نجاح الفنانة اللبنانية يرتبط بالرقص الاستعراضي قبل صوتها

هيفاء وهبي ترد: أنا أغني بجدارة ولجوئي «لحركتين» على المسرح لا يعني ذلك

نجوى كرم و ميريام فارس و هيفاء وهبي
TT

يقال: إن استمرارية أي فنانة بات يرتبط ليس بصوتها فقط بل أيضا بنوع الفن الذي تقدمه، وبأنها وبالدرجة الأولى يجب أن تمتلك إلى جانب موهبة الغناء موهبة تقديم الاستعراضات الراقصة على المسارح وهذه الناحية لا تتوفر سوى عند عدد محدود من الفنانات، وربما هذا هو السبب الذي دفع بعدد من الفنانات إلى اللجوء إلى تقديم ما يشبه الاستعراض للتأكيد على أنهن موجودات ومستمرات. لكن وفي المقابل وبعد تجربة هيفاء وهبي التي شكلت ظاهرة فنية، باتت كل مغنية جديدة، تقدم نفسها على أنها فنانة استعراضية، لمجرد أنها قادرة على استعراض جسدها وشكلها وأناقتها في إطلالتها التلفزيونية وأغنياتها المصورة، لإلهاء الناس بشكلها وإغرائها لعلهما يعوضان عليها كما على المشاهد الموهبة الصوتية التي تفتقدها.

نجوى كرم التي أذهلت المشاهدين عندما قدمت لوحة استعراضية حيث تم رفعها إلى الأعلى بحبال غير مرئية في استوديوهات الـ«mbc» خلال مشاركتها في برنامج (آراي آيدول)، وصفت ما قدمته بالمضحك «لو قمت بحركة مماثلة في الخارج لكانوا ضحكوا علينا، لأن الاستعراضات الحقيقية هي تلك التي نشاهدها في فيغاس وهي فعلا (بتبكي وبتخوف). مايكل جاكسون قبل وفاته كان يخطط لتقديم استعراض كبير يعتمد على تقنية 3D، الذي يتيح أمام المتفرج رؤية 10 جنود وكأنهم 300 ألف جندي وهذا النوع من الاستعراضات (مش لعبة) بل يحتاج إلى إمكانات مادية ضخمة جدا».

ولا تنفي كرم أنها تحلم بتقديم مثل هذا النوع من الأعمال «هي حلم بالنسبة إلى أي فنان. ولكن الفرق بيننا وبين الغرب، أنهم يملكون شركات فنية لصناعة الفنان بينما نحن العرب لا نملك مثلها. الفن الاستعراضي لا يعني فقط أن يتواجد الفنان على المسرح ومعه 4 راقصي دبكة، بل هو يتطلب مسرحا كبيرا، وإضاءة وصوتا وديكورا وفرقا استعراضية راقصة وأخرى تعزف بشكل حي تماما كما نشاهد في الاستعراضات التي يقدمها الفنانون العالميون».

وعلى الفنانات اللاتي أصبحن يقدمن أنفسهن على أنهن فنانات استعراضيات، ردت كرم «إذا كان الفستان هو الذي يحولهن إلى فنانات استعراضيات، فإنني أنصح بيونسي، ومادونا وشاكيرا وجينيفر لوبيز بملازمة بيوتهن. إذا لم يكن المسرح الاستعراضي ضخما ومهما فأنا لا أريده، وعدم توفره هو السبب وهو الذي يحول دون مشاركتي حتى اليوم في مهرجانات بعلبك الدولية».

بالنسبة إلى الفنانة هيفاء وهبي التي يصنفها الجميع بأنها فنانة استعراضية تنفي هذا اللقب عن نفسها، وتقول «بل أنا مغنية وبجدارة. أنا أؤدي بجدارة أغنياتي وليس أغنيات أم كلثوم. كل فنان جدير ومهم في موقعه. أنا لست استعراضية، لأنني لم أقدم فن الاستعراض حتى اليوم. هل غنائي على المسرح وقيامي بحركتين يعني أنني فنانة استعراضية! الاستعراض هو Show متكامل من الألف إلى الياء وأنا لا أدعي أنني استعراضية».

ولأن جميع الفنانات يقلن إنهن يقدمن الاستعراض على طريقة هيفاء، فإن صاحبة العلاقة تقول «في الأساس أنا لا أحب كلمة استعراض، وهي أكبر من أي فنانة تقول عن نفسها إنها استعراضية. مادونا كانت تقدم الاستعراض في الماضي، ومن بعدها لم تقدمه أي فنانة أخرى، ونحن نراه اليوم مع بيونسي وبريتني سبيرز و(جي لو)، اللاتي يعتبرن نجمات عالميات يقدمن استعراضات كبيرة على المسرح. في الوطن العربي، كان الاستعراض ينحصر في الماضي في الفوازير، ولكن نيللي وشيريهان لم تكونا مطربتين خارجه. أما بالنسبة إلي فإنني فنانة تغني على المسرح لا أكثر ولا أقل. صحيح أنني أتحرك و(أتدلع) عند الغناء، ولكن هذا الأمر هو مجرد جزء من شخصيتي ولا أستطيع الخروج منه أبدا».

الفنانة دومينيك حوراني ترى أنه لا يوجد شيء اسمه استعراض في سوق الحفلات، لأن الناس لم يتقبلوه من ناحية ولأنه مكلف جدا من ناحية أخرى «هناك فنانات يدفعن مبالغ طائلة ويقعن في خسائر طائلة، لمجرد أنهن يرغبن بعرض أنفسهن، وهذا سخيف جدا».

وتستغرب حوراني كيف أن لفنانات «بالجملة» يتحدثن عن عروض فينة للمشاركة في الفوازير «هن يتحدثن ببساطة عن الفوازير، وكأنها كلمة سهلة في الفم، لذلك أقول لهن (روقوا على وضعكن)، لأن الفوازير تتطلب فنانة (لهلوبة) يتراوح عمرها بين 20 و30 عاما، تتمتع بلياقة بدنية عالية وبموهبة الرقص وبخفة الدم، ومناسبة للكاميرا من جميع الزوايا. المشكلة أن الكل يردن أن يكن شيريهان، مع أن هناك شيريهان واحدة».

وهل خوض تجربة مماثلة أمر وارد عندها، تجيب حوراني «أعتقد أنه تتوفر في كل المواصفات المطلوبة. من بعد كليب (شلتاكو)، تلقيت 3 عروض للمشاركة في الفوازير، ولكن لم يكن يوجد من بينها أي عرض جدي. هناك فنانات مستعدات لإنتاج الفوازير على حسابهن الخاص فقط لكي يقلن إنهن مطلوبات، وأنا أرى أن في ذلك هدرا للمال من دون فائدة، لأنهن لو كن يملكن المواصفات المطلوبة لكانت تعاقدت معهن شركات الإنتاج منذ (مليون سنة)».

ميريام فارس التي خاضت بكفاءة تجربة الفوازير تستعين بتصوير كليباتها براقصين عالميين كما حصل في كليب أغنية القصايد إذ تقول «طلبت من مدربة الرقص بوليت مينوت أن ترسل لي راقصين من جذور أفريقية لكي يشاركانني الرقص، وهذا ما حصل فعلا، وأرسلت إلي راقصين من لندن يرقصان مع أهم الفنانات في العالم مثل بيونسيه، ريهانا وماريا كاري، لأنني أحب التعامل مع الأشخاص المحترفين. في البداية استعنت براقصين أوكرانيين ولكنهما وبكل صراحة لم (يقلعا) معي، وهذا الكلام أقوله بكل رحابة صدر. عادة أنا لا أرضى سوى بأعلى مستوى في عملي، ولا أقبل بالأقل منه حتى ولو بقليل جدا».

ميريام التي سبق أن غنت مسارح عالمية، توضح «لا يكفي أن نتقن الرقص والاستعراض لكي نقف على مسارح عالمية تتوفر فيها التقنيات العالية كتلك التي تتوفر في المسارح التي يغني عليها النجوم العاميون.

التقنيات العالية جدا تتطلب ميزانيات ضخمة جدا، ونحن لا نتحدث عن 100 ألف دولار أو 200 ألف دولار، بل عن ملايين الدولارات. وعدم توفر الإنتاجات الضخمة هو عائق أمام كل الفنانين، ويحول دون غنائهم على المسارح العالمية الكبيرة».

معظم المغنيات يقدمن أنفسهن على أنهن فنانات استعراضيات، هل ترى ميريام هذا الأمر هي أيضا؟ «هن يعتقدن ذلك! وإذا قلت إنني لا أعترف بأي من الفنانات اللاتي يقدمن الفن الاستعراضي في لبنان والعالم العربي، فالكل (سيقوم علي). من جهتي أتمنى أن ينتشر فني أكثر وأن تبرز فنانات يقدمنه بطريقة أكثر احترافا. أنا أجمع بين الحرفية في الغناء والحرفية في الرقص، وعندما أجريت مقابلة مع محطة (فاشن تي في) في لندن، طلبت بالاسم، والسؤال الأول الذي وجهوه إلي: (ميريام كيف تنافسين في وطنك ولا يوجد لديك منافسات، وأنت معنا اليوم لأنك الفنانة الوحيدة التي تقدم فن الاستعراض؟) أي أنهم اختاروني لتلك المقابلة، لكوني الفنانة الوحيدة في الوطن العربي التي تقدم الفن الاستعراضي المعترف به عالميا. في الخارج، لا يعتبرون أن الفنان الذي يغني فقط هو فنان حقيقي وشامل، ولا يعترفون سوى بالفنان الذي يقدم الاستعراض. وكان جوابي لهم (حلو الواحد يكون منفرد في منطقته ولكني أتمنى أن ينتشر فني أكثر وأن يبرز إلى جانبي فنانون يقدمون الفن الذي أقدمه). الفن الاستعراضي ليس مجرد كلمة في الفم، وليس كل فنانة تقول عن نفسها بأنها فنانة استعراضية تكون كذلك في الواقع».

وعما إذا كان الفن الاستعراضي في الوطن العربي ينحصر فيها كما شيريهان ونيللي، تؤكد ميريام «لا شك أن نيللي وشيريهان فنانتان استعراضيتان، ولكن استعراضهما أقرب إلى التمثيل، لأنهما ممثلتان في الأساس. الفنانة الوحيدة التي تتمتع بحرفية عالية في الرقص كما في الغناء هي أنا وهذا الكلام يقوله الناس. ولكن هل توجد فنانة أخرى مثلي؟ أنا لا أعرف، ولذلك لا يمكنني أن أقول: إنه لا توجد غيري، فيتبين أنه توجد فنانة أخرى يعترف بها الناس، ولكنني شخصيا لا يمكنني أن أذكر أسماء لست مقتنعة بها على الإطلاق».

من جهتها تؤكد الفنانة مادونا أنها الفنانة الاستعراضية الأولى في لبنان، وهذا اللقب لا تستحقه فنانة سواها، إذ تقول «اليوم كل فنانة تريد أن تغني أو أن تستعرض ملابسها تسمي نفسها لقب فنانة استعراضية إلى درجة أنني أصبحت أخجل من هذا اللقب. لقد شوهن الفن الاستعراضي وهذا معيب حقا».