اتجاه متزايد نحو تحويل كلاسيكيات السينما المصرية إلى مسلسلات تلفزيونية

تباينت آراء النقاد والفنانين حول جدواه

لقطة من مسلسل «العار»
TT

بعد النجاحات التي حققتها المسلسلات المقتبسة عن قصص قدمت في السينما المصرية في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، يستعد منتجو الدراما لتكرار نفس التجربة من خلال إعادة إحياء بعض الكلاسيكيات السينمائية، وهو ما أثار حفيظة بعض النقاد ورأوه دربا لتحقيق نجاح على أنقاض تراث الماضي، وذهب البعض إلى اعتباره جريمة فنية.

وحاليا يتم تصوير مسلسل «الإخوة الأعداء» الذي تم عرضه على الشاشة الكبيرة عام 1974، وهناك مشاريع لإعادة تحويل أفلام «الزوجة الثانية» و«إمبراطورية ميم»، و«الكيف» إلى مسلسلات.

واستطلعت «الشرق الأوسط» آراء عدد من القائمين على صناعة الدراما التلفزيونية في مصر للوقوف على أسباب الإصرار على تحويل الأفلام القديم إلى مسلسلات. الفنان صلاح السعدني الذي قدم مسلسل «الباطنية» ويستعد حاليا لتصوير مسلسل «الإخوة الأعداء»، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «تحويل الأفلام القديمة إلى مسلسلات أمر لا عيب فيه، خاصة أن طريقة التناول نفسها تكون مختلفة، فمن الطبيعي أن فيلما مدته لا تزيد على الساعتين لن يرصد ما يتناوله مسلسل يزيد على العشرين ساعة كاملة، فتناول المواضيع بالدراما التلفزيونية يكون بشكل أوسع». واستشهد السعدني بمسلسل «الباطنية» الذي سبق وقام ببطولته، وقال «إن المسلسل نجح نجاحا كبيرا»، مشيرا إلى أن ذلك سيحدث أيضا مع مسلسل «الإخوة الأعداء»، فالمخرج محمد النقلي يعلم جيدا ما يقدمه، وأنه لن يضع نفسه في فخ المقارنة.

وقال مؤلف مسلسل «الإخوة الأعداء» شريف حلمي لـ«الشرق الأوسط»، إن «المسلسل سوف يواكب ظروف العصر ولن يكون اقتباسا للفيلم، وعلى الرغم من أنه سوف يقدم الشخصية التي سبق وقدمها الفنان نور الشريف في الفيلم، فإن تفاصيل الشخصية نفسها سوف تكون مختلفة بما يتناسب مع ظروف العصر»، مشيرا إلى أن «ما كان يتم تقديمه قبل أربعين عاما لا يمكن تقديمه بنفس الشكل الآن».

ويشارك في بطولة مسلسل «الإخوة الأعداء» كل من أحمد رزق وفتحي عبد الوهاب ودينا فؤاد وأحمد صيام وريهام نبيل وشريف حلمي الذي كتب قصة الفيلم أيضا، في حين كتب السيناريو والحوار دكتور رفيق الصبان.

وقالت الفنانة غادة عبد الرازق لـ«الشرق الأوسط»، والتي سبق وقدمت مسلسل «الباطنية» ومن بعده مسلسل «سمارة» إنها لو عرض عليها إعادة تجسيد شخصية تناولتها السينما المصرية لن ترفض، خاصة بعد النجاح الذي حققته تلك الأعمال. وأوضحت أن تحويل الأفلام القديمة إلى مسلسلات ليس بالأمر الجديد، فقد سبق وكان مسلسل «سمارة» إذاعيا، ثم تحول إلى فيلم وحقق الفيلم نجاحا يضاعف ما حققه في الإذاعة، فاستثمار نجاح الأعمال القديمة شيء غير مخجل.

ويؤكد الفنان أحمد رزق لـ«الشرق الأوسط»، والذي يقوم حاليا بتصوير مسلسل «الإخوة الأعداء»، وسبق وقدم مسلسل «العار»، وكلاهما مأخوذ عن أفلام، أنه مقتنع تماما بأن المقارنة بين القديم والحديث ستحدث، ولكن لا بد ألا يضع الفنان في ذهنه ذلك، حتى يستطيع أن يقدم الشخصية بأدائه هو، لأنه لو قام بتقليد الفنان نفسه الذي كان موجودا في الفيلم فسيجد نفسه خرج من المسلسل صفر اليدين وهنا تقع الأزمة.

وأوضح رزق أنه وبشهادة الجمهور والنقاد أثناء تقديمه لمسلسل «العار» لم يقلد أيا من فناني الفيلم، وساعده على ذلك القصة التي كتبها أحمد محمود أبو زيد والمخرجة شيرين عادل وهو ما يحدث أيضا مع مسلسل «الإخوة الأعداء». وقال «الشخصية التي أقدمها يقال إنها كانت للفنان محيي إسماعيل، وأنا أقول إن «هناك اختلافا تاما، فلو نتذكر أن محيي تم شنقه في نهاية الفيلم، وهذا لن يحدث مع شخصية وحيد التي أقدمها في المسلسل».

أما الكاتب مصطفى محرم الذي كتب فيلم «الباطنية»، وأعاد كتابته ليعرض على الشاشة الصغيرة، فأوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه حينما كتب المسلسل أضاف تغييرات كثيرة على الرغم من أنه صاحب القصتين، لكن ما دام المؤلف قرر إعادة كتابة مسلسل كان في الأصل فيلما فعليه إما أن يحدث تغييرات شاملة بحيث يناسب العمل مناخ العصر بشخصياته وأحداثه، وإما أن يكتب قصة جديدة تماما، فإعادة كتابة الأعمال القديمة سلاح ذو حدين، فلو كتب بشكل مختلف عن الفيلم مثلما حدث معه في «سمارة» و«الباطنية» سينجح العمل وإما لو كان صورة طبق الأصل من الفيلم فسيفشل وسيجد الكاتب وكل فريق العمل أنفسهم وقعوا في فخ المقارنات.

وقالت الناقدة الكبيرة إيزيس نظمي لـ«الشرق الأوسط» إن صناع الدراما التلفزيونية الذين يلجأون للنبش في الماضي لاستخراج سبل لنجاهم، يرتكبون جريمة فنية ومن الأفضل أن يكتبوا قصصا جديدة تناقش قضايا العصر الذي نعيش فيه، فاختلاف الزمان لا بد أن يسري على الدراما.

على النقيض يؤكد الناقد لويس جريس لـ«الشرق الأوسط» أن تحويل الأفلام لمسلسلات عادة ما يحقق نجاحا كبيرا، وينجح في جذب أكبر قطاع من الجماهير، كون التلفزيون موجودا في كل بيت، كما أن كثيرين من الجيل الجديد لم يسبق لهم أن شاهدوا الأفلام نفسها.