وائل جسار: توزيع الجوائز مبني على المحسوبيات

الفنان اللبناني: لو ترك فضل شاكر الغناء خسارة للفن العربي

وائل جسار
TT

لا يخفي الفنان وائل جسار فرحه بفوزه أخيرا بجائزتي الموركس دور (اللبنانية) والميما (المصرية).. «عندما يفوز الفنان بجائزة محلية فهذا يعني أنه مكرم في بلده، وهذا أمر مهم جدا بالنسبة إليه، لأن أي فنان يحب أن يكرم في وطنه كما في أي بلد في العالم. ولكن عندما يمنحه كل الشعب العربي محبته وصوته، فهذا أكبر دليل على أنه يثق به، وأنا كفنان لا يسعني سوى أن أقدر وأن أجل كل الدول التي تقدم لي دروعا تكريمية، وأشعر بأنني مدين لها».

وعن موقفه من الناس والفنانين الذين فقدوا الثقة بالجوائز الفنية، يقول جسار: «فئة كبيرة من الجوائز هي جوائز منطقية وتمنح للفنانين الذين يستحقونها، ولكن في المقابل لا يمكن أن ننكر أن هناك بعض المحسوبيات، بحيث تمنح جوائز لفئة قليلة من الفنانين مراعاة للمصلحة العامة وتشجيعا لهم. وبالنسبة لجائزة (الميوزيك أوارد)، فأنا لا أعرف كيفية الوصول إليها، بينما هناك من يعملون من أجلها، من خلال إيصال أعمال الفنان إلى الأشخاص القيمين عليها، ومن يسبق هو الذي يحصل عليها قبل غيره، لأننا لو فكرنا بطريقة منطقية، سنجد أن الغرب ليس مطلعا على ألبومات الفنانين العرب، ولو كان الأمر عكس ذلك لحصلت منافسة بين الألبومات، ونحن لا نشعر بذلك على الإطلاق». وبما أن جائزة «الميوزيك أوارد» تقوم على العلاقات العامة كما يوضح جسار، فهل هذا يعني أنه لا يملك مثل تلك العلاقات؟ يجيب: «لا أريد فنا يقوم على العلاقات من أجل الفوز بالجوائز، لأنه في مثل هذه الحالة لا حاجة لي ولفني، أما إذا كانت هذه الجائزة مدفوعة كما يؤكد الفنانون الذي قالوا إنها عرضت عليهم لقاء مبالغ مالية معينة، فلماذا نتعذب من أجل تقديم أفضل ما لدينا، بما أنه يكفي أن ندفع المال لكي نكون من بين من يفوزون بـ(الميوزيك أوارد)؟».

ولكن جسار الذي يهمه أن يكون مكرما في بلده، لم يرضِ الجمهور اللبناني حتى اليوم سوى بالكلام، خاصة أنه لم يقدم خلال مسيرته الفنية أي أغنية باللهجة اللبنانية.. «أعترف أنني مقصر تجاه الشعب اللبناني والأغنية اللبنانية، ولكن هذا لا يمنع حب الناس لي ومتابعتهم لأعمالي، لأن الأغنية الجميلة تفرض نفسها على الساحة. إلى ذلك فأنا ضد مقولة إن الفنان، سواء كان لبنانيا أو مصريا أو خليجيا، يجب أن يكتفي بالغناء بلهجته المحلية. إذا كنت كفنان أتمتع بميزة الغناء بكل اللهجات، فإن هذا الأمر يحسب لي ولا يحسب علي، وخلال الفترة المقبلة سوف يسمع الناس بصوتي أغنيات باللهجتين اللبنانية والخليجية إذا توفرت الأعمال المناسبة».

جسار الذي كان من أوائل الفنانين الذين خاضوا تجربة غناء «تيترات» المسلسلات الرمضانية لم يقدم أي جديد على هذا الصعيد في رمضان: «لقد اتصل بي مجموعة من المنتجين من أجل غناء مقدمات مسلسلاتهم، ولكننا لم نكمل المفاوضات عندما تبين أنه سيكون هناك جزء ثان من مسلسل (كيد النساء)، وبما أنني كنت قد غنيت التيتر الخاص به في رمضان الماضي، فمن الطبيعي أن تعتمد المقدمة الغنائية نفسها في جزئه الثاني. وأكثر ما يهمني عند تقديم هذا النوع من الأعمال الفنية، أن يكون أسماء الممثلين المشاركين في المسلسل هم من الأسماء المعروفة، وأن تكون الأغنية بمستوى جيد كلاما ولحنا».

وبالسؤال عما إذا كان يعتبر نفسه النجم الأول في مصر، يجيب جسار: «لا يحق لي أن أقيم نفسي، بل أترك هذا الأمر للناس. (الكل خير بركة) ويقدمون أعمالا جيدة، وأعمال الفنان هي التي توصله إلى الناس وتدفعه إلى الصفوف الأمامية وتجعله في موقع المنافسة مع الآخرين. في مصر وضعي جيد جدا ولكنني لا أريد أن أقول إنني الأول، بل من بين النجوم الأوائل الذين يُحسب لهم حساب، وهناك إقبال كبير على اسمي لإحياء الحفلات كما لغناء (تيترات) المسلسلات والأفلام، وهذا الأمر يؤكد أنني موجود بقوة على الساحة الغنائية في مصر، ولذلك أنا أتوجه بالشكر إلى الشعب المصري العظيم الذي أوصلني إلى هذه المرحلة».

في المقابل، يؤكد جسار أنه لم يعد يوجد نجم عربي أول على الساحة: «يوجد كم هائل من الفنانين على الساحة ولكن الذين يقدمون أعمالا جيدة وناجحة عددهم لا يتجاوز أصابع اليد، وكلهم يحتلون الموقع نفسه، وما يميز فنانا عن آخر هو الأغنية التي يقدمها، ولذلك لم يعد هناك فنان يتمتع بالنجومية المطلقة». وعن الفنانين الذي يعترف بنجوميتهم يعدد جسار: «هناك صابر الرباعي وعاصي الحلاني وملحم زين وراغب علامة ووائل كفوري وفضل شاكر، مع أنني لا أعرف ما إذا كان موقفه نهائيا في قرار الاعتزال، أما في مصر فهناك تامر حسني وعمرو دياب ومحمد حماقي، بالإضافة إلى كاظم ساهر وجورج وسوف. أما بالنسبة للمغنيات، فهناك شيرين عبد الوهاب وأمل ماهر في مصر، ونجوى كرم وإليسا وهيفاء وهبي ونوال الزغبي وكذلك ميريام فارس التي حققت اختراقا على الساحة الغنائية بعدما تربعت عليها نوال الزغبي وإليسا ونجوى كرم طوال الفترة الماضية».

ولم يعد يتأخر جسار في إبداء رأيه بالفنانات والفنانين، بعد أن كان طوال الفترة الماضية يعتمد الدبلوماسية في مواقفه: «هناك أشخاص يهمهم أن يعرفوا رأيي بالفنانين والفنانات، وأنا لا أحمل ضغينة تجاه أحد وعندما أتكلم فإنني أفعل ذلك بتجرد وأعبر عن قناعاتي ولا أرى أنني أكون مخطئا عندما أتبنى موقفا محددا عندما أجد، من منظوري الشخصي للأمور، أنه يستحق التوقف عنده. مثلا عندما أبديت رأيي بميريام فارس، فإن الذنب لا يكون ذنبي إذا هي فسرت ما قلته بطريقة خاطئة، وعليها أن تستعين بمن يفسر لها ما قصدته بكلامي عنها. أنا قلت إنها فنانة تملك صوتا جميلا وليست بحاجة (لأن يدخلوها بأشياء أخرى) لكي تحقق النجاح، وربما لا يكون الذنب ذنبها في ذلك، بل ذنب المخرجين أو أي جهة أخرى، إلا أن ميريام اعتبرت كلامي هجوما عليها، وهي حرة بالتفكير بالطريقة التي تريدها».

في المقابل، يرى جسار أن الغربلة حصلت على الساحة: «الناس أصبحوا أكثر وعيا ولم تعد تبهرهم الأشكال الجميلة، بل يعتبرون أن الفنان الذي يغني يجب أن يكون صاحب صوت جميل». ولكن هل يعكس هذا الكلام حقيقة الواقع؟ يجيب جسار: «هو حقيقي بنسبة 80%. لا يخلو الأمر من وجود بعض الدخلاء على الساحة، ليس في هذا العصر فقط بل أيضا في العصور السابقة كما في العصور اللاحقة. اليوم هناك عوامل عدة تساهم في انتشار الفنان بالإضافة إلى الصوت ومن بينها الحظ والإدارة الفنية الجيدة». وعن رأيه بقرار فضل شاكر باعتزال الفن، مع أن المعلومات تؤكد أنه بصدد التحضير لألبوم جديد، أوضح جسار: «أنا أتمنى أن لا يعتزل فضل شاكر الغناء، ولكنه يتصرف وفق ما تمليه عليه قناعاته أو الاتجاهات التي يتبناها ويفكر بها، ولا يسعني إلا أن أحترم قراره على الرغم من أن اعتزاله يعتبر خسارة كبيرة للفن، أما إذا كان يحضر ألبوما جديدا، فلا شك أنني سأفرح كثيرا».

وعما إذا كانت الانقسامات الحاصلة بين الفنانين بسبب الثورات العربية يمكن أن تستمر خلال الفترة المقبلة، خاصة أنهم يتبادلون الشتائم بسبب مواقفهم المتناقضة بين مؤيد ومعارض لها، يقول جسار: «لم أسمع فنانا شتم زميلا له، بل كل واحد منهم عبر عن رأيه. كل فنان لديه نظرة خاصة للأمور كما لمستقبل المنطقة العربية، وكل فنان حر برأيه شرط ألا تؤثر آراؤه سلبا عليه كما على الآخرين من خلال شتمهم وتحقيرهم وذمهم».

أما عن موقفه من انزعاج بعض الفنانين اللبنانيين من غناء الفنان صابر الرباعي في مهرجانات بعلبك، على اعتبار أنهم يستحقون الغناء فيها أكثر من الفنانين الذين يفدون إليها، يؤكد جسار: «أنا أرفض هذا الكلام جملة وتفصيلا، وصابر الرباعي مرحب فيه في بلده الثاني لبنان ولا يوجد فرق بين فنان تونسي وآخر لبناني، لأننا نحن أيضا نغني في كل الدول العربية ونحظى بالتكريم فيها. يجب أن يكون هناك تعاون بين كل الفنانين العرب، وأن لا يسمح لأحد بالاصطياد في الماء العكر. لبنان بلد مضياف ويرحب بكل فناني ومثقفي العالم».

لكن جسار يرفض التعليق على موقف وزير الثقافة التونسي الذي اعترض على غناء بعض الفنانين في مهرجان قرطاج، عندما اعتبر أن هذا الأمر لن يتم إلا على جثته: «لن أقول شيئا لأنني من الفنانين الذين سيشاركون في المهرجان هذا العام، ولكنني لا أؤيد الكلام الذي قيل، خاصة أن وزير الثقافة ما لبث أن أوضح ما كان يقصده بكلامه. ولأن بعض الفنانين رحبوا بموقف الوزير التونسي من منطلق أن المهرجانات الفنية المهمة يجب أن تكون محصورة بالفنانين أصحاب المواهب الحقيقية، فلا شك أن معالي الوزير فكر من هذا المنطلق، وهناك من استوعب كلامه وآخرون رفضوه لأنها اعتبروا أنهم لا يمكن في يوم من الأيام أن يغنوا على خشبة مسرح قرطاج، ولذلك سارعوا إلى الرد عليه».

جسار الذي طرح ألبومين غنائيين دينيين؛ الأول للكبار حقق نجاحا ساحقا، والثاني للأطفال لم ينل ما يستحقه، أوضح: «لا شك أن الظروف العربية أثرت على الألبوم الثاني. ولكن كل شيء جديد يكون وهجه مختلفا، فضلا عن أن الظروف كانت ملائمة جدا لانتشاره بين الناس». وعن موقفه من ظاهرة اتجاه معظم الفنانين إلى الغناء الديني في رمضان، يقول جسار: «إنها ظاهرة مقبولة وإيجابية، خاصة أن ما يقدم في هذا الإطار يساهم في إدخال السكينة إلى النفوس، إلى ذلك فإنه من الضروري أن يتذكر الفنان دائما دينه وربه». وقريبا يخوض جسار ولأول مرة تجربة غناء القصيدة، وهو اختار عملا يحمل توقيع الشاعر سعد عبد الكريم كلاما وألحان محمود خيامي: «من الضروري جدا أن يخوض الفنان كل التجارب الغنائية، ولقد سبق أن خضت تجارب مختلفة، واليوم أريد أن أعرف ما إذا كان سيُرحب بي من خلال غناء القصيدة، وأنا أسعى من خلال هذه الخطوة لأن أتحدى نفسي كفنان». وبالسؤال عما إذا كان يريد أن يتحدى أيضا الفنان كاظم الساهر، يجيب جسار» لا أريد أن أنافس أحدا، وما أفعله مقتنع به أنا شخصيا، وإليه سوف أصدر أيضا ألبوما خاصا بالأطفال».