريبا لكن لن أسمح لأحد بأن يكتم صوتي، كما أعتقد أن كلا من وزيري الإعلام والثقافة الجديدين لن يسمحا بهذه المهازل. كما أننا لن نسمح بسطوة الرقابة مرة أخرى بعد أن قال الشعب كلمته، ففي الماضي لم تأت لنا لوائح وتعليمات، وحاليا ينتظرون التعليمات الجديدة ممن سيتولى الحكم، فتشعر أمامهم أنهم يسيرون في اتجاه والمبدعون يسيرون في اتجاه آخر، فمثلا هناك جبهة للإبداع وحريته ولم تر شخصا واحدا من الرقباء ولم يتحدث أحدهم عن حرية الإبداع، وكأنهم قلقون أن تكون هناك حرية إبداع فيتم فصلهم من عملهم، لكن أنا أقول لهم «أيقظوا الضمير واجعلوا مستقبل مصر بداخلكم ولا تكونوا جبهة ضد مصر وحرية مبدعيها، ولا تكونوا بوقا لخدمة نظام مقبل للحكم ولا لخدمة تيارات جديدة».

* لكن الدكتور سيد خطاب، رئيس الرقابة على المصنفات الفنية، كان حاضرا في مؤتمر حرية الإبداع الذي أقيم في نقابة الصحافيين؟

- هذا الرجل أستثنيه لأنه صديق وتربى معنا، ولذلك هو أيضا في صدام مع الجهاز الذي يعمل فيه، بل يرأسه، ولكن فلنكن صرحاء، لماذا لم يكن أحد موجودا من رقابة التلفزيون المصري مثلا في هذه المسيرة وكذلك الرقابة على الإعلام؟!

* كيف ترى المقبل في مصر من وجهة نظرك؟

- أتحدى أن تجد شخصا واحدا في مصر «فاهم حاجة في البلد دي» هذه الأيام، لكن أنا متفائل وأثق أن الله يحب مصر وذكرها في القرآن والإنجيل، لكن آمل في عودة الروح التي سادت في مصر خلال الثمانية عشر يوما قبل سقوط النظام وكنا قلبا واحدا ويدا واحدة، وحققنا المعجزة بمعونة الله، لكن الأحداث الكثيرة وظهور أحزاب مختلفة استقطبت الكثيرين من الشعب فسقطت مصر في مستنقع من الحوارات والأحاديث الإعلامية التي أصابت الناس بالغثيان.

* قلت إنك ستتوقف عن تقديم أفلام سياسية لو تحققت الديمقراطية في مصر خلال الفترة المقبلة فهل هذا صحيح؟

- أنا شخصيا أحب هذا اللون من الأعمال لكن لن أظل معارضا طوال الوقت، فأنا أتمنى أن أكون مؤيدا للنظام المقبل، لأنني كنت معارضا للنظام السابق، كما أنني ممثل كوميدي وهدفي رسم الابتسامة على وجوه الناس، وأتمنى أن أقدم أفلاما كوميدية فقط ولا تحمل أي معارضة للنظام.

* ما هي شروطك لتأييد النظام المقبل؟

- أنا لا أعرفه لذا فأنا قلق من أن أكون ضده، لكن شروطي لتأييده أن يحمل الخير لكل المصريين مهما تعددت الأحزاب والاتجاهات، وألا يفرق بين طبقات المجتمع، فلابد أن يخدم النظام المقبل الجميع وليس ديانة معينة أو تيارا أو حزبا أو فكرا معينين.

* ترددت تصريحات مؤخرا تقول فيها إن البعض يكرهك لمجرد أنك قبطي؟

أبدا لم أقل هذا الكلام وليس من المنطقي أن أقوله لأنني أعرف الشعب المصري جيدا وأدرك طبيعته جيدا، وأنا من قلب شوارع مصر فكيف أقول ذلك؟ بل على العكس أنا أحمد ربي على نعمة حب الناس لي.

* ألست قلقا من وصول جماعة الإخوان للحكم؟

- إطلاقا لن أقلق من وصول «الإخوان» للحكم أو غيرهم من الليبراليين أو السلفيين أو العلمانيين، كما أنني إذا شعرت بالقلق لمجرد لحظة، وقتها أكون فقدت ثقتي وأملي في ربنا، لكن من الممكن أن أقلق من فكر بعض الأشخاص خاصة أن آراء بعض الأشخاص كانت مقلقة وصادمة من وضع الفن وحرية الإبداع، لكن أنا متأكد حينما يصدمون بالواقع فلن يستطيع أحد أن يأخذ من المصريين تاريخهم وحريتهم، خاصة أننا قمنا بالثورة من أجل مزيد من الإبداع وحريته وليس العكس، كما أن «الإخوان» والسلفيين يقدمون لي سلعة معينة ألا وهي الحرية والعدالة وأخرى اسمها النور، يعنى بلغتنا الدارجة: لو أنت تبيع لي سلعة اسمها النور وتظلمها علي فستكون هذه السلعة مغشوشة، صح أم لا؟ وهذا ما سيظهر خلال الأيام المقبلة إذا ما كانت هذه الأحزاب تقدم سلعا مغشوشة للبلاد أم العكس، ففي النهاية جاءت هذه الأحزاب وغيرها لكي تكون مصر دولة قانون يقام على الجميع، كما أن هذه الثورة جاءت من أجل الحرية والكرامة وليس العكس.

* ماذا يمثل لك نجاح شقيقك إيهاب رمزي في الانتخابات البرلمانية الأخيرة؟

- بالطبع أنا سعيد لفوزه في الانتخابات وأعتقد أنه إضافة كبيرة للمجلس خاصة في التشريع، لأنه أستاذ في القانون كما أن لديه نزعة حب الناس وخدمتهم، وهو ليس محتاجا كما أنه تربي جيدا، أزعم ذلك، لذا وجوده في المجلس من أجل خدمة الناس فقط، وثانيا سيفيد في التشريع وسن القوانين في البرلمان، كما أنه جاء ليخدم مثله مثل كثيرين وستثبت الأيام المقبلة ذلك.

* تردد أنه حدث صدام بين عائلتكم في محافظة المنيا وعائلتي سوزان مبارك والمشير عبد الحكيم عامر خلال هذه الانتخابات؟

- هذا الكلام ليس صحيحا بالمرة، فما حدث كان منافسات انتخابية فقط ليس أكثر، ولم تحدث بيننا أي مشكلات على الإطلاق والمنافسات شيء مشروع جدا.

* سمعنا في الفترة الأخيرة أن الدكتور فتحي سرور، رئيس مجلس الشعب السابق، عرض عليك أفلاما من تأليفه؟

- ما حدث بالضبط أن الدكتور سرور عرض علي قصصا من تأليفه وقال لي «خذها ولا تكتب عليها اسمي لأن هذه القصص كنت كتبتها في الماضي وأخاف لو ظهرت الآن أن يقول علي البعض إنه ترك مشكلات الشعب وتفرغ لكتابة القصص».

وكان ذلك عقب لقائي به بعد الضجة التي أحدثها فيلم «ظاظا» وكانت المقابلة من شأنها تهدئة الزوبعة، وخاصة أنني كنت أريد تمرير فيلم آخر يحمل اسم «المصنع» من تأليف طارق عبد الجليل وكان يضع الخطوط العريضة للسيناريو، وكان يتحدث هذا الفيلم عن مستقبل الحكم في مصر ومشروع التوريث، وقلت لنفسي: «أنا أتقمص دور العبيط كي يمر هذا السيناريو»، خاصة أني قبل تصويري لفيلم «ظاظا» كنت أحكي حكايات عبيطة عنه وأنه يخدم النظام وليس العكس، كي يمر، لأنه لو كنت رويت القصة الحقيقية فإن هذا الفيلم لم يكن ليرى النور، خاصة أني كنت من الفنانين المغضوب عليهم، وكانت أفلامي لعنة بالنسبة لهم، وأقول لك سرا أذيعه لأول مرة إن هناك بعض الفنانين كانوا يخافون من التعامل معي أو مصاحبتي خوفا من غضب النظام عليهم، لكن اليوم أقول لي الشرف أنني كنت من المغضوب عليهم، كما أن أفلامي كانت صادمة لهم، «أنا عملت البدع» كما يقولون في الأمثال، لكن اليوم أقدم مسلسلا كوميديا اجتماعيا أكشف فيه خبايا النظام السابق ويكون النظام السابق قلقا من فضحه هو أيضا، فأصبحت الرقابة على الرقابة وكل مؤسسات الدولة، لذا أقول يا ويل من يحاول نشر الفساد مرة أخرى.

* هل وقع اختيارك بعد على رئيس مصر المقبل؟

- للأسف لم أجد مرشحا يصلح وأدعو الله أن يرزقنا شخصا أفضل من الموجودين، وصدمني انسحاب محمد البرادعي وكنت سأعطيه صوتي لأنه أول من هاجم النظام وتبنى هذه الثورة من البداية، كما أنه رجل صاحب فكر ورؤية وأسلوب، وأتمنى من المقبل أن يأخذ منه بعض صفاته.

* هل من الممكن أن تقدم فيلما عن الثورة في الوقت الحالي؟

- بالطبع لا.. فالثورة لم تكتمل بعد، ومن يحاول تقديم أفلام عنها حاليا لن يقدم سوى سرد أحداث مأخوذة عن القنوات الفضائية، كما أن هذا الشعب يحتاج لعلاج نفسي بعد مروره بفترة انتقالية صعبة وقاسية، لذا من الصعب تقديم أعمال عن الثورة إلا بعد نجاح الثورة.

* يقال إنك تنوي تقديم فيلم اسمه «تومي وجيمي» بعد مسلسلك الجديد «ابن النظام».

- هذا حقيقي وهو فيلم كوميدي بسيط وليست له علاقة بالسياسة، والاسم «جيمي» ليس المقصود منه جمال مبارك كما ردد البعض، وأنوي تنفيذه بعد انتهائي من تصوير المسلسل، وأحلم أن أغمض عيني وأفتحهما وأجد الفترة الانتقالية انتهت والسلطة سلمت، وأجد أطفال مصر عادوا للعب في شوارع مصر مرة أخرى، وعاد الأمن والأمان لوطننا الحبيب، وكذلك عادت الابتسامة مرة أخرى لوجوه الناس في الشارع.