سينما

TT

في دراسة نشرت قبيل انتهاء العام الماضي تبين أن الممثلات استحوذن على أكثر من خمسين في المائة من الأفلام التي حققت أرباحا، بمعنى أن الأفلام ذات البطولات النسائية تجاوزت نجاحاتها الجماهيرية ما كان في السابق حكرا على الأفلام ذات البطولات الرجالية. وإذ يجيء فيلم «ألعاب الجوع» ليستحوذ على المركز الأول لثلاثة أسابيع متوالية، منجزا خلالها نحو 100 مليون دولار كل أسبوع، فإن هذا النجاح يزداد بوضوح، واضعا الأفلام التي سنسميها بـ«الأفلام النسائية» (بصرف النظر عن تقنية الكلمة وصوابها) في مركز الصدارة.

والمسألة واضحة المعالم بالمقارنة مع الأفلام «الرجالية» التي تم إطلاقها في الفترة ذاتها: «إعادة لقاء أميركي» حط ثانيا، و«21 شارع جمب» تراجع من المركز الأول بعد أسبوع واحد من عروضه، و«الرحلة 2» من بطولة دواين جونسون اكتفى بـ99 مليون دولار بعد تسعة أسابيع من بداية عروضه.

أكثر من ذلك، أفلام المغامرات ذات المعالجات الفانتازية والبطولية التي أدى بطولتها ممثلون رجال، سقطت بالمقارنة مع ما حققه فيلم «ألعاب الجوع» الذي هو بدوره فانتازيا تعتمد على المغامرات البطولية. هذا يتضح حين النظر إلى «غضب التايتنز» مع سام وورثنغتون وويليام نيسون وراف فاينس (حصد 60 مليون دولار فقط) وإلى «جون كارتر» الذي اعتبرته شركة «ديزني» خسارة كبيرة، إذ تكلف نحو 250 مليون دولار وتمخض عن نحو خمسين مليون دولار كإيراد، ولو أنه أنجز أداء عالميا أفضل (240 مليون دولار). إذا حسبنا حصص التوزيع العالمية وحصص الصالات ثم باقي التكاليف التي يتكبدها التوزيع (دعاية وإعلام... إلخ) فإن حصة «ديزني» من هذا النجاح العالمي الصافية لا تزيد عن ربع هذا المبلغ في أفضل الأحوال.

* جنيفر لورنس وريثة لصورة بطل أفلام الغرب الأميركي

* المرأة في سينما اليوم امرأة كرجل لكن هناك مغزى آخر يفرضه نجاح «ألعاب الجوع» كما أخرجه غاري روس، الذي يؤكد أنه لن يقوم بتحقيق الجزء الثاني من الرواية الثلاثية التي تم اقتباس الجزء الأول منها إلى هذا الفيلم. هذا المغزى يتضمن صورة المرأة ذاتها على الشاشة.

ففي حين لا تزال المرأة في معظم الإنتاجات مطروحة كغاية عاطفية وكمحرك جنسي يتراءى للمشاهدين الذكور أكثر من سواهم ليثير في دواخلهم أكثر من صورة ذهنية، فإن أدوار المرأة القوية تزداد حضورا ولو أنها ليست بعد طاغية.

يفترض «ألعاب الجوع» عالما مستقبليا يأتي في أعقاب انهيار الحياة المدنية والنظام الرئاسي الديمقراطي للولايات المتحدة، حيث تم تقسيم أميركا الشمالية لمقاطعات يتم اختيار شاب وفتاة من كل مقاطعة للدخول في ماراثون قتالي في موقع افتراضي (غابة يمكن تغيير معالمها)، الغاية منه تسلية سكان العاصمة المرفهة من البلاد.

لقد سبق لي أن عرضت نقدا للفيلم شمل الحكاية، ولن أدخل في هذا الجانب هنا مرة أخرى، لكن ما يتصل بهذا الجانب من الموضوع حقيقة أن المتقاتلين حبا للبقاء أحياء (الصراع مفتوح وعليه أن يستمر حتى لا يبقى أكثر من منتصر واحد حي) هم نصف من النساء ونصف من الرجال هو أمر بالغ الأهمية في مجال ملاحظة وضع المرأة في هذا الفيلم، فأعداء بطلة الفيلم، جنيفر لورنس، الأشداء هم رجال محاربون وليسوا نساء. نعم، هناك مشهدا تهاجم فيه محاربة أنثى بطلة الفيلم فتقع معركة بينهما، لكن الخطر الداهم هو من رجل، وبطلة الفيلم (اسمها كاتنيس في الفيلم) تنتصر عليه في النهاية. ما يترجم إلى إعلاء شأن صورة استقلالية المرأة عن الرجل. كاتنيس تبقى أنثى لا تشكل، حسب رواية سوزان كولينز التي ارتفع بيعها من 16 مليون نسخة إلى 36 مليونا و500 ألف نسخة بسبب الفيلم، خطرا على أحد. لكنها أنثى قوية وشابة سيتيح لها الفيلم تجاوبا من بين فئة المشاهدات الإناث المنتمين غالبا إلى جيل ما دون العشرين من العمر.

* في الاتجاه المعاكس

* هذا ما لم تحظَ به ممثلات كثيرات من قبل. ها هو الفيلم الجديد لجوليا روبرتس «مرآة مرآة» يخفق في إيراداته، ما يشير إلى أن المعضلة ليست في بطولة المرأة للأفلام، بل في الشخصية التي تؤديها في هذه الأفلام إلى جانب عمرها الذي إذا ما تجاوز الثلاثين شهد انحسار المشاهدين المنتمين إلى جيل الشباب. الأمر نفسه بالنسبة لأفلام ميريل ستريب، وآخرها «المرأة الحديدية» الذي أثار الاهتمام الإعلامي وليس الجماهيري، وفيلم «أسبوعي مع مارلين» بطولة ميشيل ويليامز، الذي حصد النتيجة ذاتها.

جنيفر لورنس من جيل حديث من الممثلات (عمرها 21 سنة)، ما يجعلها أسرع قبولا بين من يماثلها في السن. جديدة نسبيا لم تستهلك بعد بأدوار نمطية، ما يجعلها أكثر حداثة وتجديدا من معظم من حولها.

إلى جانب هذه النقطة فإن على المرء أن يعيش في أميركا متعاطيا مع ثقافتها وتاريخها لكي يرى ما تعنيه الشخصية أو تجسده. الآلة القتالية التي تحملها كانتيس هي القوس والنشاب، وذلك في عالم مستقبلي يتخيله المرء قد امتلأ بأدوات قتال بالغة التطور مثل أسلحة الليزر أو ربما رؤوس وأطراف مزودة تلقائيا بأدوات قتال، لكن القوس والنشاب هو سلاح اعتمدته شعوب العالم بأسرها في زمن مضى، وهو في الولايات المتحدة كان سلاح الهنود الحمر وبعض المستوطنين الرجال الذين أحبوا الانخراط في ذلك التقليد القتالي خلال القرن التاسع عشر. من هنا، كانتيس هي صورة نموذجية لما كان عليه بطل - رجل في الغرب الأميركي مثل ديفيد كروكيت. على الشاشة هي أشبه بشخصية روبرت ردفورد في «جيرومايا جونسون»، وإلى حد هي شخصية أنثوية من شخصية «شاين» كما أداها آلان لاد مثلا.

أنثوية وذكورية معا، فهي امرأة مشبعة بالأنثوية الطبيعية لكنها محملة بأعباء الرجل، فهي رب البيت (بعد مقتل أبيها) وتعيل شقيقتها الوحيدة وتحارب كالرجال، إنما من الواضح أنها تفعل ذلك ليس عن غاية البطش والقتل، بل لأن ذلك مفروض عليها في عالم حكم عليها بالفناء لكونها من المقاطعات الفقيرة وليست من العاصمة الغنية.

كل ذلك مرتبط، وسيطول الحديث عن الكيفية، بتلك الإشارات التي بثتها السينما الأميركية سابقا حول المرأة - الذكر (طريقة مارلين ديتريتش في بعض أفلامها) أو المرأة المحاربة عن نضج (شخصية سيغورني ويفر في «غريب»، وشخصية أنجلينا جولي في «سولت» مثلا)، ثم مرتبط أيضا بالصورة الذهنية المكتسبة عن قيام رجال بالتنكر كنساء بحثا عن عمل، كما الحال في فيلم دستين هوفمن «توتسي» بعدما فشل في إيجاد عمل كرجل فإذا به يحصل عليه بعدما أوهم محيطه بأنه امرأة، أو كما الحال مع روبين ويليامز الذي تنكر في زي خادمة ليستطيع الاقتراب من ولديه بعد انفصاله عن زوجته، أُمّ أولاده. الرابط هو أن اللجوء في مثل هاذين النموذجين يمشي في الطريق المعاكس (من ذكر إلى أنثى)، لكن المشكلة هي أن يتوخى الكوميديا في ذلك، بينما يبقى «ألعاب الجوع» أكثر دراية وصلة بالحقائق الاجتماعية، ولو أن أحداثه مرمية في المستقبل البعيد.

* بين الأفلام

* هجمة سينمائية > تشهد السوق الأميركية هذا الأسبوع واحدا وعشرين فيلما جديدا دفعة واحدة، من بينها ما لا يقل عن خمسة عشر فيلما من الأفلام غير المدعومة بالشركات الهوليوودية الرئيسية (مستقلة). هذا من ناحية يعد جمهور السينما بعدد متنوع من الاختيارات، فمنها العاطفي والكوميدي والرعب والتشويق والدراما الخفيفة وسواه، لكن من ناحية أخرى، وفي ظل سياسة «إرشاد النفقات» التي تعم الكثير من المجتمعات ونسبة لكثرة هذا العدد، فإن عددا كبيرا من هذه الأفلام لن يرى نور النجاح.

في مقالة له تصبّ في الموضوع نفسه، كتب جون هورن في صحيفة «ذا لوس أنجليس تايمز» أن جزءا من السبب في هذا الزحام يعود إلى النجاح الذي حققته الأفلام المستقلة خلال السنوات الخمس الماضية، وهو النجاح الذي اعتمد على مواعيد ثابتة لإطلاقها، من بينها هذه الفترة بالتحديد.

على صحة ذلك، فإن الثابت أن هذه السينما ستجد نفسها تتنافس مع ذاتها، وأن معظم أفلامها سينزوي من دون أثر في أسابيع قليلة جدا. أحد هذه الأفلام الجديدة هو «الحياة تقع» و«المرأة التي لم تكن هناك» و«موعد نهائي»، وهي وإن لم تكن من تلك الأعمال المهددة تحديدا إلا أن مصيرها معلق بمدى نجاحها في لفت الأنظار إليها وسط هذا الزحام من العروض.

> بعض هذه الأفلام يهبط الصالة والشاشة المنزلية في وقت واحد على أساس أن ذلك ضمان أفضل لنجاحها، فمن سيفوته العرض العام يستطيع شراء عرضه عبر المحطات التلفزيونية المتخصصة. لكن أصحاب هذا المبدأ في الواقع يؤكدون على فشل عروضهم السينمائية، إذ إن العرض المنزلي يلغي الحاجة لعروض جماهيرية عامة ويوفر شيئا من الميزانية التي تتكبدها الأسرة في سبيل أن تؤم صالة سينمائية وتبعاتها من تكاليف تتجاوز مجرد سعر التذكرة.

أحد هذه الأفلام المتوفرة في الوسيطين معا «الصياد»، وهو فيلم مغامرات حول المنافسة بين فريقين لاصطياد نمر نادر في أدغال آسيوية، يقوم بالدور الأساسي فيه وليم دافو، وهو ممثل جيد لكنه ليس نجما جاذبا لمشتري التذاكر.

> على صعيد العروض الرئيسية المؤمن توزيعها على نطاق عريض داخل وخارج الولايات المتحدة هذا الأسبوع، يتقدم «الأغبياء الثلاثة» (The Three Stooges) الذي لديه قصة تروى. فالعنوان يتحدث عن ثلاثة كوميديين اشتهروا فعلا في الأربعينات بلاعبي أدوار الحمقى النموذجيين. قبل عامين فكرت شركة «فوكس» في إنجاز فيلم عن هؤلاء واختارت عرض الفكرة على ثلاثة ممثلين معروفين هم شون بن، وجوني دب، وبول جياماتي، وهؤلاء أبدوا اهتماما سريعا لكنه انحسر - سريعا أيضا - بعدما قدم شون بن رسالة اعتذاره. المشروع انقلب من رئيسي إلى كوميدي عابر من بطولة ثلاثة غير معروفين هم شون هايز، وويل ساسو، وكريس ديامانتوبولوس. وفرصه بالنجاح معقولة لكنها ليست كبيرة.

> الفيلمان الرئيسيان الآخران هما «كابينة في الغابة»، وهو رعب من بطولة كريس همسوورث وكرستن كونلي حول خمسة أصدقاء يقضون عطلة في الأدغال داخل كابينة تتحول إلى سجن بسبب أحداث مخيفة تقع حولهم. الفيلم الآخر هو «حبيسة» أو «Lockout»، وهو خيالي علمي يستند إلى الفكرة أكثر مما يستند إلى العناصر المميزة للنوع حول مهمة إنقاذ ابنة رئيس الجمهورية الأميركي من خاطفيها الذين وضعوها في مركبة فضائية، طالبين شروطا للإفراج عنها.

* شباك التذاكر

* حافظ «ألعاب الجوع» على مركزه الأول في أسبوعه الثالث، منجزا ما مجموعه 302 مليون دولار في ثلاثة أسابيع (منها 155 مليونا في أسبوعه الأول). الفيلم الكوميدي الجديد «إعادة لقاء أميركي» اكتفى بالمركز الثاني، و«تايتانك» اكتفى بالثالث. الفيلم الوحيد الذي عاد فتقدم هو «بيت الأمان» الذي كان خرج من اللائحة في الأسبوع الماضي، ثم عاد إليها هذا الأسبوع في المركز العاشر.

1 (1) The Hunger Games: $32,870,209 (3*) 2 (-) American Reunion: $21,466,200 (1*) 3 (-) Titanic 3D: $18,210,725 (4*) 4 (2) Wrath of the Titans: $15,010,464 (1*) 5 (3) Mirror Mirror: $11,291,533 (2*) 6 (4) 21 Jump Street: $10,828,746 (2*) 7 (5) Dr. Seuss› The Lorax: $5,044,298 (2*) 8 (7) Salmon Fishing in Yemen: $1,015,400 (3*) 9 (6) John Carter: $700,622 (3*) 10 (12) Safe House: $580,810 (3*)

* سنوات السينما

* 1921 | الحلقة الأولى: بداية عقد جديد العقد الثاني من تاريخ السينما، ذلك الذي بدأ سنة 1921، من بين أهم العقود لأكثر من سبب. من ناحية، تم تكوين معالم الفيلم سرديا وشكليا، كما ما زال معروفا لليوم. من ناحية أخرى، تأكد رسوخ الفن في وجدان الناس فارتفعت الإيرادات وكبر حجم الإنتاج وتنوعه وعدده. ولاحقا تم إضافة الصوت في نقلة ستترك تأثيرها إلى الأبد.

الفيلم الأول في قائمة الأفلام الأكثر رواجا سنة 1921 هو «فرسان القيامة» لركس إنغرام، وفي الثاني «الفتى» لتشارلي تشابلن، وفي الثالث «الفرسان الثلاثة» (واحدة من أولى النسخ الطويلة) ثم «الشيخ» لجورج ملفورد.

هنا مناسبة للرد على منوال كثيرا ما تكرر: «الشيخ»، الذي لعب رودولف فالنتينو بطولته، كان معاديا لصورة العربي على الشاشة. فهل كان هذا صحيحا؟ وإلى أي مدى؟

* فيلم الأسبوع

* باخرة تغرق بالأبعاد الثلاثة Titanic إخراج: جيمس كاميرون أدوار أولى: ليوناردو ديكابريو، كيت ونزلت، بيلي زاين النوع: دراما عاطفية. أحداث حقيقية تقييم الناقد: (4*) (من خمسة)

* عودة فيلم «تايتانك» الذي حققه جيمس كاميرون سنة 1997 بنجاح مدوٍّ (نتج عنه مليار و800 مليون دولار حينها)، مشفوعة بمرور مائة سنة على غرق الباخرة التي قيل إنه لا شيء يغرقها، ورغم ذلك ما إن ضربها جبل جليدي حتى مالت على جانبها وباشرت احتضارها غرقا. ليس لأن الحسابات كانت خاطئة بقدر ما أن الضربة كانت أقوى من المتوقع، وهناك ما يكفي من المراجع التي تفسر كيف وقع التصادم بين الثلج والمعدن وكيف أدى ذلك إلى حدوث المأساة بطيئا مطلع الأمر، ثم بإيقاع متسارع في ما بعد.

غالبية من شاهد نسخة كاميرون في ذلك العام أعجب بالفيلم على أكثر من صعيد، فهو كان إنتاجا ضخما وحكى قصة حقيقية بأوضاع إنسانية ومأساوية تلم بأناس عاديين تم خلالها تناول جانبين نافذين ومؤثرين: الجانب الأول قصة حب بين شاب وفتاة، تفانى خلالها الأول لإنقاذ حياة من يحب، والجانب الثاني كيف أن التقسيم الاقتصادي والاجتماعي بين ركاب مرفهين وآخرين دون ذلك نتج عنه سقوط ضحايا أكثر من ركاب الدرجتين الثانية والثالثة (هناك تقسيم آخر مفاده أن معظم الضحايا كانوا من الرجال، كونهم افتدوا أرواحهم لأجل إنقاذ النساء والأطفال، لكن هذا لم يدخل في اعتبار الفيلم آنذاك). كل هذه العوامل، إلى جانب تجسيد حالات الهلع والغرق ثم تصوير المعنى الكارثي الكامل، أنجزت للفيلم الإقبال الضخم الذي استحقه، خصوصا أن الأفلام السابقة إما كانت تسجيلية وإما قصيرة وإما مقتصرة على ما توفر للإنتاج من عناصر محدودة.

الأبعاد الثلاثة التي في النسخة الحالية تزيد من وقع تلك العناصر الفنية والتقنية على المشاهد. كل شيء نافر ومتحد وقريب وفي نسخ متبلورة كما لو كان فيلما جديدا. وتحت رعاية المخرج كاميرون الذي يصر على أن لا تكون الأبعاد الثلاثة مجرد نظام، بل لغة قائمة بذاتها، وهو المفهوم الذي انطلق به مارتن سكورسيزي حين حقق «هوغو» والألماني فيم فندرز بفيلمه «بينا» وانطلق به جيمس كاميرون قبل ذلك حين حقق «أفاتار» قبل ثلاث سنوات.

لكن الحكاية ذاتها لم تتغير بالطبع. حجم المشاهدين الذين سعوا لمشاهدة «تايتانك» الجديد لا يزيد عن ربع عدد الذين اندفعوا لمشاهدته حين ظهر بالبعدين العاديين، ذلك لأن الحكاية لم تتغير وهي باتت معروفة حتى بالنسبة للذين وجدوا في قصة الحب الملهم والسبب الأول لمشاهدة الفيلم آنذاك.

ولا يختلف الوضع بالنسبة لنا هنا أيضا، فلا جديد هنالك، باستثناء ملاحظة أن الفيلم لم يكبر أو يشيخ، بل كبر فقط أبطاله الرئيسيين: كيت ونسليت أصبحت أكثر نضجا في الأداء، وليوناردو ديكابريو انتقل أيضا من أدوار شبابية تمتزج فيها نضارة السن بالطموح، إلى مؤدٍّ لأدوار مركبة نفسيا ودراميا كما الحال في أفلامه مع سكورسيزي وإيستوود.

واحد من الانتقادات التي واجهها الفيلم الأصلي هو طول مدة عرضه (194 دقيقة) على أساس أن هذا التطويل أرهق من اعتاد على أفلام من ساعة ونصف إلى ساعتين. لكن كما كانت هذه المسألة نسبية معتمدة على علاقة المشاهد بالسينما، ما زالت كذلك الآن. الفارق أن استخدام النظارات لثلاث ساعات (إذا ما كنت من النوع الذي لا يخلعها مطلقا حتى نهاية العرض) يصبح خطرا صحيا أكثر منه فنيا.