سينما

TT

* ستيفن سبيلبرغ.. بين الجد والهزل

* فيلم جديد و10 أخرى على الشجرة

* إذا ما استثنينا الأفلام اللاحقة (عشرة منها مؤكدة) فإن عدد الأفلام الروائية الطويلة التي قام ستيفن سبيلبرغ بإخراجها وإنتاجها يصل إلى 133 فيلما إلى اليوم. لا يُحتسب هنا 90 عملا تلفزيونيا. وليس القصد تجاهل أفلامه القصيرة ولا تلك المشاريع التي يقدم لها المساعدة أو المباركة لكي يسهل لها عملية البحث عن تمويل إذا ما قرر أن هذا المشروع أو ذاك لا يثير اهتمام إحدى شركتيه «أمبلين» و«دريمووركس». وقبل أن أنسى، يحصي أحد المواقع 25 فيلما تسجيليا قام المخرج إما بإخراجها أو إنتاجها أو إجراء المقابلة فيها؛ أحد أحدثها فيلم يدور حول صانع المؤثرات بأسلوب ما قبل الكومبيوتر والكومبيوتر تكنيك راي هاريهاوزن. ها هو يتحدث عن ذلك العجوز الذي صنع من الطين دمى حركها أمام الكاميرات لتبدو على شاشة «صدام العمالقة» (نسخة 1981) و«رحلة السندباد الذهبية» (1979) وعشرات أخرى كما لو كانت وحوشا فعلية عاشت في زمنها.

ستيفن سبيلبرغ يتحدث في هذا الفيلم عما يعرفه عن ظهر قلب؛ فمعظم الأفلام التي أخرجها تعاطت والخيال في أشكاله المختلفة: إنها إما حول الشاحنة - الوحش في «مبارزة» أو السمكة المفترسة في «جوز» أو الغزاة الطيبين في «إي تي» أو الغزاة الأشرار في «حرب العالمين» أو دينصورات ما قبل التاريخ في سلسلة «جوراسيك بارك».. وطبعا لا ننسى سلسلة «إنديانا جونز».. هذه دون وحوش خيالية، لكنها لا تخلو من تصوير أعداء من أربعينات قرن مضى.

لكن عددا من أفلامه أيضا هي دراميات تاريخية ذات حياكة واقعية. لدينا «أميستاد» (1997) وقبله «لائحة شيندلر» (1993) وبعده «ميونيخ» (2005) ولاحقا «حصان حرب» (2011) وحاليا «لينكولن» الذي ينطلق هذا الأسبوع.

لمن يتمعن في أعماله، فإن التقسيم طبيعي: هناك أفلام للترفيه انطلق منها سبيلبرغ، وأخرى للتفكير توجه إليها سبيلبرغ في ما بعد. في طيات الأفلام التي أخرجها لتحمل أفكارا وطروحات مختلفة تشكل تلك التي تدور اقتباسا أو استيحاء من أحداث وشخصيات فعلية، علامات ملحوظة.

لكن كبداية لا بد من التساؤل عن هذا الانقسام بين سينما الترفيه التي يقصد بها إنجاز أطنان من الدولارات، وتلك التي بمثابة حصان طروادة وتعرض في الصالات وعينها على جوائز النقاد والمناسبات المهمة حول العالم. وأفضل من يجيب عن هذا السؤال هو سبيلبرغ نفسه في لقاء تم مؤخرا في أستديوهات ديزني:

«أؤكد لك أنني لست مصابا بانفصام شخصي (يضحك) ولا أتناول أي عقاقير ولا أي مخدرات. لا أستخدم مهدئات ولا منشطات ولن تجد في نظامي أي أدوية وصفها لي طبيب نفسي. ربما تبدو أفلامي منفصمة (شيزوفرونية هي الكلمة التي استخدمها). أصنع أفلاما تتابعها الناس بهدف أن تتسلى، لكني أحقق أيضا أفلاما تطلب من الجمهور أن يمعن ويتابع وينصرف كليا إلى التفاصيل الذهنية أو البصرية التي فيها».

«لينكولن» يتطلب بالفعل اهتماما مزدوجا. لا تستطيع أن تشاهده وأنت تأكل البوب كورن باليمني وتشرب الكولا باليسرى.. ومع أن هناك من لا يكف عن ملاحقة آخر أخبار الألعاب الرياضية أو يتساءل عما إذا كان افتقده أصحابه فيفتح هاتفه ويبدأ بالنقر عليه، إلا أن هذا العدد منحسر في فيلم من طينة «لينكولن». في الأساس، الفيلم وتاريخه وشخصياته ومشاغله يعود إلى زمن ما قبل الكومبيوتر وعصر الإنترنت:

«هذا فيلم يتطلب أن تجلس على حافة مقعدك قليلا.. أن تتوجه إليه بقدر مزدوج من الاهتمام، لأنه الفيلم الوحيد عن حياة الرئيس لينكولن، ومنذ أن قدم جون فورد (مستر لينكولن الشاب) سنة 1939 الذي يحلل الشخص ويحلل الأحداث التاريخية التي عاشها، لم تكن غايتي مجرد سرد حكاية تاريخية أو سيرة للرجل بقدر ما كانت تناول ما أنجزه في فترة رئاسته. هذا الموضوع أعتقد أنه يهمنا جميعا اليوم لأنه حاضر على نحو أو آخر في عالمنا الآن وفي أميركا تحديدا».

* المفكر الأول

* على الرغم من تأكيد سبيلبرغ الجاد والمقبول بأنه لا يعاني من وجود شخصية منفصمة؛ واحدة تحقق أفلاما للشباك، وأخرى تحقق أفلاما للعقول، فإن الانتقال بين الفئتين في حد ذاته مثير للاهتمام.

وربما الفيلم الأول تماما، ذلك الذي حققه سنة 1971 وعرض تلفزيونيا في الولايات المتحدة وسينمائيا خارجها، هو فيلم نموذجي من حيث إنه واحد من تلك القلة التي يمكن اعتبارها توجهت إلى الجانبين معا. اسمه «مبارزة» وفكرته أن رجلا يعمل في المبيعات ينطلق من منزله الريفي في صبيحة يوم قاصدا نقطة أخرى على طريق جبلي (تم التصوير في ولاية أريزونا حيث ولد المخرج الذي كان في الخامسة والعشرين من عمره آنذاك). فجأة تنبري له حافلة نفط كبيرة مجهولة السائق تطارده على تلك الطريق بهدف قتله. لا يعرف، ولا نحن، السبب وراء هذه المحاولة.. كل ما فعله هو أنه أطلق بوق سيارته الحمراء العتيقة للشاحنة لكي تعطيه حق تجاوزها فإذا بها تلاحقه بقوتها الهائلة للإطاحة به.

البصريات هنا للمتعة والتشويق، والرمزيات للتفكير العميق: لماذا يحدث ما يحدث لهذا المواطن العادي؟ هل هو مضطهد؟ ما الرمز الاجتماعي هنا؟ أم إن البعد ديني على طريقة ديفيد وغولياث.

حتى نهاية السبعينات، انصب عمل سبيلبرغ على الأفلام التي خلقت له الهالة الكبيرة بصفته مخرج السينما الترفيهية رقم واحد حول العالم: «شوغرلاند إكسبريس» (1974)، «جوز» (1975) و«لقاءات قريبة من النوع الثالث» (1977)، ثم إخفاقه التجاري الأول سنة 1979 والمعروف بـ«1941» على الرغم من أن سبيلبرغ أراده كوميديا صرفا.

النصف الأول من الثمانينات استمر على النحو ذاته: فيه انطلقت أولا سلسلة «إنديانا جونز» عام 1981 ثم عاد إلى الخيال العلمي الوارد في «لقاءات قريبة من النوع الثالث» ليقدم «إي تي» ليليه بالجزء الثاني من «إنديانا جونز» (1984). في منتصف ذلك العقد قرر التوقف لحظة وتقديم فيلمه «المفكر» الأول: «اللون أرجواني» (1985): دراما قاسية عن رواية شخصية وضعتها أليس ووكر تصف فيها متاعبها الاجتماعية والعاطفية في مطلع القرن العشرين مع ووبي غولدبيرغ وأوبرا وينفري وداني غلوفر في الأدوار الثلاثة الأولى.

بعده مباشرة فيلم آخر من النوعية ذاتها هو «إمبراطورية الشمس» (1987) الذي هو واحد من أفضل أعمال سبيلبرغ لليوم. من حسناته أنه قدم ممثلا موهوبا كان ولدا صغيرا آنذاك وغدا اليوم نجما محسوبا هو كرستيان بايل.

بعد ذلك، جاء الانتقال بين النوعين المذكورين روتينيا؛ «جوراسيك بارك» و«هوك» الترفيهيين تبعهما «لائحة شيندلر» بما احتواه من بعدين تاريخي وشخصي. جزء آخر من «جوراسيك بارك» ثم «أميستاد» الذي يبحث في العنصرية ضد السود من خلال حادثة حقيقية. «إنقاذ المجند رايان» وهو من النوع الحربي، وبعده «ذكاء اصطناعي» الذي هو من نوع الخيال العلمي، وكلاهما يحمل وزنا ثقيلا كذلك حال الخيال العلمي اللاحق «تقرير الأقلية» قبل العودة إلى سلسلة الترفيه في «أقبض علي إن استطعت» و«ترمينال» و«حرب العالمين» وكلها خلال العقد الأول من هذا القرن.

لكن المرء لا يمكن إلا أن يلاحظ أن سبيلبرغ لا يريد لأفلامه الجادة أن تكون مملة وفيلم «لينكولن» خير دليل. يقول لي:

«معك حق. لم أرغب في أن أقدم دراسة جافة حول إبراهام لينكولن.. لا في هذا الفيلم ولا في أي من أفلامي الجادة يهدف إلى التعليم أو التثقيف أو الإرشاد.. أردت أن أكون قاصا. إبراهام لينكولن كان يملك هذه الموهبة. كان يحب أن يحكي قصصا ولا شيء يمنع ذلك. الفيلم ليس كالكتاب، وهناك أنواع كثيرة من الكتب، لكن أفضلها قد يكون بحثا للمتخصصين. هذا الفيلم يريد أن يتوجه للجميع… لذلك: نعم أقوم بإخراج أفلام ترفيهية وأخرى جادة، لكني أحب أن أعتقد أن أفلامي الجادة لا تخلو كذلك من موهبة الترفيه».

* أفلام حسب الأعمار

* جولة بين الأفلام الجديدة

* هذا الأسبوع هناك اختيار بين فيلمين رئيسيين؛ هذا الاختيار له علاقة بعمرك.. إذا كنت دون الخامسة والعشرين، فإنك على الأغلب تريد مشاهدة The Twilight Saga Breaking Dawn2 فهو بالطبع من رعيل المسلسلات التي تجمع بين تصاميم الشعر والماكياج للبنات والشباب وبين النظرات الهائمة وبعض الأنياب البارزة لزوم التبعية لأن أبطاله، أو بعضهم على الأقل، يعيش محتارا في انتمائه: أهو بشر أم ذئب؟

* أما إذا كنت فوق ذلك السن، فإنك على الغالب ستقدم على مشاهدة فيلم ستيفن سبيلبرغ الجديد «لينكولن» بطولة دانيال داي لويس وسالي فيلد، وديفيد ستراذن، وجوزيف غوردون ليفيت، وتومي لي جونز والعجوز هال هولبروك. والسبب بالطبع أن سبيلبرغ يتوجه هنا إلى الراغبين في مطالعة رؤيته حول الرئيس الأميركي السادس عشر في واحدة من أحلك فترات التاريخ السياسي الأميركي وهي فترة الحرب الأهلية.

* «لينكولن» سيكون فيلما واحدا وليس مسلسلا.. أما «ملحمة غس..» فهو الحلقة الأخيرة في مسلسل أفضل ما فيه هو أنك تستطيع قطع مشاهد مختلفة من كل حلقة سابقة وتضمها في فيلم واحد لتؤلف جزءا جديدا خصوصا أن الحكاية، التي تشبه الـ«سوب أوبرا»، يمكن تلخيصها فعلا في فيلم واحد. لكن نية صانعي هذا المسلسل هو الاكتفاء بما سبق، وهذا الفيلم تحديدا تم تصويره من دون توقف مع الجزء السابق مباشرة. ولمن يريد أن يتذكر مثلي، فإن ما يعتبر الآن الجزء الأول فعلا خرج سنة 2008 تحت عنوان «غسق» من إخراج كاثرين هاردويك التي تم سحب الفيلم منها عندما قررت شركة «سَمِت إنترتاينمنت» إنجاز جزء ثان أسندت إخراجه إلى كريس ويتز تحت عنوان «ملحمة غسق.. قمر جديد» (2009). ديفيد سلايد كان المخرج الثالث للجزء الثالث «خسوف» (2010) وبيل كوندون هو الذي أنجز «ملحمة غسق.. انبلاج الفجر 1» (2011) كذلك هو مخرج هذا الجزء الثاني من الحكاية الرابعة «هل ما زلت معي؟).

* في اليونان، حيث يتوقع انخفاض الإقبال على صالات السينما بسبب متاعب البلاد الاقتصادية وحاجة المواطنين للتوفير، انتهى مهرجان ثيسالونيكي بفوز فيلم «اختطاف» بالجائزة الأولى، وهو فيلم دنماركي من إخراج توبياس ليندهولم الذي كنا قرأنا اسمه على فيلمين متواليين لمواطنه توماس فنتربيرغ هما «غواصة» و«الصيد»، و«اختطاف» هو فيلمه الأول مخرجا. وبالمناسبة، ولمن عاد من ثيسالونيكي وكتب داعيا بطول العمر للمخرج اليوناني ميخاليس كوكايانيس مخرج «زوربا اليوناني»، المخرج سلم الروح في الخامس والعشرين من يوليو (تموز) من العام الماضي!

* مهرجان آخر ينطلق بعد غد هو «الدوحة» في دورته الرابعة.. الأولى كانت أشبه بالتجربة.. الثانية انطلاقة حقيقية.. الثالثة مضي في الوجهة ذاتها.. الرابعة إدارة جديدة وانطلاقة ثالثة. وبالنظر إلى الأفلام المعروضة في الأقسام المختلفة، فإن هذه الانطلاقة ينقصها التنظيم كما كان ينقص الدورات السابقة، فحين يتألف البرنامج الرئيسي من أفلام جماهيرية الشأن معروضة للتوزيع في صالات المول في أي وقت، وعندما يتشكل من نسبة لا بأس بها من الأفلام القديمة مثل «الشجاع سيفوز بالعروس» (1995) و«أطفال الفردوس» (1997) و«سينما باراديزو» (1988)، و«إي تي - خارج أرضي» (1982) وسواها من الأفلام التي شبعت عرضا وشوهدت حول العالم قاطبة، فلا بد أن هناك مشكلة. وماذا عن «معركة الجزائر» (1966)؟ لقد عرضه مهرجان أبوظبي قبل أسابيع.. ألم يكن من الممكن استبدال فيلم آخر به عن الثورة الجزائرية؟ وإذا كان ذلك غير ممكن لأي سبب، ألم يكن من الأفضل إذن ضمه إلى تظاهرة لأفلام المخرج جيلو بونتيكورفو مثلا خصوصا أن أعماله الأخرى نادرا ما عرضت في عاصمة عربية؟

* ما يثلج الصدر هو وجود أفلام قطرية، ولو قصيرة، في برنامج مواز بعنوان «صنع في قطر» علما بأن ما سبق من أفلام قطرية قصيرة خلال الأعوام القليلة الماضية حظي باهتمام مهرجانات عربية ونال عددا من جوائزها. كذلك هناك مسابقة للأفلام العربية (طويلة وقصيرة) تضم الفيلم المغربي «خيول الله» لنبيل عيوش (أفضل أعماله)، «جمعية الصاروخ اللبناني» لجوانا حاجي توما وخليل جريج (لبنان) و«فدائي» لداميان عوناري (الجزائر) و«وداعا المغرب» لنادر موكنيش (المغرب).

* بين الأفلام

* الطائرة تهوي.. والطيار أيضا (3*) Flight إخراج: روبرت زميكيس.

أدوار أولى: دنزل واشنطن، نادين فيلازكويز.

النوع: دراما/ الولايات المتحدة (2012).

عروض: دولية.

أنقذ دنزل واشنطن للآن حياة ركاب قطار مرتين، مرة في «اختطاف بلهام 123» ومرة في «غير قابل للتوقف» وفي هذه المرة الثالثة ينقذ حياة نحو مائة راكب كانوا على متن الطائرة. بشهادة الجميع، لا أحد كان يستطيع أن يتصرف على هذا النحو المفاجئ ويحط بطائرة كان يجب أن تدخل مرأب التصليح قبل أن تقلع بسلام. وهو بنفسه يعرف ذلك جيدا كونه هو كابتن تلك الرحلة المدنية التي كان من المفترض أن لا تستغرق أكثر من 45 دقيقة. الإقلاع كان صعبا جدا بسبب العاصفة العاتية التي جعلت الطائرة تهتز بقوة وتفقد خط سيرها. ها هو وراء المقود يطلب من الطائرة الصمود في ارتفاع سريع حتى يرتفع عن الغيوم الثقيلة. حين يفعل، يرتاح هو ومن على الطائرة. لا بد أنه ربان ماهر.

لكن المتاعب السابقة لم تكن النهائية في هذه الرحلة القصيرة. ها هي الطائرة، وبسبب ما مرت به من متاعب عند الإقلاع تفقد بعض أجهزتها الحساسة. تبدأ بالهبوط الشديد. الكابتن ويب كان أخذ «غطة» من نوع آخر: كان استسلم لنوم سريع قبل أن يوقظه مساعده ليسأله عما يمكن عمله. مرة أخرى ينصرف الكابتن لمهمة إنقاذ الطائرة ونفسه وركابها من موت محق. يفرغ الطائرة من البنزين، يقفل بعض محركاتها ويقلبها رأسا على عقب ليمنعها من السقوط عموديا. الحيلة تنجح لكنه لا يستطيع أن يواصل السفر والطائرة مقلوبة. هناك حقل وعليه أن يهبط فيه وها هو يجمع كل رباطة جأشه ومعرفته ويتجه فوقه. تحط الطائرة فاقدة أربعة من ركابها (ومضيفتان) لكن فعله هذا أنقذ نحو مائة آخرين. الآن هو بطل قومي.. ولكن..

فيلم المخرج روبرت زميكيس هو الأول له منذ سنوات. فباستثناء «كريسماس كارول» الذي كان من نوع الأنيماشن ونفذه قبل ثلاث سنوات بنتائج عادية، لم ينجز هذا المخرج فيلما مع ممثلين حقيقيين منذ أن قدم «بيووولف» قبل خمس سنوات. فجأة، ها هو يعود في وضع جيد متعاملا مع موضوع يخصه، فهو عانى من الإدمان على الكحول خلال معظم تلك السنوات الفاصلة وقبل أن يقرر أن الوقت حان لكي يولد من جديد. لم يكتب سيناريو هذا الفيلم، لكنه موجود فيه على نحو حسي واضح، فبطله الكابتن ويب لديه المشكلة ذاتها. تحت ذلك القناع من المهارة والخبرة، هو إنسان ضعيف حيال الخمرة. «هل شربت قبل أن تصعد الطائرة؟» تسأله المحققة. يكذب في مطلع الأمر ثم يعترف: «نعم. شربت قبل إقلاعي وشربت في الليلة السابقة والليلة التي سبقتها والليلة التي قبل ذلك». أكثر من هذا، بعد أن يتجاوز محنة الإقلاع، يترك مقعده ويمازح الركاب ثم يفتح زجاجة عصير برتقال يضع فيها مكونات زجاجة فودكا ويشربها قبل أن يعود إلى مقعده ويغط في النوم.

«طيران» دراما عن رجل فقد كل قدرة على المقاومة.. مهدد بالذهاب إلى السجن رغم بلائه الحسن في نهاية الأمر ونتيجة فحص الطائرة التي أثبت أنها عتيقة ما كان مفترضا بها أن تطير. قبل ساعات من تلك المحكمة، قاوم الشرب قدر ما يستطيع.. ثم تهاوى، ثم تماسك صباحا مستخدما الكوكايين منشطا، لكنه في نهاية الأمر قرر أنه لا يستطيع الاستمرار في الكذب. لا يتخلى الفيلم عن جديته، لذلك لا رغبة أمام دنزل واشنطن في إبقاء مسافة ودية بينه وبين المشاهدين. وكما يمنح المخرج بعضا من معايشته للمشكلة، يوفر الممثل قدرا كبيرا من الالتزام بدوره الرمادي هنا.. شخص يحتاج لأن يستيقظ من نوم كبير.

* شباك التذاكر

* فيلم جيمس بوند «سكايفول» هو الجديد الوحيد هذا الأسبوع وليس غريبا أن ينجز، بفضل ما سبقه من حملات إعلامية، المركز الأول. معظم الأفلام الأخرى تراجعت بما فيها «أرغو» لبن أفلك.

1 (*) Skyfall: $87,844,026 (4*) 2 (1) Wreck it Ralph: $23,056,752 (3*) 3 (2) Flight: $15,110,047 (3*) 4 (3) Argo: $6,755,441 (4*) 5 (5) Taken 2: $4,806,282 (2*) 6 (9) Here Comes the Boom: $2,525,410 (2*) 7 (6) Cloud Atlas: $2,535,202 (3*) 8 (11) Pitch Perfect: $2,500,277 (2*) 9 (4) The Man With the Iron Fists: $2,489,760 (2*) 10 (7) Hotel Transylvania: $2,340,911 (1*)

* سنوات السينما

* 1929 ـ نهاية عصر

* أطل عام 1929 حاملا معه أول فيلم ناطق فعليا وعلى طول مدة العرض وهو فيلم الوسترن «في أريزونا القديمة» لإرفنغ كامينغز وبطولة وورنر باكستر ودوروثي بيرجز. هذا الفيلم كان صور في العام السابق لكنه عرض في مطلع سنة 1929 التي ما إن انتصفت حتى تم عرض أول فيلم ملون بالكامل وهو «تابع العرض» لألان غرسلاند الذي كان أول مخرج جرب الصوت وذلك في فيلميه «دون جوان» و«مغني الجاز» كما تقدم معنا سنة 1926.

لكن مشروع السينما الملونة لم ينطلق سريعا، ونادرة هي الأفلام التي انصاعت للنظام الجديد في غضون السنوات العشر التالية.

عام 1929 حافظ على منوال توفير أعمال فنية جيدة من بينها فيلم جورج ولهلم بابست الألماني «صندوق البندورة»، وفيلم ألفرد هيتشكوك «ابتزاز» الذي وُلد في الأساس صامتا ثم أضاف له المخرج الكبير الصوت على مضض، فهو لم يكن مؤمنا به.

ما هذا الفيلم وكم من هيتشكوك اللاحق نجده في غضون هذا العمل؟ الجواب في الأسبوع المقبل.