إنتاج المسلسلات الدينية يعود للواجهة وتشكك حول مغازلة صناعها للتيارات الدينية

أبرزها «الإمام الغزالي» و«أم الصابرين» و«الشيماء»

TT

بعدما اختفى إنتاج المسلسلات الدينية في مصر طيلة السنوات القليلة الماضية، ها هي تستعد للعودة مرة أخرى للظهور في شهر رمضان المقبل، حيث يقوم حاليا عدد من المخرجين بتصوير عدد من هذه المسلسلات، من بينها «الإمام الغزالي» و«أم الصابرين»، فيما يتم التحضير لمسلسلات أخرى مثل «الشيماء» و«أسماء بنت أبي بكر».

تلازم مع هذه العودة وجود تيار يشكك في أن صناع هذه الأعمال بدأوا يغازلون التيارات الدينية التي باتت تسيطر على مقاعد البرلمان المصري، بالإضافة إلى سعي هذه التيارات للفوز بمقعد رئاسة مصر، وبالتالي كانت فرصة تقديم هذه الأعمال متاحة، خاصة أنها لن تقابل رفضا رقابيا كما كان يحدث في السنوات السابقة.

«الشرق الأوسط» طرحت هذا التشكك على القائمين على هذه الأعمال، إلى جانب النقاد لمعرفة رأيهم فيها. في البداية يقول الفنان محمد رياض، الذي يقوم ببطولة مسلسل «الإمام الغزالي»، لـ«الشرق الأوسط»، إن فكرة العمل موجودة في خطة الإنتاج قبل أربع سنوات، أي قبل اندلاع الثورة المصرية وسيطرة التيارات الإسلامية على مقاعد البرلمان المصري، مضيفا أن العمل ليست له أي علاقة بتيار ديني، بل يرصد سيرة ذاتية للإمام محمد الغزالي الملقب بـ«حجة الإسلام»، وذلك بتسليط الضوء على مواقفه الحياتية وثقافته حتى وصل لهذا اللقب، كما يتناول العمل أيضا الكثير من القضايا الاجتماعية والدينية التي كانت موجودة في هذا العصر.

من جهته، يبدي مؤلف المسلسل محمد السيد عيد اندهاشه من الربط بين مسلسل «الإمام الغزالي» ومغازلة التيارات الإسلامية، قائلا «هذا كلام لا أساس له من الصحة، خاصة أن هذا العمل فكرته موجودة قبل أن يكون للتيارات الإسلامية أي وجود، كما أن هناك العديد من المسلسلات الدينية كانت تنتج من قبل».

ومن المنتظر عرض «الإمام الغزالي» في شهر رمضان المقبل، وتشارك في بطولته نيرمين الفقي ومحمود الجندي وأحمد بدير وحسام فارس، ومن إخراج إبراهيم الشوادي.

من ناحيتها قالت الفنانة رانيا محمود ياسين، التي تجسد شخصية الداعية زينب الغزالي من خلال أحداث المسلسل الديني «أم الصابرين»، إن العمل لا يركز الضوء على الأخوات المسلمات في جماعة الإخوان المسلمين كما يتخيل البعض، بل يرصد كفاح امرأة تكمل تعليمها في مجتمع غير مؤمن بتعليم المرأة، وكيف أنها تحدت العديد من العراقيل في حياتها وانضمت إلى الاتحاد النسائي تحت رئاسة هدى شعراوي، وقد استطاعت هذه الداعية أن تحمل راية الدعوة الإسلامية ليس في مصر فقط بل في العالم كله.

يذكر أن المسلسل بدأ تصويره مؤخرا، ويشارك في بطولته طارق لطفي وأحمد عزمي وأحمد فؤاد سليم، من تأليف السيناريست أحمد عاشور، وإخراج أحمد إسماعيل الحريري.

من جانب آخر، تم ترشيح الفنانة صابرين لتجسيد قصة حياة الصحابية «أسماء بنت أبي بكر» في مسلسل يحمل الاسم نفسه. وعن هذا الاتجاه قالت صابرين إن تقديم أي عمل ديني في هذه الفترة ليس معناه مغازلة التيارات الدينية، كما أن المسلسل كان قد تم الاتفاق عليه منذ سنوات أي قبل أن تطفو التيارات الدينية على السطح. وأشارت إلى أن المسلسل لا يزال حتى الآن في طور المشروع ولم يتم الحديث عن أي تفاصيل فعلية خاصة به.

كما يجري حاليا أيضا التحضير لمسلسل «الشيماء»، الذي يرصد السيرة الذاتية للشيماء أخت الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في الرضاعة، وهو الدور الذي تم ترشيح الفنانة السورية قمر خلف لبطولته، بمشاركة مجدي كامل وسميرة عبد العزيز وغسان مسعود ومحمد وفيق وفريال يوسف وأحمد وفيق وجمال إسماعيل وأشرف عبد الغفور ومادلين طبر ونهال عنبر، عن قصة من تأليف محيي الدين مرعي، وإخراج عصام شعبان.

عن وجهة النظر النقدية؛ يقول الناقد نادر عدلي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «سيطرة التيارات الدينية على عضوية البرلمان المصري قد تكون بالفعل سببا في اتجاه بعض المنتجين للأعمال الدينية، خاصة أنه قبل ذلك لم تكن تكلفة المسلسل الديني الإنتاجية مقارنة بتسويقه مغرية لأي منتج، فلما أبدت بعض الجهات الإنتاجية في الكويت والأردن استعدادها لتمويل وتسويق مثل هذه الأعمال، ولأن الفنان المصري دائما في خدمة من ينتج، تغيرت الأمور».

ويتابع «بالإضافة إلى أن هذه الأعمال لن تواجه رفضا حكوميا خاصة في ظل سيطرة التيار الديني سواء في مصر أو في بعض الدول العربية مثل تونس والمغرب والبقية تأتي، وأيضا كان المنتجون يعزفون عن هذه الأعمال كون البعض منها يواجه عراقيل رقابية وعقبات مع بعض الجهات الدينية كالأزهر مثلا، ويبقى عنصر النجاح طبقا لمعالجتها وطريقة تقديمها هو الفيصل في النهاية». تخالفه الرأي الناقدة علا الشافعي، التي لا تجد علاقة بين إنتاج هذه الأعمال وصعود التيارات الإسلامية، لكنها تبدي تأييدها لطرح فكرة مسلسل «الإمام الغزالي»، خاصة في هذا التوقيت الحرج الذي تواجهه مصر، مع صعود بعض الإسلاميين، الذين - على حد قولها - يحرمون الفن ويكفرونه وكأنه رجس من عمل الشيطان. وتضيف «أعتقد أن مشاهدة تفاصيل شخصية الإمام الغزالي، الذي كان يحترم الفن ويتسم بالوسطية والاعتدال، تكفي للرد على من يقول في الدين ما ليس صحيحا، لذا أتمنى أن تتم صناعة أعمال دينية على غرار هذا المسلسل».