برامج اكتشاف المواهب الغنائية تثير جدلا بين موسيقيين ونقاد

حلمي بكر: جميعها من دون فائدة وتعتمد على الإثارة وجمع المال

شذى حسون.. و منى أمرشا
TT

انتشرت في الآونة الأخيرة برامج اكتشاف المواهب الغنائية على القنوات العربية من خلال عدد من البرامج؛ أبرزها «ستار ميكر» و«استوديو الفن» و«ستار أكاديمي» و«زى النجوم» و«مودرن ستار» و«أراب آيدول».

ومؤخرا نال برنامج «أراب آيدول» شعبية كبيرة في مصر والوطن العربي؛ حيث فازت فيه المتسابقة المصرية كارمن سليمان بعد أن تفوقت على جميع المتنافسين، كما برز عدد آخر من المواهب من خلال هذه المسابقات؛ منهم شاهيناز وإيساف ومحمد عطية وديانا كرازون وجوزيف عطية.

ازدياد هذه البرامج أثار العديد من علامات الاستفهام حولها وحول المواهب الجديدة التي تكتشفها؛ خاصة أن العراقيل التي توضع في طريقهم بعد النجاح في هذه المسابقات عديدة وقد لا يجد أحدهم من يمهد له طريق النجاح وتحقيق الذات وسط العديد من الأصوات الموجودة على الساحة. وهو ما حدث مع المطربة ديانا كرازون؛ فرغم أنها خطفت الأضواء من خلال برنامج «سوبر ستار» واستمرت بعد نجاحها فيه، فإنها لم تحقق النجومية في عالم الغناء، وظل العديد من أسماء المتسابقين في طي النسيان بعدما فشلوا في التعامل مع الساحة الغنائية في ظل العديد من المشكلات الإنتاجية والاقتصادية.

وعلى الرغم من تفوق عدد من المشاركين في برنامج «ستار ميكر»؛ ومن أبرزهم إيساف وشاهيناز وحجازي متقال، فإن خطواتهم الفنية ظلت متعثرة بعد نجاحهم في البرنامج، فكل منهم لم يقدم سوى عدد قليل من الأعمال، والبعض اتجه إلى السينما محاولا إثبات النجاح من خلالها.

هذه الملابسات فرضت العديد من التساؤلات حول هذه البرامج، خاصة أنه منذ نجاحها في الانتشار، ظلت وجهات النظر تجاهها متأرجحة ما بين التأييد والمعارضة؛ فالمؤيدون لها يرون أنها تقدم نجوما ومواهب جديدة ونجحت في تسليط الضوء على النماذج الشابة والمواهب الصاعدة، بينما يرى آخرون أنها تبحث فقط عن الربح بأسهل الطرق ولا تقدم مواهب حقيقية.

فإلى أي مدى نجحت هذه البرامج في تقديم مواهب جديدة؟ وكيف يمكن استثمارها لتحقيق مزيد من النجاح لهذه الأصوات؟ وهل ثمة إمكانية للاستفادة منها في اكتشاف أصوات جيدة قادرة بعد ذلك على تحقيق النجاح والنجومية إذا امتدت الرعاية للمواهب الحقيقية من خلال شركات الإنتاج والتوزيع؟

الموسيقار حلمي بكر أكد أن برامج اكتشاف المواهب الغنائية لا تقدم مواهب حقيقية لأنها تعتمد على العائد المادي والإثارة فقط، وطوال فترة البرنامج تجني هذه البرامج أرباحا هائلة وصلت في بعضها إلى 600 مليون دولار.

وأوضح بكر أنه لا بد من إعداد برنامج متكامل لتأهيل الموهوبين، فالأرباح الهائلة التي تجنيها البرامج من الدعاية وغيرها من الوسائل من الممكن أن تستثمر في جزء ثان من البرنامج لصناعة النجم وتقديم المشروع الفني الخاص به.

ونوه بكر بأن هذه البرامج فشلت في صناعة نجم حقيقي، ضاربا المثال بالفنان محمد عطية الذي وصفه بأنه «أكذوبة عالمية»، والفنان شادي شامل الذي وصفه بأنه ليس له أي علاقة بالغناء.

وأشار الموسيقار حلمي بكر إلى أن أفضل هذه البرامج هو «ستار ميكر»، «إلا أنه مع ذلك لم يقدم فنانا شاملا أيضا، نظرا لأنه كان فكرة وليدة تحتاج لمزيد من التطوير، وهو ما لم يحدث بعدما حدث خلاف بين المنتجين، مما أدى إلى توقف البرنامج».

أما المطربة الأردنية ديانا كرازون التي حققت شهرتها عن طريق برنامج «سوبر ستار» قبل سنوات، فأكدت من قبل أن «مهمة البرنامج في دعم المتسابق تنتهي بمجرد نهاية آخر حلقة وتبقى موهبته هي الفيصل في تحديد إمكانية استمراريته في الوسط الفني».

وأرجعت ديانا اختفاء العديد من الأصوات الغنائية التي ظهرت في برامج اكتشاف المواهب، بعد فترة قصيرة من تحقيقها الشهرة، لعدم وجود شركات إنتاج تدعمها وغياب الثقة بينها وبين الجمهور الذي لا يثق في موهبتها، وكذلك زيادة عدد الأصوات الغنائية بشكل كبير في الوطن العربي خلال الفترة الأخيرة مما جعل تركيز الجمهور ينصب على الأصوات الفذة فقط.

وأكدت الناقدة الفنية ماجدة موريس على أن هذه البرامج ساعدت في اكتشاف مواهب غنائية حقيقية، ولكن المشكلة تكمن في أن «اكتشاف الموهبة مجرد حلقة من سلسلة متعددة الحلقات، ولا بد من استكمالها حتى تحصل هذه الموهبة على مكانة فنية متميزة».

وحملت موريس الدولة مسؤولية تبني هذه المواهب قائلة: «كنا نعرف المطربين عن طريق الإذاعة المصرية وحفلات أضواء المدينة التي قدمت خلال ثلاثين عاما أقوى الأصوات المصرية، ولكن عندما تخلت الدولة عن هذا الدور، لم تعد هناك جهة داعمة للمواهب، ففشلوا في الاستمرار. أضف إلى هذا أنه لا توجد مؤسسات خاصة تهتم بدعم المواهب الغنائية، مما جعل قدرة أحدهم على الاستمرار تعتمد على وجود شركات إنتاج داعمة له، وهو ما يندر حدوثه في ظل عدم امتلاك الشركات الإنتاجية الإمكانات المادية الكافية».

وأكدت موريس على أن «الجمهور لديه حس فني عال يمكنه من تقبل المواهب الحقيقية وتشجعيها، فلا خلاف على أن كارمن سليمان ونسمة محجوب من المواهب الغنائية الحقيقية التي اختارها الجمهور وساهم في نجاحها».