عمرو سعد: «خرم إبرة» يعبر عن الإنسان المصري.. ودراما رحلات الصعود مليئة بـ«الطاقة التمثيلية»

قال لـ «الشرق الأوسط» : أعتبر نفسي محظوظا لأنني لست بطلا من أبطال يوسف شاهين

عمرو سعد
TT

للعام الثالث على التوالي يدخل الفنان عمرو سعد السباق الدرامي في شهر رمضان، حيث يصور حاليا مسلسل «خرم إبرة»، مع المخرج إبراهيم فخر في أولى تجاربه، والذي يدور في قالب كوميدي اجتماعي. وفي حواره مع لـ«الشرق الأوسط» يتحدث سعد عن دوره في المسلسل، حيث يجسد فيه دور مواطن مصري يقطن في منطقة شعبية، لديه إحساس بأن إمكانياته أعلى من الواقع الذي يعيشه، فيدخل في مغامرات كثيرة، حتى يجني الصعود والشهرة.

ويرجع سعد اتجاه الكثير من الفنانين إلى الدراما التلفزيونية هذا العام لعدة أسباب؛ أبرزها أن تسويق الدراما أسهل من تسويق السينما، كما أن جمهور الدراما كبير، إلى جانب ما تشهده مصر من فترة كساد سينمائي.

وفي حديثه ينتقد سعد نقابة الممثلين المصرية على خلفية الحكم القضائي الذي صدر مؤخرا بحق الفنان عادل إمام بالسجن ثلاثة أشهر في قضية ازدراء الأديان، واصفا النقابة بالضعيفة والمخطئة، كونها لم تثر ضد هذا الحكم، متهما إياها أنها كانت تمشي تحت طوع السلطة في عهد النظام السابق، وحاليا ليس لها قرار حقيقي، وهو ما يراه سعد من أقوى أسباب تدهور حال الفن في مصر. وهذا نص الحوار.

* لماذا اخترت مسلسل «خرم إبرة» للمنافسة به في الموسم الرمضاني المقبل؟

- حرصت على أن أقدم موضوعا بسيطا له علاقة بالإنسان، وبعيدا عن نقد لأي سلطة أو تقديم قضية بعينها، فمن خلال مشاهدتي للتلفزيون والأحاديث التي تدور في الشارع المصري، رأيت أن الحدث الأبرز هو الإنسان، ولذلك لا بد من تقديم أعمال في هذه الفترة تعبر عما يحدث في حياتنا ككل.

* ولكن في الوقت الراهن يوجد زخم في القضايا خاصة السياسية أكثر من الماضي؟

- بالتأكيد توجد قضايا، ولكن لا يوجد رئيس أو سلطة نقوم بنقدها لتصحيح وضعها، ففي هذه الفترة الشعب هو الذي يقود الأحداث، وقراراته المصيرية تنبع منه هو، فعلى سبيل المثال أرى أن صوت الإنسان نفسه أصبح له قيمة سواء كان سلبيا أو إيجابيا فأصبحنا فاعلين على عكس ستين عاما مضت.

* بم يوحي اسم المسلسل «خرم إبرة»؟

- «خرم إبرة» كلمة شعبية مصرية قديمة تعبر عن لحظة الضيق التي يمر بها أي إنسان، وكيف يستطيع أن يعبر من تلك اللحظة، والاسم معبر عن تفاصيل العمل، الذي يدور في قالب كوميدي اجتماعي، والذي أجاد فيه المؤلف حسان دهشان.

* وماذا عن دورك في هذا العمل؟

- أجسد شخصية «سعيد البرنس»، وهو مواطن يقطن في منطقة شعبية، ولم يعمل بمؤهله ولديه إحساس بأن إمكانياته أعلى من الواقع الذي يعيشه، فيدخل في مغامرات كثيرة، ولذلك فهي أشبه لرحلة صعود.

* لماذا تختار مواضيعك في قالب رحلات صعود الأشخاص؟

- لأني أرى أن 80 في المائة من الشعب المصري يريد أن يصعد، ليس بالضرورة أن يكون غني جدا ولكنه يريد أن يكون له رحلة صعود، أي أن يتحول من حال إلى حال، لذلك أحب أن أقوم بلعب أدوار هذه الشخصيات المليئة بالطاقة التمثيلية، وأنا على المستوى الشخصي مررت بهذه التجربة ومررت بكل طبقات المجتمع، وتعرضت لأشياء كثيرة في حياتي بهدف تحقيق الذات والوصول إلى الأفضل كما عانيت كثيرا لذلك أشعر بهذه الطبقة جيدا.

* لكن حالفك الحظ في بداية مشوارك الفني حيث عملت مع المخرج الراحل يوسف شاهين، ويقال أنك كنت المرشح الأول في فيلم «الآخر»؟

- ليس المهم أني كنت المرشح الأول للعمل، حيث أعتبر نفسي محظوظا لأنني لم أكن بطلا من أبطال يوسف شاهين، وأراها ميزة بالنسبة لفكرة «لعنة شاهين» وإن كان الموضوع مبالغ فيه وأخذ أكبر من حجمه، ولا أنكر أن المخرج الراحل كان ممتازا في اكتشاف وجوه جديدة، وما أريد إيصاله أنني لم أصبح بطلا في لحظة، ولكني عانيت كثيرا وسعيد بهذه المعاناة ولم أشعر بالظلم ولو للحظة واحدة.

* هل يتطرق مسلسل «خرم إبرة» إلى ثورة «25 يناير»؟

- المسلسل ليس له أي علاقة بثورة «25 يناير»، وبالنسبة للإعلان الذي عرض مؤخرا على مواقع الإنترنت فهو يوصل رسالة بأن الناس أرهقت من كثرة الكلام في السياسة، حيث يقال إن مبارك قرر التنحي عن السلطة ثم نسمع صوت القذافي، وإذا بشخص يغلق الراديو ثم يستمع إلى أغنية في دلالة على انتهاء هذا الحدث.

* هل ترى أن تقديمك مسلسلا كل عام يعتبر حرقا لنجوميتك في التلفزيون في حين أنك مصنف كنجم سينمائي؟

- لم أنظر هذه النظرة، ولا يوجد فنان يصنف على أنه ممثل دراما أو ممثل سينما، لأن التصنيف يقلل من قيمة العمل، وأنا أرى أن القيمة الأساسية هي فكرة العمل وتقديمها ومدى استقبال الجمهور لها سواء كانت عملا دراميا أو سينمائيا.

* في رأيك لماذا يقبل الكثير من النجوم على الدراما هذا العام؟

- أرى أن تسويق الدراما أسهل من تسويق السينما، فيمكن تسويق العمل على أكثر من قناة فضائية وسهولة توزيعه خارجيا على عكس ما يحدث في السينما، كما أن جمهور الدراما كبير، والآن نحن نعيش في فترة من الكساد السينمائي، واتجاه الكثير من الفنانين إلى الدراما شيء إيجابي وأرى أنه مؤشر جيد لكثرة الأعمال الدرامية وأتمنى أيضا أن يحدث هذا في السينما.

* هل ترى أن الكساد السينمائي الذي نعيش فيه الآن يعتبر بيئة خصبة لظهور أفلام المقاولات من جديد؟

- السينما شيء ديمقراطي والذي يختارها هو الجمهور، ومن حق أي شخص أن يقوم بإنتاج أفلام، ومن حقنا وحق الجمهور أن نتجاهل أي صناعة سينما رديئة، وأرى أن الإعلام هو الذي يلعب بشكل رئيسي في إبراز هذه الأعمال، ولا أوجه الاتهام إلى الإعلام ككل ولكن لبعض الحالات في الإعلام الذي من المؤكد أنه يؤثر على العقول في وجود ناس غير مهنيين وعشوائيين.

* بمناسبة صناعة السينما، برأيك لماذا تغيب السينما المصرية عن المنافسة في المهرجانات العالمية؟

- لا نملك المنافسة لأن المنتج الذي نقدمه ليس بالجودة التي تستطيع المنافسة به في المهرجانات العالمية، على عكس الماضي ففي فترة الأربعينات كان هناك كمال الشيخ ويوسف وهبي وكان يتم الاستعانة بهما في التحكيم في مهرجان «كان» السينمائي، فكانت السينما المصرية في ذلك الوقت تمشي بالتوازي مع السينما العالمية، في حين أنها تقدم كل أنواع الأفلام الضعيفة والمتوسطة والقوية، وتتضمن كل المواضيع الأصلية الخاصة بالشعب المصري وغير المتأثرة بسينمات أخرى فكانت تمشي على خط واحد مع السينمات في العالم كله، لأنه كانت توجد صناعة حقيقية للسينما، وصناع يملكون أدواتهم ويعرفون كيف يصنعون عملا متكاملا من حيث الموضوع والتقنية والجودة على عكس الوقت الحالي، فالجيل الذي تعلم في الأربعينات هو الذي أنتج في الستينات وجيل الستينات هو الذي صنع سينما الثمانينات فالتعليم هو الفاصل.

* وماذا ينقصنا حاليا للمنافسة في رأيك؟

- الذي ينقصنا للمنافسة الآن أننا لا يجب أن نتوجه إلى المهرجانات بشكل متعمد، ولكن يجب أن نقوم على عمل صناعة، نبدأ العمل ونخضع الأعمال لمعايير دقيقة لكي نستطيع المنافسة بشكل قوي، وكذلك الفنان يجب أن يكون عليه دور كبير في أنه يفكر في المنافسة من خلال ما يقدمه من أعمال وليس مجرد اختيار عمل، ويجب أن ننظر نظرة أخرى للسينما، فلا بد أن تحقق السينما دخلا قوميا لمصر مثلها مثل البترول.

* وهل الجيل الحالي يستطيع ذلك؟

- نحن نتاج جيل انقطع عن الجيل الماضي، وبدأ يصنع تكوين بنفسه ويتعلم بشكل عشوائي من خلال مشاهدته لأفلامه وكذلك الإنترنت، وأصبحت المدرسة بلا دور في التعليم، وأرى أن هذا الانقطاع هو السبب الرئيسي في حدوث ثورة «25 يناير»، فهذا الجيل اعتمد على تفكيره الخاص بطريقته الخاصة ولم يسمع لأحد رافض لكل أشكال الوصاية عليه ورافض للقيم القديمة، ويتعامل بشكل عفوي جدا دون السماع إلى أي فكر أو إرشاد، وهذا يحتمل الإيجاب والسلب، فالفنان يظهر فجأة وينجح فجأة ويفشل أيضا فجأة وهذا لا يصنع تاريخا.

* كيف ترى تخوف بعض الفنانين من التيارات الإسلامية؟

- هذا التخوف مبالغ فيه، وأرى أن الذي يشعر بالخوف لا بد أنه يعمل شيئا خاطئا، وعلى المستوى الشخصي ليس لدي أي استعداد للتفكير في أنه من الممكن أن يفكر أحد في أن يضع قيودا على الإبداع، وليس من حق أحد أن يمارس أي نوع من القمع، والذي يفكر في ذلك أعتبره «جبانا»، وأرى أننا نتحدث كثيرا في شيء غامض، وأتساءل لماذا التيارات الإسلامية تضع نفسها في موقف الرد على هذه الأسئلة، والفنانين لماذا يدخلون في هذه الدائرة ونسأل هذه الأسئلة من الأساس، فمن السذاجة أن يمنع أحد أي عمل فني، والإنترنت مفتوح على مصراعيه، الحرية هي التحسن الاقتصادي وهذا هو الذي يقف أمام أي تشدد من وجهة نظري.

* ألم يقلقك الحكم القضائي الذي صدر مؤخرا على الفنان عادل إمام بالسجن ثلاثة أشهر في قضية ازدراء الأديان؟

- هذا الحكم «كلام فارغ»، وأنا أدين نقابة الممثلين، فكيف لا تثور ضد هذا الحكم ويكون لها موقف قوي، وهذا يدل على أن النقابة ضعيفة وتشعر بهذا الضعف، فكيف يصدر حكم على ممثل سواء كان مخطئا أو غير مخطئ، فالفنان غير مسؤول عن الطرح الذي يطرحه من الأساس، فتوجد رقابة قائمة تجيز الأفلام منذ عشرين عاما، وهذا الحكم سيتم تصحيحه بالتأكيد، ولكن هذا خطأ غير مقبول.

* لماذا تقول إن النقابة ضعيفة؟

- النقابات الفنية طول عمرها ضعيفة، ولا يوجد لها أي قيمة وتمشي تحت طوع السلطة وبشكل عشوائي، وليس لها أي قرار حقيقي، وهذا من أقوى أسباب تدهور حال الفن على خلاف من يتولى رئاسة النقابة وهذا الكلام علي مسؤوليتي.

* إذا ما موقفك الشخصي تجاه ذلك الحكم؟

- أناشد الفنانين وأنا معهم الاعتصام المفتوح أمام وزارة العدل، وبصرف النظر عن الحكم على عادل إمام كشخص، ولكن لأننا بهذا الحكم ندخل على كارثة حقيقية وليس من حق أحد أن يشكك في عقيدة أي إنسان لأن هذا أمر خطير جدا، ولا بد ألا نسكت على هذا الأمر.

* هل لديك مشاريع سينمائية قريبة؟

- أوشكت على الانتهاء من تصوير فيلم «أسوار القمر»، بالإضافة إلى تجهيز عمل آخر بعنوان «أولاد رزق» وهو من أفلام الحركة من إخراج وإنتاج طارق العريان وتأليف صلاح الجهيني.

* كنت صاحب فكرة فيلم «كلمني شكرا»، فهل توجد نية لأن تقدم عملا من كتابتك؟

- بالفعل فكرت في هذا، ولدي أفكار جريئة وكثيرة، ولكن يوجد تخوف من بعض المنتجين خاصة في الوقت الحالي، فلا بد أن يكون كل شيء محسوبا، وقد عرضت فكرة على أحد المنتجين لسيدة تبلغ سبعين سنة تعمل علاقة مع شاب يبلغ ثلاثين سنة، لكن لم يجد قبولا، ولم أصر عليها مراعاة للمرحلة التي نعيش فيها من ركود وخوف، وعلى الرغم أنني صاحب فكرة فيلم «كلمني شكرا»، فإنها لم تتم كما كنت أريد ولكن الفيلم حقق إيرادات.